الأحد ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٠
إن التقدير الدقيق لحاجة المجتمع للتغيير، لا ينفصل إطلاقاً عن طريقة إحداث هذا التغيير، وهي أمور لا يدركها أي كان. ولذا فإن النخب الذكية تدرك تماماً دورها في تهيئة الجو العام لقبول المتغيرات الجديدة، كدعم وصول المعلومات المفيدة لإحداث التغيير، وإشغال الناس بها. ومن أهم أدوات ذلك، تمكينهم من المنصات المُترجمة. وهنا أطرح مشروعين مهمين قدما خلال العقد الماضي في المنطقة العربية، أولهما «مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية» وكذلك مجلة «الفيلسوف الجديد» وهي مشروع وليد يمضي على نفس الطريق. إنهما إحدى تلك الأدوات التي تعد وسيلة مثلى لإحداث التغيير في المجتمعات العربية، سواء من ناحية تقديم المعارف الثورية في عوالم شتى، سواء ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية، بعرضها لأحوال وأفكار المجتمعات الأخرى الأكثر تقدماً أو الأقل، ومعرفة واقعنا الحقيقي قياساً بالآخرين، أو من ناحية تقديمها عبر لغة سهلة تشبههم، ليست حكراً على نخب دون غيرها. سأبدأ من «النهاية». أساس الرفض المتطرف إزاء أي تغيير خارجي يطرأ على حياة الإنسان أو الجماعة…
الأحد ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٠
هل يمكن الثقة بعمالقة «سوشيال ميديا» للتدقيق في الأخبار؟ ما حدث منذ أسبوعين يندى له الجبين، فقد نشرت صحيفة «نيويورك بوست» الشعبية خبراً يكشف عن إيميلات تعود إلى ابن مرشح الرئاسة الأميركي ونائب الرئيس السابق جو بايدن، وبمجرد نشر الصحيفة الخبر على حساباتها في «فيس بوك» و«تويتر»، قررت المنصتان حجب الخبر أو تقليل انتشاره، وتسميته خبراً غير موثوق، وبحاجة إلى تدقيق. السؤال: مَنْ مِن المفترض أن يؤدي دور المدقق؟ أهي «نيويورك بوست»، التي تأسست عام 1801؟ أم «تويتر» الذي خرج إلى العالم في 2007؟ وهو و«فيس بوك» أكبر مروجين لهراء المؤامرات والأخبار الكاذبة. كانت محاولة غير مسبوقة - من عملاقي التقنية اللذين يتنافسان بوضوح، ولديهما معاً قاعدة مستخدمين تصل إلى أكثر من ثلاثة مليارات شخص - لإيقاف الناس من نشر أخبار كهذه، لها تأثيرات خطيرة جداً في الإعلام العالمي والديمقراطية الأميركية. يؤثر عمالقة «سوشيال ميديا»، اليوم، في طريقة تداول معظم الناس للأخبار والمعلومات. فمعظم الحكومات ليست لديها قوانين تنظم عمل…
الأحد ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٠
انتخابات العالم هي انتخابات الولايات المتحدة، حيث الإمبراطورية الأعظم في التاريخ البشري كله، وفي جميع المجالات، وهي تمرّ بلحظة استثنائية من تاريخها، إذ يسيطر عليها انقسام حادّ وغير مسبوقٍ بين حزبيها الرئيسيين؛ حزب الجمهوريين الحاكم وحزب الديمقراطيين المعارض. الأول بقيادة الرئيس دونالد ترمب، والثاني بقيادة المرشح جو بايدن. أقل من عشرة أيام تفصل أميركا والعالم عن معرفة الرئيس الجديد لأربع سنواتٍ مقبلةٍ، وأحد الفوارق المهمة بين الرجلين هو أن الرئيس ترمب يقود حزبه ويقود أميركا بحسب الخطط التي رسمها والقرارات التي اتخذها والنجاحات التي حققها، بينما بايدن يقوده الحزب الديمقراطي، وهو أسير لرؤية باراك أوباما والانحراف الذي خلقه في السياسة الأميركية على مدى السنوات الثماني من حكمه. في حال انتصار الرئيس ترمب بولاية ثانية فسوف يكمل رؤيته ونجاحاته التي تحققت في السنوات الأربع الماضية وبالذات في القضايا الكبرى التي تهم منطقة الشرق الأوسط، حيث نجح الرئيس في وضع النظام الإيراني المارق تحت عقوبات قاسية وغير مسبوقة خففت من مدى الشرور…
