مهرة سعيد المهيري
مهرة سعيد المهيري
كاتبة إماراتية

إخوتنا في قطر … تعالوا إلى كلمة سواء

آراء

إنّ الخطر لأي دولة مهما كبر حجمها أو صغر، ليس بأن تعيش في الفراغ وأن لا يكون حولها من تتواصل معه، بل أن تكون بين كيانات عديدة وجيران كُثُر، لكنّها تعيش في عُزلة تامة محفوفة بالشك والارتياب وافتقاد الثقة بها ممن حولها، وإن الخطيئة المؤلمة ليست بأن نُخطئ، بل بأن نُجبر الآخرين على الخطأ رغماً عنهم للردّ على ما بدأتهم به، وإن الهلاك ليس ملازماً للخطأ في أغلب الأحيان، ولكن كل الهلاك في الإصرار على الخطأ في المسلك حتى لو بان فشله وظهر للناظرين مجانبته للحق والصواب!

أمسنا الجميل:

كلما قلّبت كتب التاريخ وجدت وشائج لا تُحصى بيننا وبين أخوتنا في قطر، فمنذ الألف الرابعة قبل الميلاد والبلدان المتجاوران ينعمان بحضارتين تسايرتا على حُسن الجوار وسلامة الصلات، ولم نقرأ بينهما لا حرباً و لامناكفة، كوضع طبيعي للجار مع جاره، ثم كانت هجرات قبائل العرب لهذا الساحل المترامي واستقرارها حتى الساعة والتي لم تحمل إلا مزيداً من التواصل والترابط وصلات النسب والمصاهرة، والتي لم تفتّ في عضدها بعض الحالات الفردية النشاز، فالاستثناء لا يهدم قاعدة، والخاص لا يُقيّد المطلق العام، وهكذا أتت لواحق الأيام لتحمل مزيداً من التقارب، والذي كاد أن يصل لمرحلة الوحدة بعد أن كانت قطر مع شقيقتها البحرين طرفاً من الاتحاد التساعي، والذي أفرزته ضرورة ملء الفراغ الأمني الهائل الذي خلفه سحب بريطانيا لكل قوّاتها، مما كشف هذه الإمارات المتناثرة أمام مطامع الآخرين خاصةً وقد عُرِف حجم ثرواتها الطبيعية المكتشفة.

ارتباط القادة

كان الشيخ أحمد بن علي محل ترحيب من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمهما الله تعالى، وكان له دور مُقدّر في بلورة فكرة الاتحاد التساعي قبل أن يقرّر الاستقلال بدولته لأسباب خاصة، ثم كانت المرحلة الذهبية في علاقات حسن الجوار والتكامل خلال عهد الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني والتي أفرزت واقعاً جميلاً لدولتيهما، قبل أن يكمل الدور الإيجابي بقدوم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وعلاقاته المتميزة مع الشيخ زايد رحمه الله، ثم مع صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، والتي نحن على قناعة بأن مصالح شعبيهما ستجعلها أكثر تكاملاً في القريب المنظور لما لسموّهما من نظرة بعيدةِ مدى، وحرص مشهود له على المصلحة العامة لشعوب المنطقة كافة، فالعلاقة مع أخوتنا في قطر العزيزة على قلوبنا علاقة محبة وجوار وقُربى ودين وإيمان بمصير مشترك وإنْ انفصلت الدول، فالحدود الجغرافية لا تفصل بين القلوب والأحلام المشتركة.

عندما وضعنا اللَبِنَات الأولى معاً

في الخامس والعشرين من مايو عام 1981 كان حكّام دول الخليج يدشّنون تأسيس كيان وحدوي هو مجلس التعاون الخليجي، والذي حدد النظام الأساسي فيه أهداف المجلس في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، وتوثيق الروابط بين شعوبها، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين، وقد شغل معالي عبدالرحمن بن حمد العطية منصب الأمين العام للمجلس من 2002 حتى 2011، مما يعني أنّ قطر جزء لا يتجزأ من هذا الكيان، وأنّ مراجعة بعض السياسات الحالية والنهج الذي بدأ يثير الريبة لا بُد أن تتم وبسرعة قبل أن يضعف الكيان الكبير وتتساقط عناصره كحبّات عِقدِ انقطع سِلكه.

