آراء

مواطن «فوق العادة»!

السبت ٠٥ مايو ٢٠١٢

مع المواطن في دولنا الحق في المطالبة بتنمية اقتصادية وخدمات وتسهيلات ومشاركة في صنع القرار. معه الحق في طرح الأسئلة الملحة والمحرجة في أسباب الفساد وغياب الشفافية وهيمنة البيروقراطية، إلى آخر القائمة. في المقابل، هل يسأل المواطن الكريم في بلداننا نفسه عن دوره في إصلاح أحواله؟ أقابل كثيراً أناس يظنون أن المواطنة بمثابة «المصباح السحري» الذي يحقق كل الأحلام والأماني وأنت جالس أمام التلفزيون أو في مقهى «أرجيلة» على قارعة الرصيف. بعضنا يختزل التنمية بمعانيها الاقتصادية والاجتماعية الضخمة في القدرة المالية على استقدام مزيد من العمالة المنزلية وشراء أحدث الموديلات من الحقائب والسيارات والساعات. لا تفهمني خطأ. من حق الناس أن تفكر في تحسين طريقة حياتها وفي السفر والترفيه والرفاهية. لكننا معنيون بمواجهة حقائق القصور في فهمنا لمعاني المواطنة وما يترتب عليها من مسؤوليات والتزامات. عندي أن من «الوطنية» أن يعمل الفرد -مهما زادت ثروته أو علت مناصبه- على تطوير ذاته بالقراءة والتدريب وفهم آخر المنجزات. ومن الوطنية أن نسأل…

مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

فلسفةُ الخلود في ملحمة جلجامش

الخميس ٠٣ مايو ٢٠١٢

من الأمور الحسنة في تاريخ بلاد الرافدين أنها حُكمت ذات زمن من قبل ملك آشوري مثقف هو آشوربانيبال (669 - 627 ق.م) ترك في نينوى بالعراق للأجيال اللاحقة ولعشاق الفكر والمعرفة مكتبةً ضخمةً اكتشفت عام 1853، تضم آلاف الألواح المكتوبة التي تؤرخ لزمنه وللعصور السابقة، ومنها 11 لوحا طينيا دُوّنت عليها ملحمة جلجامش بالخط المسماري باللغة الأكادية. في رحلة البحث عن سر الخلود، تكشف الملحمة السومرية التي تعدّ أقدمَ رواية أو مطوّلة شعرية كُتبت عن التفكير المتطور لإنسان الألف الثالث قبل الميلاد ورغبته الجارفة في التمسك بالحياة. قبل تلك الرحلة، أي بعد تغلب جلجامش ملك أوروك الذي يمثل الشر على إنكيدو الذي يمثل الخير، أبى الكاتب إلا أن يبث رسالة تقول إن الخير أقوى من الشر داخل الإنسان، ولذلك جعل جلجامش يصادق خصمه المهزوم، فتحولا إلى قوة جبارة، انتصر بها الكاتب على إرادة الآلهة "المصطنعة" بقتل مارد غابة الأرز والثور المجنح. ولأن كلَّ إنسان فان.. فقد بثّ الكاتب رسالة أخرى…

ربيع الكلمة!

الخميس ٠٣ مايو ٢٠١٢

أكاد ألتقي يومياً شباباً من منطقتنا يتحدثون عن اللغة العربية بانبهار، كأنهم للتو يكتشفون لغتهم الأم. في مواقع التواصل الاجتماعي تقرأ اليوم نصوصاً إبداعية لشباب عشقوا الكتابة بالعربية، بلغة تبهرك بخروجها عن النص التقليدي وبعدها عن المفردات المألوفة. على تويتر تفاجأ أحياناً بنصوص جديدة لكتاب شباب قادرين على توظيف اللغة العربية للتعبير المختصر وبذكاء وسخرية وجدية عن همومهم و تطلعاتهم. إنهم يؤسسون لخطاب جديد خارج عن النص التقليدي، أكثر قرباً من إيقاع العصر وثقافة الراهن. لعلنا نشهد عهداً جديداً كأنه ربيع الكلمة العربية. مع الصديقين سلطان العميمي وجمال الشحي، نجتمع أحياناً في مقهى ثقافي بأبو ظبي بصحبة جمهور من الشباب الإماراتي المتحمسين للكتابة بالعربية و كأن اللغة العربية اليوم قادرة – من جديد – أن تصنع نجومها من كتاب القصة والرواية والمقالة و”التغريدات” الساحرة والساخرة. هؤلاء الشباب يأتون عطشى لسماع شيء عن تجربة الكتابة وألقها ووهجها. إنهم يعيدون كتابة لغتهم. اللغة العربية اليوم من اللغات النشطة على تويتر. هنا دلالة…

«جزراوي».. «عيناوي»!

