إلى من يتباكون اليوم على مقتل الإرهابي قاسم سليماني نقول: “اسألوا دماء الأبرياء تجيبكم !”

آراء

تونس ــــ خاص لـ هات بوست:

انتشر،فجر اليوم الجمعة،خبر مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني،أثناء تواجده على الأراضي العراقية،برفقة أبو مهدي المهندس القيادي بالحشد الشعبي العراقي وعدد آخر يعتقد أن بينهم قياديون من ميليشيا حزب الله، لم يكشف عن أسمائهم بعد،حيث أكدت وزارة الدفاع الأمريكية،وفق بيان اصدرته،أن تصفية سليماني ومن معه جاء بناءا على توجيهات مباشرة من الرئيس الامريكي دونالد ترامب..كما شدد البيان على أن قائد فيلق القدس “كان يعمل على تطوير خطط لمهاجمة الدبلوماسيين والموظفين الأمريكيين في العراق والمنطقة..”.

من هو قاسم سليماني؟

في مدينة قم جنوب شرقي إيران وفي سنة 1955، ولد قاسم سليماني، لأسرة تعمل في المجال الفلاحي،أما هو فقد عمل كعامل بناء حيث أنه لم يكمل دراسته سوى لمرحلة الشهادة الثانوية فقط، وبعد ذلك عمل في دائرة مياه بلدية كرمان ،في سنة 1979 وعقب نجاح الانقلاب على حكم الشاه الإيراني تحت شعار “الثورة الإسلامية” في إيران، انضم إلى الحرس الثوري الذي تأسس لمنع الجيش من القيام بانقلاب ضد الخميني.. كانت له مشاركة في الحرب الإيرانية العراقية بين سنتي 1980 و1988، إذ انضم إلى المعركة بصفته قائد شركة عسكرية وبعدها تمت ترقيته ليصبح من بين عشرة قادة مهمين في الفرق الإيرانية العسكرية المنتشرة على الحدود.. وتدرج حتى وصل إلى قيادة فيلق القدس عام 1998 وفي عام 2011 تم ترقيته إلى رتبة لواء..

يذكر أن سليماني قد بدأ حياته العسكرية بالمشاركة في قمع انتفاضة الأكراد على جبهة مهاباد، عام 1979، ثم انضم إلى الحرس الثوري في العام التالي عندما تطوع للمشاركة في الحرب الإيرانية – العراقية فيما بين سنة 1980 وسنة 1988 حيث أصبح قائدا لفيلق “41 ثأر الله” بالحرس الثوري وهو في العشرينيات من عمره، ثم رقي ليصبح واحدا من قادة الفيالق على الجبهات.

من قيادة فيلق القدس إلى قمع انتفاضة الطلبة

تولّى سليماني قيادة “فيلق القدس” عام 1998، حيث اشترك بعد عام مع قوات الحرس الثوري وجماعات الضغط المتطرفة المقربة من المرشد خامنئي والأنصار المتشددين لنظام إيران الديكتاتوري في قمع انتفاضة الطلاب في يوليو 1999،كما شارك بقوة في القمع الدموي للانتفاضة الخضراء عام 2009،واستنادا لعدد من التقارير الصحفية،فقد سعى سليماني منذ تسلمه قيادة فيلق القدس “إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط ليكون لصالح إيران، وعمل كصانع قرار سياسي وقوة عسكرية: يغتال الخصوم، ويسلّح الحلفاء”.

قيادة شبكة إرهابية دولية

عمل قاسم سليماني على بناء شبكة أصول دولية، بعضها مستند إلى الإيرانيين في الشتات الذين يمكن استدعاؤهم لدعم المهمات وآخرين من حزب الله والميليشيات العراقية التابعة للحرس الثوري، تتمثل في تصفية المعارضين الإيرانيين في الخارج ومهاجمة أهداف في دول عربية وغربية.،والبعض الآخر يستند إلى مسؤولين غربيين، حيث أطلق “حزب الله” و”فيلق القدس” في سنة 2010 حملة جديدة ضد أهداف أميركية وإسرائيلية..كما شن سليماني فيما بين سنة 2012 وسنة 2013 عدد من الهجمات في أماكن اخرى مثل تايلاند، نيودلهي، لاغوس ونيروبي،كما عمل فيلق القدس،سنة 2011 ،على محاولة اغتيال السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الحالي، عادل الجبير..

