تحفة الحياة تحتضن متحف المستقبل

آراء

كسوار عملاق يطوّق معصماً لدناً، كخلخال يحيط بساق مدملج، كقرط يسدل بريقه عند جيد مجود، هو ذلك متحف المستقبل، بحله وحلله، وجلّه وجلاله، يكلل وجنة دبي، ويتوج رؤوس الناظرين إلى البهجة المعمارية، بحروف الضاد، وما جادت به من بلاغة النطق ونبوغ المعرفة.

هو ذاك المتحف منتصب كنسر خرافي، أو هو كنجم أسطوري لم يكتشفه العالم بعد، ليبقى في الأسرار موال بحث عن ذات شعب، وعن وسم قيادة، وعن تاريخ بلد علمته الصحراء أن يكون في الدنى وعياً أبدياً، وأن يصير في العالم منطقة الضوء حيث العالم محيط مدلهم، تعوزه المصابيح المشرقة.

متحف المستقبل يكنس وعي النجوم ليصبح هو في العالمين كوناً مضاءً بأحلام الذين لا تنتهي أحلامهم عند حد، ولا تتوقف طموحاتهم عند نقطة نهاية.

فلا نقاط نهاية في دبي، ولا محطات استراحة في هذا البلد سوى استراحة العقل عندما يتأمل مشهداً استثنائياً مثل هذه الأيقونة، مثل هذا النفير الذهني، والطواف الوجداني حول ما هو مدهش، وما هو مذهل، وما هو مقلق إلى حد الانفتاح على عالم سريالي، ممنهج يدخلك في عوالم غامضة إلى حد الوضوح، يخرجك من ذاتك ليعيدك إليها بخضاب الفرح، وأنت المعني بالجمال، يحدوك الأمل دوماً بأن يتحلى العالم بمجمله بجمال هذا السهم المنصوب في الوعي البشري كذاكرة، ومخيلة ترسم للإنسانية صورة الابتكار، ومعالم الإبداعي الوجودي على أرض نسجت سجادة رمالها من أهداب غزلان برية لا مثيل لها إلا هنا، ولا يشبهها إلا هي، وهذه هي سنة دبي وهذا قوامها ومقامها، ومقوماتها، كلما أمعنت في الشجون دهمتك روعة، وكلما تمعنت في الشؤون باغتتك المهارة، وكلما توغلت وانغمست صرت في الثنايا برداً وسلاماً، صرت في الحنين قلباً يتمادى في الأشواق توقاً، ودفقاً، لأنه في دبي يبدو الجمال نسيماً تستنشقه الأفئدة، لتصير في الوجود زهرة عريقة، لها عطر الأفراح البهيجة.

الله كم لهذا المتحف من حروف لكلمات، تعاظمت على ألواح الشموخ، كأنها أجنحة الطير في ساعة التحليق، كأنها أغصان الشجر في لحظة الرفرفة!

الله كم لهذا المتحف من معنى في الضمير الفني، وكم له من مغزى في يقين المبدعين، وكم له من حكمة في لحن المشاعر المرهفة! وأنت تدقق، وأنت تحقق، وأنت ترقق، وأنت تطفق، تجد في صورة المتحف إعجازاً ربما لا تفسير له سوى أنه إنجاز تتفرد به بلادنا ولا غير.

المصدر: الاتحاد