3 ملايين حاج يقفون على صعيد عرفات اليوم

أخبار

يقف قرابة 3 ملايين من حجاج بيت الله الحرام، نصفهم يمثل 163 جنسية، قدموا من جميع أقطار العالم لأداء الفريضة اليوم، على صعيد عرفات الطاهر، محرمين متمتعين وقارنين ومفردين، اقتداء بسنة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وتحظى تحركات الحجاج بمتابعة القيادة السعودية التي تحرص على راحة وأمن ضيوف الرحمن في أداء نسكهم، كما يتابع الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي رئيس لجنة الحج العليا، والأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، وجميع المسؤولين في الجهات ذات العلاقة بخدمة الحجيج، عملية تنقلات الحجاج داخل المشاعر المقدسة، حيث يمكث الحجاج طوال هذا اليوم في عرفات، حتى موعد عودتهم بعد مغرب هذا اليوم إلى مزدلفة، التي سيبيتون فيها ليلتهم يصلون فيها المغرب والعشاء «جمع تأخير» والصبح، ثم يعودون إلى منى مع إشراقة يوم الـ10 من ذي الحجة (أول أيام عيد الأضحى المبارك).

من جهة أخرى، اكتمل وصول ضيوف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لهذا العام، البالغ عددهم 2400. يمثلون أكثر من 70 دولة بمختلف أنحاء العالم، إلى مكة المكرمة، منهم ألف حاج وحاجة من ذوي شهداء دولة فلسطين، اليوم، يؤدون فريضة الحج هذا العام على نفقة الملك عبد الله ضمن البرنامج الذي تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.

وفي وقت لاحق من مساء أمس، أعلن الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز، أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، نجاح خطط التفويج إلى مشعر منى، وأن الحجاج ينعمون بحج آمن، وأنهم يؤدون شعائرهم بيسر وسهولة، مؤكدا أن تفويج الحجاج يسير وفق الخطط المرسومة، وسط منظومة متكاملة من الخدمات الأمنية والصحية والخدمية.

وكان حجاج بيت الله الحرام بدأوا في التوافد إلى مشعر منى منذ الساعات الأولى ليوم أمس (الخميس) يوم التروية (الثامن من شهر ذي الحجة) زلفا وتقربا لله تعالى، راجين منه القبول والمغفرة، ريثما يجري تصعيدهم في وقت لاحق من صباح هذا اليوم إلى عرفات.

أمنيا، تفقد اللواء عثمان بن ناصر المحرج مدير الأمن العام قوة تنظيم المشاة في المشاعر المقدسة، واطلع على الخطط المعدة في حج هذا العام، والبرامج التي ستُنفذ ضمان انسياب حركة الحجيج، وتفقد أيضا يرافقه مساعده لإدارة وتنظيم المشاة في الطرق الطولية والعرضية والساحات في منطقة الجمرات بمشعر منى، بينما شهدت الطرق المؤدية إلى عرفات انتشار آلاف من رجال المرور بشكل مكثف يساندهم أفراد الأمن على الطرق المؤدية للمشاعر والساحات المحيطة، ولتنظيم حركة سير المركبات والمشاة، تساندهم دوريات أمنية تجوب أرجاء المشعر تمهيدا لتطبيق خطة تصعيد حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر عرفات.

خدميا، تبذل الجهات المعنية بشؤون الحج جهودا كبيرة، في سبيل تقديم أفضل خدماتها لضيوف الرحمن في مشعر عرفات، الذي تتوفر فيه الطرق والمظلات وطرق المشاة وجميع الخدمات الأساسية.

في حين كشف الدكتور جبارة بن عيد الصريصري وزير النقل السعودي عن قيمة المشروعات الجديدة للوزارة في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة لموسم هذا العام، التي بلغت أكثر من مليار ريال، وذلك بعد جولة تفقدية شملت مشروعات الوزارة في منطقة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، واطلع خلالها على بعض الطرق والمواقف في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والطرق المؤدية إليها، والمواقف والمنشآت التي تسهل تنقلات حجاج بيت الله الحرام.