فكيف يُعقل أن يجري ما يجري حالياً مما عرفه القاصي والداني من انحسار التيار التعاوني والتكاملي في الحكومة القطرية أمام التيّار التصادمي والانعزالي، فكيف يحدث ذلك، وقطر شريك في الاتفاقية الأمنية الخاصة بدول المجلس والموقعة في الرياض عام 1994 والقاضية بأنّ المحافظة على أمن واستقرار دول مجلس التعاون هي مسؤولية «جماعية» يقع عبؤها على دولها، وقد نصّت المادة الأولى فيه على: «عدم احتضان الخارجين على القانون والنظام من مواطني دول المجلس أو غيرهم، وعدم تشجيعهم على التمادي في مسلكهم الضار بأمن دولهم، أو مدهم بالسلاح أو المال أو تدريبهم على أعمال العنف والتخريب ومكافحة نشاطاتهم المعادية لأي من دول المجلس»، كما وقعت دول مجلس التعاون الخليجي بما فيها قطر في نوفمبر الماضي تعديلاً على الاتفاقية الأمنية بينها كي تنسجم ومتطلبات المرحلة الراهنة التي تهدف إلى توفير الأمن والحماية لمكتسبات دول مجلس التعاون، فكيف يُخالف الفعلُ القولَ، وكيف يناقض التصرّف ما تم «التعاهد» عليه وأخذ المواثيق فيه!

دروس من الأمس

إنّ هذا الانحراف -والذي نتمنى أن يكون في طريقه للاضمحلال في أروقة السياسة القطرية – من الضروري أن يستحضر دروس الأمس، فمثلنا المحلي يقول «اللي يطيح من الشارب تتلقاه اللحية» وما ينوب قطر ويؤلمها، فهو يؤلم شقيقاتها بالتبعية، وقد رأينا كيف هبّت دول الخليج لنجدة العراق إبّان محاولة إيران تصدير ثورتها الخمينية الشعوبية لدول الخليج ، ثم رأينا من جديد كيف وقفت دول الخليج مع شقيقتها الكويت عندما انحرفت بوصلة صدّام ليغزو من ائتمنه من إخوته وجيرانه، ورأينا كيف كبحت دول الخليج المخطط الإيراني لقلب نظام الحكم في البحرين، مما يؤكد لكل ذي لُب أن مخططات الآخرين الطامعين في بلداننا الصغيرة، لن يتوقف يوماً واحداً، وأنّ وسيلتنا الوحيدة لحماية دولنا وأهلنا وأبنائنا هو بالتعاضد فيما بيننا لا بالانخداع بأحلامٍ وأوهام، لن تتحقق، لأنها تناقض الواقع والإمكانيات!

قابيل والتآمر على الإمارات

كم كان مؤلماً أن تخرج نتائج التحقيقات حول دور تنظيم «الإخوان» في البلاد عن وجود دور قطري بالتنسيق مع قيادات جماعة «الإخوان» في مصر، في خطة حملت عنوان «الإمارة 2»، تستهدف تغيير نظام الحكم في الإمارات والتي تعتبر من أهم البلدان المنتجة للنفط، ودار اسم خيرت الشاطر القيادي الإخواني والمرشح السابق للرئاسة والعنصر المفصلي للتعاون مع ذلك التيار التصادمي في الحكومة القطرية، كمحرك رئيسي لعملية «الإمارة 2»، حيث ورد اسمه أكثر من مرة في اعترافات المقبوض عليهم، خلال عمليات أمنية في عدد من إمارات الدولة، باعتباره عراباً للتنظيم في الخليج، إذ بعد سقوط «الإمارة 1» والتي لم تكن سوى مصر مهد التنظيم «الإخواني»، كانت خطة تنظيم «الإخوان» تقضي بالتركيز كخطوة ثانية على إسقاط نظام الحكم في الإمارات، في إطار خطة تستهدف السيطرة على أهم الدول البترولية في المنطقة ، «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين»!

