الحد من التجاوزات والوصول إلى الحقيقة مسؤولية المتلقي على شبكات التواصل الاجتماعي

أخبار

دبي، الإمارات العربية المتحدة، الاثنين15 يوليو2013: 

أجمع المشاركون في مجلس نادي دبي الرمضاني بعنوان: “فتاوى تويترية: نظرة في المحتوى والتأثير”، على أن المتلقي هو المسؤول الأول والأخير عن الوصول إلى المعلومة الصحيحة من المصدر الموثوق على شبكات التواصل الاجتماعي وخصوصاً على موقعي تويتر، وأن المجتمع سيلفظ التجاوزات بشكل تلقاءي وطبيعي. ولفت المتحدثون إلى أن فرصة الإعلام التقليدي على استعادة دوره في ظل ما يحصل من تناقضات في وسائل الإعلام الجديد وإلى أن وسائل الإعلام التقليدية ما زالت المصدر الأساسي للمعلومة الموثوقة.

وتأتي هذه الجلسة في مستهل أنشطة النادي الرمضانية والتي تأتي برعاية مؤسسة “اتصالات” حيث تتضمن جدولاً حافلاً بالفعاليات الثقافية والفكرية والاجتماعية في إطار التقليد السنوي الذي يحرص عليه النادي بصفة دورية منتظمة خلال الشهر المبارك.

وأدار حوار المجلس الإعلامي الرمضاني الدكتور سليمان الهتلان، مؤسس ومدير الهتلان ميديا، وتحدث فيها كل من الدكتور أحمد الحداد، كبير المفتين، مدير إدارة الإفتاء في دبي، والمحامي الكاتب الدكتور حبيب الملا، والسيد علي الأحمد، الرئيس التنفيذي للاتصال المؤسسي في “اتصالات”. والكاتبة الصحافية بصحيفة الاتحاد الأستاذة عائشة سلطان، والدكتورة عائشة بن بشر، مساعد المدير العام، المكتب التنفيذي لحكومة دبي.

وأشارالدكتور سليمان الهتلان إلى أن تطورات وتداولات الشبكات الاجتماعية باتت قضية إعلامية يومية وهي قضية شائكة ازدادت تعقيداً مع تويتر، ولفت إلى التأثيرات السلبية المحتملة لظاهرة “الافتاء” ونشر المعلومات الخاطئة على تويتر خاصة وأن بعض هذه التغريدات لا تستند إلى مرجعيات موثوقة أو دقيقة يمكن الركون إلى صحتها، ما يشكل تحدياً خطيراً قد يحمل في طياته العديد من التجاوزات التي لا تتناسب مع تعاليم ديننا الحنيف والشريعة السمحاء.

ولفت إلى أن المحاور التي ستتطرق لها الجلسة مهمة وتحتاج إلى جلسات متخصصة إلى أنها ستحاول أن تركز على العنوان الرئيسي مع نقاش سر انتشار التجاوزات بشكل كبير بين رواد الموقع من الوطن العربي؟ والمواضيع والقضايا الأكثر تداولاً في المنطقة العربية؟ هل تعد وسائل الإعلام جزءاً من المشكلة أم من الحل؟ وما إذا وصل تويتر إلى مرحلة متقدمة كجهة مؤثرة في قيادة الرأي العام أم أنه فضاء يقتصر على النُخَب؟

من ناحيته شكرالدكتور أحمد الحداد نادي دبي للصحافة على اختيار هذا الموضوع المهم، وقال أن الفتوى هي إخبارٌ عن حكم الله تبارك وتعالى في مسألة ما، والمفتي قد يقدم الفتوى بغير سؤال، وإذا عرفنا أن الفتوى هي إخبار بحكم الله، فيجب أن نعرف من هذا الذي يتحدث بحكم الله، ومصدر معلومته ما إذا كان من الكتاب أو السنة أو الاستنباط، وركز على ضرورة أهلية المفتي وأن لا يكون متطفلاً يقحم نفسه.