الأربعاء ٠٢ مايو ٢٠١٢

يعرف الأصدقاء جهلي بكرة القدم وأنديتها ولاعبيها. لكنني أجد نفسي أحياناً وسط “المعمعة”! العام الماضي حضرت بالخطأ مباراة بين “الجزيرة” و”الوحدة” في أبوظبي. وكان حظي أن أجلس إلى جوار الصديق صقر غباش. مرت ربع ساعة من المباراة قبل أن أعرف من هم لاعبو الجزيرة ومن هم لاعبو الوحدة. ظننت أن جاري سيجد عذراً لتغيير مكانه بعد أن أزعجته بأسئلتي: “بوغباش”: أيهما أقوى: الجزيرة أم الوحدة؟ “بوغباش”: كم عدد أندية أبوظبي؟ “بوغباش”: من سيفوز بالكأس؟ انتهت المباراة بفوز الجزيرة ورأيت الناس تهنئ الشيخ منصور بن زايد بالفوز فالتفت مرة أخرى لصقر غباش وسألت: “بوغباش”: لماذا يهنئون الشيخ منصور؟ فهمت المسألة وهنأت الشيخ، لكنني اعترفت له أنها المرة الأولى التي أحضر فيها مباراة لكرة القدم في الإمارات وما كنت أدري أنني كنت كمن يستعرض: أرأيت: أنا فأل خير عليكم يا الجزراويين! تمرّ سنة وألتقي ثانية بالشيخ منصور لأخبره مازحاً أنني منذ تلك المباراة الشهيرة أصبحت “جزراوياً”. وكم كنت محظوظاً أنه لم يسألني…

أعمارنا في «المعاملات»!

الثلاثاء ٠١ مايو ٢٠١٢

أعرف شخصياً قضايا عمرها أطول من عمر أصحابها. معاملة تعيش عشرين أو ثلاثين سنة دون نتيجة! بعضنا يفني عمره في مراجعة الدوائر الحكومية، ركضاً وراء معاملة تدور وتسافر بين الدوائر الحكومية، لكن حركة السلحفاة أسرع منها! وبعضنا يرث القضايا المعقدة عن آبائه وربما عن أجداده. تلك هي البيروقراطية القاتلة. أم إنها المركزية التعيسة؟ هل لابد لخلاف على مترين بين جارين في ضواحي الطائف، أو عسير أو تبوك، أن يقبع على طاولة موظف في وزارة البلديات في الرياض لسنوات؟ لماذا لا تحل مشكلات ومعاملات كل منطقة في إمارتها؟ وإن لابد من العاصمة، فمتى تتطور أدوات وآليات العمل بحيث تحسم القضايا خلال أشهر إن لم تحل في أسابيع؟ لماذا نهدر أوقات الناس وطاقاتهم وأموالهم في الركض المرهق وراء معاملة قد لا تتحرك من مكتب في وزارة في الرياض إن لم يأتِ مراجع من آخر الدنيا ليسأل عنها؟ لو بيدي لأسست لمشروع يضمن إنجاز المعاملات في وقت محدد. أما إن كانت القضية شديدة…

بين النقد والشتيمة

الإثنين ٣٠ أبريل ٢٠١٢

بقدر ما نأمل في التأسيس لثقافة تحترم مبدأ النقد وأهميته في نهضة الأمم بقدر ما نأسف لكثرة من يخلط الشتيمة بالنقد. النقد مبدأ حضاري والشتيمة سقطة حضارية. وقت الأزمات السياسية في العالم العربي ينساق كثيرون إلى لغة «الردح» معممين الخطأ على الجميع بلغة شاتمة لا تفرق بين موقف وآخر. أقرأ التعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي حول أي خلاف طارئ بين بلدين وأفاجأ كيف تغيب لغة العقل والمنطق ويهيمن خطاب الشتيمة في تعميمات مخجلة تطال الشعوب والتاريخ وكل وجه إنساني حولنا. بعضهم حينما يعبر عن اختلافه معك في الرأي يستخدم لغة إقصائية أو شاتمة معتقداً أنه «جريء» في نقده لرأيك أو في اختلافه مع فكرك. مرد ذلك في ظني غياب ثقافة النقد. انظر كيف تُشخصن المسائل والقضايا. فما أن تنتقد مؤسسة عامة حتى تتساقط عليك الأسئلة: ما هي مشكلتك هناك؟ هل رفضوا توظيف ابنك؟ هل عطلوا مشروعك؟ في هكذا بيئة، لا يمكن أن يؤخذ النقد على أنه من باب الإيمان بضرورة…

مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

تعويضا للإهمال.. نجاح عرض فاشل

الأحد ٢٩ أبريل ٢٠١٢

لم يكد ابني يمسك "الريموت" ويغير القناة عن مشاهد مؤلمة أتابعها في قناة إخبارية حتى أعادت mbc4 حالة الألم عبر برنامج المواهب العربية بمشهد سقوط المشارك التونسي رضوان شلباوي من ارتفاع أمتار على المسرح لانقطاع الحبل الذي كان يتعلق به ويتلوى مقدما مشاهد بهلوانية تذكرنا بما كنا نراه من حركات في السيرك الذي لم نستمتع به صغارا لأن المدن النائية محرومة من هذه الكماليات.. وحين كبرنا كانت قد "راحت علينا". سألني "بشر": لماذا لم يضعوا على الأرض شيئا طريا احتياطا لهذه الحالة؟ وحدثني أنهم في السيرك يحتاطون لهذه الحالات من السقوط باستخدام مواد مطاطية ممدودة ومشدودة أو أرضيات إسفنجية أو "شغلات" لا يعرف اسمها لكن السقوط عليها من علو لا يؤذي أولئك "المتشقلبين" في الهواء حتى من يمسكون بأيدي وأرجل بعض ويقومون بحركات عجيبة أكثر غرابة وإدهاشا مما قام به التونسي الذي سقط على رأسه وجرح ونزف دمه فيما أعضاء اللجنة والجمهور في حالة ذهول. كل ما عمله القائمون على…

مقهى حائل

الأحد ٢٩ أبريل ٢٠١٢

في (الوطن) أمس خبر عن زيارة مدير جامعة حائل، د. خليل البراهيم، لأول مقهى ثقافي في حائل أسسه الطالب هشام سعود الحسن. زيارة مدير الجامعة -حسب الخبر- جاءت من باب تشجيع الشاب هشام ودعم مشروعه الجديد. سعدت أن مدير الجامعة ترك «بشته» في بيته أو سيارته وجلس في المقهى الجديد ومعه ابنه، مثله مثل الشباب هناك. أتساءل أحياناً: لماذا ما أن يصبح أحد في موقع قيادي تحوّل إلى ما يشبه شيئاً آخر خارج دائرة البشر؟ وأستغرب أيضاً أن ينسى بعض هؤلاء -خاصة ممن عاش تجربة أكاديمية- أن من المسؤولية القرب من الناس في محيطه -خاصة من الشباب- لفهم أكثر لظروف المجتمع وقضاياه. كثيرمن هؤلاء المسؤولين درس في الخارج، في مدن يزور مقاهيها أساتذة الجامعات وأهل المال وصناع القرار ونجوم المجتمع. مدير جامعة حائل، في زيارته للمقهى الجديد، يعطي أيضاً مثلاً في دعم مشروعات الشباب الصغيرة. فمبادرة هشام الحسن فعلاً تستحق الدعم. إنها من نماذج الإبداع الشبابي في التحرر من عقدة…

جمال الشحي
جمال الشحي
كاتب و ناشر من دولة الإمارات

لا تنس قوت الحمام

السبت ٢٨ أبريل ٢٠١٢

(معاني السعادة الحقيقية تجدها أمامك.. لا تسافر بعيدا.. أنظر حولك) يقول طاغور: لقد أنفقت ثروه طائلة في السفر إلى شواطئ بعيدة فرأيت جبالاً شاهقة ومحيطات لا يحدها حد ولكنى لم أجد متسعا من الوقت لأن أخطو بضع خطوات قليلة خارج منزلي لأنظر إلى قطرة واحدة من الندى على ورقة واحدة من أوراق العشب. لن يدفع ثمن انشغالك غيرك تأخذك الحياة بكل أوقاتها، ترهقك تفاصيلها وتتعبك محطاتها، وبين محطة وأخرى تضيع بين أزمانها وتكتشف متأخرا جداً أن كل هذا الوقت الضائع من عمرك لأسباب ضائعة، هذه الإكتشافات المتأخرة تقودك لتساؤلات مهمة ومقلقة عن طبيعة حياتك! هل كنت أطارد خيط دخان؟ كما يقول نزار قباني في رائعته قارئة الفنجان: وستعرف بعد رحيل العمر.. بأنك كنت تطارد خيط دخان. في ذروة الحياة ننسى أنفسنا ويتناسانا زماننا ونبقى على رصيف الوقت ننتظر الوقت ليسمح لنا بالعبور للضفة الثانية من الوقت. حياتنا في الاساس أوقات تتناقص والسعيد منا من يستطيع أن يستفيد من وقته. نحن…

جمال خاشقجي
جمال خاشقجي
كاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية

«قانون مورفي» والعفاريت السورية اليمنية المحيطة بالسعودية

السبت ٢٨ أبريل ٢٠١٢

في الثمانينات اشتهرت فلسفة حياة باسم «قانون مورفي» أهمها قاعدة «إذا كان ثمة أمر يحتمل أن ينتهي إلى خطأ، فاعلم أن ذلك الخطأ سيقع»، وهي تشبه المثل الشعبي «اللي يخاف من العفريت يطلعله». نحن في السعودية ومعنا بعض الجيران محاطون بعفريتين، ووفق قانون مورفي سيقع ما نخشاه منهما، الأول انهيار اليمن جنوباً والثاني جهاد في سورية ثم دولة علوية هناك تباركها إسرائيل. لا بد أن نتوقع الأسوأ حتى نحمي أنفسنا منه، بل الأفضل أن نسعى لتغيير «أقدار السياسة فهي ليست كالزواج الذي يقدره الله وحده بخيره وشره، إنما هي تراكمات أخطائنا، وأحياناً إهمالنا. ما يحصل في اليمن وسورية لا يحتمل أي إهمال وتسويف، ثم إن هناك قاعدة أخرى «المشكلات لا تحل نفسها بنفسها إذا ما تركت، وإنما تتعقد أكثر». الاحتمالات الأسوأ في اليمن هي «القاعدة» والحوثيون وانهيار الدولة وتشظيها. لم يعد انفصال الجنوب مثيراً للقلق، تشظي اليمن هو ما يخيف أكثر. الأسوأ بدأ في الوقوع، «القاعدة» استقلت بمنطقة تزيد على…

هل يخجل السعودي من زوجته؟

السبت ٢٨ أبريل ٢٠١٢

العهدة هنا على تويتر! سعوديون يدرسون في مدينة صغيرة بأمريكا اتفقوا فيما بينهم على «جدول» للتسوق. هذه الاتفاقية تنظّم أوقات زيارة «المول» الصغير في مدينتهم الصغيرة تلافياً لأن يذهب أحدهم مع زوجته فيصادف -لا قدّر الله- زميله السعودي في ذات السوق مما يُحدث له حرجاً كبيراً! إذن – يا جماعة- ما فيها شيء لو تفاهم هؤلاء الشباب على جدول يحميهم من الحرج وكل يذهب للسوق مع زوجته واثقاً مطمئناً أن سعودياً آخراً لن يرى زوجته. ولكي لا نظلم الرجل السعودي في هذه القصة فالمسألة هنا هي مما يأتي في باب «الخصوصية السعودية» بدليل أن الرجل السعودي لا يخشى ولا يُحرج إن رأته الملايين من الرجال (غير السعوديين) يمشي مع زوجته. المشكلة هنا سعودية سعودية! في هذه المسألة، أنا -جاداً- لا ألوم هؤلاء الشباب في تلك المدينة الأمريكية الصغيرة لوحدهم لأنهم -في آخر النهار- نتاج ثقافة «ملخبطة» أسست لكل هذه الفوضى في عقل الرجل السعودي تجاه المرأة. الغريب أنها ثقافة طارئة…

مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

“الربيع العربي” على طريقة “جلجامش”

الخميس ٢٦ أبريل ٢٠١٢

عند دراستنا لثقافات وآداب الشعوب القديمة نجد أن الفكر الإنساني في حضارات بلاد الرافدين لم يأخذ حقه من الانتشار إلا لدى نخب قليلة من المهتمين بالميثيولوجيا والتاريخ الإنساني للشعوب. فمن الظلم أن يهتم العالم بحضارات الأمم ويبقى بعيدا بصورة عامة عن حضارة اتسمت معظم آثارها بالثقافة والمعرفة كحضارة بلاد الرافدين التي تبدأ ثقافيا منذ الألف الرابع قبل الميلاد.. بألواح السومريين المسمارية ثم الكتابات التي تطورت لاحقا ضمن الدول المتلاحقة كالأكادية والبابلية والآشورية.. وتركت لنا رقيمات أظهرت رقياً ونضجاً عقليا لدى إنسان المنطقة. كذلك من الظلم أن تنال ملحمتا الإلياذة والأوديسة تلك الشهرة الجارفة، فتصدر الدراسات الكثيرة، وتُنتج الأفلام السينمائية العالمية عنهما، فيطّلع العالم على تاريخ الإغريق وطريقة عيشهم.. فيما ظلت ملحمة "جلجامش" السومرية نخبوية لم تنل من الشهرة العالمية ما نالته ملاحم الشعوب الأخرى، ولم تنل حظها سينمائيا بإمكانات هوليوودية، بل أُنتج عنها فيلم بسيط في خمسينات القرن العشرين كما عرفتُ من الصديق العراقي المهندس أحمد التميمي. كي نتأكد من…