عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

«سبع سبعات!»

الخميس ٢٧ نوفمبر ٢٠١٤

ذكرت إحدى المؤسسات أن رقماً مميزاً جداً على غرار «xxxxxxx» أو إذا كنت من مؤيدي تعريب جميع المصطلحات فهو «س س س س س س س»، قد تم بيعه بملايين عدة.. كان أول ما قمت به كأي شخص يعاني الحقد الطبقي هو إرسال رصيد للرقم المذكور بقيمة خمسة دراهم.. نعم.. سيقرأ ذلك الهامور أن صاحب الهاتف رقم كذا وكذا قد أرسل له رصيداً.. هكذا يمكنني أن أنام مطمئناً إلى نوع من العدالة الشاعرية التي حققتُها! ظاهرة بيع الأرقام ليست سوى جزء من ظاهرة بيع المكانة الاجتماعية.. التي أصبح الجميع يبحث عنها.. بل وأصبح العرب فيها مضرب الأمثال، بعد أن بدأوا بتصدير هذه الثقافة إلى دول العالم كلها.. العربي لا يشعر بالاطمئنان إلا إذا بين للطرف الآخر أنه متميز.. رغم أن ديننا وفي منتصف جزيرتنا يأمرنا بلبس اللبس ذاته المكون من منشفتين غير مخيطتين للتستر بهما وأداء أقدس الشعائر.. نداء السماء ينادي بعدم التميز عن الآخر، ولكن.. يبدو أن الرسالة لم تصل.. الظاهرة اتسعت لتشمل أرقام السيارات و«اللياسن»، و«البن كود»، وموقع الفيلا على الشارع، ونوعية العقال والخياط، وماركة «التواير»، و«براند» الغلاف الخاص بالموبايل.. وإذا نسيت شيئاً معيناً.. ستسمع صوتاً من أقرب المقربين: أخييييتش! ألازلت تستخدم هذا النوع القديم؟ يا لك من رجل قديم! لذا فإن أوسع سوق للماركات التجارية في العالم…

((أي … !! ))

الخميس ٢٠ نوفمبر ٢٠١٤

حاول أحد اللصوص سرقة محل "كوافير" في روسيا، لكنه وجد نفسه ضحية للاغتصاب لمدة ثلاثة أيام من قبل صاحبة المحل، حيث قيدته عاريًا ولم تطعمه سوى "الفياجرا" واعترف اللص فيكتور يازينسكى (32 عاما) أمام الشرطة بأنه "كان مسلحا وحاول سرقة المحل لكنه فوجئ أن صاحبة الصالون أولجا (28 عاما) تحمل الحزام الأسود في لعبة "الكاراتيه"، حيث طرحته أرضًا بضربة واحدة وقيدته بسلك مجفف الشعر" بعدها ألقته عاريًا في إحدى الغرف المظلمة بمحلها، ولم تطعمه سوى "الفياجرا"، واغتصبته طوال ثلاثة أيام حتى تعطيه درسًا بحسب إفادتها ومن ثم أطلقت سراحه وهي تقول له "أرجو أن تكون تعلمت الدرس جيداً" الخبر بالطبع منقول من وكالات الأنباء ودون تصرف .. فيكتور الذي يبحث الآن عن من يقف معه في مأساته !! .. هذه الجملة بتصرف ! في الحقيقة فقد وصلني الخبر عدة مئات من المرات عبر جميع المنافذ ، بدءاً من قصاصة جريدة قامت بنشر الخبر أجدها معلقة على باب مكتبي إلى رسائل نصية وإشعارات وملف مرفق مع عبارة (خبر يهمك عبود) .. مما جعلني أشك بأنني أحد ثلاثة : فإما انني السفير الروسي في الدولة دون أن اعلم .. وإنما أن الزملاء يرونني مشروع مدافع عن حقوق الرجال الذين لا يحملون الحزام الأسود .. او ربما يعتقد البعض بان لدي أسهم في شركة…

«شهادات منتهية الصلاحية..!!»

