سامي إحسان.. الموسيقار الذي أبدع الألحان وصنع النجوم

أخبار

توفي فجر أمس السبت الموسيقار السعودي سامي إحسان عن عمر يناهز 75 عاماً إثر نوبة قلبية مفاجئة داهمته أثناء نومه في منزله. وتمت الصلاة على جثمانه بعد صلاة عصر أمس في مسجد الفيصلية بجدة. ويعتبر الفنان الراحل من أعمدة الأغنية السعودية وقام بتلحين الكثير من الأغاني الناجحة منها أغنية “مرت” للراحل طلال مداح وأغنية “انت محبوبي” للفنان محمد عبده إلى جانب اكتشافه للمواهب الشابة مثل عباس إبراهيم وتعاونه مع نجوم الأغنية العربية مثل وردة الجزائرية وأصالة ورجاء بلمليح.

لم يكن الموسيقار سامي إحسان ملحناً متميزاً فحسب بل كان أحد الأركان المهمة التي ساهمت في تأسيس المناخ الفني السعودي وتهيئة المجال لبروز الكثير من المواهب الغنائية السعودية، حيث تجاوز دوره الجانب الإبداعي إلى الجانب الإداري و”اللوجستي” وبفضله وجد الكثير من الفنانين السعوديين الفرصة للإعلان عن مواهبهم أمام الجمهور. وبمراجعة سيرة الموسيقار الراحل سيتضح حجم الأثر الذي تركه في تاريخ الأغنية السعودية بإخلاصه ونشاطه ودعمه لكل مشتغل في الوسط الغنائي منذ أكثر من أربعين عاماً.

بدأت سيرة فنانا الراحل في العام 1942 عندما ولد في مكة المكرمة ليكتشف فيها ولعه الأول بالفن والموسيقى والذي سيتطور عند انتقاله للسكن في مدينة جدة بعد إتمامه للمرحلة المتوسطة. وفي جدة بدأ اهتمامه الفني يأخذ منحى جاداً وبدأ بالتواصل مع المعاهد الموسيقية العربية ليأخذ منها أصول الموسيقى ومن أبرزها المعهد العربي للموسيقى في دمشق الذي التحق به عندما كان موظفاً في السفارة السعودية في سوريا خلال الفترة 1962 إلى 1964 وتعلم هناك على يد أساتذة القانون وأتقن أصول النوتة الموسيقية.

وعندما عاد إلى مدينة جدة تعلم العزف على الكمان حتى أتقنه، ثم توجّه للعمل في وزارة الإعلام وفيها بدأ الموسيقار الكبير مسيرته الموسيقية الحقيقية حيث التحق بإذاعة جدة كمهندس صوت قبل أن يستلم إدارة قسم الموسيقى إلى جانب قيادته لفرقتها الموسيقية. وقام في تلك الفترة من منتصف الستينيات الميلادية بتأسيس قسمٍ للموسيقى في جمعية الثقافة والفنون وكان القسم نشطاً وقدم دروساً أكاديمية في الآلات الموسيقية مثل الكمان والأورغ والتشيللو. وبفضل هذه الدروس تخرّج جيل من الملحنين السعوديين المبدعين على رأسهم طلال باغر ومحمد المغيص.

كما كان يعد ويقدم برنامجاً تلفزيونياً بعنوان “مسرح التلفزيون” ومن خلاله انطلق العديد من نجوم الأغنية المعروفين، ومنهم عبادي الجوهر وعلي عبدالكريم ومحمد عمر وأيضاً عبدالمجيد عبدالله الذي يعتبر سامي إحسان هو المكتشف الحقيقي لموهبته حين قدم له لحن أغنية “سيد أهلي” من كلمات إبراهيم خفاجي فكانت سبباً في شهرته.

وإلى جانب دوره التأسيسي الهام في تاريخ الأغنية السعودية، كان لسامي إحسان ألحان بديعة قدمها لنجوم الأغنية في العالم العربي. وكانت بدايته مع لحن قدمه للفنانة التونسية زهيرة سالم من كلمات سعيد الهندي. ثم تبع ذلك بتعاونات مهمة مع الكبيرين طلال مداح ومحمد عبده حيث قدم للأول أغنيته الشهيرة “مرت” وأغنية “خذيت القلم” فيما قدم لفنان العرب عدداً من الألحان من بينها “مالي ومال الناس” و”أنت محبوبي”. كما لحن عدداً من أغنيات مسلسل “بحر الأماني” من بطولة محمد عبده ومسلسل “الأصيل” من بطولة طلال مداح واللذين تم تصويرهما في نهاية ستينيات القرن الماضي.

“كان سبباً في ظهور عبدالمجيد عبدالله وعباس إبراهيم”

كما لحن لعلي عبدالكريم أغنية “ليه ليه يا بو الخال” وأغنية “ما سألته”، ولمحمد عمر أغنية “منصور راح الليل”, ولعبدالمجيد عبدالله “شمس الهوى” و”كيف أشكر الظروف”، إلى جانب تلحينه لأغنية “موكب الصبر” للفنانة الكبيرة وردة الجزائرية عام 1986، كما تعاون مع مجموعة من كبار النجوم العرب مثل ﻛﺎرم ﻣﺤﻤﻮد، نجاة الصغيرة، ﻣﺤﻤﺪ ﺛﺮوت، ﻋﻤﺎد عبدالحليم، ﻋﻔﺎف راﺿﻲ، ﻧﺠﺎح ﺳﻼم، هاني شاكر، ورجاء بلمليح وأصالة.

وخلال مسيرته الحافلة تعاون مع أهم الشعراء من أمثال الأمير خالد الفيصل والأمير محمد عبدالله الفيصل والأمير بدر بن عبد المحسن وإبراهيم خفاجي وغيرهم.

ورغم أن عدد أعماله تجاوز ال 700 لحن إلا أن دوره الأكبر كان في دفع الحركة الفنية السعودية قدماً للأمام عبر تأسيسه لقسم الموسيقى وتقديمه لبرنامج “مسرح التلفزيون” ودعمه واكتشافه للكثير من المواهب الشابة التي أثرت الساحة الغنائية السعودية وكان من آخرهم الفنان عباس إبراهيم الذي اكتشفه سامي إحسان وأشرف بالكامل على ألبومه الأول “ناديت”.

هذا بالإضافة إلى مساندته لزملائه وتوجيه النصائح التي تطور من أدواتهم وفي ذلك يذكر الفنان عمر العطاس رئيس فرقة “أبو سراج” الشهيرة بأن للموسيقار الراحل فضلاً كبيراً على الفرقة وكان سبباً في انتشارها الكبير حيث كان هو من قادهم إلى شركة روتانا منتصف الثمانينيات ليقدموا من خلالها أول ألبوماتهم في رحلة استمرت حتى عام 1991 أثمرت عن ستة ألبومات ناجحة.

من هذا كله يتضح حجم الدور المؤثر الذي لعبه الموسيقار الراحل سامي إحسان في تاريخ الأغنية السعودية فبفضل دعمه برزت الأسماء الغنائية الشابة التي حملت لواء الأغنية السعودية من سبعينيات القرن الماضي وحتى اليوم.

الموسيقار الراحل متوسطاً عبدالمجيد عبدالله وخالد حريري وحسن إسكندراني

مع فنان العرب محمد عبده

سامي إحسان رحمه الله

مع الفنانة أصالة في أحد استوديوهات دمشق

صورة تجمعه بابنه الفنان محمد

المصدر: صحيفة الرياض