سليماني يوسع نفوذه السياسي

يؤكد مراقبون للشأن الإيراني،أن قاسم سليماني لعب دورا كبيرا في رسم سياسة إيران الداخلية والخارجية التي تعتمد على توسيع نفوذ دولة ولاية الفقيه وذلك بدعم مباشر من المرشد الأعلى علي خامنئي الذي أطلق عليه وصف “الشهيد الحي”. كما أن قاسم سليماني كان يعتبر “رمزا لدولة ولاية الفقيه” في إيران، والتي يسيطر عليها المرشد الأعلى علي خامنئي، وبطانته من رجال الدين المتشددين وقادة الحرس الثوري وفيلق القدس وجماعات الضغط المرتبطة به كأنصار حزب الله وعماريون وغيرهم من التيارات المتشددة التي تهيمن على المؤسسات الأساسية في الدولة كمجلس الخبراء والشورى، إضافة إلى مجلس صيانة الدستور والقضاء والمؤسسات المالية والاقتصادية الضخمة. إذ بدأ مجلس الشورى الإيراني في شهر يوليو من السنة الماضية ،جلسته لاختيار هيئة رئاسية بكلمة لسليماني، قائد فيلق القدس، مهددا بتصفية كل تيار يعارض ولاية الفقيه منهيا الآمال بوجود “تيار معتدل” في النظام الإيراني، خاصة بعد هيمنة التيار المتشدد بشكل كامل على كافة مؤسسات صنع القرار عقب تسلمهم رئاسة مجلسي الشورى والخبراء،كما أن قاسم سليماني كان قد في خطاب أمام مجلس الخبراء في أيلول الفارط،في حديث عن سوريا بلهجة حادة، قوله “دعونا لا نبالي بالحملة الدعائية التي يشنّها العدو، لأن سوريا هي الخط الأمامي للمقاومة، وهذه الحقيقة لا يمكن نكرانها،علينا واجب الدفاع عن المسلمين، لأنهم تحت الضغط والاضطهاد”. وهو أمر يكشف الدور الكبير والنفوذ المتعاظم لقاسم سليماني في رسم السياسيات الداخلية والخارجية الإيرانية وسيطرته على مراكز النفوذ والقرار مما مكنه من فرض أجنداته الإرهابية في مواجهة كل التحركات السلمية لشوارع دول امتدت إليها أيادي ميليشاته بقمع كانت نتيجته سقوط عدد كبير من الأبرياء دماءهم لم تجف إلى حين القضاء على قاسم سليماني في انتظار بقية اذرع التطرف والإرهاب في المنطقة كما أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مشيرا إلى أن “تصفية قاسم سليماني ما هي إلا بداية”..

دعم ميليشات حزب الله وتقوية نفوذها في المنطقة

كان لقاسم سليماني علاقات متعددة مع قيادات حزب الله اللبناني، منهم عماد مغنية ومصطفى بدر الدين وزعيم الحزب حسن نصر الله،حيث عمل على مد وتجهيز حزب الله بالصواريخ،وعمل على تعزيز هذه العلاقات عبر التدخل العسكري لإنقاذ حليفهما نظام بشار الأسد في سوريا منذ سنة 2011..

ارتباط قاسم سليماني بالإرهاب

إثر تأكيد خبر مقتل قاسم سليماني،صرح عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، الديمقراطي كريس ميرفي، إن “سليماني كان عدوًا للولايات المتحدة”..إذ أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد صنفته سابقا بأنه إرهابي وداعم للإرهاب ولا يحق لأي مواطن أمريكي التعامل الاقتصادي معه

حيث تم أدرج اسم سليماني في القرار الأممي رقم 1747 وفي قائمة الأشخاص المفروض عليهم الحصار…كما فرضت الولايات المتحدة في مايو/ايار 2011 على سليماني عقوبات مرة أخرى بسبب تورطه في تقديم دعم مادي لذلك النظام حيث تم ادراج اسمه بقائمة الأشخاص المفروض عليهم الحصار بسبب تزويد النظام السوري بالأسلحة من إيران وكذلك التدخل العسكري ميدانيا ولوجستيا وماديا..وفي يونيو2011 وضع الاتحاد الأوروبي أسماء كل من قائد فيلق القدس سليماني والقائد العام للحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري وحسين طائب مدير مخابرات الحرس الثوري في قائمة العقوبات لتوفيرهم أدوات للجيش السوري لغرض قمع الثورة السورية. كما أدرجت الحكومة السويسرية أيضا اسمه على لائحة العقوبات في سبتمبر 2011 بناء على الأسباب التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي..

