خطبة العيد أم خطبة الوعيد؟! – زياد الدريس

أخبار

غداً أو بعد غد سيكون العيد بإذن الله . تحديد يوم العيد ما زال غير مؤكد ، لكن الذي أصبح مؤكداً عندنا هو أن خطبة العيد ستكون في معظم المصليات ليست خطبة عيد .. بل خطبة وعيد !

منذ أن يصدر بيان رؤية هلال العيد يتراكض الناس في تلك الليلة لتوفير أدوات الفرح ودلالات البهجة ؛ من الملابس الجديدة والحلويات والهدايا المتنوعة . ثم ينام الناس بجوار هذه الرموز الفرائحية بانتظار الصبح ؛ صبح العيد . لكنهم إذا قاموا وقد جهزوا شفاههم للابتسامات وخدودهم للتقبيل وقلوبهم للفرح ، فوجئوا بأن خطيب العيد سيقلبها فوق رؤوسهم نكداً وغماً وحزناً على حال المسلمين في كل مكان من أصقاع المعمورة ( يتعمد الخطيب استخدام تعبير ” أصقاع المعمورة ” كجزء من تنكيد العيد ! ) .

للإنصاف ، فإن خطيب العيد يتناول في جملتين أو ثلاث فرحة العيد ، لكن حتى وهو يقول هاتين الجملتين يقولها بوجه صارم ومتجهم أحياناً ، ثم يتحول مباشرة للحديث الذي يستهويه دوماً وهو الحديث عن مآسي المسلمين ؛ عن القتل والتشريد والعلمنة والتغريب والاحتلال والاغتيال والفقر والأمية والقدس وأرض الكنانة وووو ، و يوغل في الحديث المأساوي والحزين حتى يجعل الناس في مصلى العيد ينظرون إلى ملابسهم الجديدة وابتساماتهم المتجددة بخجل وتردد وتأنيب ضمير ، فأنى لهم أن يفرحوا والعالم هكذا من حولهم حزين ؟!

لست ممن يحث على التقوقع والتبلد والانعزال عما يجري حولنا واللامبالاة بمآسي الآخرين ، لكنني فقط أريد أن نبسط هذه الموضوعات في خطب الجمعة الأسبوعية ، التي شُرعت لذلك ، ونخصص خطبة العيد السنوية لما شرعت له من إظهار البهجة والفرح والسرور .

هل ستزداد مآسي المسلمين المزمنة تعقيداً وسوءاً لو توقفنا فقط عن الإشارة إليها في خطبة العيد ؟
هل ستموت ضمائر الناس وتتراخى نفوسهم عن نصرة المسلمين لو لم نذكّرهم بها في خطبة العيد ؟!
هل سيأثم المسلمون لو فرحوا يوم العيد فرحاً مطلقاً خالياً من أي تنكيد ؟

أعزائي خطباء العيد /
دعوا الناس يفرحون بعيدهم ويقيمون شعائر ما شرعه الله لهم وما سنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم من التطيّب وأخذ الزينة والفرح بإتمام العدة وتوفيق الله للصيام والقيام . هل يُعقل أن رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم كان يتطيب ويلبس أحسن ثيابه ، كما أُثر عنه يوم العيد ، وهو حزين ؟!

أشيعوا من فضلكم البهجة والفرحة بين الناس يوم العيد و تجنبوا تنكيد العيد بخطبة العيد الحزينة ، أجّلوا الحزن عن خطبتكم يوماً واحداً فقط حين تحين خطبة الجمعة .

ألا يكفي الناس العذابات التي يلاقونها كل عيد من الكتّاب ” المبدعين ” الذين يكتبون في كل عام وفي عيد مقالاً عنوانه المزمن هو : عيد بأية حال عدت يا عيد ؟!