«حريم أول» ملحمة تراثية تجسد دور المرأة في الحياة القديمة

منوعات

خولة علي (دبي) – على إيقاع التراث الشعبي بأهازيجه الشجية، التي تعود بنا إلى حيث يقف الماضي برائحة العود والعنبر، وبملامحه البسيطة ومفرداته الدافئة التي جسدت مدى قدرة الأهالي قديماً على التعاطي معها بطريقة أكثر إيجاباً، وتفاعلًا، في ملحمة تراثية رائعة تحاكيها مدرسة غرناطة بدبي عبر أسبوع تراثي منظم يحمل شعار «حريم أول»، رغبة لربط الأجيال بماضيهم، وتعريفهم بموروث جداتهم.

هذه الفعالية التي تحمل أبجدية التراث، وتروي صنيع الجدات، وما قدمنه من مهن وحرف كانت بمثابة مصدر رزق لهن، ووسيلة آمنة لتوفير احتياجاتهن ومستلزماتهن اليومية لأسرهن.

ألعاب شعبية

ونحن على أعتاب الماضي الذي يلون ساحة مدرسة غرناطة، الذي تحول إلى بيت تراثي، حيث نفتح الأبواب على مصراعيه لنلج إلى باحة البيت الذي يصدح جدرانه بالألعاب الشعبية القديمة، حيث انطلقت الطالبات في تجاذب وحماس ولهو، وهن يمارسن هذه الألعاب التي رسمت البهجة والفرحة على وجوههن، وعززت فيهن مفهوم المشاركة والتعاون، الذين يبني الكثير من المعاني الاجتماعية التي يفقدها جيلنا الحالي، فكان المكان أشبه بعرس تراثي بهيج وأجواء مستفيضة بمعاني تلوح بقيمة التراث وضرورة صونه.

المشرفة على الفعالية خولة راشد قالت : لا يمكن أن نغض الطرف عن إسهامات المرأة قديما ودورها المشرف في احتواء أسرتها، وتلبية الكثير من احتياجاتها، عدا عن وقوفها ومساندتها للرجل، يداً بيد لتوفير قوت يومهم، وأردنا أن نبرز دور النساء قديماً بعرض تراثي أسبوعي حمل عنوان «حريم أول»، ليكون نافذة تطل فيها الطالبات على الماضي بتفاصيله الدقيقة، وعالمه البديع الذي يصور لنا بساطة الحياة في مشاهد حاضرة يتجلى في معرض يصور البيت التقليدي قديما، ومهام المرأة فيه، مع بداية بزوغ الفجر بسلسلة من الأدوار كرعايتها لأسرتها وترتيب المنزل، بالإضافة إلى القيم الاجتماعية التي تحرص على تلقينها لأبنائها حتى ينشأوا محافظين على هويتهم، يعوا واجباتهم ومسؤوليتهم في المجتمع، فكانت العلاقة يسودها التعاون والتألف والترابط، على الرغم من بساطة الحياة، إلا أنها مليئة بالعلاقات الاجتماعية التي نفقدها في الوقت الحالي.

ساحة المدرسة

وتضيف: أردنا أن نعود إلى الماضي، حيث البيت التراثي، الذي شيد في ساحة المدرسة، بجدار من سعف النخيل وبوابة تراثية من الخشب المحفور الذي يفضي إلى باحة المنزل، حيث جاءت الفكرة بأن تتحول الساحة إلى فناء واسع للمنزل مقسمة إلى عدد من الغرف، كل منها تعبر تعرض جانب من البيت التقليدي، وما يحويه من فراغات وردهات، منها غرف النوم والمسميات القديمة لمحتوياتها من الأثاث، وأيضاً المطبخ وأدواته من أوني طهي الطعام، وغيرها من القطع التي ساهم الأهالي قديماً في إنتاجه وصناعته من خامات البيئة المحلية، وأيضاً نجد الحظيرة التي تضم عدداً من الحيوانات والطيور، فالبيوت التقليدية لا تخلو من وجود المواشي والدواجن، التي يحرص الأهالي على تربيتها ليقتاتوا منها.

مهارة النساء

وافترش النسوة الأرض، وهن يمارسن حرفتهن من تلي، وسف الخوص لعمل المكب أو السرود وأدوات أخرى، وعملية نسج السدو، وقد تحلقن الطالبات، وهن يراقبن عن كثب مهارة النساء في العمل، فيما بدأت الأخريات عملهن في تحظير الأطباق الشعبية، كخبز الرقاق واللقيمات، حيث لفتت المشرفة على الفعالية إلى أن كل محطة وركن من هذا البيت التراثي، إنما تقدم معلومة موجزة عن واقع حياة في البيت التقليدي، وكان هنالك أيضاً مشاركة واسعة من الطالبات في إحياء هذا البيت، من خلال ممارسة الألعاب الشعبية التي استمتعوا بها كثيراً، وبدا عليهن روح الحماس والتنافس، والنشاط مشكلين روح الألفة والتعاون مع بعضهن بعضاً وهذه السمة جعلتهن أكثر قرباً والتصاقاً وترابطاً مع بعضهن، وهذا ما كانا نسعى إليه، من خلال تفعيل دور الألعاب الشعبية التي كانت تمارس بمشاركة أعداد كبيرة من أبناء الفريج.

ولم تخل باحة البيت من فنونها وأدواتها البسيطة التي خط بها على رمالها الناعمة، حيث كان الأسبوع ثرياً بالكثير من الأنشطة التي تناولت التراث بطريقة مبسطة وسهلة وواضحة، وبمشاركة عدد من المدارس، فكان المكان أشبه بعرس تراثي يروي الماضي.

المصدر: الاتحاد