العمالة الوافدة الى الخليج تشكل خطورة كبيرة على التركيبة السكانية لدول مجلس التعاون

أخبار

ما يزال الخلل في التركيبة السكانية لدول مجلس التعاون قائما حيث يوجد سباق غير متكافئ بين معدلات النمو السكاني للمواطنين والتي تتراوح بين 2 و3% سنوياً ومعدلات نمو السكان غير المواطنين والتي تتراوح بين 6 و8% سنوياً، أي ما يقارب ستة أضعاف المعدل العالمي البالغ 1.5%، وسيؤدي ذلك الاتجاه إلى استمرار تقلص نسبة المواطنين إلى الدرجة التي يصبح فيها وضعهم مهدداً بالتحول إلى أقلية في وطنهم بصفة دائمة.

وحسب ما افادت جريدة الرياض نقلا عن تقرير للمركز الدبلوماسي بالكويت ، فانه بجانب ذلك الخلل السكاني، يمكن ملاحظة وجود دول المجلس كافة في نافذة ديموغرافية من شأنها إتاحة فرصة عظيمة للاقتصادات الخليجية لتتحرر من تبعيتها للعمالة الوافدة، ويكون ذلك من خلال اتباعها لعددٍ من السياسات المهمة التي منها تأهيل القوى العاملة وتوجيه طاقاتها، وإقامة العديد من الاستثمارات كثيفة استخدام العمالة، وتعبئة المدخرات المحلية.

وبين التقرير أن الخلل في التركيبة السكانية لدول المجلس أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة بين صفوف الخليجيين وخاصة بين الشباب من الجنسين، وارتفاع تحويلات العمالة الوافدة، وكذلك إحداث تغير واضح في المجتمع الخليجي، علاوة على الضغط على الخدمات والمرافق الحكومية.

وأكد التقرير أن استمرار ذلك الخلل السكاني يزيد من الضغوط الدولية على دول المجلس سواء من قبل منظمات العمل الدولية أو المنظمات المعنية بحقوق العمال وتوجيه اتهاماتها بانتهاك حقوق العمال وممارسة التمييز وضرورة تحسين أوضاعها والسماح بتجنيس بعضها.

وهو ما يوقع دول المجلس أمام تحديات وخيارات صعبة لمواجهة تلك الضغوط والاستجابة للتداعيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبطالة في صفوف المواطنين.

وأوضح التقرير أن عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي ارتفع ليصل إلى نحو 43.094 مليون نسمة خلال العام 2010، مقارنة بنحو 3.940 ملايين نسمة في عام 1950، وذلك في دلالة على ارتفاع معدل النمو السكاني.

وقد احتلت المملكة المرتبة الأولى من حيث عدد السكان وذلك بنحو 27.137 مليون نسمة خلال العام 2010، يليها الامارات وذلك بنحو 7.512 ملايين نسمة، وقد جاءت البحرين في المرتبة الأخيرة وذلك بنحو 1.235 مليون نسمة.

وأشار التقرير إلى أن نسبة غير المواطنين في دول المجلس تصل إلى أقصاها في قطر بنحو 87%، ثم الامارات بنحو 84%، ثم الكويت والبحرين بنسبة 69% و54% على التوالي، ويشمل غير المواطنين من دول المجلس العمالة الوافدة والمهاجرة وعائلاتهم.

وتمثل تلك النسب خطورة كبيرة على التركيبة السكانية لدول مجلس التعاون الخليجي في المستقبل وخاصة في ظل استمرار سيل العمالة الوافدة في دول المجلس دون أي تغيير أوقرارات جذرية.

وحسب جريدة الرياض فقد دعا التقرير دول المجلس بضرورة مواجهة ذلك الخلل الواضح في التركيبة السكانية ووضع خطة طويلة الأجل يتم فيها إحلال المواطن مكان الأجنبي بالتدريج وبهدوء مهنة تلو أخرى، حتى لا يكون هناك اضطرابات أو نقص في الخدمات، الأمر الذي قد يؤثر في التنمية أو الخدمات المقدمة للمواطن، وحصر عمل الأجانب في أعمال خاصة مع ضرورة إعطاء الوقت الكافي للعملية لضمان نجاحها.

وفي المقابل تشجيع المواطنين على العمل بتقديم الحوافز والامتيازات، بالإضافة إلى توفير التدريب اللازم، مع ضرورة تضافر الجهود من رجال الأعمال والمربين ووسائل الإعلام المختلفة لنشر ثقافة العمل الحر الشريف لصناعة مجتمعات تخدم نفسها بنفسها، وبذل المزيد من الجهود لبناء الإنسان من خلال تحسين التعليم العام والعالي والتدريب الجاد وليس الشكلي.

وكذلك زيادة مشاركة المرأة في قوة العمل، وتشجيع المواطنين للدخول في القطاعات الإنتاجية والأعمال المهنية، وخلق مزيد من التكامل الاقتصادي والصناعي بين دول مجلس التعاون، ورفع القيود أمام تنقل العمالة الخليجية فيما بينها، مع إيجاد المزيد من الحلول لتعطل الشباب (الذكور والإناث) الذي أصبح من المشكلات المقلقة للأسر والحكومات.

وأوضح التقرير أن وجود دول المجلس في النافذة الديموغرافية يتيح فرصة إحداث معدل نمو اقتصادي مرتفع، وتحسين مستوى المعيشة لدى السكان نتيجة لانخفاض نسبة الإعالة وزيادة فرص الادخار والاستثمار لدى الفئات في سن العمل.