تمت ترقية رتبة قاسم سليماني من عقيد إلى رتبة اللواء سنة 2011،بعدم أن كان القائد لـ”فيلق القدس” منذ سنة 1998،وهذا “الفيلق” هو عبارة عن فرقة خاصة تابعة للحرس الثوري الإيراني مسؤولة عن العمليات العسكرية السرية خارج الحدود الإيرانية. ومنذ نهاية التسعينيات، استطاع سليماني خلال ثلاثة عقود من بناء دائرة التأثير الشيعية التي كان مركزها طهران، وامتدت إلى العراق، وسوريا، ولبنان، وشرق المتوسط، واليمن..إذ أكدت عدد من المصادر،إن سليماني عندما تولى قيادة فيلق القدس كان يعمل على إعادة تشكيل الشرق الأوسط لصالح إيران، فمن اغتيال الأعداء إلى تسليح الحلفاء، كان سليماني يعمل كوسيط أحيانا وكقوة عسكرية أحيانًا أخرى، ولأكثر من عقد كان عمله توجيه الشبكات الشيعية المسلحة داخل العراق، وبناء قوة ميليشيا حزب الله في لبنان، وجماعة الحوثي في اليمن، إضافة إلى دعم فصيلي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين.

سليماني يقمع الحراك السلمي في سوريا

أشارت تقارير استخبارتية أمريكية،أنه ومنذ اندلاع الحراك الشعبي السلمي في سوريا،أخذ سليماني،يتردد بصورة دورية على دمشق ليدير “المعارك بنفسه”،في مهمة للحفاظ على بقاء الأسد في السلطة،مدعوما بعدد من القادة مختلفي الجنسيات،ومنهم قادة ميلشيا الأسد،وميليشيا حزب الله اللبناني،وعدد من المقاتلين الشيعة وممثلون عن الميليشيات الشيعية العراقية،اضافة إلى الدعم الروسي،مما مكنهم من السيطرة على مدن ومحافظات سورية متعددة.

عمل سليماني على قمع الحراك الشعبي السلمي في سوريا،عبر استغلال نفوذه في العراق للسماح باستخدام الأجواء العراقية لنقل ما يحتاجه الأسد من جنود وعتاد إلى سوريا من إيران عبر العراق..حيث كان سليماني يعتبر سقوط الأسد،هو بمثابة القضاء على مشروع التوسع الإيراني الذي يشرف على قيادته منذ خمسة عشر سنة في قيادة فيلق القدس،وأكد ذلك في سنة 2013،حيث شدد في خطابه أمام مجلس الخبراء الإيراني قوله أن”سوريا هي خط الدفاع الأول للمقاومة، وهذه حقيقة لا تقبل الشك”.،وتشير مصادر إلى ان جرائم سليماني في سوريا انطلقت منذ بداية الحراك السلمي في سوريا،حيث شارك بقمعها عبر دعم ومساندة وتحريض نظام الأسد على العنف الدموي، حيث فرضت الولايات المتحدة العقوبات على سليماني في مايو2011 مع رئيس النظام السوري بشار الأسد وغيره من كبار المسؤولين السوريين بسبب تورطه في تقديم دعم مادي للحكومة السورية، حيث صنفته الولايات المتحدة كإرهابي معروف ولا يحق لأي مواطن أميركي التعامل الاقتصادي معه..