السبت ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٠
هل لو قرأ لاعب الكرة المتحرش، أو المخرج، أو الكاتب، أو رجل الدين، أو السياسى، أو رجل الشارع الأدب بأنواعه: الشعر والرواية والقصة والمسرحية والمقال- هل سيمارس التحرش، وهل يمكن أن يكرره البعض منهم على هذا النحو الفج لو اعتادت ذائقتهم الجمال النابع من الأفكار والخيال وأساليب اللغة، لو تغلغلت فى نسقهم الثقافى العام القيم التى ترد فى هذه الأنواع الأدبية، هل كان سيمارس بعضهم ساديته بانتهاك الأضعف وعدم احترام حريته، أو استغلال سلطته بالتعدى على إرادة الآخرين؟ هل قارئ الأدب تصل به مناطقه المعتمة وتجبره حد هروب ذويه ولجوئه السياسى لأحد البلدان الغربية مختارا حريته وعدم التعدى على كرامته بالضرب أو بتحديد الإقامة؟ أحسب أننى لا أملك إجابة جازمة، ربما نعم، وربما لا، فالبشر عوالم مغلقة على عجائبها. الأمر الذى أعتقده ويصل لدرجة التأكد أن قارئ الأدب أكثر احتراما وتقديرا لحرية الآخرين وإرادتهم، أكثر تهذيبا وتطويرا لرغباته وغرائزه، أكثر احتراما للاختلاف، يدرك أن التنوع ميزة تثرى الحياة البشرية، قارئ…
السبت ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٠
في محاضرة بجامعة في واشنطن، قدم الأستاذ تفسيرات متعددة لموجة التطرف والإرهاب الصاعدة في العالم. ردد حزمة منها، مثل: ردة فعل على الحداثة ونمط الحياة الغربية التي تهجم على الثقافات المحافظة. تفسير آخر يتحدث عن حالة التهميش التي تعيشها جيوب في الأطراف يعيش فيها ملايين الشباب، فيلجأون إلى ثقافات متطرفة للخروج من الإحباط النفسي. وأخيراً التفسير الكلاسيكي الذي يرى أن صعود موجة التطرف كان تحدياً للإمبريالية الغربية والأميركية تحديداً. كل هذه التفسيرات المرتعشة هي أكثر ما يتمناه المتطرفون؛ لأنها تساعدهم وتقدم لهم خدمة مجانية في عمليات التجييش وإثارة المشاعر والتهيئة النفسية لملايين الشباب المسلمين، من خلال التأكيد على أنهم معزولون ومغتربون في عالم لا ينتمي لهم، ويتعرضون لحرب صليبية شعواء تستهدف دينهم وثقافتهم. تبريرات جاهزة قام حتى زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن بالاقتباس منها، من أجل إضفاء شرعية علمية أكاديمية على أفعال تنظيمه الإجرامية. وتتجاهل هذه التبريرات الخطيرة التفسير الوحيد والحقيقي، وهو أن الإشكالية تكمن في ثقافة التطرف والكراهية التي…
الخميس ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠
تقول آخر استطلاعات «النيويورك تايمز»، إن حظ بايدن في الفوز 60 في المائة، وترمب 41 في المائة، لكن ليس من الحكمة الاستعجال بالحديث عن الفائز في الانتخابات الأميركية. لم يبقِ سوى أقل من أسبوعين ونتائج الاستفتاءات بدأت تتغير مع مرور الوقت، بعد أن كانت المسافة بعيدة بين الاثنين لصالح جو بايدن. أكثر المحللين يرون بايدن سيكون الحصان الفائز، لكن هل سيفوز بفارق هائل على خصمه دونالد ترمب وبالتالي إجهاض أي شكوك واعتراضات على النتيجة أم ستكون متقاربة، بضعة آلاف من الأصوات، تتحول إلى معركة سياسية إعلامية قانونية لعدة أشهر تالية؟ هذه المرة المعركة الانتخابية تعبر عن تبدلات ديموغرافية وثقافية تتشكل في الولايات المتحدة، مرت في مخاض بطيء لسنوات. صراع التيارات عبّر عن نفسه بانتخاب باراك أوباما، وكانت مفاجأة حينها، ثم جاء انتصار ترمب مفاجئاً. حملات الانتخابات بدأت مبكراً وعكست إلى حد كبير ما يمور من حراك في الولايات المتحدة، فالدولة الكبيرة، تعيش اختلافاتها وصراعاتها الثقافية مثل غيرها، وبلغت ذروتها في…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الأربعاء ٢١ أكتوبر ٢٠٢٠
