الدكتورة كارول مفرج في حوار حول الإعلام والصحافة وكلية محمد بن راشد للإعلام

منوعات

حوار: بيان السطري

بين جدران الكلية، تجدها تمسك بزمام الأمور ولو على بعد ميل، شخصية ريادية إلى أبعد درجة تحرك بفكرها إلهام الكثيرين ممن يقصدون شخصها. يعج مكتبها بالطلاب والأوراق فتجدها غارقةً في العمل لا تثنيها إجابة احتياجات الطلاب وحل مشاكلهم. يراها الكثيرون كأم حنون تزرع بمهنيتها وعدلها الدفىء في النسيج الداخلي لكلية إعلام تحمل اسم القائد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. دعونا نتعرف معاً على العميد المساعد الدكتورة كارول مفرج.

– هل لك أن  تعريفينا عن نفسك ؟

العميد المساعد الدكتورة : كارول مفرج

أنا كارول ملحم مفرج العميد المساعد في كلية محمد بن راشد للإعلام في الجامعة الأمريكية في دبي. التحقت بالجامعة الأمريكية في بيروت ودرست الصحة العامة ثم أكملت الماجستير في نفس التخصص. عملت بعد ذلك لمدة سنتين مع الصليب الأحمر كممثلة للجامعة الأمريكية في بيروت. بعد ذلك، سافرت إلى الولايات المتحدة للتحضير للدكتوراة من  جامعة ماساتشوستس في أمهرست. وفي أثناء دراستي هناك، شدتني كلية الإعلام لذا قررت أن أسلك طريقا جديدًا قد يثري معلوماتي ويوسع آفاقي فعقدت العزم على الحصول على شهادة الدكتوراة في مجال الإعلام العام والتواصل. ولأن كلا من خلفيتي الثقافية واهتماماتي تنصبان في مجال الصحة العامة، كان البحث الذي قمت به لرسالة الدكتوراة يندرج تحت إطار ومضمون الإعلام والصحة العامة.

– في كلية محمد بن راشد للإعلام، يؤهل طلاب الصحافة لممارسة العمل الصحفي بالكامل إذ يقومون بالتصوير والمونتاج والإخراج أيضا، لماذا تهتم الكلية تزويد طلاب الصحافة بهذه المهارات؟

-في الوقت الحاضر، تبحث المؤسسات الإعلامية عن الصحفي الشامل الذي يتوجب عليه التصوير والمونتاج الإخراج، لذا نسعى لتخريج طلاب متمكنين من الدخول بقوة إلى السوق الصحفي وممارسة جميع المهام الموكلة إليهم بحرفية حيث أصبحت هذه المهارات متوقعة منهم في ظل التطور التكنولوجي. أرين برنت، مراسلة صحفية لقناة السي إن إن، وفيلب سيب، مدير الدبلوماسية العامة بجامعة جنوب كاليفورنيا شددوا في اجتماع أمناء كلية محمد بن راشد للإعلام قبل عام على أهمية تخريج صحفيين يتمتعون بجميع هذه  المهارات.

حظيتم بزيارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينون قبل شهرين إلى الجامعة والذي اختار زيارة كلية محمد بن راشد للإعلام خصيصا من بين الكليات الأخرى، مالسبب وراء ذلك؟

أعتقد أن هنالك أسباب عديدة لزيارة الرئيس بيل كلينتن إلى الكلية منها أننا كلية إعلام لها أهمية وسلطة كون الصحافة هي السلطة الرابعة بجانب دور الإعلام في التأثير على الرأي العام وعلى تصرفات الأشخاص. بالإضافة إلى ذلك، تتبع الكلية  منهاجًا جديدًا وحديثاً حيث تأسَست الكلية في عام 2007 وتم تحضير منهاجها المعتمد بالتعاون مع جامعة جنوب كاليفورنيا. بالطبع، تحظى الكلية باسم الشيخ  محمد  بن راشد، الأمر الذي رفع من شأنها إضافة إلى العلاقات القوية والمشتركة  بين الجامعة الأمريكية في دبي والرئيس بيل كلينون.

– ما هي الخطط التي تعتزم الكلية القيام بها مستقبلا للتطوير وصقل مهارات وخبرات الطلاب؟ 

قبل الخوض في التفاصيل، أود أن اقول أن للكلية برنامج تدريسي قوي، ولكن لتحقيق النجاح يشترط الاتقان في تنفيذ الخطط  والمشاريع المقررة. نسعى إلى إعطاء فرص للطلاب للتطوير من مهاراتهم، الأمر الذي يتطلب خلق الفرص وتقديمها للطلاب. فعلى سبيل المثال، أنشأنا صحيفة إلكترونية باللغتين العربية والانجليزية تفتح المجال أمام طلاب الصحافة والإنتاج الرقمي ورواية القصة للتعبير عن آرائهم وممارسة العمل الصحفي بتغطية العديد من الأحداث التي تجري داخل وخارج الجامعة. بجانب ذلك، تعقد الكلية من حين للآخر حوار إعلامي مع إحدى الشخصيات الإعلامية المرموقة والتي يحاورها طلاب الصحافة في حين يشرف طلاب الانتاج الرقمي ورواية القصة على تصوير اللقاء وإخراجه. نطور حالياً الموقع الإلكتروني للكلية وسنضع أعمال الطلاب عليه مستقبلا. علاوة على ذلك، نتواصل مع المهرجانات السينمائية المختلفة وعدد كبير من المؤسسات الإعلامية التي توفر للطلاب فرصة التدريب والمشاركة بأعمالهم. في آخر العام القادم، ستفتح الكلية برنامج الماجستير والذي برأيي سيوسع من نشاطات الكلية حيث سيفسح  المجال لتجمع عدد كبير من الخبرات والمهارات والأفكار الخلاقة.

