عبده خال
عبده خال
كاتب و روائي سعودي

جامعة نورة وحريق الكراهية المستشري

آراء

حريق جامعة الأميرة نورة بالرياض فجر مفاجأة فضحت حالة عدوانية يعيشها بعض أفراد المجتمع، وهي أكثر خطرا من حريق يشب هنا أو هناك، فمع تناقل خبر احتراق الجامعة ظهرت تلك العدوانية من خلال استحسان وقوع الحريق!

ومن تابع مواقع التويتر والفيس بوك سيدهش لهذه المشاعر السلبية التي ارتفعت ألسنة كراهيتها بما يفوق ألسنة الحريق المشتعل بمراحل.

فلماذا تولدت هذه المشاعر العدائية؟

ولماذا الأمنيات والدعوات توالت من البعض أن تلحق الكوارث بمجلس الشورى وجامعة كاوست ومعرض الكتاب؟ وهي مواقع ظلت تثير شهية بعض من يسمي نفسه محتسبا على شن هجماته ضدها والتأليب عليها.

إن انتشار واتساع رقعة هذه المشاعر يقودنا للتعرف على فجوة كبيرة أو حضانة ضخمة يتم فيها تغذية المجتمع على الكره ودفعه دفعا لرفض أي حركة توصل للمستقبل..

إن انتشار هذا الكره والتغذية العدائية يتحمل مسؤوليتهما بعض الوعاظ الذين يرون أن أي مشاركة للمرأة في أي مجال هو (الجحيم بعينه)، ولهذا كانت الأمنيات أن تصاب المواقع التي تواجدت فيها المرأة كطاقة بشرية يتم استثمارها خارج مواضعها التي يريدون منها أن تقبع فيها ولا تغادرها.

ولأننا غدونا مجتمعا يتم إيهامه ويصدق كل ما يقال له (خاصة الأقوال التي تعزف على مشاعره الدينية) انداحت الكراهية للمؤسسات وللأفراد الذين يتحركون وفق حركية الزمن (من غير خروج عن الإطار العام)، فغدت مهمة بعض الوعاظ زرع الفتنة بين أطياف المجتمع وتحقير كل فعل يمكننا من خلق مشاركة جماعية في مواصلة التنمية.

وما لم توجد شخصيات دعوية مستنيرة توضح ذلك الزيف الذي يستخدمه بعض الوعاظ في تأجيج مشاعر الناس، فإن الحرائق القادمة هي أكثر خطرا من نار (تشب) في الأماكن، إذ أننا نقف على احتراق القلوب وانتقال حريقها بين الناس، وفي هذا خطر عظيم، فالقلوب حين تحترق ضد من يجاورها تتولد معها انهيارات اجتماعية لا يمكن إقامة انهياراتها أو ترميم صدعها.

وإطفاء هذه العدائية تغدو مهمة أساسية لمن تبصر وتدبر وعرف الحق، فتنقية قلوب المجتمع من الكره أهم كثيرا من أي فعل آخر.. فنحن نقف على شفا جرف هار من الانهيار، وهذا ليس تهويلا، بل أمر ملاحظ، حيث تعددت مفردات لنشر الكراهية ورفعت الرايات لخوض معركة إسقاط المجتمع في وحل الكراهية، فمرة من أجل المرأة، ومرة من أجل المذهبية، ومرة من أجل الاختلاف السياسي، ومرة من أجل الثقافة، ومرة من أجل القبيلة..

ومع كل راية ترفع ثمة كيان يتهدم، فلماذا يصمت العارفون بالحق عن قول الحق؟.

المصدر: صحيفة عكاظ