الثلاثاء ١١ نوفمبر ٢٠١٤

لم يطلب منهم أحدٌ أن يتدخلوا في حياة «بوسلوم»! كان بوسلوم يعيش حياته مرتاحاً وسعيداً على هامش الحياة كأي موظف بسيط وتقليدي، إلى أن هبت رياح الإبداع والنجاح على الجميع فجأة، صديقه الضابط يقول له: يا بوسلوم لِمَ لا تكمل دراستك فتقفز في السلم الوظيفي ويحسّ كتفاك بوزن النجوم عليهما؟! صديقه المدرّس يقول له: يا بوسلوم لِمَ لا تكمل دراستك وتعود إلى قريتك في مدرسة محترمة، وتريح ظهرك من وجع «ضرب الخطوط»؟! صديقه الإداري يقول له: يا بوسلوم لِمَ لا تكمل دراستك وتريح رأسك من مراجعي الكاونترات وقرف الزحمة في الصالات؟! أهل بيته يقولون له: يا بوسلوم لِمَ لا تكمل دراستك فيزداد معاشك وتملأ بطنك بأطايب الطعام الإيطالي في زيارتك الصيفية لها، وهكذا، فإن كل طرف من أطراف المجتمع كان يضغط على بوسلوم بجزء حميم من جسده، فأحدهم يذكره بكتفيه والآخر بظهره والآخر ببطنه ورأسه ورجليه! لم يطلب منهم أحد أن يتدخلوا في حياة «بوسلوم»! ورغم ذلك، فقد فعلوا حرصاً عليه، ولأن بوسلوم مثلي ومثلك، لا يستطيع النوم قبل أن يفكر في كثرة الكلام الذي قيل له، ولأن بوسلوم فعلاً يريد أن يطور من نفسه، ولأن بوسلوم مثلي ومثلك يحب «الخردة»، فقد قرر أن يخوض التجربة ويطور نفسه، ونام وهو يحلم بغدٍ أفضل له، ولجميع أجزاء جسده المذكورة أعلاه! لم…

«كالطير.. مقصوصاً جناحاه..!!»

الجمعة ١٠ أكتوبر ٢٠١٤

بدأت المسيرات تتخذ شكلاً آخر، ولكنها تشابهت في أننا الضحية فيها كلها. مسيرة في مسقط رأس الأجداد (صنعاء) ضخمة ومخيفة يطالب الحاقدون فيها بالقصاص منا جميعاً، ويصفوننا بأننا «ألف ألف يزيد!»، ألسنتهم عربية مثلنا، ولكن قلوبهم مازالت تهفو إلى ملك حطمه رجال «القادسية». مسيرة أخرى في أقدم مدن التاريخ (حلب الشهباء)، تتشح بالسواد تحمل جهلاً فوق جهل، تستخدم وجوهنا وتاريخنا ومقدساتنا في تشويه الوجوه والتاريخ والمقدسات ذاتها، لا تعرف شرقها من غربها ولا تعرف خيرها من شرها، انتزعت الرحمة من قلوب أصحابها، فأصبحت الغاية تبرر الوسيلة، وبدلاً من الانقضاض على عشرات الأعداء المحيطين بهم، لم يجدوا أفضل من أن يبدأوا التضحية بأبناء جلدتهم أولاً، بدعوى أن تأمين البيت من الداخل أهم! مسيرة ثالثة تقودها قطعان المستوطنين يوم أمس، تقتحم المسجد الأقصى بالرشاشات وأسلحة العوزي التي زودتهم بها سلطات جيش الدفاع الإسرائيلي، وهذه الأخيرة بالطبع كان لها صدى، وأعتقد أنه سيكبر، لأن الفكر العربي المسلم مازال يشوّه فقه الأولويات، فالعالم الإسلامي كله قد ينتفض من جاكرتا إلى الرباط إذا تم اقتحام مسجد، ولكن العالم نفسه كله لا تحركه آلاف من جثث الأطفال حول العالم، وهنا المشكلة الحقيقية. حين نقدس الحجر أكثر من البشر، حين نثور لأفعال سفيهة، ولا نأبه لصور حقيقية تمثل عشرات الجثث البريئة. حين يكون التعرض لفكرة أو وجهة…

قصة من التراث الجامايكي..!

