وليد آل إبراهيم: سقف الجرأة في «إم بي سي» مرتفع بتوجيهات خادم الحرمين

أخبار

دبي: عادل الطريفي
* محمد بن راشد أعادنا إلى قلب العالم العربي ووفّر لنا ولغيرنا في دبي ما كنا نحلم به أصلاً عند توجهنا إلى لندن.. وأكثر

* محمد بن زايد آل نهيان ومحمد بن نايف بن عبد العزيز.. أبرز عنوان لمكافحة التطرّف والإرهاب في المنطقة

* لبّى رئيس مجلس إدارة {مجموعة MBC} الشيخ وليد بن إبراهيم آل إبراهيم، دعوة «الشرق الأوسط» لإجراء جلسة حوارية شاملة هي الأولى من نوعها منذ فترة طويلة.

وقد استفاض آل ابراهيم في إجاباته عن الأسئلة، التي تطرقت لمختلف الملفات والهواجس المتعلقة بـ «مجموعة MBC»، ومستقبل الإعلام العربي وغيرها من القضايا.

الشيخ وليد ليس فقط رئيس مجلس إدارة مجموعة إعلامية ناجحة، بل هو أحد أبرز صنّاع الإعلام العربي الحديث. وعلى الرغم من مشواره الإعلامي الطويل الذي بدأ بإطلاق «MBC1» عام 1991 من لندن، كأول فضائية عربية خاصة، فهو قليل الظهور في عالم هو أحد أبرز الفاعلين فيه. يقول الشيخ وليد: «لطالما آمنتُ بالأفعال لا بالأقوال، ودوري خلف الكاميرات وليس أمامها».

أكد آل ابراهيم في حواره الخاص مع «الشرق الأوسط» أن سقف الجرأة في {مجموعة MBC} مرتفع بتوجيهات خادم الحرميْن الشريفيْن الملك عبد الله بن عبد العزيز، ودعوته لوضع مصلحة المملكة فوق كل اعتبار، وتلبية طموحات المواطن السعودي، والوقوف عند حاجات الشباب، في إطار من الشفافية وتحسين الأداء.

كما حرص الشيخ وليد على التأكيد أن «الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، هو أيضاً أكثر الحريصين على مصلحة المواطن السعودي، وهو السد المنيع في المملكة، وأول الداعمين للإعلام الحديث».

ولأن إمارة دبي، التي انتقلت إليها «مجموعة «MBC عام 2002، ومنها أثبتت ريادتها عربيا، هي «الأكثر تنافسية والأفضل لجهة البنية التحتية والفوقية، ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم بأسره»، فقد حرص الشيخ وليد آل إبراهيم على إرجاع الفضل لأهله، فقال إن «الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم شعلة، كلّما اقتربت منها اقتديْت بنورها ولمست دفئها.. أعادنا إلى قلب العالم العربي ووفّر لنا ولغيرنا في دبي ما كنا نحلم به أصلاً عند توجهنا إلى لندن، وأكثر».

وفي ما يلي نص الحوار كاملاً:

* أكثر من عشرين عاماً من صناعة الإعلام العربي بين لندن ودبي. ومع ذلك، تبدو إطلالاتكم عبر وسائل الإعلام، أقل من نادرة. هل تخشون مواجهة الإعلام وأنتم تقودون أكبر أمبراطورياته، أم هي استراتيجية عمل؟

– لا أخاف من الإعلام بل أخاف عليه! كما أنني طالما آمنتُ بالأفعال لا بالأقوال، وبأن دوري هو خلف الكاميرات وليس أمامها. أثق بقدرات جيل الشباب على تحقيق الإنجازات وصنع الريادة، لذا أحرص على توفير إطار يحفّزه على أفضل الأداء. أفتخر حينما أشهد ولادة وسيلة إعلامية واعدة، وأشاهد وجهاً شاباً على إحدى شاشاتنا.

* قلتم إنكم تخافون على الإعلام وليس منه، ما الذي تخافونه تحديداً؟ وكيف تواجهون ذلك؟

– ما أخشاه على الإعلام يتمثّل في الذهنيات القديمة والنظرة الضيّقة إلى المنافسة، خصوصاً عندما تكون غير شريفة وتتّبع أساليب ملتوية، كما هو حاصل اليوم مع عدد من الوسائل الإعلامية التي تأخذ الإعلام في اتجاهات خاطئة، فتغلب لغة الشتيمة والمبالغة والضغط على لغة الوقار والمهنية واقتصاد السوق. كما أخشى على الإعلام من تقييد الحريات وجنوحه نحو التطرّف في وجه الاعتدال، ومن الإرهاب الفكري والجسدي الذي يهدّد الإعلاميين في مناطق النزاعات، وكذلك من تمادي القرصنة وسرقة المحتوى. في كل الأحوال، هدفي الاستمرار في العمل على توسيع السوق الإعلامية العربية، لتحظى بميزانيات تتيح لها المنافسة والتفوّق في منطقتنا وخارجها. وهذا لا يتم إلا عبر توسيع حجم السوق الإعلانية، وبناء اقتصاديات المعرفة، وتعزيز ثقافة العمل والإنتاج.

* لدى«مجموعة MBC» برامج تتعلق بالإرهاب ومكافحته. ما هو دور وسائل الإعلام في هذا الصدد وتعاطيها مع الإرهاب؟

– الإرهاب لا وطن له ولا دين! كما أن الإرهاب هو إجرام موصوف، عابر للقارات، لا يستثني أحداً. عملياً، هناك 3 مدارس إعلامية في مسألة التعامل مع آفة الإرهاب:

– متعاطفة، تمنح الإرهابيين مساهمات إعلامية مجانية وأرضية خصبة للبروز، كما تروّج لأفكارهم وأيديولوجياتهم وأفعالهم ووجوههم.

– حيادية، تقتضي التعامل مع الخبر فقط، بعيداً عن الترويج للإرهاب والإرهابيين وجرائمهم، من دون السعي إلى المواجهة.

– مواجِهة، تسلك درب المواجهة الفعلية والعملية للإرهاب، عبر محتوى إعلامي هادف، يُسمّي الأمور بأسمائها، ويفضح الارتكاب، من دون خوف أو تردّد، فيُبقي الرأي العام على بيّنة من الأمور، وذلك باسم الحفاظ على السلم والاستقرار والأمن والمصلحة الوطنية. وهذه هي الطريق التي اعتمدناها مبكراً في «مجموعة MBC» وقناة «العربية». صحيح إنها طريق شاقة، لكنها الأصح والأسلم.