وفرق الدكتور الحداد بين الرأي والفتوى، وقال أن الرأي يكون في مسائل عادية مطروحة في المجتمع، ولكل واحد منا رأي نستخرج منه رأياً قد يكون صوابا، وهو ما يكون في مجال التعايش بين الناس دون الدخول في مسائل الحلال والحرام والقضايا الشرعية، وعلى الجميع أن يكون في مجال تخصصه، والرأي والفتوى غير ملزمين قضاءً. وأضاف حداد إلى أن تويتر مفتوح للجميع وهناك الكثير من الأدعياء، وقال أن من أكبر الكبائر بعد الشرك”أن تقولوا على الله مالاتعلمون” وأكد أن المشلكة في المتلقين وليس فقط الأدعياء. ولفت إلى أن هذا العلم دين “فانظروا عمن تأخذون دينكم”ويجب أن تتحقق من مصدرك. والتوتير هو وسيلة تواصل لا استغناء عنها ولكن علينا أن نتوسل كيفية الاستفادة منها، وأن نتقي الله فيما يقول.

وتحدث علي الأحمد، المدير التنفيذي للاتصال المؤسسي في مؤسسة الإمارات للاتصالات عن الأهمية التي اكتسبها موقع تويتر كموقع للتواصل وتبادل الآراء والتعبير والحصول على المعلومات للأفراد والمجموعات وحتى المؤسسات حيث يضم حالياً ما يقرب من نصف مليار مشترك حول العالم يطلقون أكثر من مليار تغريدة أسبوعياً وأصبح موقعاً مؤثراً في الأحداث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وفي العالم العربي يشهد الموقع إقبالاً متزايداً بشكل متسارع حيث تعتبر اللغة العربية أسرع اللغات نمواً على تويتر ويصل عدد التغريدات التي تطلق من العالم العربي أكثر من خمسة ملايين ونصف في اليوم الواحد تأتي غالبيتها من مستخدمين شباب. وحول موضوع الفتاوى قال الأحمد أن “اتصالات” تعمل على بناء البنية التحتية للاتصال الإلكتروني وتسهيل إمكانية التواصل عبر مختلف الوسائل بما فيها تويتر من خلال استثماراتها الكبيرة في البنية التحتية للاتصالات ولكننا لا نملك أن نتنبأ بكيفية استخدام هذه الأدوات وأضاف أن موضوع الفتاوى يثير جدلاً نتيجة لانتشار فتاوى غريبة قد تكون صادرة عن أشخاص غير مؤهلين يستسهلون الوصول للحكم الشرعي أو عن حسابات وهمية. وأضاف الأحمد أن تويتر أصبح وسيلة تواصل لا غنى عنها ولكن على المستخدم والمتلقي معرفة كيفية الاستفادة منها بالشكل الأمثل وعليه أن يميز الغث من السمين وفي حال الفتوى يجب اللجوء إلى المصادر الموثوقة مثل الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في دولة الإمارات والتي تملك موقعاً على الإنترنت وحساباً على تويتر.

من ناحيته قال الدكتور حبيب الملا أن هناك قوانين تحكم وسائل التواصل في هذا الفضاء الرقمي ومنها قوانين للجرائم الإلكترونية، وهناك توجه لإيجاد قوانين أكثر صرامة لتنظيم هذا الفضاء مع اتساع انتشاره، وقال أن يعتقد أن المشكلة تكمن في الخلفية التاريخية، حيث لم يكن هناك حدود أو قيود على تفكير البشر، واليوم بعد أن فتحت الأبواب أمام جميع المنصات والمصادر، عادت القيود من جديد التي تحاول أن تفرضها القوى المجتمعية ليبقى ضمن البوتقة التي حصر فيها الفرد، فظهرت تلك التغريدات على شكل تجاوزات يرفضها المجتمع.