الجمعة ٠٣ أكتوبر ٢٠١٤

«موراجا» فتاة لطيفة.. مثقفة حلوة الروح.. تعمل صباحاً وتستريح مساء.. ثم تقرأ مجموعة من قصص الأطفال لأبنائها، وتقبل جباههم وتغطيهم وتخلد إلى النوم.. لا تخاف من الذئب.. ولا يهتم الذئب بوجودها.. إذا حضرت لم تعرف وإذا غابت لم تفتقد! قررت ذات يوم شراء كوخ جميل على النهر من رجل غجري.. باعه لها وانطلق إلى الغابات يعزف على مزماره.. لملمت «موراجا» أغراضها ووضعتها في ذلك الكوخ.. كان لابد لها من عقد اتفاق مع المرأة القوية «سيوا».. فـ«سيوا» هي بائعة الزيت الشهيرة، التي تمد جميع سكان المدينة بحاجتهم من زيت إشعال القناديل. وسارت الحياة جميلة ومثالية.. حتى اضطرت «موراجا»، ذات يوم، إلى ترك المدينة والعمل في مدينة أخرى، ونقل أبنائها وقصص أطفالها وتماثيلها.. إلا أنها حتماً لم تستطع نقل عواطفها وذكرياتها بعيداً عن النهر!.. فكرت «موراجا» أن تقوم بتأجير كوخها على النهر لأحد أبناء قبيلتها، مقابل دينار من الذهب شهرياً. فوجئ المستأجر بأن «سيوا» ترفض أن تبيع له الزيت ما لم يقم بتوثيق إيجاره مع «موراجا» لدى القاضي «منسوبال».. خوفاً من أي مشكلات مستقبلية.. انتفض المستأجر لأن «موراجا» لم تقل له هذا الكلام.. فذهبت عن طيب خاطر إلى القاضي «منسوبال» وشرحت له.. فأسبل عينيه وقال لكنني لا أصدقك.. اذهبي إلى «سيوا» وأبلغيها بأنني أريد ما يثبت أنك كنت تسكنين هذا المنزل.. أو…

«لَعلّ الضادَ تبتسمُ..!»

الجمعة ٢٦ سبتمبر ٢٠١٤

في فيلم الخيال العلمي الرومانسي «هي»، نشاهد قصة طريفة وسخيفة لرجل محبط يقع في غرام نظام التشغيل في جهازه الشخصي.. حيث يبدأ يشعر بطريقة معينة تجاه الصوت الأنثوي الصادر من جهازه، والذي يذكره بالمواعيد أو يقرأ له بريده الإلكتروني، ويقوم بأعمال المساعد الشخصي الخاصة به.. وذلك بالطبع قبل أن يكتشف أن «النظام» يتعامل بالطريقة نفسها مع مئات من الألوف من المستخدمين، ما يسبب له أزمة نفسية حقيقية. القصة غريبة في مجملها.. الصوت الأنثوي قد يخرفن حتى ولو لم يكن حقيقياً، لكن أنا وأنت نعلم أن هذا لا يحدث في أميركا حيث تم إنتاج الفيلم، لكنه قد يحدث في إسبانيا مثلاً.. كما أنك مثلي تعرف ما هو اللقب الذي نطلقه على المرأة التي تمتلك أكثر من شخص في حياتها، فما بالك بمئات من الألوف! كنت أحدث صديقي الناقد عن آرائي تلك في الفيلم الذي حقق نسبة مشاهدة لا بأس بها، ليفاجئني بأن الفيلم مبني على خدمة حقيقية وموجودة في نظام التشغيل الخاص بشركة «أبل» واسم الـمساعد الشخصي فيها هو «سيري».. ويمكن للمستخدم أن يختار ما إذا كان يريد الصوت الخاص بالمساعد بصوت رجل أو بصوت امرأة.. حقيقة وكمعظم المستخدمين فأنا لا أستخدم الإمكانات الهائلة في هاتف «ذكي» إلا في الاستخدامات الكلاسيكية كالاتصال وقراءة بعض برامج التواصل، وربما استخدام «الحسابة» بين فترة…

«السيجارة الأخيرة..!»