– لعب الإعلام دوراً هاماً في تغيير المجريات السياسية للعامي 2011-2012، مالسبب وراء ذلك؟

برأيي الشخصي، أعزوا هذه التغييرات لعدة عوامل، أولها ابتعاد بعض وسائل الإعلام التقليدية عن سياسة تعتيم الخبر. ظهر هذا جلياً في تغطية بعض القنوات العربية لأحداث الربيع العربي والتي كشفت الكثير من الحقائق طالما أن ما تنقله هذه القنوات لا يمس ويؤذي أمنها العام وسياستها، الأمر الذي سلط الضوء على العديد من القضايا التي تجنب الإعلام طرحها والحديث عنها طويلاً. ومن الجدير بالذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي سرَعت حدوث التغييرات السياسية بشكل كبير. في وسائل الاعلام الحديث، يتم تداول نفس الأخبار ولكن من زوايا جديدة يُظهر فيها مستخدم هذه الوسائل رأيه الخاص. وسائل الاعلام الحديثة أتاحت الفرصة لملايين الأشخاص للتعبير عن آرائهم ومواقفهم تجاه أي حدث سياسي بحرية.

– ليس بالضرورة لمن يعمل في الوسط الإعلامي أن يكون خريجا من كليات الإعلام وملما بأدوات الصحافة، ما مدى صحة ذلك؟

صحيح، يعمل الكثيرون في هذا المجال دون أن يكونوا حاصلين على شهادة إعلام، الأمر الذي دفع عميد الكلية علي جابر إلى تأسيس كلية لتخريج إعلاميين مهنيين يملكون الخبرة الأكاديمية والعملية ويتحلون بأخلاقيات العمل الصحفي. تحقيق ذلك يمكن خريجي الإعلام من مخاطبة العالم العربي وإيصال الحقائق بلغة إعلامية صحيحة وأخص هنا طلاب الصحافة من المساق العربي. للأسف،إن عددًا كبيرًا من القائمين على الإعلام العربي لا يملكون شهادة فى الإعلام وهذا بدوره يؤثر على الأهمية التي قد يولونها لتوظيف خريجي الإعلام دون غيرهم. يأخذ التغيير فترة زمنية لكي يحدث وأرى أن المستقبل الإعلامي سيشهد تغيير كبير في نطاق القائمين عليه والعاملين فيه.

– يعاني الكثير من خريجي الصحافة والإعلام من عدم القدرة على الحصول على وظيفة لما تلعبه الواسطة من دور كبير في مجال الإعلام، ما تعليقك على ذلك؟

هناك عدة عوامل تؤثر في هذا الموضوع. لا أخفيك علماً بأن الواسطة قد تلعب دوراً مهماً في تسهيل الحصول على عمل فإن كانت هناك علاقات بين من يُوظف والمتقدم على الوظيفة، ستكون فرصة الشخص في التوظيف أكبر من أي شخص آخر. كما وهناك عامل آخر يتمحور حول سعي بعض الحكومات العربية لتوظيف مواطنيها وتفضيلهم على غيرهم، الأمر الذي قد يشكل عائقا للطلاب من باقي الجنسيات الأخرى.

بالنسبة لكلية محمد  بن راشد، تتابع الكلية باستمرار أخبار خريجيها كي ترصد أوضاعهم بعد التخرج. تكشف إحصاءاتنا التي تابعت خريجها على مدار عامين أن 82 بالمائة من الخريجين يعملون حالياً في حين اتجه 11 بالمائة من الطلاب إلى إكمال الماجستير. ثلاثة بالمائة من الطلاب لا يعملون وأربعة بالمائة لم نستطع الوصول إليهم. ينعكس وضع الخريج وعمله على الكلية، لذا نحاول مساعدة الطلاب في الحصول على فرص للتدريب مع مؤسسات إعلامية مختلفة.

