الهند والإمارات.. مستقبل مشرق للعلاقات الثنائية

أخبار

دبي: أحمد البشير

يبدو أن مستقبل العلاقات بين الإمارات والهند مشرق، حيث يتطلع البلدان إلى تعزيز العلاقات في السنوات القادمة، ومن منظور تجاري، كان قطاعا الأحجار الكريمة والمجوهرات والنفط والغاز يدفعان النمو تقليدياً، ولا يزالان المساهمان الرئيسيان في تعزيز قيّم التجارة بين الهند والإمارات، وفي السنوات الأخيرة، شهدت العديد من القطاعات الناشئة معدلات نمو عالية في التجارة الثنائية، بقيادة قطاع الأدوية والرعاية الصحية.

ومع خروج العالم إلى اقتصاد ما بعد الجائحة، تمر العلاقات بين الإمارات والهند بمنعطف مهم، حيث تتطلع الهند إلى المضي قدماً في طموحاتها لتصبح واحدة من أكبر الاقتصادات، وتهدف إلى أن تصبح اقتصاداً بقيمة 5 تريليونات دولار أمريكي، بحلول عامي 2024-2025، واقتصاداً بقيمة 10 تريليونات دولار بحلول عام 2030.

كما تحرص دولة الإمارات على إعادة تأكيد مكانتها كمركز أعمال رائد في المنطقة، وفي حين أن الإمكانات الاقتصادية للشراكة الثنائية كبيرة، إلا أن هناك بعض العوامل الحاسمة التي ستكون أساسية لتحقيق هذه الإمكانات.

تجارة الذهب

كانت التجارة والاستثمار في قطاع الذهب والمجوهرات لا تزال ركيزة أساسية للعلاقة بين الإمارات والهند، واستحوذت الهند على أكثر من 20% من واردات الإمارات في هذا القطاع، في حين ساهمت الإمارات بنحو 15% من واردات قطاع الهند في عام 2019. وبلغ حجم التجارة الثنائية للقطاع أكثر من 10 مليارات دولار عام 2020.

في سياق متصل، تعد الهند واحدة من المنتجين العالميين الرائدين في هذا القطاع، إذ تحتل المرتبة الأولى في صادرات الألماس المصقول والمقطوع، والثانية في صادرات مجوهرات الذهب والفضة، فيما تعد الإمارات مركزاً تجارياً وسياحياً عالمياً يوفر فرصاً مستمرة للتجار والمستثمرين الهنود.

قطاع الأدوية

يقدم قطاع الأدوية والأجهزة الطبية فرصة كبيرة للشراكة التجارية والاستثمارية بين الإمارات والهند، ونظراً لكون الهند موطناً لعدد من الشركات العالمية الرائدة في إنتاج الأدوية (الثانية عالمياً من حيث الحجم والمرتبة 14 من حيث القيمة)، وامتلاكها شبكة تضم حوالي 3000 شركة أدوية، بالإضافة إلى أكثر من 10000 وحدة تصنيع، فهي تتمتع بإمكانات هائلة للنمو.

وبالنسبة لدولة الإمارات، هناك تركيز قوي على توطين إنتاج الأدوية، والتي تسارعت بسبب اضطراب سلاسل التوريد منذ بداية جائحة «كوفيد-19» وزيادة الإنفاق على الرعاية الصحية. ويتم دعم نمو قطاع الأدوية والأجهزة الطبية في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال المبادرات الحكومية مثل استراتيجية دبي الصناعية 2030.

الأمن الغذائي

يتمثل جزء رئيسي من تعزيز أجندة الأمن الغذائي لدولة الإمارات في تطوير شراكات مع كبار منتجي الأغذية مثل الهند، و هي واحدة من أكبر منتجي المواد الغذائية على مستوى العالم، عبر أنواع مختلفة من السلع مثل الأرز والقمح، وهي شريك تصدير رئيسي لدولة الإمارات، وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن يؤدي إدخال مشروع ممر غذائي بقيمة 7 مليارات دولار أمريكي إلى تعزيز الشراكة بين الهند والإمارات.

الشركات الناشئة

تتقدم الهند كواحدة من النظم البيئية العالمية الرائدة للشركات الناشئة، مع وجود أكثر من 50000 شركة ناشئة، حيث جمعت 60 مليار دولار من 2016 إلى 2020، وبالإضافة إلى ذلك، تعد الهند أيضاً موطناً ل 53 شركة يونيكورن (الشركات التي تزيد قيمتها على مليار دولار )، وكان أكبر تركيز لشركات اليونيكورن في قطاع التكنولوجيا المالية.