الأربعاء ٢٤ سبتمبر ٢٠١٤

إذن فأنت لا تدخن! ولم تقترب من سيجارة في حياتك قط! أنت مثلي تماماً، أو على الأقل هذا ما أقوله لأمي! عدم تدخينك وحفاظك على صحتك العامة والخاصة، وتأثرك بمشهد الرئة المسلوخة على علب السجائر، هو أمر محمود، أحييك عليه، أنت قوي الإرادة، ورجل «فيك خير»، ولكن تبقى هناك معضلة أدب ــ أخلاقية، إن أغلب الكتّاب والأدباء الذين تراهم في أرذل العمر ويقولون حكماً على غرار: لا تحتقر الأفعى لأنها من دون قرون.. فربما تنقلب يوماً إلى تنين! ترى أن السيجارة أو الغليون من لوازمهم ولا يمكن أن تتخيل صورة لكاتب مخضرم دونها! تذكر صورة نزار قباني مثلاً ستتخيله فوراً وهو يمسك القلم بيد والسيجارة باليد الأخرى، وهذا شأنهم أيضاً.. الله يهديهم ويرحم الأموات منهم! تبقى المعضلة في كيفية فهم القارئ لِمشاهد/أبيات/أحاسيس يكتبها كاتب أو أديب معين لمشهد تُشكل فيه السيجارة لاعباً رئيساً وهو لا يدخن، ولعل أهم هذه المشاهد الكلاسيكية هي تلك السيجارة التي يأخذها بطل القصة/المسرحية/القصيدة قبل إعدامه، حدثني بصدق كم مرة مر عليك هذا المشهد في قراءاتك أو مشاهداتك السينمائية؟! أنت لا تدخن، ولكن في داخلك أديب أحمق صغير يريد أن يفهم تفاصيل هذا المشهد، أرجوك لا تبدأ بإشعال السيجارة الأولى أنا سأسهل لك فهم الشعور، دون الحاجة إلى عيش التجربة. تخيل معي، أنك موظف حكومي أو…

«أكذب من سهيل»!

الثلاثاء ٠٩ سبتمبر ٢٠١٤

حب العرب للتشهير بالآخرين ليس ميزة حصلوا عليها من العصر الحديث، ومن اختلاطهم بالشعوب التي قاموا «بفتحها» عبر التاريخ، لكنها ميزة مدمجة في الشخصية العربية، لذا فأمثالنا الشعبية تمتلأ بأسماء لأناس تم إسقاط سمعتهم إلى غير رجعة، كقولهم: «أبخل من مادر»، أو «أجبن من صافر»، أو «أسرق من ذبابة»، و«أكذب من يلمع».. ستقول لي: أنا لم أسمع بهذه الأسماء في التراث العربي، وبالطبع أنت لم ولن تسمع بها، لأنها أصبحت «إكسبايرد».. سمعتها انتهت، إلا أنني أرشح النجم «سهيل»، ليحل محل صديقه «يلمع» في المثل الخاص بالكذب! فنقول: «أكذب من سهيل»! النجم «سهيل»، محبوب وكبير الشعبية لدينا، بسبب ما يروى عن اقتراب تغير الجو عند تشريف «حضرته».. قالت القبة السماوية في الشارقة، وهي الجهة الأكثر شعبية في خمسة مواسم رئيسة سنوياً، على الرغم من انتظارها مبنى جديداً حتى تاريخه: إن «(سهيل) قد ظهر وخرج من السرداب السماوي، الذي كان به، في يوم 24 أغسطس الماضي»، أي أنك تقرأ هذا الكلام بعد ظهوره بأكثر من أسبوعين رسمياً.. إلا أننا في كل يوم لازلنا نحس بأن «المحرار» يمشي في اتجاه عكسي.. يوم أمس تحديداً كان يوماً أسطورياً قرأت فيه سيارتي درجة 45 مئوية في الظل! تذكرني أرقام درجات الحرارة مرة أخرى بعناصر الشخصية العربية، ففي التسعينات حينما كان الخلاف يدب بين عاصمتين عربيتين،…

«خربت برستيجي.. !»