طبعاً، تعود الأهمية الكبرى في مجال مكافحة الإرهاب إلى التنشئة والتوعية والجهد الميداني والعمل الأمني، التي تتكامل كلّها مع الدور الإعلامي. من هنا، أعتز بإنجازات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، اللذيْن أعتبرهما شخصياً أبرز عنوان – وبامتياز – لمكافحة التطرّف والإرهاب في منطقتنا.

* ما الذي أضافه وجود «مجموعة MBC» في دبي إلى تجربتها الريادية التي بدأتها في لندن؟

– دعني أسأل وأتساءل معك: لماذا لندن في الأساس، وليس أي عاصمة أو مدينة عربية؟! في الواقع، ذهبنا آنذاك إلى لندن بحثاً عن الاستقرار والأمن والأمان، والحريات العامة والخاصة، والذهنية المتطوّرة، والمهنية والإبداع، والمبادرة الفردية وريادة الأعمال… لكن، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أعادنا إلى قلب العالم العربي، ووفّر لنا ولغيرنا في دبي، ما كنا نحلم به أصلاً عند توجهنا إلى لندن، وأكثر! هكذا، وفي العام 2001، انتقلت «مجموعة MBC» إلى دبي، وأحدث ذلك الانتقال نقلة نوعية، على كافة الصعد والمستويات. لقد قلتُ وأُردّد أن الشيخ محمد بن راشد هو شعلة… كلّما اقتربت منها، اقتديْت بنورها، ولمست دفأها. لا شك في أن وجودنا في دبي، كان له الأثر الأهم، كون هذه المدينة الحالمة والشامخة هي قاطرة النجاحات المتلاحقة على مدى السنوات الماضية، وذلك بفضل العين الساهرة للقيادة الإماراتية، والعقل المستنير والرؤية الثاقبة للشيخ محمد، والتسهيلات المتوفرة في الإمارة، والذهنية المنفتحة… فضلاً عن القدرة التنافسية العالية، والكلفة التشغيلية الأقل مقارنة مع تلك التي تترتّب على أي مجموعة إعلامية في بريطانيا أو سواها من الدول في أوروبا أو العالم. بصراحة، ما يلفتني في دبي هو ذلك التواضع مقابل هذا الكم من الإنجازات؛ فكلّما كبر الإنجاز، تواضع باني دبي.

* حققت «مجموعة MBC» توسعاً منذ انطلاقتها إلى الآن، وتحوّلت اليوم إلى مؤسسة إعلامية بمنصّات متعدّدة. هل أنتم راضون عمّا تحقّق خلال السنوات الثلاث والعشرين الماضية؟ كيف تنظرون إلى ذلك وإلى ماذا تتطلعون؟

– أنا راضٍ نسبياً عن أداء المجموعة، لكن طموحي أبعد بكثيرٍ مما وصلنا إليه. أعيش هاجس اللا رضى عن النفس، وهذا ما يدفعني إلى العمل الدؤوب، وتوقُّع المزيد من فريق العمل، سعياً إلى تحقيق الطموحات والأحلام.

* ما هو أكبر تحد ترونه لـ MBC اليوم وللمرحلة المقبلة؟

– الاستمرار في التقدّم والتفوّق وإعادة إنتاج أنفسنا كلما اقتضت الحاجة! والأهم، ألاّ نصل يوماً إلى مرحلة الرضى التام عن النفس، فنقع في فخ الغرور والتراجُع، لا سمح الله. أما بالنسبة إلى مسألة استشراف المستقبل في قطاع حيوي ومتغيّر كالإعلام والترفيه، فـأنا أرى أن «ثورة المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا(ICT)» حملت سابقاً، وتحمل في طيّاتها اليوم وغداً مزيجاً من الفرص والتحدّيات، أبرزها بالنسبة لنا:

– أهمية استكمال عملية الاستثمار في المحتوى الإعلامي المحلّي، النوعي والعالي الجودة والمنتمي إلى بيئتنا وثقافتنا، مع التركيز، أكثر فأكثر، على مسألة «الجمهور – المستهدَف» (Sharp Targeting) ، وكذلك على إمكان توفير المحتوى حسب الطلب ووفق الحاجة والرغبة (Content Customization, On-Demand)، في كل مكان وزمان.

– ضرورة استشراف المتغيّرات التكنولوجية التي تنعكس بطريقة أو بأُخرى على سبل وأنماط وأوقات استهلاك المحتوى الإعلامي من قبل الجمهور، خصوصاً لدى الشباب. صحيح أن التلفزيون يبقى المصدر الرئيس للمعلومات والترفيه، لكن علينا أيضاً توفير المحتوى الإعلامي بطريقة مدمَجة، متعدّدة الشاشات والمنصّات. كما أن اعتماد أحدث التقنيات يهدُف إلى التواصل والتفاعل أكثر فأكثر مع الجمهور.

– حتمية التنبّه إلى الفرص الجديدة المتاحة لبث المحتوى وتوزيعه، محلياً وإقليمياً وعالمياً، خصوصاً تلك التي تتخطى الوسائل التقليدية المعروفة عبر الأقمار الصناعية والكابلات، التي يُمكن أن تشبكنا بأوسع شريحة ممكنة من المستخدِمين وبقدرة فائقة، في القارات الخمس، وتخوّلنا بالتالي الاستفادة من الآفاق الرحبة لـ«العالم الرقمي».

في كل الأحوال، يبقى الإنسان محور التطوّر التكنولوجي وغايته، وكذلك حجر الأساس في التقدّم الإعلامي، حاضراً ومستقبلاً.

* بصراحة، من هي أكثر مجموعة إعلامية أو قناة تلفزيونية منافسة لكم؟

– هي المجموعة الإعلامية التي نجحت وتنجح في إنشاء «المنتَج الأساس» وتؤمِّن له الاستدامة… تماماً مثلما نجحنا نحن في إطلاق القناة الأم MBC1… ثم كرّت السُبحة! طبعاً، لدينا بعض المنافسين في عدد من الدول، في مصر وشمال أفريقيا وغيرها. كما لدينا منافسون آخرون في بعض مجالات وأنواع المحتوى (genre)، مثل الأخبار والرياضة. لكن، حتى في مجال الأخبار، تفوّقت «العربية» على أقرب المنافسين، لجهة المصداقية والأخبار العاجلة والاقتصادية… وكذلك نسب المشاهدة، وثقة المعلنين وعالم المال والأعمال، والمتابعة على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. في كل الأحوال، نحن نأخذ في عين الاعتبار أداء القنوات الأساسية، كأول 50 قناة من أصل ما يقارب 1000 فضائية عربية. كما نتابع عن كثب التقنيات الحديثة في عالم البث والاتصالات والتواصل الاجتماعي والتكنولوجيا وشركات الاتصالات ومزوّدي الخدمات ومنتِجي المحتوى… وكل قطاع مرتبط بالتلفزيون والإعلام.

