محمد العصيمي
محمد العصيمي
كاتب سعودي

وجع أسعار الأضاحي

آراء

الذي أعرفه أن الأضحية سنة يقوم بها من لديه قدرة مادية تمكنه من مقابلة هذه الأسعار الجنونية التي تبدأ، هذه السنة، من ألفين ولا تتوقف عند ثلاثة آلاف ريال. ولذلك لا داعي لهذا الحزن الذي أبدته، عبر إيميلي، إحدى النساء غير القادرات لأنها لا تستطيع توفير قيمة أضحية لوالدتها الغالية، رحمها الله، كما تعودت في السنوات الفائتة. وما دمتِ يا سيدتي ضحيتِ فيما سبق من سنوات فمن باب أولى أن ترضي من غنيمة الأضحية بما فات مع أمل أن يزول تضخم أسعار الأضاحي في السنوات المقبلة فتتمكني من العودة إلى سابق عادتك في كل عيد.

ولعل هذه مناسبة لأؤكد على ما ألاحظه عند بعض الناس من تحويلهم لا شعوريا بعض السنن إلى فروض واجبة. وهذا في الحقيقة ضد يسر الدين وتوسيعه على الناس حيث ربطت كثير من العبادات بالاستطاعة.. وحتى الحج، وهو فرض على كل مسلم ومسلمة، إذا لم تستطع إليه سبيلا فإنه لا يعود فرضا.

لذلك فإن ما يصيب الناس من (ارتفاع) أسعار الأضاحي لا مبرر له، إذ لن يصيبك ذنب إذا لم تضح حتى لو كنت مستطيعا فما بالك بغير المستطيع. وهنا تأتي مهمة الدعاة والوعاظ الذين لا بد أن يركزوا في هذه الأيام على توعية الناس بمعنى الأضحية وأحكامها لكي لا يرهقوا أنفسهم ويقتطعوا من أرزاق عيالهم الشحيحة لذبح خروف بسعر قطعة ذهب معتبرة. وعلى الناس أنفسهم أن يكفوا عن تحويل السنن إلى فروض يتصرفون إزاءها بما يحول أحيانا بينهم وبين احتياجاتهم الحقيقية.

لو أن لديك مالا قليلا تجهز به ابنك أو ابنتك للمدرسة أو تسد به ربع إيجار بيتك أو تصلح به سيارتك فبإمكانك ألا تصرفه على أضحية منحك الله رخصة الاستغناء عن ذبحها. وهذا يعني أنه مطلوب منك التمييز والتعقل في كل تصرفاتك حتى التعبدية منها دون أن تقع بما يقع فيه كثيرون باعتبار أنهم لابد أن يفعلوا ما يفعله الآخرون حتى لو لم يكونوا على قدر هؤلاء الآخرين ماليا.

وهذا هو ردي على من اشتكت إلي همها وحزنها لأنها لا تستطيع أن تضحي لغلاء الأسعار. تقبل الله طاعاتكم ومتعكم بعيد مبارك لا هم فيه ولا حزن.

المصدر: صحيفة عكاظ