وعرفات ركن الحج الذي لا يكتمل إلا بالوقوف بها، وعرفات المكان الذي سيقف على صعيده الحجاج اليوم، عبارة عن سهل منبسط محاط بقوس من الجبال ووتره وادي عرنة ويقع على الطريق بين مكة والطائف شرقي مكة المكرمة بنحو 22 كيلومترا وعلى بعد 10 كيلومترات من مشعر منى و6 كيلومترات من المزدلفة بمساحة تقدر بـ10.4 كيلومترات مربعة، وليس بعرفة سكان أو عمران إلا أيام الحج غير بعض المنشآت الحكومية.

من الأماكن بمشعر عرفة مسجد نَمرة – بفتح النون وكسر الميم وسكونها – وهو من أهم المعالم في مشعر عرفات وبه يصلي عشرات الآلاف من ضيوف الرحمن صلاتي الظهر والعصر في يوم عرفة جمعا وقصرا اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث خطب فيه عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع.

وبني المسجد في موضع الخطبة وذلك في أول عهد الخلافة العباسية، في منتصف القرن الثاني الهجري، كما مر بتوسعات عدة على مرِّ التاريخ، وبعد اتساعه أصبحت مقدمة المسجد خارج عرفات، ومؤخرة المسجد في عرفات، وهناك لوحات إرشادية تشير إلى ذلك لكي يعرف الحجاج مواقفهم.

وشهد مسجد نمرة أكبر توسعة له في التاريخ في العهد السعودي بتكلفة 237 مليون ريال، وصار طوله من الشرق إلى الغرب 340 مترًا، وعرضه من الشمال إلى الجنوب 240 مترا، ومساحته أكثر من 110 آلاف متر مربع، وتوجد خلف المسجد مساحة مظللة تقدَّر مساحتها بـ8000 متر مربع، ويستوعب المسجد نحو 350 ألف مصل، وله 6 مآذن، ارتفاع كل مئذنة منها 60 مترا، وله 3 قباب، و10 مداخل رئيسة تحتوي على 64 بابًا، وفيه غرفة للإذاعة الخارجية مجهزة لنقل الخطبة وصلاتي الظهر والعصر ليوم عرفة مباشرة بواسطة الأقمار الصناعية.

وعلى صعيد آخر, وفي تكامل فكري وسياسي، ساهم الحج في إذابة الفوارق والانتماءات بين عدد من القادة السياسيين والدبلوماسيين وعلماء الدين الذين جرى اختيارهم ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ليلتقوا جميعهم على هدف واحد وهو أداء فريضة الحج.

وتخلص السياسيون من الإجراءات البروتوكولية المعهودة في تجولهم داخل دولهم وخارجها، وغلبت عليهم المشاعر الإيمانية التي أنستهم تلك الممارسات التي تفرضها عليهم طبيعة العمل السياسي والدبلوماسي، وراح الكثير منهم يصف مشاعره، بين من يزور المشاعر لأول مرة في حياته وآخرين قدموا قبل 30 سنة. وبحسب وصفهم، فإن من رأى الأماكن المقدسة لأول مرة شعر بعظمة الإنجازات والتطور والحضارة الإسلامية، في حين يرى من شاهد هذه الأماكن قبل عشرات السنين أن الأمر مختلف كليا، إذ تفوق الإمكانات والجهود المبذولة الوصف نظرا إلى قدرتهم على المقارنة بين الفترتين.

وقال عدد من السفراء في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن الحضور إلى الحج ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين يعد تجربة فريدة في مضامينها، وخاصة أنها تخرجنا عن العمل التقليدي اليومي المصحوب بمظاهر وبجلسات وأحاديث سياسية صرفة، وهو ما ذهب إليه علي عباس، سفير كينيا لدى دولة الكويت، الذي أشار إلى سعادته بالحضور إلى مكة بصحبة زوجته في أجواء إيمانية وعائلية بسيطة، خالية من متطلبات العمل المعتادة في السلك الدبلوماسي، مشيرا إلى أنه حضر المرة الأولى في عام 2007م حينما كان سفيرا لكينيا لدى إيران ولمس تغيرا كبيرا في مستوى المشاريع والخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.