* لديكم حضور كبير في السوق السعودية. فهل تؤثر علاقتكم بالمملكة على نوعية أدائكم؟ وهل تتحكّم علاقات السعودية مع البلدان العربية والغربية في طبيعة الملفات، وشكل التغطيات، والخط التحريري العام لديكم؟

– بحكم وجودنا وتعاملنا مع المتلقِّي وتماهينا مع أحلامه وهواجسه، وشؤونه وشجونه، ننسجم مع بيئتنا. لكن، في بعض الأحيان، اختلف أداؤنا الإعلامي مع الطرح الرسمي لبعض الدول ونهجها الإعلامي. وأفضل مثال على ذلك كان «الربيع العربي»، حيث اعتمدنا استراتيجية عمل خاصة، وخطاً تحريرياً مختلفاً عن بعض تلك الدول التي نُحسَب عليها ونُعتبَر من أكثر المُقرَّبين منها. بطبيعة الحال، نحن نمارس العمل الإعلامي وليس السياسة بمعناها الضيق! تهمُّنا المصلحة الوطنية بدون أدنى شك، ولا نُعبّر عن وجهة نظر حكومية رسمية. في ما يختص بقناة «العربية»، كلي ثقة بالزميل الأستاذ عبد الرحمن الراشد، القادر على إدارة «العربية» و«الحدث» كخلية نحل، وإبقائها عنواناً بارزاً للنجاح.

* في برنامجه «الثامنة»، بدأ الإعلامي السعودي داود الشريان، لافتاً بجرأته، حيث يتطرّق إلى قضايا اجتماعية وسياسية دقيقة. من يُحدِّد سقف الجرأة وخطوطها الحمر في «مجموعة MBC» الإدارة أم التحرير؟

– بأمانة، إن سقف الجرأة مرتفع بتوجيهات من خادم الحرميْن الشريفيْن الملك عبد الله بن عبد العزيز، ودعوته الجميع – بمن فيهم الوزراء وكبار المسؤولين – إلى وضع مصلحة المملكة فوق كل اعتبار، وتلبية طموحات المواطن السعودي، والوقوف عند حاجات الشباب، في إطار من الشفافية وتحسين الأداء. ومن خلال تجربتي، أُضيف بكل ثقة أن الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، هو أيضاً أكثر الحريصين على مصلحة المواطن السعودي، وهو السد المنيع في المملكة، صديق للصحفيين وأول الداعمين للإعلام الحديث. وبحكم معرفتي بالأمير مقرن بن عبد العزيز، ولي ولي العهد، ومتابعتي لمسيرته – وهو الأقرب إلى جيلنا – أجزم بأنه على تماس دائم مع كل ما يأتي بالخير والمنفعة للإنسان في المملكة.

بالعودة إلى السؤال، الممارسة اليومية هي التي ترسم عملياً حدود الجرأة. ويبقى السقف مرتفعاً ما دامت غايته خدمة الوطن والمواطن. في بعض البرامج والمسائل الحساسة، يعود المديرون والقيّمون والمعدّون إلى الإدارة، لطلب المشورة والنصح. أما الزميل الأستاذ عبد الرحمن الراشد، فيتصرّف في «العربية» و«الحدث» بحكم خبرته ودرايته بالأمور وحرصه على المصلحة العامة… كذلك يفعل الزميل داود الشريان في «الثامنة»، ونشرات أخبار «MBC1» و«MBC في أسبوع ». في كل الأحوال، أنا أعتبرهم «أساتذة»، ولا أتدخّل في قراراتهم.

* «العربية» و«الحدث» ترتكزان بشكل كبير على كادر شبابي.. فهل هي ثقة في النفس أم انعكاس لإيمانكم بقدرة الشباب؟

– هي حتماً ثقة بالشباب وانعكاس لإيماني بقدراتهم! لا يمكننا أن نستثني هذا الجيل من الخطط والمشاريع المستقبلية، خصوصاً في المملكة وخارجها… نحن نعوّل كثيراً عليهم في مواكبة عملية التطوّر ومسار التغيير التدريجي، الهادف والهادئ، سعياً إلى التخلُّص من بعض العقليات المتحجّرة ومواجهة التطرّف في المنطقة. بكل أمانة، لا يمكن لاقتصاديات المعرفة أن تقوم بدون جيل الشباب الذي يُشكّل نحو 180 مليوناً في العالم العربي! أما التحدّي الأكبر فيكمُن في إيجاد مبادرات تُمكِّن هؤلاء الشباب من الإبداع أكثر، وتؤمِّن لهم وظائف منتجة، وتمنحهم حيزاً أوسع للابتكار والإبداع… وهو ما نوفرّه في عدد من المبادرات وبرامج المواهب التي تتيح للشباب إثبات الذات والتفوّق ونبذ العنف والتطرّف والتعصُّب… والأهم، إبقاء شمعة الأمل مضاءة.