فلمصلحة من كل ما تفعله قطر وتصر على الاستمرار فيه وتحديداً ضد شقيقتها الإمارات؟ هل يعقل أن عضواً في مجلس التعاون الخليجي يتآمر على إخوانه بدلاً من الوقوف معهم ضد أطماع الآخرين وما أكثرهم وما أكبر شرّهم القادم؟ إنّ «ربيعنا» قد بدأ فعلاً في الثاني من ديسمبر عام 1971 وكان ربيعاً متألقاً مزدهياً ومزهراً، ولم يكن كالحاً مُغبرّاً يحمل رائحة البارود ويكتسي بدماء الأبرياء، فمنذ ذلك اليوم الوضّاء قلنا وداعاً للتفرّق والتناحر فقد أبدلنا الله عنه وحدة صفٍ وتعاضد أرواح وأيدي، وقلنا وداعاً للفقر والحاجة فقد كسانا الله لباس الخير والنعمة، وقلنا وداعاً للخوف مِن أنْ يتخطّفنا الناس من حولنا فقد تكاتفت السواعد ولم نأمن وحدنا بل أمِنَ جارنا أيضاً بنا.

إنّ مواجهة النجاح الملفت لدولة الإمارات يكون بمحاولة مجاراته في تنافس شريف متعارف عليه بين الأمم المتحضرة، ولا يكون بمحاولات ضرب الناجح من حيث لا يحتسب وبطريقة لا تمت للعُرف الحضاري ولا لقيم الجوار ولا لمبادئ ديننا الطاهر، الذي يتاجر به من تدعمهم فيحلّون لأنفسهم ما يحرمونه على غيرهم!

قبل أن تغرق السفينة

أحبتنا في قطر… لا نريد أن نذكركم بقصة المثل السائر «أكلت يوم أكل الثور الأبيض»، فقط انظروا إلى كلام من وقفتم في صفّه ضد إخوانكم والذي تعجّ به المواقع الإلكترونية، وتمعنوا في تلك النظرة الاستعلائية التي ينظر لنا بها ذلك الفصيل الذي يتدثر بالإسلام اسماً ويخالفه نهجاً، واقرأوا تلك الأوصاف التي يقشعر لها البدن، والتي يستحيل أن يقولها مسلم عن أخيه المسلم من اتهام في الأعراض قبل اتهام العقول بالسطحية والغباء والتخلّف، ولكن كما تدين تدان، اليوم نحن وغداً دوركم بالتأكيد، حينها لن ينفع ندم، فمن خذل إخوانه لن يكون جديراً بثقة من تآمر معهم عليهم بالتأكيد، وإنّ من يراك وسيلةً لنيل مآربه لن يرضى أن يقتسم معك الغاية مهما لَطُفَ كلامه ولأن تعامله معك في الوقت الحالي، فذلك بديهي طالما كنتَ أنتَ مطيّته لذلك، وطالما فتحت له خزائن دولتك على مصراعيها وجيّشت من أجله كوادر قناتك الفضائية الشهيرة لتصوّره وكأنه يقود ملائكة السماء لنصرة المستضعفين، فما أبانت الأيام إلا عن جهلهم المدقع لأبجديات إدارة «العزب» فضلاً عن إدارة الدول، ولم تُسفر الليالي إلا عن خواء تلك الشعارات الرنّانة والتي لم تحمل فِكراً ولا خططاً ولا حتى بطيخاً، وبعد أن كانت الشعوب المطحونة تشكو مرارة البطالة وغلاء الأسعار وضعف الخدمات، أصبحت تبكي على تلك الأيام الماضية بعد أن رأت حقيقة ما تم سَوقها إليه من شر ومهانة وإقصاء، فعانت الجوع والخوف وموت الأحلام!