وذلك يمكن أن يحدث إذا تم التخطيط للاستفادة من تلك الفرصة بتأهيل القوى العاملة وتمكينها وتوجيه طاقاتها في مجال العمل التنموي، واذا ما أردنا الوقوف عند تلك الظاهرة السكانية في دول المجلس سنجد أنه خلال السنوات الأخيرة بدأت الزيادة السكانية تشق طريقها لصالح الفئات العمرية في سن العمل، بينما بدأت تنخفض نسبة عدد الأطفال أقل من 15 سنة، حيث انخفضت من 50% من إجمالي عدد السكان في منتصف التسعينيات إلى حوالي 46% عام 2005، مقابل ارتفاع في نسبة الفئة السكانية في عمر 15 – 64 سنة من حوالي 46% إلى %50 من إجمالي السكان، مع ارتفاع نسبي طفيف في الفئة العمرية الأخيرة أي 65 سنة فأكثر.

وذلك التغيير في التركيب العمري للسكان قد يخلق فرصة سانحة للنمو الاقتصادي والاجتماعي لتدني نسبة الإعالة لصغار وكبار السن وكذلك لزيادة الادخار والاستثمار في المستقبل إذا تزامن ذلك التغيير مع سياسات مناسبة تستهدف الفئات العمرية الشابة وتستغل طاقاتهم وقدراتهم في العمل والبناء.

وقد تصبح نتائج تلك الظاهرة السكانية سلبية إذا لم يتم التعامل معها بشكل جديد، حيث يمكن أن تؤدي إلى زيادة البطالة والطلب على العمل والهجرة وبالتالي تفاقم مشكلات اجتماعية واقتصادية.

ولم تأخذ حكومات دول المجلس مجتمعة أو منفردة من السياسات التي تؤهلها لتعظيم الاستفادة من تلك النافذة المهمة التي ستنقلها نقلة نوعية على خريطة الاقتصاد العالمي، فمن السابق عرضه في رصد النافذة الديموغرافية لدول المجلس.

ويمكن ملاحظة وجود معدلات مرتفعة من البطالة بين صفوف الشباب الخليجي الذي يجب إعداده للاستفادة منه في تحقيق طفرة تنموية حقيقية من خلالها تستطيع دول المجلس تقليل الاعتماد على العمالة الوافدة وتوطين وظائف القطاع الخاص.

ويحمل ذلك الأمر دلالة مهمة على عدم قدرة دول المجلس على الاستفادة من القوى البشرية التي لديها من الإناث والذكور معًا، مما يعني وجود فرص نمو مهدرة كانت من الممكن أن تعمل على تحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة، وخاصة أن تلك النافذة سيمتد نطاقها لفترة تتراوح ما بين 30 – 50 عامًا في ظل معدلات النمو السكانية المرتفعة والتي يجب الاستفادة منها مستقبلًا.

وتشير البيانات إلى ارتفاع معدلات النمو السكاني في دول المجلس لتصل إلى أقصاها في الامارات بنسبة نمو بلغت 12.7%، وأدناها في في عمان بنسبة بلغت نحو 2.7%، وتحمل تلك المعدلات التي تعد مرتفعة مقارنة بالعديد من الدول الأخرى سواء كانت النامية أو المتقدمة على حدٍ سواء، دلالة على استمرار تلك النافذة لأعوام عديدة يجب على دول المجلس وضع السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية لتعظيم الاستفادة منها.

وطالب التقرير دول المجلس بالاستفادة من النافذة الديموغرافية من خلال تعبئة المدخرات المحلية وتنبع أهمية تلك الخطوة في تعبئة المدخرات القومية من مختلف القطاعات العائلي والخاص والحكومي لتوجيهها إلى الاستثمارات المختلفة لخدمة النافذة وتحقيق الأهداف المرجوة منها وتعد من أهم السياسات التي يجب على دول المجلس تنفيذها استعداداً للنافذة.

وتقول جريدة الرياض في سياق متصل ان تقرير شركة سنيار كابيتال افاد ان نقاط القوة فيما يتعلق بقطاع التوظيف بالمملكة يتمحور في أن المملكة تشكل أكثر من 84% من المساحة الكلية لدول مجلس التعاون، و79% من إجمالي المواطنين، و53% من الاحتياطيات النفطية.

وتعتبر أكبر وأهم كيان سياسي واقتصادي وديني على مستوى دول مجلس التعاون، بالاضافة إلى أن السعودية هي الدولة الوحيدة من دول المجلس ضمن مجموعة دول العشرين، أي ضمن أكبر 20 اقتصاد في العالم.

وتتمتع المملكة بعمر طويل لاحتياطيات النفط (88 سنة) وصندوق سيادي كبير بحجم 532.8 مليار دولار يستثمر بأصول قليلة المخاطر مثل الديون السيادية، كما تتوسط دول التعاون بدون الامارات بنسبة المواطنين العاملين في القطاع العام إلى نسبة المواطنين العاملين بنسبة 55%، وتم بنجاح جذب استثمارات أجنبية ضخمة لخلق وظائف في قطاعات صناعية مختلفة.

بينما يبرز التقرير نقاط الضعف بأنها تكمن في تشبع القطاع العام بالسعوديين بنسبة 92.2% وهي الأعلى بين دول المجلس، حيث يصعب استمرار التوظيف الحكومي، كما تشهد السعودية نسبة بطالة بين المواطنين تفوق 10% وفق البيانات الرسمية وأكثر من 20% وفق مصادر غير رسمية.

وتشكل هذه النسبة المرتفعة أولوية وأهمية كبيرة تحتم الإسراع لايجاد الحلول، كما تشكل إيرادات النفط أكثر من 90% من إيرادات الدولة في المرتبة الثانية بعد الكويت وإلى جانب نمو كبير في استهلاك النفط محليا لتوليد الطاقة، مما يضع تحديا آخر لتنويع مصادر الدخل

المصدر: CNBC Arabia