* أُطلقت «الجزيرة انترناشونال» (أميركا وانترناشونال)، وأنتم أطلقتم قناة «العربية» في مارس (آذار) 2003، وقناة «الحدث» مطلع 2014. هل نشهد يوماً إطلاق مجموعة لـ«العربية انجلش»، قناة إخبارية عالمية تغطّي القارات الخمس؟ وهل تخشون منافسة «الجزيرة انترناشونال» (اميركا وانترناشوال)؟

– إذا أردت أن تتبع أحداً، فلا بُد أن يكون ناجحاً! هل تعتقد أن «الجزيرة الإنجليزية» ناجحة؟! ولماذا يُتوقّع منا الاقتداء بنماذج إعلامية غير ناجحة؟ لم تتمكّن «الجزيرة أميركا» من حجز مكانها لدى المشاهد الأميركي، خصوصاً إذا ما قارنّا تكلفتها وأداءها بنظيراتها في الولايات المتحدة الأميركية، رغم استثماراتها المتنوّعة وشرائها شركة « Current TV » للكابل التابعة لـ«آل غور» بمبالغ طائلة. إن مسألة الدخول في منافسة قنوات إخبارية عالمية تتطلّب إمكانات غير عادية، وأن تعمل بنفس العقلية والمهنية. ولن أتوقف أمام تجربة قنوات رياضية تتعاقد على حقوق بث مباريات وسباقات عالمية بمبالغ خيالية، من دون أن تتمكّن حتى من تحقيق عائدات تجارية تُذكر. إذاً، لا يُمكن أن نُنشئ قنوات لا جدوى اقتصادية لها. ومع ذلك، لا شيء يمنع أن تكون لنا تجربتنا الخاصة في مجال الرياضة، عبر اعتماد المعايير نفسها التي تتميّز بها «مجموعة MBC». بالمناسبة، قناة «الجزيرة» الإخبارية تُنافسنا في المنطقة العربية. لكن «العربية»، بالإضافة إلى تسجيلها أعلى نسب مشاهَدة، ونيلها ثقة المعلِنين وعالم المال والأعمال، أصبحت اليوم الأولى بامتياز، كما حصدت أكثر من 27 مليون متابع ومشترك مسجّل على شبكات التواصل الاجتماعي. صديقي «أبو خالد» الأمير الوليد بن طلال، يقول إن «العربية» قناة «الحُكّام»، بينما «الجزيرة» قناة «الشعوب»، فهل أصبح عدد الحُكّام 27 مليونا؟

* بدأت «MBC مصر» تحتل موقعها على خارطة الفضائيات، واتهمت من قبل بعضهم، بأنها قناة سعودية. كيف واجهتم هذا الاتهام؟ وهل أنتم راضون عن أدائها حتى الآن؟

– «MBC مصر» هي قناة مصرية بامتياز، وهي ابنة البلد، ويديرها كادر بشري مصري، ومحمد عبد المتعال مدير عام القناة لديه الاستقلالية التشغيلية والإدارية والمالية التامة. لا نتدخّل في الشأن الداخلي المصري، وهذه سياستنا العامة، واليوم أصبحت MBC» مصر« هي الرقم 2 بين القنوات المصرية من حيث نسبة المشاهدة. لكننا، تعلّمنا من الشيخ محمد بن راشد، ألاّ نعترف بالرقم 2… بل، أن نتبوأ دوماً المركز الأول!

* نحن الآن في مرحلة الانتخابات الرئاسية المصرية، أين تقف MBC من المرشحيْن المصريين للرئاسة، المشير عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي؟ وكيف تخاطِبون الناخب المصري خلال المعركة الانتخابية؟

– نحن مع استقرار مصر وكل ما يحفظ أمنها ومصلحتها الوطنية، فهي إحدى أكبر الدول العربية وأبرزها ديموغرافياً واقتصادياً. كما أن شعبها خلاّق ويتمتع بقدرات إبداعية. أؤمن بأن استقرار مصر هو من استقرار المنطقة، وأعتبر أن المشير عبد الفتّاح السيسي هو مثال للجرأة والإقدام ومواجهة التطرّف. لكن، علينا انتظار الشعب المصري كي يقول كلمته في الانتخابات الرئاسية. وما سيقرّره الناس نحن معه.. أضف إلى ذلك أن وجودنا في مصر إعلامياً، ليس حديث عهد، ولم يبدأ مع إنشاء «MBC مصر» عام 2012، بل قبل ذلك بكثير؛ وتحديداً عام 1991، حينما أنشأتُ «MBC1». يومها كان أول تعاون لنا مع «ماسبيرو»، حين تعاقدت MBC على شراء محتوى درامي وبرامجي لعرضه، وأطلّت MBC1 يومذاك بوجوه إعلامية مصرية وعربية. ليس سراً أن قنوات مصرية عدّة تطوّرت خلال السنوات الأخيرة، بفضل المحتوى الذي حصلت عليه من MBC، وما أنتجناه.

* أثار انضمام الإعلامي باسم يوسف الى برامج «MBC مصر»، ردود فعل، صاحب ذلك ارتفاع في معدل مشاهدة القناة. ما الذي دفعكم إلى استقطاب باسم يوسف؟

– باسم يوسف شاب مصري مثقّف وطموح، وطبيب قلب، وإعلامي لامع. و«البرنامج» على أهمية مُعدِّه ومقدِّمه يعتمد في نجاحه على فريق العمل المؤلّف من شباب مبدع. إن الجدل الذي أُثير حول «البرنامج» يعود إلى الاحتقان في الشارع المصري، ومن غير المنصف تحميله أكثر مما يحتمل. اليوم، «MBC مصر» هي القناة التي يطل عبرها «البرنامج »، ويُحدّد باسم يوسف وفريقه مضمون الحلقات، ونحن لا نتدخّل فيها.

* لماذا برأيكم أثارت مذكّرة التفاهم الأخيرة بين «هيئة الإذاعة والتلفزيون» المصرية و«مجموعة MBC» كل هذا الجدل؟