هل يُعقل أن تدعم قطر تنظيماً لا يرى إلا رأيه الفردي ، فما قوله هو الصحيح وما عداه خطأ، وفهمه للإسلام هو الصواب وما عداه منقوص، ألم يروا سياسة الإقصاء التي أفحشوا فيها لمناوئيهم، والتشهير بمن خرج من جماعتهم بتلفيقات تأنف منها نفوس الكرام وذووا المروءة، بل لم يسلم منها نائب رئيس جمهورية، والذي كالوا له من التُهم ما يندى له جبين الحُر بعد أن رفض مسايرتهم في خوائهم السياسي وسذاجتهم الإصلاحية!

حتى لا نخذل شعوبنا

يقول «فريدريك الكبير»: «إذا أردتَ أن يُحبك جنودك فادّخِرْ دماءهم ولا تقدهم للهلاك»، فشعوبنا ليست بحاجة إلى مزيدٍ من الانكسارات أو عمل شروخ جديدة في الوعي الجمعي العربي، فحتى الساعة لا يزال الجرح غضّاً في دول صحت على غدر جيرانها، وإن السير دون نظر لمآل الأمور في المستقبل سيعمل على تمزيق الكيان الخليجي، الذي لا يزال ينقصه الكثير من التماسك بينما على الطرف الآخر يعربد الخطاب الثوري «الشعوبي»، ويتصنّع المشاكل تلو المشاكل في دولنا الخليجية، ويُحرّك خلاياه النائمة في رقعة جغرافية مترامية في انتظار إنهاكنا تماماً قبل أن يقفز لالتهام فرائسه، والتي يبدو أنّ بعضها يساعده في مخططه دون وعي منه!

إن الارهاصات التي نراها هذه الأيام على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لهي نذير شر، ونحن نرى تلك الحروب التي بدأ يستعرّ أوارها وتزداد جذوة فتنتها يوماً إثر يوم بذلك التراشق اللفظي بين الإخوة في قطر والإمارات، وذلك السُعار الذي يزداد بفعل فاعل للتقاتل، ورمي التُهم والإساءة لرموز الدولتين وقبائلها والطعن في أنظمتها ومؤسساتها، وهو الأمر الذي سيكون وبالاً علينا جميعاً إن لم يُسارع الحكماء والعقلاء لوأد فتنته وإيقافه قبل أن يخرج عن التحكم ويستحيل السيطرة عليه!

إمكانياتنا محدودة وأعداؤنا كثيرون، وأي توجيه خاطئ لهذه الإمكانيات سيضعفنا أكثر أمامهم، فمن المهم أن نختار معاركنا بعناية، وأن يكون مسارنا في الاتجاه الصحيح، وأن لا نتجه للطرف المحب لنا لنحوّله إلى عدو، وأن نُغيّر نفوس أبنائه من محض المودة إلى التوق للانتقام، فليس الخطأ أن نعترف بخطأ مسلكنا أو عدم صواب ما خططنا له، بل الخطأ كله في المكابرة عليه وكأننا نعيد تكرار أسطورة شمشون عندما هدم المعبد على من معه، وهو يقول: «عليّ وعلى أعدائي»!

تعالوا إلى كلمة سواء

إنّ هذا التوجه الغريب في أروقة الحكومة القطرية الشقيقة هو تسارع لكسب معركة في مقابل خسارة الحرب بأكملها، وتقديم لمكسب آني سريع على خسارة كبرى قادمة، وإنّ النظر دوماً ليس للانتصار نفسه، وإنما لطريقة ذلك الانتصار – إن فرضنا تحقيقه- والكم الهائل من الخسائر على كافة الأصعدة التي سيُخلّفها، فمن المهم أن نعرف متى نتوقف بدلاً من مكابرة مريرة النهاية، وأن نبحث عن مخارج تقلّل الخسائر بدلاً من الاستمرار في انتظار تحقق أحلام كذّبها الواقع ومعطياته، فالاستراتيجيات تتغيّر بتغيّر الظروف، والمرونة بها مطلب حتمي إن أردنا أن تصل بنا تلك الاستراتيجية لغاية مرضية، أما الجمود والعناد على السير وفق طريقة بيّنةِ الخلل، فما هو إلا انتحار طوعي وقفز للمجهول المظلم.