يقولون إن الأنوثة قدر المرأة، والذكاء فطرتها الأولى التي تولد بها، فكل امرأة أنثى بقدر ما تستطيع أن تكون، كما أنها ذكية بطريقتها الخاصة مهما كان الظرف المحيط بها ودرجة تعليمها وطريقة تربيتها، نتحدث عن الفطرة التي فطرها الله عليها، فكل مخلوق يخلق مزوداً بإمكانات وقدرات تمكنه من أن يستمر ويواجه ظروف وتقلبات الحياة. وبينما الرجولة اختيار وقرار، فإن الذكورة قدر بيولوجي لا أكثر، فالذكر يولد ذكراً دون أن يكون له يد في الأمر، هكذا يتكون ويخرج للدنيا. فيما بعد، أي بعد ولادته يتحصل هذا الذكر على تربية وتنشئة قِيمية خاصة تناسب تكوينه كذكر، وتعده لتحمل أعباء ذلك، لهذا يقال: ليس سهلاً أن تكون رجلاً! تعمل تلك التنشئة التي تلقاها على تعزيز وعيه بذاته وكينونته، هذا الوعي الذي يجعله يقرر أن يكون رجلاً لا مجرد ذكر، بما تعنيه الرجولة من أخلاق وقيم والتزامات. من هنا، عندما وقفت زوجة أحد مشاهير السينما لتقول كلمة في حقه يوم تسلّمه جائزة الأوسكار، قالت:…
الأربعاء ٢١ أكتوبر ٢٠٢٠
أبت شمس يوم أمس، الثلاثاء، أن تشرق إلا وقت فارقت روح الأستاذ إبراهيم العابد، في رحلته الأخيرة في هذه الأرض، ليتركنا هنا في حيرة وحزن على هذا الرحيل المفاجئ الذي كان بلا أية مقدمات وبلا وداعٍ وبلا موعد للقاء قريب، كما تعودنا دائماً.. «نشوفك على خير بوباسم». الحزن في الوسط الإعلامي الإماراتي كبير، فغياب قامة بحجم ومكانة الأستاذ إبراهيم العابد، بلا شك يشكل فراغاً حقيقياً في المشهد الإعلامي، ففي سنواته الأخيرة، كما هو دائماً، وأثناء عمله مستشاراً لمعالي الدكتور سلطان الجابر عندما كان رئيساً للمجلس الوطني للإعلام، كان الأستاذ إبراهيم المستشار الخاص لكل إعلامي إماراتي وغير إماراتي، فمن يبحث عن معلومة ومن يريد أن يتأكد من خبر ومن يبحث عن مسؤول لا يعرفه ولا يمكنه التواصل معه، لا يحتاج إلا الاتصال بالأستاذ إبراهيم الذي كان يرد في كل وقت وفي كل ظرف وغالباً ما يكون عنده الجواب، وإذا لم يكن فإنه يبحث ويسأل حتى يأتي بالجواب وبالرد.. اليوم وبعد أن…
الثلاثاء ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٠
كشف مجلس سلامة النقل الوطني الأميركي أخيراً السبب الحقيقي وراء حادث تحطم المروحية التي كان يقودها الملياردير توماس جيه ستيورات بعد تحقيقات دامت ثلاثة أعوام، وذكر المجلس أن طفلته الصغيرة هي من تسببت في الحادث، بعد أن سمح لها، وعمرها 5 سنوات، بالجلوس في حضنه، حيث ركلت الطفلة عفوياً الأجهزة مما تسبب في المأساة. وتوفي الملياردير مع زوجته وطفلته وشقيق زوجته والطيار المساعد. تذكرت هذا الخبر الذي قرأته، عندما أراني أحد الأصدقاء، وهو يضحك، فيديو له وهو يقود سيارته وطفله الصغير الذي لا يزيد عمره على ثلاث سنوات جالس في حضنه يلعب بـ{الدركسيون}. فقلت له: حرام عليك يا شيخ، إذا لم تكن خائفاً على حياتك وحياة طفلك، ارحم حياة الآخرين الذين يسوقون سياراتهم أمامك وخلفك ونحوك، وليس لهم {لا في العير ولا النفير}. غير أن بعض الصغار لديهم مفهومية أكثر من بعض البغال أو الحمير - آسف أقصد الكبار - فقد أظهرت طفلة بريطانية عمرها سنتان شجاعة وذكاء كبيرين بعدما…