وقال أنه من من المستحيل أن يكون هناك رقابة مسبقة على شبكات التواصل الاجتماعي الحديثة، الأساس أن يكون هناك مجموعة من القوانين التي تأتي في إطار العقوبات على التجاوزات، دون أن نفرض على رواد هذه الشبكات سلوكاً يحد من تفكيرها، والناس ستعود إلى الصواب بفضل ذكاء الجيل الجديد الذي سيكتشف الصحيح من تجربته الخاصة.

وأضاف الدكتور حبيب إلى أن النصوص القانونية فيما يجوز أولا يجوز معروفة، وفي غير ذلك دعوا الناس تغرد كما تشاء، لا نستطيع أن نحدد للناس ما تقول أو ما لا تقول، المجتمع بحد ذاته سيتدخل ويضع حدود معينة، والمتجاوز سيكون محاسباً من قبل مجتمعه.

أما الأستاذة عائشة سلطان فرأت أن الموضوع له علاقة بجدلية الحرية في العالم العربي، حيث اعتدنا نحن على الإعلام الرسمي والحكومي الذي عشنا فيه زمناً طويلا، وعلى حين غرة جاءنا إعلام جديد يصنعه الإنسان، ومكن الإنسان أن يصنع الخبر دون أن قيود، والإشكالية أن الإعلام علم ومهنة، لها حيثياتها وحدودها وقوانينها، وهذه النقطة هي أبرز ما يعيبه الإعلاميون التقليديون على تويتر والتي تتعلق بعدم تحري الدقة في نقل المعلومة.  وهناك إساءة في استخدام الحرية لسبب عدم نضج بعض مجتمعات الوطن العربية لاستيعاب هذا المفهوم، ومازلنا في مرحلة الانبهار من تويتر ثم بعد ذلك سندخل في مرحلة الاهتمام ومن ثم نتعاطي معه بشكل طبيعي وربما حتى ننساه في مرحلة متقدمة في حال ظهور البديل.

وأضافت إلى أن الخبر الذي يصاغ على توتير ليس مسّلماً وهو يحتاج إلى درجة كبير من الوعي والنضج، ونحن لا نبذل جهد لتغيير الواقع ولكننا نقوم بتوصيف الواقع، ولا تلعب الأسر أي دور في ترشيد انفتاح الأبناء على المعلومات.

ومن ناحيتها رأت الدكتور عائشة بن بشر أن تويتر هو مرآة للمجتمع، هناك شخص إيجابي وشخص سلبي وشخص ينتحل شخصية شخص آخر. وقد نجحت هذه المنصة في مجالات مختلفة كالتسويق والتواصل بين الأشخاص ونقل المعلومات، ولكنه في الوقت نفسه قام بتسطيح المعلومات، فلا يمكن أن تعطي الفتوى في 140 حرفاً! ومازالت هناك حسابات وهمية تطبع بأسماء شيوخ علم والغرب ينقل عنها دون التحقق من مصدرها. واختلفت مع فكرة منع الأطفال من استخدام شبكات التواصل الاجتماعي مشيرة إلى أنها لنتمنع أبناءها من استخدام تلك الشبكات في وقت هي نفسها تقوم باستخدامها، ونجد فيه أن 80% من المستخدمين دون سن 25 عاماً.

وتأتي هذه الجلسة في إطار الإقبال المتزايد واللافت على موقع التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية والتأثير اللافت لهذه المنصات بشكل عام، و”تويتر” على وجه الخصوص، في تشكيل الرأي العام وإعادة صياغة التوجهات الفكرية والاجتماعية لاسيما مع تنامي ظاهرة جديدة ألا وهي انتشار تغريدات لبعض المستخدمين تشبه في مضمونها “الفتاوى الشرعية”.

تجدر الإشارة إلى أنه تم عمل سحوبات في نهاية الجلسة على جوائز قيمة مقدمة من شركة اتصالات، وستستمر طوال مجالس نادي دبي للصحافة الرمضانية والتي تعقد المجلس الثاني يوم الخميس الموافق 18 يوليو المقبل.

المصدر: نادي دبي للصحافة