ومن المتوقع أن يصل عدد هذه الشركات في الهند إلى 100 شركة بحلول عام 2025. وكان أحد المكونات الرئيسية للنظام الأيكولوجي للشركات الناشئة في الهند هو قطاع التكنولوجيا، الذي يمثل حوالي 50% من الشركات الهندية الناشئة.

سوق السفر

تعد الإمارات والهند ثامن أكثر دول العالم ازدحاماً بالسفر الجوي من حيث سعة المقاعد في سبتمبر 2021، كما تعد الهند أيضاً الوجهة الأولى من حيث عدد الركاب وظلت كذلك طوال فترة الجائحة (4.3 مليون مسافر في عام 2020 من دبي)، وهناك ما يقدر بنحو 55% من الهنود الذين يسافرون إلى الخارج يسافرون عبر الإمارات، وتخضع الخدمات الجوية بين الدول لاتفاقيات الخدمات الجوية، ويعد الاتصال الجوي المعزز مهماً في تعزيز التجارة والاستثمار.

الصناعة

تهدف الاستراتيجية الصناعية الوطنية لدولة الإمارات إلى زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 36.2 مليار دولار عام 2021 إلى 81.7 مليار عام 2031، ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية الستة للاستراتيجية في تحسين اعتماد التكنولوجيا المتقدمة عبر سلسلة القيمة الصناعية. وتم إنشاء وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات لتعزيز تبني التكنولوجيا المتقدمة ووضع الدولة كمركز عالمي للاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة.

البنى التحتية

كجزء من استراتيجيتها لتطوير اقتصادها وخلق فرص العمل، تركز الهند على تحسين قطاع البنية التحتية، حيث تخطط لاستثمار حوالي 1.4 تريليون دولار أمريكي (286 مليار دولار أمريكي للطرق، و182 مليار دولار أمريكي للسكك الحديدية، و60 مليار دولار أمريكي للموانئ) بين عامي 2019 و2023. وهناك فرصة لدولة الإمارات لتلبية متطلبات البنية التحتية المتنامية في الهند من خلال الاستثمار بما يتماشى مع الخطط الوطنية، لا سيما فيما يتعلق بربط الطرق والمرافق.

وكانت الإمارات خامس أكبر مستورد للأسلحة في جميع أنحاء العالم خلال الفترة 2009-2018، وتقوم الحكومة بتمويل وتطوير قدراتها التصنيعية الدفاعية لتقليل اعتمادها على الواردات وتعزيز الصادرات على المدى الطويل، وتحتل الهند المرتبة الثالثة من حيث الإنفاق العسكري على مستوى العالم (حوالي 3.7% من الإنفاق العسكري العالمي) وتهدف حكومتها إلى تحويل البلاد إلى مركز تصنيع عالمي مع التركيز على أنظمة الأسلحة المطورة محلياً.

الطاقة المتجددة والنفط

تعد قدرة الطاقة المتجددة في الهند، التي يأتي أكثر من 80% منها من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، الرابعة من حيث الحجم في العالم، وتلقى هذا القطاع استثمارات تزيد على 70 مليار دولار أمريكي في الهند، على مدار السنوات السبع الماضية، وتهدف الدولة إلى الوصول إلى سعة 175 جيجاوات بحلول عام 2022 و 450 جيجاوات بحلول عام 2030، كما تستثمر الإمارات أكثر من 163 مليار دولار أمريكي في «استراتيجية الطاقة 2050» لزيادة مساهمة الطاقة النظيفة إلى 50% من إجمالي السعة.

ويعتبر النفط أحد القطاعات التجارية الثنائية الرئيسية بين البلدين، وفي عام 2019، صدّرت الإمارات ما قيمته 11 مليار دولار من النفط الخام إلى الهند، وصدّرت الأخيرة ما قيمته 5.0 مليار دولار من النفط المكرر إلى الإمارات. ويعمل البلدان أيضاً على زيادة العلاقات الاستثمارية في هذا القطاع من خلال استثمار شركة «أدنوك» في احتياطيات النفط الاستراتيجية في الهند ومع امتلاك شركة «أو إن جي سي» الهندية حصة 10% في «امتياز زاكوم السفلي».

المصدر: الخليج