الثلاثاء ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٠
عرفت عبدالله في الثمانينات. رجل مرحب، لطيف، منفتح على النقاش في وقت كانت النقاشات المباشرة تمثل لي ضرورة حيوية. كان وقتها يعمل مذيعا ومتعاونا مع جمعية الثقافة والفنون. معه في الجمعية صديق مصري مثقف اسمه مختار الكسار، لا أدري ما عملت الدنيا به. كنت أختلف إلى مختارٍ هذا في المساء في زيارات ثقافية وأخرج معه أحيانا. في تلك الأجواء تعرفت على عبدالله الزيد. كانت تجربة التفاعل المباشر معه مفاجئة، فبعكس لغته الحادة والمفاصلة في مقالاته تجاه الاتجاه التقليدي في الأدب، كان الرجل في تفاعلاته المباشرة مع الناس هشاً، بشاً، يقطر لطافة. حين يتحدث، ينسدل على وجهه ماء اللين وطيب المعشر. بدا وكأن صورته المرفقة في مقالاته، ذات الملامح الصارمة والمتوافقة مع لغة مقالاته، كأنها محاولة منه لتقليل شيء من لطفه البدهي حين يتعامل مع البشر. يمكن القول إن التناقض بين حدة لغة مقالاته وشدة لطفه يمثل ظاهرة مبهمة. توثقت - في تلك الأيام - علاقتي به. كان عمله في الجمعية…
علي عبيدكاتب وإعلامي من دولة الإمارات العربية المتحدة
الإثنين ١٩ أكتوبر ٢٠٢٠
«علّي صوتك بالغنا.. لسّه الأغاني ممكنة». هكذا رفع الفنان محمد منير صوته بالغناء في فيلم «المصير» للمخرج يوسف شاهين، كاسراً جدار اليأس والصمت، ثم أكمل: «.. ولسه يا ما في عمرنا». لكنّ هناك من يحاول أن يقنعنا بأن الأغاني لم تعد ممكنة في زمن «كورونا»، فقد اتخذت بعض المدارس البريطانية قراراً منعت بموجبه الطلاب من الغناء داخل الفصول الدراسية، والاكتفاء بالاستماع إليها عبر «يوتيوب»، أو الصمت خوفاً من انتشار رذاذ أفواههم في الهواء، ونقل فيروس «كورونا» داخل محيط الفصول والمدارس، في الوقت الذي فرضت السلطات فيه قيوداً جديدة في بعض مناطق الشمال ذات المستويات العالية من حيث عدد الإصابات والوفيات، مع معاودة الفيروس نشاطه، والانتشار بشكل واسع تزامناً مع انخفاض درجات الحرارة واقتراب فصل الشتاء. القرار الذي يهدف إلى حماية الأطفال من الإصابة بالفيروس وجد معارضة لدى بعض أولياء الأمور، الذين دعوا إلى تمكين أطفالهم من العودة إلى بيئة طبيعية وداعمة، بعد أن عانوا بما يكفي من الغياب عن المدارس.…
الإثنين ١٩ أكتوبر ٢٠٢٠
بعض إدارات المدارس تتعامل مع الطلاب وأولياء أمورهم في ما يتعلق بموضوع التعليم الهجين أو «الأونلاين» كما لو أنه منة من عندها، دون أن يدركوا أن هذا توجه مستقبلي، وهو ثمرة خيار رؤية قيادة تؤمن بالانطلاق بالمسيرة التعليمية نحو آفاق أرحب في إطار مسيرة نهضوية تركز على جودة التعليم وأساليبه وأدواته المواكبة للمستقبل، ومن بينها خيار التعليم عن بُعد الذي عجلت به جائحة «كورونا» التي تضرب العالم حالياً وتداعياتها والتحديات الناجمة عنها. لقد تسببت بعض إدارات المدارس في القطاعين بإلقاء ضغوط غير مبررة على الطلاب وأولياء الأمور على حد سواء، وهي تخترع كل يوم متطلبات جديدة ومتسارعة لا تدل أو تعبر عن شيء سوى حجم الإرباك والارتباك الذي تعانيه، ووسم حركة العمل والأداء فيها. وتزايدت هذه الضغوط مع اقتراب امتحانات نهاية الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي 20 - 21، وقد ارتفعت شكاوى أولياء الأمور من الإدارات التي ترسل لهم «تعاميم» وأوامر مباشرة، ولكن تحت مسميات «استبانة»، وضرورة الرد عليها…