– يشهد الإعلام العربي تدهور كبير بالحديث عن البرامج والمواد المطروحة لملايين المشاهدين، لماذا هذا التدني في المستوى الاعلامي برأيك؟

في الحقيقية، يعاني الإعلام في جميع أرجاء العالم من نفس المشكلة، وينتقد هنا الإعلام الحر المتوفر لجميع المشاهدين على الأقمار الصناعية على عكس الإعلام الذي يدفع المشاهد لمتابعته كالاشتراك شهريا في قناة معينة ولمشاهدة محتوى معين. تتبع الكثير من القنوات سياسة جس نبض المشاهد حيال نوعية البرامج التي يفضل الأخير متابعتها فإذا حظيت باستحسانه، صنعت هذه القنوات المزيد من تلك البرامج لضمان الحصول على نسب مشاهدة عالية وتحقيق مردود مادي عال من المعلنين. إذن هنا  تترجح الكمية على حساب النوعية وهذا يعود أيضا إلى نوعية المشاهد. إذا كان المشاهد منتق لما يتابعه، يصبح لفت انتباهه أصعب وتبحث القنوات عن مادة جديدة لإرضاء تطلعاته. من ناحية سياسية، يجب الأخذ بعين الاعتبار الجهة الممولة للمادة المعروضة والتي تسعى لفرض أجندتها الخاصة على المادة الإعلامية المعروضة.

– برأيك هل سيدوم عمر الصحافة المكتوبة في ظل تزايد استخدام وسائل الإعلام الرقمي من قبل الشباب والقراء للحصوا على المعلومة أو للترفيه؟

أعتقد أن الصحافة المكتوبة ستستمر وأن عمرها سيكون طويلاً. المصدر الأول والأساسي للأخبار هو وسائل الإعلام التقليدية كالصحف. تلجأ وسائل الإعلام الحديثة إلى الإعلام التقليدي وبالأخص إلى الصحف المكتوبة لإيجاد الخبر ونقله عبر شبكاتها. مستقبلاً، أرى أن عدد  قراء الصحف سيستمر في النقصان كما هو الحال اليوم، الأمر الذي ترتب عليه تدني مستوى الدخل الذي يعود على الصحافة المكتوبة. يرجع هذا إلى لجوء الشركات المعلنة لأوساط أخرى قوية كالتلفاز وشبكات الانترنت والتي باستطاعتها أن تصل إلى عدد أكبر من الجمهور. ربما ستتخذ الصحافة المكتوبة شكلاً جديدًا في المستقبل ومن يعمد إلى الصحافة المكتوبة سيكون ذلك القارئ المثقف الذي تجذبه رائحة الورق أكثر من أزرار الشاشات الالكترونية.

تلاقي وسائل الإعلام الحديث رواجاً كبيراً، لماذا؟

في الحقيقة يميل الكثيرون وبالأخص الشباب إلى وسائل الإعلام الحديثة لكونها عفوية وسهلة أكثر في الاستخدام. كذلك، تربى الجيل الجديد على وسائل الاعلام الحديثة وأصبحت جزءاً من تفاصيل حياتهم اليومية التي تزودهم بالمعلومة بشكل سريع ومختصر بالإضافة إلى دورها في الترفيه كمواقع التواصل الاجتماعي. يرى الكثيرون أن مواقع التواصل الاجتماعي هي وسيلة للتنفيس عن ما يجول في خواطرهم وعكس مشاعرهم، لذا يتزايد الإقبال عليها يوماً بعد الآخر.

– كيف ترين مستقبل الإعلام بعد عشر سنوات ؟

برأيي سيأخذ الإعلام جزءًا أكبر من حياة الأشخاص قياسا على أبنائي والطلاب الذين ندرسهم في الكلية. اليوم، ترين مختلف الأجهزة الإلكترونية في أيدي الشباب مثل الهواتف الذكية والآي باد والتي تأخذ الكثير من وقتهم. اليوم، أصبح المستخدم لهذه الوسائل هو المصنع في الآن ذاته للمحتوى المعروض بمعنى أنه مشارك في إنتاج المادة التي تعرض وتتناقل على وسائل الاعلام. باعتقادي، ستترجح كفتي الصورة والعواطف على حساب كفتي الكلمة والمنطق وستغرد مشاعر وعواطف المشاهد أكثر من أفكاره في خصم ما يحدث من أحداث أو مستجدات سواء اجتماعية أو سياسية. لا استطيع أن أجزم إن كان هذا التغيير سيكون إيجابيا أم سلبيا لكنه في النهاية تغيير.

– نهايةً، ما هي النصائح التي تقدمينها للطلاب والطالبات الذي يدرسون الإعلام؟

 أولا، أنصح الطلاب بأن ينظروا لمشوار دراستهم الجامعية كوسيلة للتنوير الفكري والتعرف على نظريات وتطلعات جديدة. أنصح الطلاب أيضاً بأن يأخذوا كل مرحلة دراسية بجدية كخطوة قد تقودهم إلى تطوير واكتشاف الذات وصقل المواهب والمهارات. لكل مرحلة أهميتها الخاصة وأحب أن يتحلى خريجي الكلية بفكر خاص هو خلاصة ما اطلعوا عليه من أفكار ونظريات لعلماء مبدعين قد تساعدهم على الوقوف بشكل راسخ على ضفة مستقلة مدعمة بأسس الحرية والمهنية.

خاص لـ ( الهتلان بوست )