السيسي يطالب المصريين بـ{تضحيات} ويتنازل عن نصف راتبه وممتلكاته

أخبار

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

أبدى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، انزعاجه الشديد من الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به بلاده، ملوحا باتخاذ «إجراءات تقشفية» لسد عجز الموازنة العامة للدولة الذي بات يتزايد سنويا، معلنا – في مبادرة شخصية – تنازله عن نصف راتبه الشهري، الذي يبلغ 42 ألف جنيه (نحو ستة آلاف دولار)، بالإضافة إلى نصف ثروته الشخصية من أجل مصر.

وشهد الرئيس المصري أمس مراسم الاحتفال بتخريج طلبة الكلية الحربية، بحضور المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، والفريق أول صدقي صبحي، وزير الدفاع. ووجه السيسي كلمة لجنود الجيش قائلا، إن «مصر أمانة في رقبتنا كلنا.. والمنطقة العربية أيضا أمانة في رقبتنا كلنا. ونحن قادرون إن شاء الله على حفظ الأمانة»، كما رفض انتقادات غربية بشأن أحكام صدرت أول من أمس قضت بسجن صحافيين أجانب، مؤكدا أنه «لا تعليق ولا تدخل في أحكام القضاء».

ووجه الرئيس الشكر والتقدير إلى جميع «الشهداء والمصابين» من الجيش والشرطة والشعب، مؤكدا أن «الجيش المصري سيتصدى لمن يحاول أن يقترب من مصر في الداخل والخارج، لأنه الضمير الحر للوطنية المصرية»، وأضاف أن «هذا الجيش هو جيش مصر، وليس جيش أحد، ولم يكن أبدا جيش أحد.. ونحن حريصون على أن يكون كذلك».

ورفض السيسي التصديق على الموازنة العامة المقدمة من الحكومة بسبب زيادة العجز فيها، وقال: «سأتعامل معكم بشفافية وبصدق وبأمانة، لأنها مسؤوليتنا جميعا وليست مسؤوليتي بمفردي.. كان هناك أمس نقاش مع السيد رئيس الوزراء ووزير المالية ووزير التخطيط ونخبة من الوزراء حول موازنة عام 2014 – 2015.. أنا قلت إنني لا أستطيع الموافقة عليها. وجدت عجز الموازنة يزيد، وقلت (يجب أن) نراجع الموازنة، لأنني لا أستطيع تحمل الموافقة عليها بهذا العجز، أي وصول الدين العام للبلاد إلى أكثر من تريليوني جنيه (نحو 285 مليار دولار)».

وطالب السيسي الحكومة بمراجعة الموازنة العامة، وقال: «هناك إجراءات نحتاج لاتخاذها»، من دون أن يكشف عن طبيعة هذه الإجراءات، في حين قالت مصادر مسؤولة بوزارة المالية لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة بدأت أمس في مراجعة الموازنة العامة مرة أخرى، وأنها تعتزم اتخاذ إجراءات تقشفية من شأنها خفض العجز، من أبرزها خفض الدعم على الطاقة والكهرباء».

وأوضح السيسي أن مصر لا تتحمل في الوقت الحالي المطالب الفئوية، وقال: «أنا لا أستطيع أن ألبي مطلبا فئويا واحدا. ليس لأنني أو الحكومة لا نريد، بل لأننا لا نستطيع، وليس لدينا (إمكانية)». وقرر السيسي التنازل عن نصف مرتبه ونصف ثروته الشخصية «من أجل مصر»، بحسب قوله أمس. كما أكد أن «أي موظف لن يحصل على مرتب يتجاوز الحد الأقصى (للأجور)»، متابعا أن «الموقف لا يحتمل». وشدد الرئيس المصري على خطورة تفاقم الدين العام قائلا: «أريد أن نترك لأولادنا القادمين شيئا جيدا.. بهذا الشكل لن نترك لهم شيئا إذا ظل الدين العام يتزايد بهذا الشكل».

وطالب السيسي في كلمته كل مصري ومصرية بتقديم تضحيات حقيقية من أجل النهوض بمصر، قائلا إن «المصريين في الخارج والداخل عليهم دور في مساعدة مصر، وهذا هو وقت التكاتف والوحدة والمصلحة الوطنية». وأضاف أن «عدد المصريين كبير سواء في الداخل أو الخارج، لو قمنا بإعداد حسابات يسيطر عليها بشكل جيد، وأشرف عليها شخصيا، هل نجد مساهمة من المصريين في الداخل والخارج – ممن يقدر من دون ضغط ومن دون حرج؟».

وحول الانتقادات الدولية للأحكام التي صدرت أول من أمس ضد صحافيين يعملون في قناة «الجزيرة» الفضائية، قال السيسي: «تكلمت مع وزير العدل وقلت له لن نتدخل في أحكام القضاء». وأضاف أن «القضاء المصري مستقل وشامخ، ولا بد من احترام أحكامه واحترام مؤسسات الدولة.. ولن نعلق على هذه الأحكام حتى لو لم يتفهم الآخرون هذه الأحكام».

وقضت محكمة مصرية أول من أمس بسجن 18 من المتهمين في القضية المعروفة باسم «تحريض قناة (الجزيرة) الإنجليزية على مصر»، بينهم أربعة صحافيين أجانب، وصحافيون مصريون، لمدد تتراوح بين سبع سنوات وعشر سنوات، بعد أن أدينوا بارتكاب جرائم التحريض ضد مصر وبث أخبار كاذبة ومساعدة منظمة إرهابية.

وانتقدت حكومات غربية الأحكام قائلة إنها تقوض حرية التعبير. وأعلنت كل من بريطانيا وهولندا عن استدعاء سفيري مصر لديهما لبحث الأحكام، كما استدعت أمس وزيرة الخارجية الأسترالية نائب السفير المصري لديها للاحتجاج على حكم بسجن صحافي أسترالي ضمن المدانين.

واستنكرت الخارجية المصرية هذه الانتقادات، مؤكدة في بيان لها أمس «رفض أي تعليق يصدر عن جهة أجنبية تشكك في استقلالية القضاء المصري وعدالة أحكامه». وأضافت الوزارة أنها تؤكد مجددا، أن «التدخل في الشأن الداخلي للبلاد مرفوض، ويثير حفيظة واستياء جميع أبناء الشعب المصري، وهو ما أكده وزير الخارجية في اتصالاته مع عدد من الأطراف الدولية أخيرا».

المصدر: القاهرة – الشرق الأوسط