وتبدو الروحانية والأجواء الإيمانية تطغى على مقر الإقامة الذي يحتضن كثيرا من الدبلوماسيين وعائلاتهم، إذ يلاحظ حرصهم على استغلال أوقاتهم في أداء العبادة من صلاة واستغفار واستعداد ليوم الحج الأكبر في عرفة.. وهنا، يصف عبد الجبار ثابت، النائب العام لرئيس جمهورية أفغانستان (في الحكومة السابقة)، سعادته منذ أن حطت الطائرة في مطار جدة قائلا إنه زار السعودية قبل 27 سنة ويزورها للمرة الثالثة لأداء مناسك الحج، مشيرا إلى أن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين ليس له مثيل في العالم، لتأثيره الكبير في قلوب الشعوب الإسلامية جميعا، مؤكدا أن «الحكومة السعودية لها مواقف عظيمة مع الشعب الأفغاني وما زالت تقف معهم جنبا إلى جنب».

وقال محمد الخضيري رئيس اللجنة الإعلامية لبرنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين، إن عدد الحجاج الذين جرت استضافتهم لهذا العام على نفقة البرنامج 2400 حاج، من بينهم ألف حاج من الفلسطينيين، وقد جرى توفير الخدمات كافة لهم بما يساعدهم على أداء مناسك الحج بكل يسر وسهولة.

وبالعودة إلى حديث ضيوف خادم الحرمين الشريفين، أشار وكيل أحمد، وزيـر الخارجية الأسبق في الحكومة الأفغانية السابقة، إلى أن البرنامج يعد مصدر فخر واعتزاز لكل مسلم ومسلمة لتمكينهم من أداء مناسك الحج. فيما ثمن أمير حسن، من سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى الفلبين، دور السعودية في عملية تحقيق السلام بين جبهة مورو الإسلامية والحكومة الفلبينية وإنجاح مباحثات السلام بينهما حينما كانت عضوا في اللجنة الرباعية ثم في لجنة الثمانية التي جرى تغيير اسمها فيما بعد إلى لجنة السلام التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، مشيدا بالمساهمات السعودية في مساعدة متضرري إعصار هايان بـ10 ملايين دولار، بالإضافة إلى 10 ملايين دولار أخرى، جرى تخصيص 5 ملايين منها لإعادة تعمير وبناء مدينة «زمبونقا» التي تعرضت لحصار عسكري في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويشير هاني البدوي، المستشار القانوني في السويد، إلى أنه منذ 20 سنة يحاول تأدية فريضة الحج، لكن الظروف لم تسمح له إلى أن قرر في هذه السنة المجيء إلى الأراضي المقدسة، ثم تهيأت له الفرصة للقدوم إلى مكة المكرمة عبر برنامج الاستضافة، وقال: «أبلغ من العمر 67 سنة، ولم يسبق لي الحج قبل هذا، وكنت أحمل خوفا من تعرضي للانتظار في المطار أو الازدحام الشديد في الحرم، لكن كل المخاوف تبددت بعد وصولي إلى الأراضي المقدسة ورؤية الخدمات المقدمة».

وأشاد البدوي بدور السعودية تجاه العالم الإسلامي، حيث إنها تستضيف على أراضيها أعدادا من مسلمي بورما وغيرهم وأعطتهم الأمان، بعدما شردوا من ديارهم وتعرضوا لحملات شرسة من قبل النظام العسكري في بورما.

وأضاف أن «الدور الريادي والقيادي للسعودية في العالم الإسلامي لا يمكن الاستغناء عنه»، مشيرا إلى أن استقرارها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا هو استقرار للعالم الإسلامي، مضيفا أن «السعودية مستهدَفة لتصديها للفكر الهدام والتكفيري، ولأنها دولة الإسلام وحامية المسلمين، وتقويضها يعني تقويض الإسلام في النهاية».

منى: «بعثة الشرق الأوسط»