كما يشار إلى أن قائد فيلق القدس الإيراني شارك منذ عام 2012 في إدارة تدخل الحرس الثوري وحزب الله اللبناني وميليشيات عراقية في معارك سوريا خاصة معركة القصير في محافظة حمص بسوريا، وأشرف عليها بنفسه وتمكن من استردادها من المعارضة في مايو 2013..إضافة إلى إشرافه على عدة معارك في ريفي اللاذقية وحلب،منها معارك التي دارت في حلب مما دفع بمئات الآلاف من المدنيين الأبرياء إلى التهجير القسري..

سليماني يواجه حراك الشارع السلمي في العراق

إثر سقوط نظام صدام حسين في العراق، عمل قاسم سليماني بشكل كبير،على تصفية كوادر السنة عبر تشكيل فيلق بدر وجيش المهدي التابع لمقتدى الصدر أما في العراق، وأضحى يسيطر على مفاصل الحياة السياسية والأمنية والعسكرية من خلال قيادات الحكومة في بغداد التي تهيمن عليها أحزاب التحالف الشيعي التي دعمتها إيران طيلة عقود، وكذلك من خلال ميليشيات الحشد الشعبي التي أسستها ومولتها ودربتها طهران..وقد شهدت التحركات السلمية الأخيرة المناهضة للنظام في العراق،تدخل سليماني الواضح في الشأن العراقي،حيث زار بغداد عدة مرات في الأشهر الأخيرة، حيث عمل على قمع التظاهرات وإخمادها، وحماية أذرع طهران في البلاد،حيث أشارت مصادر إلى أن سليماني قد قاد خلية أزمة في بغداد رفقة مجموعة من الميليشيات العراقية وقادة الأمن العراقيين وضباطا في الحرس الثوري الإيراني،وأوكل لها مهمة قمع التظاهرات السلمية..

إضافة إلى ذلك فقد أكد بيان البنتاغون،الصادر، عقب مقتل قاسم سليماني،أن هذا الأخير وعناصر فيلق القدس “مسؤولون عن مقتل المئات من أفراد القوات الأميركية وقوات التحالف”، موضحا أن “تلك الميليشيات الإيرانية كانت شنت هجمات على قواعد التحالف في العراق على مدار الأشهر القليلة الماضية”.وأن “سليماني كان قد أعطى الضوء الأخضر للهجمات التي قام أنصار الحشد الشعبي بتنفيذها على السفارة الأميركية في بغداد”.

سليماني يدعم ميليشات الحوثي في اليمن

أدار قاسم سليماني حروب أذرع إيران بالمنطقة العربية،حيث ظهر أكثر من مرة، على جبهات القتال بكل من سوريا والعراق ولبنان..ورغم عدم وجود ما يؤكد زيارة قاسم سليماني لليمن،فقد كان وزير الخارجية الأسبق، رياض ياسين، قد أكد أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، كان موجودا سنة 2015 في اليمن حيث أكد في لقاء تلفزي حول تضارب المعلومات عن وجود سليماني في تلك الفترة فرد بقوله:”قاسم سليماني موجود فعليًّا في اليمن”..إلى ان الجانب الرسمي الايراني نفي ذلك،إلا أن الدبلوماسي الإيراني صادق خرازي أن سليماني يتواجد في اليمن، لدعم المتمردين الحوثيين، من جانبه أکد وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين، صحة ما تم تداوله حول لعب قائد الحرس الثوري الإيراني في دورا داعما للحوثيين في اليمن، بقوله إن “قاسم سليماني موجود فعليا في اليمن”..كما أشارت مصادر صحافية، أن إيران أرسلت قاسم سليماني إلی صنعاء لتنظيم هجوم حوثي مضاد علی هجمات التحالف العربي منذ بدء عمليات عاصفة الحزم..وعملت غيران في كل مرة على الزعم بعدم تدخلها في الشأن اليمني ودعوتها جميع الأطراف الى الحوار، إلا أن تصريحات صادق خرازي بخصوص تواجد سليماني في اليمن لتوقيع إيران اتفاقية مع الحوثيين لتبادل الرحلات الجوية، وإرسال طهران شحنات قالت إنها مساعدات غذائية وطبية، مما يؤكد أن قاسم سليماني كان قد لعب دورا في دعم ميليشات الحوثي ماديا ولوجيستيا كما تكشفه المؤشرات ويؤكده مراقبون للشأن الإيراني..