مثقفون وسياسيون تونسيون: أمير قطر أكد طبيعة الحكم المتعنت في الدوحة

أخبار

أثارت الكلمة التي ألقاها أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، أمس الأول، خيبة أمل واسعة بين المثقفين والمحللين وإعلاميي تونس، كما الشأن لمثقفي ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي وغيرهم، خاصة أن الخطاب لم يحمل أي جديد بشأن الأزمة التي تسببت بها قطر في المنطقة.

وأوضح مثقفو تونس أنهم كانوا يأملون أن تتضمن الكلمة ما يشير إلى تخلي تنظيم الحمدين عن نهجه المؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة، والذي قاد الدول الداعية لمكافحة الإرهاب إلى مقاطعة قطر، إلا أن تميم واصل في كلمته نهج المراوغة والمكابرة من خلال التستر بمقولات السيادة وحرية التعبير، مشيراً بكل مراوغة إلى أن بلاده لا تدعم الإرهاب، مناقضاً بذلك الأدلة والوثائق والوقائع والإدانات الإقليمية والدولية التي تثبت دعم الدوحة للإرهاب ورعايتها خطاب الحقد والكراهية والتفرقة.

وأكد الكاتب والمحلل سياسي التونسي منذر ثابت، أن خطاب تميم جاء ليؤكد طبيعة الحكم المتعنت في الدوحة، حيث بدأ الخطاب الأول للأمير منذ اندلاع أزمة العلاقات بين قطر والدول الداعية لمكافحة الإرهاب، الإمارات والسعودية ومصر والبحرين، ليؤكد سياسة الهروب إلى الأمام التي تنتهجها قطر. وأوضح: على الرغم من المكابرة الواضحة التي يصر الأمير على التمسك بها ضمن نص خطابه والتي ترجمتها عبارات الرفض لما اعتبره المواضيع السيادية وحرية التعبير، فإنه لم يخفِ قلقه العميق تجاه مجريات الأحداث في الداخل القطري، حيث توجه بالشكر والتثمين للشعب القطري لوحدته وتماسكه خلال الأزمة.

وأضاف أن جزءاً مفصلياً في الخطاب يفضح انزعاج السلطة القطرية من الضغط المسلط عليها من الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب بصدد سياساتها المارقة. ويعبر هذا القلق في خلفيته هشاشة الحكم وإمكانية تهاويه في حال استمرت المقاطعة، حيث تبدو ثقة الأمير في بطانته وركائز حكمه محدودة.

وأشار إلى أن وجه المكابرة في الخطاب تزاوج مع رسائل المناورة الدبلوماسية حيث أكد على إيمان الدوحة بنهج الحوار مهملاً أزمة 2014 التي لم تستوعب الدوحة الدرس منها. وقال: الدوحة ترفض منطق الإملاء، وتتشبث بحرية التعبير في مغالطة واضحة تقصد الخلط المتعمد بين الإعلام و«البروباجندا» المغرضة الموجهة إلى ضرب استقرار الدول وتخريب وحدتها، وواضح من خلال هذا الرد أن الدور السياسي القطري مرتهن بوجود قناة الجزيرة و بدورها المشبوه.

وأضاف: أكد الأمير انخراط بلاده والتزامها بمحاربة الإرهاب، إقرار رفض أن يتركه يتيماً فأردفه بنفيه، حيث أشار إلى أن الدوحة تختلف في تحديد أسبابه… فالدوحة تثابر وفق هذا الاحتراز في إعلان طلاقها مع التنظيمات المتطرفة وتحديداً الإخوان، وهو موضوع جوهري في الخلاف بين الدوحة والعواصم العربية الأربع لهذا التنظيم المصنف ضمن لائحة الإرهاب، وعليه فإن الخطاب موجهاً إلى الداخل أولاً ليترجم تخوفات الأمير من مفاعيل أيام استمرار المقاطعة على حكمه، ولم تكن الرسائل الموجهة إلى المحيط الإقليمي إلا تأكيداً للمراهنة على الدعم التركي والمناورة في إعلان تمسك الحكم في الدوحة بالحوار لحل الأزمة، وهو وضع يرشح الأزمة للاستمرار ويكشف عن فاعلية المقاطعة في دفع قطر إلى مراجعة سياساتها.

