الإمارات في المرتبة الثامنة بين أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية

أخبار

هالة الخياط

استطاعت دولة الإمارات على مدار السنوات الماضية أن تقوم بدور رائد في تعزيز التضامن الإنساني، وتبوأت مكانة متقدمة ضمن منظومة القوى الخيِّرة في العالم، وتم إدراجها في المرتبة الثامنة بين أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

وشكلت المساعدات الخارجية أحد أهم الأعمدة للسياسة الخارجية للدولة منذ تأسيسها، حيث حرصت على تقديم مساعدات سخية إلى الحكومات والشعوب النامية والمحتاجة، وإغاثة المتضررين من الكوارث، ونجدة الملهوفين والضحايا في مناطق الصراعات والأزمات.

وعُرفت دولة الإمارات منذ عام 1971 ومع تأسيس صندوق أبوظبي للتنمية بدورها كجهة مانحة سخية بشكل متواصل، تقدم المساعدات للدول المحتاجة في أرجاء العالم بشكل مستمر، وتصل المساعدات الإماراتية لمختلف أنحاء العالم.

وبدأ نموذج العطاء الإنساني الذي تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة إلى العالم مع نشأتها عام 1971 واستمد مبادئه من رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان التي تعلي قيمة التضامن الإنساني وتحث عليه، حيث أسس الشيـخ زايد، رحمه الله، خلال عام 1971 صندوق أبوظبي للتنمية؛ ليكون عوناً للأشقاء والأصدقاء في الإسهام في مشروعات التنمية والنماء لشعوبهم، كما أنشأ خلال عام 1992 مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية لتكون ذراعاً ممتدة في ساحات العطاء الإنساني في مجالاته جميعها داخل الدولة وخارجها.

ووفقا لنظام تتبع المساعدات الخارجية فقد بلغ حجم المساعدات الإنسانية التي قدمتها دولة الإمارات العام الماضي حوالي 133 مليون درهم، فيما تشير الأرقام إلى أن الدولة قدمت منذ عام 2009 وحتى عام 2011 23 ملياراً و897 مليوناً و911 ألف درهم مساعدات خارجية منها 11 ملياراً و77 مليون درهم كانت على شكل مساعدات حكومية، فيما المبلغ المتبقي قدمته الهيئات والجمعيات والمؤسسات الخيرية في الدولة.

وقد تم إدراج دولة الإمارات في المرتبة الثامنة من بين أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية للسنوات 2009- 2012 مقارنة بالدخل القومي الإجمالي، ذلك حسب خدمة التتبع المالي للأمم المتحدة والتي تتابع الاستجابة الدولية للكوارث الإنسانية، وتستند حكومة الدولة في تقديمها للمنح والقروض لدعم البرامج الإنسانية الخيرية والتنموية في أكثر من 30 دولة في مختلف القارات استناداً إلى مبادئ الحيادية والإنسانية في كل الأوقات.

وأصبحت الإمارات عنصراً فاعلاً في جهود المواجهة الدولية للتحدّيات الإنسانية، وباتت حاضرة بقوة في مجال المساعدات الإنسانية ومساعدات الإغاثة الطارئة وطويلة الأمد في مناطق العالم كافة، وذلك لتنوّع الأنشطة التي تؤديها في هذا السياق، والتي تتضمّن تقديم التبرعات والمعونات المالية والعينية إلى البلدان المتضرّرة، سواء بالتعاون مع أجهزة الأمم المتحدة وبرامجها وصناديقها، أو عن طريق ترتيبات ثنائية مباشرة مع تلك البلدان، ومساعدتها على بناء إمكاناتها الوطنيّة في مواجهة الكوارث مستقبلاً.

كما قدمت الإمارات من خلال المبادرات الإنسانية العديدة التي أطلقتها، المساعدات والمنح إلى المحتاجين والفقراء في مختلف مناطق العالم، مثل “مبادرة زايد العطاء”، التي استطاعت أن تحقّق إنجازات عديدة على الصعيدين المحلي والعالمي، حيث استفاد الملايين من البرامج التي نفّذتها “المبادرة” طوال السنوات الماضية.