نحن لا نحارب الجيوش ولكن الفكر الذي يُحرّك تلك الجيوش، ولا نواجه التنظيمات ولكن المنظومة العَقَدية والأيديولوجية التي تنبع تصرفاتها منها، ولو علم جيراننا ذلك لما سارعوا لممالئة فصيل ذي تاريخ شرس وتلوّن سلوكي غريب ومواقف هلامية تتغيّر بتغيّر الأزمنة والقوى، كما أنّ افتراض أن الآخرين أقل ذكاءً، بل وخبثاً هو افتراض فادح في الخطأ، فلكل طرف مصالحه ولن يرضى بانتهاكها، ولن يسمح لنفسه أن ينظر لك من كرسي المشاهد فقط، وأنت تسيء إليه، فلكل فعل ردّة فعل مساوية في القوة وأحياناً أكثر إيلاماً ومخالفة له في الاتجاه، وكلما غيّرت أساليبك كلما نوّعوا بالتالي أساليبهم ، وكما تُخبئ الكثير فهم يخبئون الكثير أيضاً، فبذرة الشك متى ما ظهر نَبْتُها انتبه من حولها وأعدوا لها عُدّة كفيلة بدفع شَرّها «ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله»!

انظروا حولكم من دول الجوار: هل بقي لكم من صديق يثق بكم أو جار يطمئن لمخططاتكم؟ واسألوا أنفسكم وأنتم ترون حال دول «الربيع العربي»: هل بقي لكم من رصيد جماهيري؟ ماذا سيحمل لكم المستقبل وتلك الملايين من البشر يشيرون إليكم باعتباركم المسؤول الأول عن سوء أحوالهم ودم أحبابهم المُهدر؟ وهل سمعتم ماذا يقول أولئك المطحونون بنير من ساعدتموهم ليصلوا لِسُدَدِ الحُكم، ولكن بعيداً عن انتقائية قناة «الجزيرة» والتي لا تختلف في طرحها عن طرح فرعون عندما قال لقومه: «قال فرعون لا أريكم إلا ما أرى ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد»، فإن كان هذا هو الحال اليوم فكيف سيكون غداً؟ فالكراهية مثل كرة الجليد التي لا يزيدها التدحرج إلا كِبَراً فتدمّر كل ما في طريقها، وإن ما تزرعونه الآن قد بَدَت ثماره المُرّة في الظهور والقادم أسوأ بكثير ما لم تتداركوا الحال وتعودوا لإخوانكم وتقفوا معهم في خندق واحد إن أردتم وقفتهم معكم أمام أنياب الأعداء المتربصين حولنا.

إن ذروة السياسة وقمّة هامتها ليس في امتلاك القوة ودحر الخصوم وفتح البلدان، بل ذروتها في الانتصار في معركة القلوب وكسب تأييد الشارع كما ذكر شبيهاً لذلك نابليون بونابرت في أواخر حياته عندما قال في معرض استفادته من سيرة الإسكندر المقدوني: «إنّ ما أُقدّره فعلياً في الإسكندر ليس حملاته العسكرية وإنما امتلاكه لفن كسب تعاطف الناس»، وهو ما سار عليه المؤسسون رحمهم الله في دولنا الخليجية، وهو الإرث الجدير بأن نحافظ عليه، لأنه عماد قوتنا وسرّ بقائنا، وإنّه من الضروري أن نتيقن أننا نتقدّم للأمام كلما كانت أصواتنا تتحدث فعلاً عن الفكر الواحد والمستقبل الواحد والهم الواحد، وما عدا ذلك مما نراه أمامنا هذه الأيام للأسف، فإنه لا يُفرِح إلا عدواً ولا يُحزِن إلا أهلنا ولا يُقوّض إلا مستقبل أبنائنا وأملهم بغد مشرق، فتلك أمانتكم أمام الله فكونوا أهلاً لها تحظوا بمَدد من الله ومَدد من أهليكم!

المصدر: جريدة الاتحاد