من جهته، قال الإعلامي والشاعر حبيب الأسود «تميم حاول التظاهر بالصلابة، بينما كانت ملامحه تخفي الكثير من الاضطراب الداخلي، حيث ظهرت الكلمات خالية من روح الإيمان بمضامينها، وكان واضحاً أن عزمي بشارة هو من أشرف على كتابة الجزء المتعلق بأزمة تنظيم الحمدين مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب في النص، وأن هناك أيادي أخرى تدخلت في تحبير ما يتعلق بالشأن الداخلي، ومن ينظر بعمق إلى كلمة أمير قطر، لابد أن يدرك أنها موجهة إلى ثلاثة أطراف: الداخل القطري لمحاولة نزع فتيل الغضب الشعبي من التصرفات الصبيانية للنظام التي وصلت به إلى عزلة إقليمية بعد قرار مقاطعته من قبل الدول الأربعة، والتحالف الإخواني الإرهابي لمنعه من السقوط في سراديب اليأس بعد انكشاف مصادر تمويله الأساسية وفضح شبكته الإقليمية والدولية المرتبطة أساساً بتنظيم الحمدين في الدوحة وشركائه في تركيا وإيران، إلى جانب بعض القوى الغربية التي يستجدي تميم تعاطفها وكأنه يدعوها إلى ممارسة ضغوط على الدول الأربع لتطبيع العلاقات مع نظامه، وهو لا يدري أن حل الأزمة لا يمر عبر واشنطن أو لندن أو باريس أو برلين، وإنما عبر الرياض، من خلال تنفيذ الشروط وتطبيق التوصيات والإيفاء بجميع التعهدات.

وقال: كما حملت كلمة أمير قطر إصراراً مترهلاً على الاستمرار في سياساته التي وصلت به إلى هذا الوضع، وترهل الإصرار يشير بلا ما لا يدع مجالاً للشك إلى شعور داخلي بالهزيمة، حاول أن يغطيها بكلمات تحمل تحليلاً سيكولوجيا لوضعية الضعف التي يعاني منها تنظيم الحمدين، يستطيع أي مراقب أن يقرأ حيثياته بيسر، فالتظاهر بالقوة يدل على ارتجاجات في الموقف وانهيار للموقف، كما أن الإصرار على الخطأ يؤكد أن تميم يخاطب حلفاءه من الإرهابيين بلغة من يحاول أن يبث فيهم أملاً بأن المؤامرة لم تنتهِ، وأن مخططات الإرهاب لا تزال متواصلة، وبالتالي فالمطلوب منهم الاستمرار على الاتفاقيات السابقة ذاتها بينه وبينهم.

وأضاف الأسود: «كما أن تميم سعى من خلال كلمته إلى الادعاء بأن وضعه الداخلي متماسك اعتماداً على المقيمين أكثر من المواطنين، وهو أمر معتاد في نظام يستقوي بالغرباء على أبناء الوطن، ويعتمد على كل ما هو مستورد من الفكر والتخطيط والفتوى وأبواق الإعلام والأمن والاستخبارات وغيرها، حتى أنه جعل من بلاده مجرد ساحة للقوى الأجنبية، ومن غرفة للعمليات المعادية لشعوب المنطقة الخليجية والعربية».

أما رئيس تحرير قسم الأخبار بقناة «الجنوبية» التلفزيونية التونسية علي الخميلي، فأوضح أن «ارتباك تميم كان جلياً وواضحاً في خطابه الهزيل جداً»، مضيفاً أن كلمة تميم كانت إنشائية وركيكة التراكيب وضعيفة. وقال إن خطاب أمير قطر يحتوي أيضاً على تناقضات صارخة، وتضليلي، استهدف خداع الرأي العام، ومارس فيه الابتزاز الوجداني مع شعبه وعدم احترام عقليته، وهو ما يترجم أن الشعب القطري بدأ يفقد صبره من سياسات حكومته.

من جهته، قال الإعلامي التونسي عز الدين الزبيدي: «ملخص كلمة تميم هو تصعيد للأزمة ومحاولة لاستمالة الغرب»، مؤكداً أنه «خطاب يعمق الأزمة ويطيل أمدها، ويزيد في تعكير المسألة وتعقيدها»، مضيفاً أنه كان يتضمن أيضاً رسائل لعواصم الدول الأربع تحتوي على الهمز واللمز دون أي رغبة في التوصل إلى الحل، ومؤكداً أنه جاء ليعمق المشكلة.

من جهته، قال الأستاذ الجامعي والناشط السياسي عبد القادر حمدوني «الخطاب كان مرتبكاً وضعيفاً وهزيلاً ومتردداً حاول فيه أمير قطر أن يتعملق في حجم قزم صغير، باعتباره ظهر عاجزاً عن الإقناع، وربما لم يعرف حتى ما كتبوه له لقراءته على الرغم أن الخطاب كان مسجلاً». وأكد أن العاطفة الخطابية، لا تمحو الحقائق الدامغة، وكان عليه أن يصمت أفضل من إلقاء تلك الكلمة التعيسة لحفظ ماء وجه قطر، مضيفاً أنه فعل بنفسه ما لم يفعله العدو بعدوه، ليؤكد أن الشيء مع ذلك من مأتاه لا يستغرب.

المصدر: الاتحاد