وأصدر البنك الدولي في عام 2010 تقريراً بعنوان “40 عاماً من المساعدات التنموية من قبل الدول العربية” أشار فيه إلى أن دولة الإمارات هي من أكثر دول العالم المانحة سخاءً في تقديم المساعدات التنموية الرسمية، فقد قدمت الدولة أكثر من 12% من مجموع المساعدات التنموية الرسمية العربية ما بين عامي 1973-2008.

وتقدّم دولة الإمارات نموذجاً للعطاء الإنساني، الذي لا يعرف الحدود أو الحواجز، بعد أن أرست نهجاً متفرّداً يقوم على تقديم العون والإغاثة إلى مستحقيهما من دون تمييز بين جنس أو عرق أو دين، وجعلت الحاجة هي المعيار الوحيد لتقديم المساعدة، وأصبح الهمّ الإنساني حاضراً باستمرار ضمن أجندة قيادتها الرشيدة، ولهذا تتجه إليها الأنظار عند مواجهة أي تحدّ إنساني، ودائماً ما كانت على قدر هذه المسؤولية، وتحركت من تلقاء نفسها لمساعدة ضحايا الكوارث والأزمات في مختلف المناطق، كما أسهمت بدور متميز في تعزيز التضامن الدولي لمواجهة التحديات الإنسانية.

مبادرات القيادة الإنسانية

وقد شهد قطاع المساعدات الخارجية الإماراتي نمواً كبيراً بفضل توجيهات ودعم ومبادرات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله.

وقدمت الجهات المانحة والمؤسسات الخيرية الإماراتية مساعداتها الأعوام الماضية في مجال بناء المدارس والمستشفيات والطرق والجسور، ودعم برامج تحصين الأطفال والأمهات بصورة واسعة، وتوفير الإغاثة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها في المناطق التي عانت الكوارث الطبيعية المدمرة والصراعات.

كما استجابت الدولة لعدد من الأزمات الإنسانية، منها الأزمة في ليبيا وسوريا من قبل فريق الإغاثة الإماراتي الموّحد، كما أسهمت في إغاثة ضحايا المجاعة في القرن الأفريقي وآلاف المتضررين من الفيضانات في باكستان.

ويوجد في دولة الإمارات أكثر من 34 جهة مانحة إماراتية تمثل الجهات المانحة الحكومية وغير الحكومية والمؤسسات الإنسانية والخيرية بدولة الإمارات ومؤسسات القطاع الخاص، بما في ذلك هيئة الهلال الأحمر الإماراتي التي تعد مؤسسة الإغاثة الإنسانية الرئيسية في دولة الإمارات، وبدأت منذ تأسيسها عام 1983 بتقديم المساعدات الإنسانية.

ويشار إلى أنه خلال السنوات العشر الماضية ظهرت العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة المعنية بتقديم مساعدات إنسانية وتنموية للدول والشعوب المحتاجة، وما يميز عملها خلال السنوات الماضية أن كل منها أصبحت متخصصة بتقديم الدعم في قضايا محددة، حيث إن هناك جهات تخصصت بتقديم الدعم في مجال التعليم، أو الصحة كمكافحة بعض الأمراض الوبائية كالملاريا والإيدز، وبعضها تخصص في إنشاء البنية التحتية في العديد من الدول النامية ،بما في ذلك إنشاء المستشفيات والمدارس.

كما دعمت الإمارات الجهود الدولية الرامية إلى دحر مرض وتشير التقارير التي ترصد حجم المساعدات الخارجية لدولة الإمارات إلى أن المساعدات التي قدمتها الجهات الإماراتية المانحة أسهمت في إيواء المشردين وتوفير الطعام للمحتاجين وحفر الآبار، إضافة إلى تبني الحلول لفض النزاعات، وبناء السدود والطرق السريعة والمدارس والمستشفيات ودعم أبحاث الطاقة المتجددة.