– اخترنا دخول مصر إيماناً منا بقدرات هذا البلد العزيز وأهله، على كافة الصعد والمستويات. لا أكشف سرّاً إن قلت إننا دخلنا في مفاوضات مع عدد من الفضائيات المصرية الخاصة، في الآونة الأخيرة، بهدف الاستثمار فيها أو شرائها. لكننا، عدلنا عن الفكرة لأننا اكتشفنا أن لا قيمة مضافة لديهم بالنسبة لنا… وبالتالي، فضّلنا التعاون مع التلفزيون الرسمي (ماسبيرو). فهل كنا جيّدين ومفيدين لمصر حينما كانوا يتفاوضون معنا ويبحثون عن شراكتنا، وأصبحنا فجأة «ضد المصلحة الوطنية»، و«نُضرّ» بالأمن القومي (لا سمح الله)، عندما قرّرنا التعاون مع التلفزيون المصري عوضاً عنهم؟ نحمل جميعا ذكريات طيّبة من ماضي هذا التلفزيون وحاضره، وهو خلافاً لما يُروِّجه بعضهم، لم يخرج من المعادلة، وإن كان هذا «البعض» يعمل باستمرار للوصول إلى هذه الغاية. أعتقد جازماً أن التلفزيون المصري حُرِم قسراً من حصّته في السوق، وتعاوننا المشترك يصب في مصلحة الطرفيْن، ويُسهم تدريجياً في عودة التلفزيون المصري إلى سابق عهده… وبالتالي، «دوزنة» ميزان القوى بين الوسائل الإعلامية المختلفة. اليوم، في حوزة «مجموعة MBC» محتوى إعلامي غني، يتنوّع بين برامج ومسلسلات و«فورمات» محلي وعالمي، يفوق حاجة «MBC مصر» لوحدها. وهذا المحتوى ساهم في وضع الفضائيات المصرية الخاصة – المعترضة اليوم – على سكّة النجاح والمنافسة في السابق، وانتقاله اليوم إلى «ماسبيرو» يُبيّن جانباً من أسباب الهجوم على اتفاقية التعاون المشترك بيننا. أضف إلى ذلك، أن عدداً من الفضائيات المصرية الخاصة، كان قرّر الدخول في تحالف يهدف إلى حماية مصالحه والسيطرة على السوق، ونحن لم نعلّق على ذلك وقتها، ولا التلفزيون المصري اعترض. فلماذا يُعطون لأنفسهم حقوقاً ويمنعونها عن غيرهم؟! ولماذا لا ينتهجون درب المنافسة الشريفة، في سوق إعلامية وإعلانية تكون مفتوحة، ويكون المشاهد المصري فيها الحكم، وإليه الاحتكام؟

* هل صحيح أنكم تملكون حصصاً في أبرز شركات الإحصاءات ومنها «إيبسوس»، مباشرة أو بالواسطة عبر «مجموعة الشويري»؟ وهل تأتيكم الدراسات الإحصائية «معلّبة» و«حسب الطلب»؟

– طبعاً لا! هذا اتّهام باطل وغير منطقي ومضحك! «إيبسوس» هي شركة عالمية مدرجة في البورصة، ولا مصلحة لها بتاتاً في المخاطرة بسمعتها عبر إصدار دراسات إحصائية مفصّلة على قياس مؤسسة أو فرد، في هذه المنطقة أو تلك من العالم. كما أننا لا نملك حصصاً في شركات أبحاث، ولا نية لنا أصلاً في ذلك، لأن ريادتنا لا تحتاج اتباع أساليب ملتوية لإثباتها. قلتها مراراً وأكرّرها، نحن نرحّب بأي إحصاء علمي يصدر عن شركة عالمية، مدرجة في البورصة، ومعترف بها من كبار المعلِنين التلفزيونيين في المنطقة، ومن الوكالات العالمية لشراء وتخطيط الإعلانات، المعروفة باتباع «أفضل الممارسات» المهنية، والخاضعة للتدقيق في عملها.

أما بالنسبة للعلاقة مع «مجموعة الشويري»، فهي شراكة تجارية بكل ما للكلمة من معنى، وأعتبر أن بيار أنطوان الشويري هو خير خلف لخير سلف… ومَن يتعامل مع مجموعته يُدرك احترافها وأسباب نجاحها في السوق الإعلانية. اختبرنا سابقاً العمل مع آخرين، ثم لمسنا الفرق في تعاملنا مع «مجموعة الشويري».

* صفقة شراء Google لخدمة WhatsApp بقيمة 19 مليار دولار، هل سنرى في منطقتنا ذات يوم، عمليات مماثلة للشراء وعمليات دمج ضخمة في قطاع الترفيه والاعلام و«النيوميديا»؟ وفي أي اتجاه تحديدا؟

– في المبدأ، لا شيء مستحيل! لكن، لا أعتقد أن الأرقام المتداولة عالمياً تنطبق على منطقتنا. في أميركا هناك 5 أو 6 شبكات تلفزة وبث وطنية رائدة. أما في العالم العربي، فهناك المئات من القنوات الصغيرة غير القادرة على المنافسة. لذا، لا بد من وجود عمليات دمج أو استحواذ أو إعادة هيكلة، خصوصاً لدى اللاعبين الصغار. فالقطاع لا يحتمل هذا الكم الهائل من القنوات التي لا تحصد أي نسب مشاهدة ولا تحظى بأي حصة من الإعلانات.

أما بالنسبة للقسم الثاني من السؤال، فـ «مجموعة MBC» هي اليوم شركة خاصة، وأحرص شخصياً على أن تتّبع «أفضل الممارسات» العالمية (Best Practices) في أدائها، إدارياً وتشغيلياً وبشرياً وتكنولوجياً. هذه الممارسات تُحقّق المطلوب منها وتضعنا تحت المجهر، كما تجعلنا الأكثر جاذبية لأبرز اللاعبين الإعلاميين في العالم، وكذلك للمستثمرين والمساهمين.

* يتردد في الأوساط الإعلانية أن إطلاق قناة MBC في بلاد الرافديْن بات وشيكا. ما صحة ذلك؟ أم أن الأمر مجرد خطة ضمن مشاريعكم لم يحن وقت تنفيذها بعد؟

– لا شيء يمنع من إطلاق قنوات محلية في عدّة بلدان عربية. فمستقبل الإعلام يمُر عبر إطلاق مثل هذه القنوات، وكذلك عبر تقديم محتوى متميّز وذي جودة عالية HD، من خلال التحميلات Downlaods والتطبيقات الرقمية على الأجهزة الذكية، والفيديو عند الطلب «Video On Demand»، والمواقع الإلكترونية، والمنصّات الإعلامية الموازية، وسواها.

* سمعنا عن شراكات جديدة تقومون بإنشائها في تركيا؟ ما مدى صحة تلك المعلومات؟ وما الهدف منها إن صحت؟

– نعمل على بناء وتأسيس شركات لإنتاج محتوى مشترك مع منتجين أتراك، لأن السوق في تركيا محترفة ومتطوّرة، والقيمة الانتاجية فيها عالية جداً. في موازاة ذلك، نسعى إلى إيجاد البدائل عن الدراما التركية عربياً، شرط أن تأتي بتكلفة مقبولة، وجودة عالية، وقدرة تنافسية، وتُحقِّق نسب المشاهدة.

