العلاج الجيني.. نجاحات وإشكالات طبية

منوعات

بالنسبة إلى الذين يعانون من الأمراض الوراثية، فقد يكون العلاج بالجينات سبيلا إلى توفير منافع لمدى الحياة عن طريق توظيف علاج واحد. وكذلك بالنسبة إلى ضحايا أمراض السرطان، فقد يكون سبيلا جديدا لمقاومة المرض، حتى وإن كان منتشرا في الجسم.

وعلى الرغم من أن الكثير من أساليب هذا العلاج قد جرى اختبارها حول العالم أملا في علاج الأمراض الوراثية، فإن قلة من الحكومات وافقت على تسويقها، في حين أنه لم يتم الموافقة عليها في الولايات المتحدة. لكن مثل هذا الأمر قد يتغير في السنوات المقبلة، مع دخول الكثير من العلاجات مرحلة الاختبارات المتقدمة.

* نجاحات بطيئة وقد تحقق إنجاز كبير في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، عندما قامت الوكالة الأوروبية للأدوية والتطبيب بمنح شركة «يوني كيور» الهولندية الناشئة في مجال التقنيات الحيوية، الأذن بتسويق أسلوبها في العلاج. وقد لاقت هذه الموافقة ارتياحا من قبل الكثير من العاملين في هذا الحقل، الذين كانوا ينتظرون حصول ثغرة في السحب المخيمة على هذه التقنية، إثر التجارب الفاشلة والمميتة التي حصلت في التسعينات من القرن الماضي.

وهكذا «نرى عودة وظهورا جديدا على صعيد المستثمرين خاصة بعد تذليل الكثير من المصاعب والمشكلات»، كما تقول كاثرين هاي، الباحثة الطبية في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا، التي تشرف على التجارب السريرية في مراحلها الأخيرة للعلاجات الوراثية المختلفة، وفي حديث لمجلة «تكنولوجي ريفيو».

ومع ذلك يقول الخبراء إنه من المحتمل أن يستغرق الأمر سنوات قليلة، قبل الموافقة على هذا العلاج في الولايات المتحدة. ومع تسلح «يوني كيور» بالموافقة الأوروبية، فقد يكون لها النصيب الأوفر للحصول على الموافقة الأولى أيضا من الولايات المتحدة، لكنها تقول إنها لم تقدم بعد طلبا بهذا الخصوص إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إيه).

* تعويض الجينات وعلى غرار غالبية أساليب العلاج الوراثي، تقوم «يوني كيور» UniQure باستخدام الفيروسات المعدلة لتسليم نسخ عاملة من الجينات إلى المرضى الذين يعانون من فقدان نسخ صحية منها. وفي الحالات التي طبق العلاج الجيني هذا، فقد أدخل أحد الجينات بهدف تفتيت الشحوم، فمن دونه قد يطور المرضى التهابات مؤلمة، وحتى مميتة في البنكرياس. وتستخدم «يوني كيور» نسخة معدلة من فيروس تحمله غالبية الناس. وخيارات الفيروسات المستخدمة لتسليم الجين، تعتمد جزئيا على ما إذا كان العلاج بحاجة إلى الدخول إلى الجسم، أو ما إذا كان المطلوب من الفيروسات استنساخ ذاتها. فبعض هذه الفيروسات مثلا مصمم للانتشار في جميع أنحاء الجسم لقتل الخلايا السرطانية.

وثمة الكثير من الجماعات التي قد تكون الأولى لتطوير علاج جيني موافق عليه من قبل الولايات المتحدة، ومنها «هايس تيم» وهو الفريق الذي يدرج المرضى في مراحل التجارب المتأخرة من علاج اضطراب يسبب العمى في المراحل الأولى من العمر. والمرضى الخاضعون لهذا العلاج، كانوا قد منحوا سابقا علاجا جينيا في إحدى العينين، في حين أن الثانية ستخضع للاختبار.

وخلال هذا العلاج الاختباري قام الأطباء بحقن جين يحمله فيروس خلف شبكية عين المريض. وتمكن العلاج من تحسين الرؤية لدى بعض المرضى إلى مرحلة لم يعودوا بعدها يعتبرون من فاقدي النظر قانونيا، في حين ظل بعض المرضى الآخرين ثابتي الرؤية لنحو ست سنوات. ومن المقرر أن تنتهي هذه التجارب في نهاية أبريل (نيسان) عام 2015.

وتأتي إمكانية أخرى من شركة «بلوبيرد بايو» التي مقرها ولاية ماساشوستس، التي نشرت نتائج مرضى شفوا من مرض دموي وراثي. وستشرع الشركة قريبا في اختبارات تستهدف اضطرابات عصبية وراثية، غالبا ما تكون مميتة للصغار.

* علاج السرطان وبنمط مختلف، فإن العلاج بالجينات قد يصبح خيارا لعلاج مرض السرطان. فخلال اجتماع عقد هذا الصيف أعلنت شركة «أمجين» أنها أنجزت أهدافها الخاصة بإجراء اختبارات متقدمة لعلاج سرطان «ميلانوما» بالجينات، وهو سرطان ينتشر من الجلد إلى الأجزاء الأخرى من الجسم. وعلاج «أمجين» هذا الذي جرت هندسته من فيروس يسبب عادة تقرحات من البرد تظهر عند الشفتين، يأخذ منحنيين لمقاومة السرطان. فالفيروس يصيب خلايا السرطان ذاتها التي تتكاثر حتى تنفجر. وهو خلال نموه داخل الخلية، يقوم أيضا بإنتاج بروتين يحفز جهاز المناعة وينشطه. فلدى انفجار الخلية تنجذب الخلايا المحصنة إلى موقع الورم السرطاني لمقاومته.

وخلال الاختبارات التي جرت على مرضى «ميلانوما» في مراحله المتأخرة لاقت نسبة 26 في المائة منهم من الذين انتشر السرطان في أجسامهم، استجابة جزئية، أو كاملة لمدة ستة أشهر على الأقل. و11 في المائة منهم اختفى السرطان تماما من أجسامهم، مما يعني أن العلاج انتشر في أجسامهم مستهدفا الأورام التي لم يجر حقنها مبدئيا. ومن المتوقع نشر معدلات الشفاء الإجمالية في النصف الأول من العام المقبل.

ولدى الانتهاء من هذه التجارب السريرية، فإنه لا توجد ضمانة باستخدام هذه التقنية على نطاق واسع. ومع ذلك شرعت الشركات والمستشفيات بتشييد معامل لإنتاج كميات واسعة من العلاجات التي تعتمد على الفيروسات. وأعلنت «يوني كيور» على سبيل المثال في يوليو (تموز) الماضي أنها ستنشئ مصنعا مساحته 55 ألف قدم مربعة في ولاية ماساشوستس لإنتاج منتجات تجارية للعلاج بالجينات، من المتوقع أن يكتمل العمل في أوائل عام 2015.

المصدر: الشرق الأوسط