كما دعمت الإمارات الجهود الدولية الرامية إلى دحر مرض الملاريا وقامت بتمويل الأبحاث للحفاظ على الأجناس المعرضة للخطر والانقراض. وعلى مدى العقود الأربعة الماضية، ساهمت الجهات المانحة والمؤسسات الخيرية الإماراتية في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية والخيرية إلى شتى أنحاء العالم، وأخذ قطاع المساعدات الخارجية الإماراتي في التنامي لتصبح دولة الإمارات اليوم إحدى أبرز الدول المانحة اليوم على الصعيد الدولي، وذلك حسب شهادات وتقارير الجهات الدولية.

3 أنواع للمساعدات التنموية والإنسانية

تتعدد أنواع المساعدات التي تقدمها دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يتم تقديم المساعدات بشكل أساسي بواسطة الجهات الحكومية، كما يمكن تقديمها بواسطة المؤسسات الخاصة والجهات غير الحكومية، وتنقسم المساعدات إلى ثلاث فئات، أبرزها مساعدات تنموية، وهي المساعدات المقدمة للأنشطة والبرامج التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة بشكل عام، وتشمل إنشاء الطرق والمستشفيات والمدارس والمساعدات الاقتصادية والمالية ودعم الميزانية العامة للدول.

وتقدم الدولة مساعدات إنسانية، وهي المخصصة لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة والحفاظ على كرامة الإنسان، وحمايتها أثناء حالات الطوارئ وبعدها مباشرة، أما المساعدات التي تأخذ شكل الأعمال الخيرية، فهي المساعدات المقدمة بدافع أو بغرض ثقافي أو ديني، وتشمل المساجد وتسيير أداء الحج، أو شراء الطعام، خلال شهر رمضان الكريم.

وتقع المساعدات التنموية والإنسانية ضمن نطاق المساعدات التنموية الرسمية ويتم تسجيلها على هذا الأساس، وذلك بشرط أن تكون المساعدات قد تم تقديمها لمصلحة دولة مدرجة ضمن قائمة لجنة المساعدات الإنمائية كإحدى جهات تلقي المساعدات التنموية الرسمية.

الإغاثة في حالات الطوارئ

تلتزم دولة الإمارات بتقديم الاحتياجات الأساسية في حالات الطوارئ للمتضررين بالطرق المثلى، ويتطلب هذا الأمر توفير قدر كبير من المساعدات الإنسانية للشرائح الأكثر ضعفاً “النساء والأطفال”، حيث يتم تقديم هذه المساعدات بناء على المبادئ الإنسانية العالمية المقبولة والمعمول بها.

وقامت الجهات المانحة الإماراتية على مدار الأعوام الماضية بحشد مستلزمات الطوارئ والدعم الطبي، من أجل ضحايا الزلازل والعواصف والفيضانات والمجاعات التي ضربت أندونيسيا والفلبين وهايتي وباكستان والصومال، إضافة إلى ضحايا النزاعات الدائرة في اليمن وليبيا وسوريا.

ولعل مبادرات الإمارات المتعددة للتعامل مع كارثة الجفاف، التي تعرضت لها منطقة القرن الأفريقي العام 2011، دليل على هذا الدور الحيوي، فقد كان لتحركها السريع أكبر الأثر في حشد الجهود الدولية وتنسيقها لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية، واحتواء تداعياتها الكارثية على الصُّعُد المختلفة، وهذا هو الذي جعلها عنواناً للخير والعطاء، وأكسبها، قيادةً وشعباً، التقدير والاحترام على المستويين الإقليمي والعالمي. وقدمت الجهات المانحة الإماراتية عام 2011 مساعدات بقيمة 83.1 مليون درهم لصالح مشروعات في الصومال، بالإضافة إلى مساعدات بمبلغ 13.6 مليون درهم إماراتي إلى إثيوبيا، ومساعدات بمبلغ 5.6 مليون درهم إماراتي إلى جيبوتي.

المصدر: صحيفة الإتحاد