* ترسمون أهدافكم بدقة لتكفلوا استمرار النجاح تصاعدياً. من يخطط للحفاظ على نجاح امبراطوريتكم؟ أنتم وحدكم؟! مع من؟

– يقال إن الوصول إلى القمة صعب، لكن الأصعب هو الحفاظ على التفوّق والاستمرار في التميّز. أنا شخصياً مع تزاوج الرؤية ما بين القيادة وفريق العمل، وهذا ما نعتمده في «مجموعة MBC». أعتبر نفسي محظوظاً بوجود «عائلة» MBC المؤلّفة من أكثر من 2500 مبدع، كلٌّ في مكانه، ويعمل كخلية نحل على مدار الساعة، ويوفّر قيمة مضافة لرؤيتنا وقراراتنا والتوجيهات. لكن، عندما أقول «عائلة» MBC فأنا لا أعني غياب المساءلة والمحاسبة وثقافة الكفاءة والجدارة والاستحقاق.

* هل تشاهدون التلفزيون؟ وما الذي تفضلون مشاهدته؟

– طبعاً، أشاهد التلفزيون، لكن عندما يتسنّى لي الوقت. أسعى دائماً إلى متابعة العملية الإبداعية في المجموعة برمّتها، والاطلاع على أبرز الأعمال والإنتاجات، قبل عرضها على شاشاتنا. أصبح اليوم التفاعُل (engagement) مع المحتوى الإعلامي، وتَعدُّد المهام (multi-tasking) جزءا لا يتجزأ من عملية المشاهدة التلفزيونية واستهلاك المحتوى الإعلامي.

* يكثر الحديث اليوم عن إنتاج تاريخي ضخم عن حقبة سياسية معيّنة. وقبل ذلك كان لكم انتاج مسلسل «سرايا عابدين»، وقبله «عمر» و«الملك فاروق». وفي الحالتين كانت هناك ردود فعل سياسية واجتماعية مختلفة. لماذا «سرايا عابدين»؟

– «سرايا عابدين» هو أكبر إنتاج درامي عربي على الإطلاق، يفوق بضخامته مسلسل «عمر» من حيث التكلفة. وبفضل دعم الشيخ محمد بن راشد شخصياً، وتعاوننا مع «مدينة دبي للإعلام»، تمكّنا عبر استديوهاتنا الجديدة في «مدينة دبي للاستديوهات»، من الاستفادة من أحدث التقنيات السمعية – البصرية، الفائقة الجودة، لخروج «سرايا عابدين» بطريقة مُبهِرة، وسيشكّل المسلسل «مفاجأة» رمضان المقبل، وهو باكورة أعمال درامية ضخمة. في المحصلة، أتابع شخصياً الأعمال الدرامية عن كثب، ومعها الأفلام الوثائقية الكبرى، خصوصاً تلك التي تحمل طابعاً تاريخياً، وتسعى إلى تخليد ذكرى الرموز وكبار الشخصيات. بالمناسبة، يوم قمنا بتدشين استديوهاتنا في «مدينة دبي للاستديوهات»، خلال صيف 2013، أذكر كيف أن الشيخ حمدان بن محمد بن راشد، تدخّل في أدق التفاصيل الإنتاجية والتقنية، ليؤكّد مرّة جديدة بأنه – وبالإضافة إلى كونه رمزاً للفروسية – هو مُلمّ أيضاً بكافة الأمور وكما يُقال: «هذا الشبل من ذاك الأسد».

* في زمن الإنترنت والـ«نيو ميديا»، هل سيبقى مكان للتلفزيون في المنطقة (وخارجها) مستقبلاً؟

– يبقى التلفزيون مصدر الترفيه الأساس الذي لا غنى عنه، ليس في العالم العربي فحسب، بل في العالم كله! برهنت الأيام خاصة في منطقتنا، أن التلفزيون هو جسر العبور إلى المنتديات وشبكات التواصل الاجتماعي، والقوة الدافعة وراء استهلاك الإعلام، بمختلف منصّاته الثابتة والتفاعلية والمتحرّكة. ما يحدث على شاشة التلفزيون غالباً ما يؤثّر في المحادثات والحوارات على المنتديات وشبكات التواصل الاجتماعي و«New Media» وغيرها… ناهيك عن قدرة الترفيه الفائقة التي يتمتّع بها التلفزيون ويوفّرها للملايين في وقت المشاهدة ذاته.

* إلى متى استنساخ البرامج العالمية بصيغ عربية؟

– أسمع دائماً عن «الاستنساخ» ولا أعرف المقصود به تحديداً! هل أن إنتاج برنامج عالمي في أميركا مثلاً، فكرته الأصلية من هولندا، وتعود ملكيته الفكرية الأساسية إلى شركة عالمية موجودة في القارات الخمس، تسمّيها «استنساخ»؟! وهل أن إنتاج «فورمات» عالمي، في بيروت أو دبي أو القاهرة مثلاً، وفق أعلى المواصفات، وباعتماد أحدث التقنيات السمعية – البصرية والاخراجية، على أيدي خبراء وأهل اختصاص وإبداع عرب، وبمواهب ومتسابقين وأعضاء لجان تحكيم عرب، وبموسيقى عربية، على أرض عربية… هو «استنساخ» أيضاً؟! وكأن العولَمة غير موجودة، أو كأننا لا نعرف كيف نحافظ على هويتنا العربية، مع انفتاحنا على أفضل ما في الشرق والغرب.

* موقع «شاهد.نت» يتقدّم بقوة بين مواقع عرض الأفلام والمسلسلات والبرامج ويكتسح. كيف تخطّطون لتعزيز موقع «شاهد» أكثر في مواجهة التحديات؟ ومنها القرصنة؟ وهل هو netflix العرب؟

– نعمل على تعزيز موقع «شاهد. نت» بالتقنية اللازمة والمحتوى المحلي التنافسي. طبعاً، هناك خطة لإطلاق موقع رديف هو «شاهد بلاس»، كي يُتاح للمشاهد تحميل محتوى أفلام وبرامج ومسلسلات جديدة ورائدة، ومشاهدتها ساعة يشاء وكيفما يشاء، مقابل بدل مادي بسيط. وعلى صعيدٍ موازٍ، أتابع باهتمام شديد عوالم التطبيقات الرقمية، والمحتوى الحصري الرائد، وذلك مع الأخذ في الاعتبار ضرورة اعتماد الإجراءات القانونية والإدارية والتقنية الفعالة لمحاربة قرصنة المحتوى، وحماية حقوق الملكية الفكرية. أما بخصوص إمكان التعاون مع شركاء عالميين من أصحاب الخبرة، فإن كل شيء وارد، لكن ضمن السعي إلى شراكات طويلة الأمد تؤمّن مصلحة كل الأطراف.

