طهران وواشنطن.. و«قمة الدوحة»

آراء

قرأ متابعو تطورات العلاقات الأميركية- الإيرانية امتداح وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، للضربات العسكرية الإيرانية على «داعش»، بأنه تعبير عن تطور مهم في السياسة الخارجية بين البلدين، وأنه سيكون لذلك تأثير في خرائط العالم العربي، حيث تتمدد إيران في سوريا والعراق واليمن ولبنان والبحرين.

إن ما يقلقنا هو أن تكون تلك التأثيرات سلبية على دول المنطقة، لأن تعنت إيران لا يقتصر على الملف النووي فحسب، بل هو تعنّتٌ يهدف بالأساس إلى البحث عن دور فاعل في الإقليم.

من الصعب أن ينعكس أي تطور في العلاقات الأميركية- الإيرانية إيجابياً على التوازنات في المنطقة، خاصة عندما تستعيد مصر «عافيتها السياسية»، كما يحدث الآن، حيث يراهن العرب على دورها في الحد من التمدد الإيراني.
وبالتالي، فإن القمة الخليجية التي تختتم أعمالها اليوم، ستتطرق إلى تطورات السياسة الأميركية حتى لو أعطت «زخماً سياسياً» لدبلوماسية المفاوضات النووية، أو «أيدت» الدور العماني فيها، فإن ذلك لا يخفي حالة القلق لديها.

لأن تجارب دول الخليج والمجتمع الدولي السابقة مع إيران -حتى في عهد الإصلاحيين- لم تكن تعطي أملاً أو تبشر بالخير، بقدر ما هي مرحلة لالتقاط الأنفاس للعودة إلى سياستها القديمة.

هناك «ليونة» دولية في التعامل مع إيران، ربما كان الهدف منها إيجاد استراتيجية جديدة في المنطقة، وهذا واضح من مساعي الطرفين، لأن هناك اعتقاداً أميركياً بأن حل مشكلات المنطقة في يد إيران، لكن الشيء الذي لم يدركه الغرب أن إيران هي السبب الأكبر في هذه الفوضى، سواء من خلال السياسات التي اتبعتها في العراق، أو من خلال عرقلة أي جهد دولي في حل الأزمة السورية.

وفي واقع الأمر، إن تمديد عمر المفاوضات ليس إلا إطالة في عمر الأزمة النووية الإيرانية، ويرى البعض أنها لن تكون الإطالة الأخيرة.

تصريحات جواد ظريف بأن إيران باتت بعيدة عن الضربات العسكرية، هي مدعاة لزيادة التشدد في مواقفها، بدليل أنه في ظل العقوبات الدولية والتهديد باستخدام القوة، فإن إيران استطاعت أن تتسبب في الكثير من المشكلات.

وبالتالي، فإن هذه التصريحات تجسد «الدهاء» السياسي الإيراني القائم على تهدئة الداخل الإيراني الذي يعاني مشكلات اقتصادية عدة، وبالتالي، فإن مثل هذه التصريحات قد تطيل عمر «أمل» الشعب الإيراني في الخروج من حالة الانغلاق الداخلي الذي وضعه النظام على نفسه.

أما الحديث أن إيران تسعى إلى إيجاد الاستقرار في المنطقة، فهو أمر يكاد يكون مستبعداً، بدليل أن السياسات الإيرانية في المنطقة هي من تسببت في وجود التنظيمات الإرهابية، وهي من تتسبب في ارتفاع حالة القلق الأمني والسياسي في المنطقة، من خلال استمرارها في التمسك بالبرنامج النووي الذي ربما تكون أضراره أكبر على الشعب الإيراني!

المهم، أن المشهد العام في دول الخليج العربي يوحي بأن هناك «تفاهمات» سياسية جديدة، وهذه التفاهمات يتم التنسيق فيها مع دول عربية، مثل مصر والمغرب والأردن كي يستعيد الدور العربي مكانه.

وقد بدأت هذه التفاهمات منذ «قمة الرياض» التي دعا إليها الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، لأن الفراغ السياسي في المنطقة وفر مناخاً مناسباً لزيادة التمدد الإيراني وممارسة هواية «الورقة الطائفية»، كما أن حالة «الاختلاف» العربي أسهمت في زيادة أجواء الفوضى، ولذا يتوقع أن تلعب القمة الخليجية دوراً في إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة، ولاسيما أن الثقل السياسي العربي بات متمركزاً في الخليج.

ومن هذا المنطلق، يرجح أن يشير البيان الختامي للقمة الخليجية اليوم، إلى العديد من التطورات في المنطقة منها الرغبة في «فك شيفرة» حالة الشك من تطور التفاهم الأميركي- الإيراني، وقدرة واشنطن في التوفيق بين مصالح حلفائها وبين طموحات إيران الإقليمية.

التسريبات تشير إلى أن ثمة صعوبة في الاتفاق مع إيران بشأن الملف النووي، ومن ثم فليس هناك ما يمنع الاتفاق على ملفات سياسية إقليمية أخرى، ربما تكون على حساب دول المنطقة.

سلوك السياسية الإيرانية يشير إلى دلالات غير مريحة! في المقابل، ليس من عادة الإدارات الأميركية «امتداح» سلوكيات إيران في الإقليم، وبالتالي، فإن القلق الخليجي في هذه الحالة أمر مشروع.

المصدر: الاتحاد
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=82548