* ماذا عمّا يُساق في حق «MBC3» لناحية إساءتها إلى جمهور الأطفال عبر بثّها مشاهد غير لائقة؟ هل تسمح لأولادك بمتابعتها؟

– طبعاً، أسمح لأولادي بمتابعتها بل وأشجّعهم على ذلك! أنا حريص على ما يشاهده الأطفال، بقدر حرصي على ما يشاهده أولادي. لكن، هناك من يروّجون لبعض الشائعات والأخبار المغلوطة والمقاطع المشغولة على نظام «الفوتوشوب»، تحمل شعار MBC3، وللأسف، فإن بعضهم يصنّفون أنفسهم بـ«الدعاة» و«رجال الدين». وفي الواقع، معظم تلك المواد لا تمت للقناة بصلة، وتسوَّق بهدف الإساءة إلى صورتها لدى الجمهور. لدى MBC3 لجان فاحصة، جلّهم من الاختصاصيين والأمّهات، يدّققون في المحتوى ويحرصون على ملاءمته لعاداتنا وتقاليدنا.

* في استكمال لما بدأتم به منذ أول أيام المجموعة في لندن، احتفلتم بداية السنة الحالية بإطلاق «أنت الخير» ضمن برنامج «MBC الأمل»، دعماً للمشاريع الإنسانية والابتكار والإبداع وسواها. ماذا تريدون من هذه المبادرات والبرامج؟

– «MBC الأمل» وحملة «أنت الخير» تأتيان ضمن السياق الإنساني والاجتماعي الذي بدأناه منذ عام 1991، والذي يهدف إلى جمع المساعدات والسعي إلى التخفيف من معاناة أهلنا في العالم العربي. نضع في حساباتنا إطلاق مبادرات وحملات تلفزيونية توعوية واجتماعية، بهدف بلسمة الجراح، من أجل تسخير قدرات الشباب وأفكارهم وتحويلها إلى مبادرات فاعلة. هذه هي رسالة الإعلام السامية التي يجب ألاّ ننساها في خضمّ العمل اليومي والسعي إلى تعزيز مسار النجاح.

* لديكم تجربة من خلال « بلاتينوم» وقناة «وناسة». ثم جاءت خطوتكم الأجرأ في التعاقد مع نجوم الصف الأول في برامجكم، كأعضاء لجان تحكيم. ماذا في جعبتكم هذا العام؟

– في حوزة MBC اليوم مجموعة من البرامج العالمية الرائدة بصيغها العربية على غرار «Arabs Got Talent»، و«The Voice»، و«Arab Idol»، وأخيراً «شكلك مش غريب»… وجميعها برامج تتضمن محتوى موسيقيا وغنائيا، وتتطلّب وجود فنانين كبار في لجان تحكيمها. أما شركة «بلاتينوم ريكوردز» فتُعنى بشكل أساس بمتابعة وإدارة أعمال النجوم الجُدد الذين هم في طور الصعود، وبعضهم خرّيج تلك البرامج العالمية بصيغها العربية. نعتز بالتعاون مع أبرز النجوم العرب في الدراما ولجان التحكيم وتقديم البرامج وغيرها… ونحن على مسافة واحدة منهم جميعاً.

* وسائل التواصل الاجتماعي باتت حاضرة في المشهد السعودي والعربي والعالمي. هل تتابعون «تويتر»؟ وهل سيكون له تأثير على مشاهدة التلفزيون؟

– أنا موجود على «تويتر» وغيره من خلال شبكات التواصل الاجتماعي والمنتديات العائدة للمجموعة، بمنصّاتها الثابتة والتفاعلية والمتحرّكة، والتي وصلت إلى أكثر من 122 مليون مشترك ومتابع مسجَّل في أبريل (نيسان) 2014، ما يُعتبَر رقماً عالياً جداً، إذا ما قارنّاه ليس فقط بمجموعات إعلامية إقليمية أُخرى، بل بمجموعات رائدة على مستوى العالم أيضاً. وهذا إنجاز كبير بالنسبة لنا، في موازاة نسب المشاهدة التلفزيونية القياسية التي نتمتّع بها على امتداد العالم العربي. في الواقع، أرى تكاملاً، لا تنافساً، ما بين الإعلام التقليدي والإعلام الرقمي الحديث «Digital & New Media». كما قلت سابقاً، أعتبر التلفزيون بمثابة قوة دافعة وجسر عبور نحو المنصّات التفاعلية وفي الاتجاهيْن. نلمس ذلك يومياً، خصوصاً من خلال البرامج العالمية الرائدة بصيغها العربية الترفيهية والباحثة عن المواهب، والتي تُحقّق جميعها نسب مشاهدة مرتفعة، بالتزامن مع حركة تفاعُلية متزايدة على وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات والإنترنت.

* هل تدعمون السينما والمحتوى الذي يُنتِجه الشباب السعودي عبر الانترنت، وكيف؟

– طبعاً، حتى وإن غابت السينما عندنا، فلدينا مواهب شابة تُقدّم أفلاماً رائعة وواعدة! ولدى الأخ ناصر القصبي في هذا الإطار تجارب مُبشّرة مع مجموعة من الشباب السعودي. كما قمنا بإنشاء «MBC Ventures» بهدف الاستثمار في المبادرات الفردية، و«ريادة الأعمال» خصوصاً لدى الشباب العربي والسعودي، والشركات الناشئة (start-ups)، وغيرها. هدفنا من «MBC Ventures» ليس الربح المادي، بقدر ما هو البناء على قدرات الشباب ومهاراتهم، وتحفيز الإبداع والابتكار لديهم.
وليد بن إبراهيم آل إبراهيم.. رحلة نجاح وتفوّق

رئيس مجلس إدارة «مجموعة MBC» أبرز صنّاع الإعلام الحديث

* ليس من المبالغة القول، إن اسم الشيخ وليد بن ابراهيم آل ابراهيم، يثير فضول كلّ وأيّ متابع للقطاع الإعلامي، وكذلك الباحثين عن سير المتفوّقين في مجالاتهم، والراغبين في الاطّلاع على رحلات النجاح المتميّزة، وعلى قصص التفوّق المختلفة. يعرفه الناس رئيساً لمجلس إدارة «مجموعة MBC»، وأحد أبرز رجال الأعمال المبدعين وصنّاع الإعلام الحديث. حصد الرجل لقب «فارس الإعلام العربي» عام 2006، واستحق جائزة «الشخصية الأكثر إبداعاً» عام 2007، لمساهماته في تطوير وإنماء القطاع الإعلامي، على مدى مسيرة ناهزت اليوم 23 عاماً.

يُشهد للشيخ وليد آل ابراهيم بأنه الرؤيوي الذي ساهم في تغيير وجه الإعلام العربي. هو دائم الانشغال في إيجاد آفاق جديدة للتوسُّع والتجديد في القطاع الإعلامي، عبر مختلف المنصّات الثابتة والتفاعلية والمتحرّكة، وذلك بهدف الوصول بالإعلام العربي إلى مصاف العالمية.

* خطوة الألف ميل في العام 1991، أطلق الشيخ وليد آل ابراهيم قناة «MBC1» لندن، فكانت أول فضائية عربية خاصة، تُخاطِب العائلة العربية بكافة أفرادها. مثّلت هذه الخطوة نقلة نوعية في مجال البث التلفزيوني الفضائي العربي، وشكّلت إنجازاً بارزاً للرجل على الصعيد المهني، مؤشّرة إلى بداية مرحلة مفصلية في الإعلام العربي. وإذا كانت «MBC» هي أولى خطوات الشيخ وليد آل ابراهيم على طريق الألف ميل، فإن بداية الرحلة الفعلية في الإعلام، كانت من خلال تأسيسه شركة «أرا للإنتاج الفني والتجهيزات التلفزيونية» مطلع الثمانينات من القرن الماضي. وفي العام 1994، افتتح الرجل محطة إذاعية، فكانت «MBC FM» أول إذاعة تجارية تتوجّه ببرامجها إلى المملكة العربية السعودية تحديداً، وتبث الموسيقى والأغاني الخليجية. وبعدها، أنشأ إذاعة«Panorama FM» المتخصّصة ببث أنجح الأغاني العربية.

* دبي: رحلة توسّع وانتشار عام 2002، قرّر الشيخ وليد آل ابراهيم أن ينقل المجموعة من لندن إلى دبي، بمباركة ودعم من حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. ومنذ انتقالها إلى مقرّها الرئيس في «مدينة دبي للإعلام» في دولة الإمارات العربية المتحدة، بدأت مرحلة التوسّع الفعلي، من خلال إطلاق قنوات جديدة ومتخصّصة. ولم يكتف رئيس مجلس إدارة «مجموعة MBC» بهذا الأمر، بل أسّس «O3 للإنتاج والتوزيع الدرامي والسينمائي»، وهي شركة متخصّصة في إنتاج وشراء وتوزيع البرامج والمسلسلات والأفلام السينمائية والوثائقية، لتزويد قنوات المجموعة وغيرها من الفضائيات وشركاء الأعمال بإنتاجاتها الخاصة. أتبعها بإطلاق سلسلة متكاملة من القنوات التلفزيونية المنوّعة، سعياً منه إلى توسيع دائرة الخيارات عند المشاهد العربي.

* من هوليوود إلى بوليوود خلال فترة وجيزة، تقل عن ربع قرن، استطاع الشيخ وليد آل ابراهيم أن يُصبح صاحب أكبر مجموعة إعلامية عربية خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تضمّ 14 قناة تلفزيونية وغيرها من الوسائل الإعلامية. فبعد القناة الأم MBC1 – التي لا يخفي أنها الأقرب إلى قلبه – قرّر مخاطبة جيل الشباب، فأسّس قناتيْن متخصّصتيْن بعرض الأفلام على مدار الساعة، هما MBC2 عام 2002، و MBC MAX، التي ولدت بعدها بست سنوات وتحديداً عام 2008. خلال هذه المرحلة، أطلق أيضاً قناة MBC3 الموجّهة إلى جمهور الأطفال عام 2004. كما سعى إلى مخاطبة المرأة العربية العصرية والعائلة الشابة عام 2005، عبر قناة MBC4، واستمرّت رحلة الألف ميل مع إطلاق قناة MBC Action عام 2007، المتخصّصة بعرض أفلام الحركة والمسلسلات العالمية التشويقية وبرامج المغامرات والسباقات العربية، ثم قناة «وناسة» التي خاطب من خلالها الذوق الغنائي والطربي للمشاهد الخليجي خصوصاً والعربي عموماً. كما شهد العام 2007 إطلاق شركة «بلاتينوم ريكوردز».

لم تتوقّف مشاريع الشيخ وليد آل ابراهيم الإعلامية عند هذا الحد، إذ اتجه أكثر نحو التخصصية في الفضائيات، وأطلق في العام 2010، قناة MBC DRAMA وخصصها لعرض المسلسلات بكافة ألوانها ومصادرها. وبعد سنتيْن، كانت ولادة «MBC مصر»، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2012، على أرض «المحروسة»، لتستهدف العائلة المصرية. وفي العام التالي، أراد مخاطبة جمهور البلدان الآسيوية بقناة أكثر تخصصيّة، فأطلق MBC Bollywood. أما آخر باقة من الفضائيات العالية الجودة HD، التي تهتم بالمنوعات MBC Variety في العام 2013، فهي تُقدِّم اليوم أفلاماً ومسلسلات وبرامج عالمية ناجحة.

* «العربية».. و«الحدث»

* الشيخ وليد آل ابراهيم هو من أوائل رجالات الإعلام الذين أطلقوا قنوات إخبارية. فكانت قناة «العربية»، التي ولدت في 3 مارس (آذار) عام 2003، رافعة شعار «أقرب إلى الحقيقة».. ثم «أن تعرف أكثر». وقد وضعت القناة على عاتقها مواكبة الأحداث في الدول العربية والعالم، بموضوعية وحيادية، عبر الأخبار والأخبار العاجلة والتغطيات الحصرية والمقابلات الخاصة.. إضافة إلى أخبار عالم الاقتصاد والمال والأعمال. كما أطلق أواخر العام 2013، قناة «الحدث» وجعلها نافذة إضافية لقناة العربية، تستهدف المداومين على متابعة الأخبار.

وليد بن ابراهيم آل ابراهيم عنوان لسيرة شاب سعودي مؤمن وطموح، ورمز لمسيرة رجل عربي تخطّى طموحه حدود المنطقة، ودمغت إنجازاته قطاعاً حيوياً يُعدّ من أكثر القطاعات الاقتصادية والمعرفية تغيّراً وتطوراً وإبداعاً.

المصدر: الشرق الأوسط