الجمعة ٠٥ سبتمبر ٢٠١٤

قالت لي وصوتها يرتجف من الغضب: «دمرت سمعتي، سويتني مضحكة للي يسوى واللي ما يسوى، خربت برستيجي!»، وأغلقت الهاتف، وكانت تلك آخر مرة أسمع فيها صوتها. كل ما في الأمر كان دعابة اجتماعية، ونوعاً من التعبير عن الاحتجاج بطريقة حضارية، فجأة امتلأ «فريجنا» بأصناف ما يعرف بالجنسيات «المعفية من تأشيرات الدخول»، وهي الجنسيات التي قامت صحيفتنا بنشر تقرير قبل فترة، يؤكد أنهم يحصلون على أعلى «سلم رواتب» وامتيازات في الدولة، ويمتازون بجمال القوام، والمحافظة على فضيلة الجري الصباحي حول الحديقة بشكل يومي (النقطة الأخيرة ليست في تقرير الصحيفة)، وبالطبع يربّون بعض الحيوانات التي يصفونها بالأليفة، بينما تؤكد دراسات علم الأحياء، أن عضة بعضها تبلغ قوتها 2500 كيلوغرام للسنتيمتر المربع الواحد، بمعنى أن الأذى الذي ستحدثه في بشرتك المخملية يبلغ الأذى ذاته الذي يسببه وضع طنين ونصف الطن من الحديد بتركيز نقطة ثقله على سنتيمتر مربع واحد في جسدك، «سؤال في برنامج مسابقات سخيف آخر: وإذا وضعنا طنين ونصف الطن من القطن؟!»، المهم أن أذى تلك الحيوانات، والرعب الذي يمتلكنا في الطريق من وإلى المسجد أو الحديقة أو «الدوبي» كان كبيراً، خصوصاً مع منظرها المقزز، حين ترفع ساقاً إلى الجانب على طريقة ركلة الكونغ فو، و«تعبر عن شعورها»! البلدية لديها قوانين تشترط حصول الإزعاج كي تتخذ قراراً، بينما قوم بوعرب متعودون…

«عمتنا..!»

الجمعة ٢٩ أغسطس ٢٠١٤

لا أعرف تماماً هل مازالت قصة الرجل وابنه والنخلة «زرعوا وأكلنا ونزرع فيأكلون»، موجودة في المناهج الدراسية، أم أنها قد تمت إزالتها بحكم أنها «مقصة»؟ فاليوم، والفضل لله، ومع انتشار مراكز بحوث النخيل، وتقدم علم زراعة الأنسجة النباتية، تقوم بزراعة الفسيلة وبعد أعوام تعد على أصابع اليد الواحدة، تصبح مؤهلاً للمشاركة في مسابقة مزاينة الطب في الغربية. ويقول أحد الإحصاءات الصادرة عن إحدى الجهات الرسمية في أبوظبي، إن الإمارات أصبحت الأولى عالمياً في أعداد النخيل، التي تكاد تلامس رقم الـ50 مليون نخلة، «وراحت عليج يالبصرة»! لن تجد أن الدوائر المعنية بالاهتمام بهذه الشجرة المباركة تختلف في أنها «عمتنا». ولكن الفرق الجوهري في تفسير «كينونة» هذه العمة، فبعض الدوائر بحكم الإمكانات والتخطيط الجيد، تدلل هذه الشجرة بشكل كبير، ما أدى إلى وجود ناتج محلي قوي في سلعة التمر، حتى إن الدولة أصبحت، أخيراً، تسهم في البرامج الإغاثية وبرنامج الغذاء العالمي من الفائض من المنتج. لكن هناك دوائر أخرى يبدو أنها فهمت أن العمة هي «الحماة»، ومازالت تتعامل معها بعدوانية، فتلحظ بعض الشوارع وقد امتلأت بأصناف التمر الذي يتساقط نتيجة الإهمال، وتدوسه الأرجل، ويتحول الشارع إلى ممر لزج ومملوء بالحشرات، خصوصاً مع وجود قوانين وضعية لدى البعض، تمنع العبث بالنخيل، وتكسل في الوقت نفسه عن الاهتمام به، و«خرفه» أو «تلقيحه» بالطرق العادية…

«جاري يا حمودة.. !»

الثلاثاء ٢٦ أغسطس ٢٠١٤

تذكّر قليلاً «فريج» أيام ما قبل «البليب»! كنت تعرفُ أسماء جميع البيوت الموجودة في الشارع على أقل تقدير، وتعرف الكثير من التفاصيل.. تعرفُ أي منزل عيالهم «يدوخون»، وأي منزل يربون حماماً على سطحهم. كنتَ تحفظ الأسماء الثلاثية لجميع الجيران، وتعرف قصة كل منزل، ومن أين هم، وأبناء مَن، وأنساب مَن، واسم الناقة التي ارتحلوا عليها، أو ربما حتى رقم «اللنش» الذي جاؤوا فيه. دارت الدنيا دورتها، وأصبح لـ«البريستيج» ضرورة، وهي ترك «الفريج» بما فيه، ومَن فيه، أو بالأصح بما فيه وما فيه، فـ«مَن»، التي يقول أهل اللغة إنها تطلق على العاقل، لم يعد لها من داعٍ، فالعاقل في عرف «البريستيج» الجديد، لن يرضى السكن في «الفرجان» القديمة، هناك أسماء جديدة ورنانة، يكفي، يا أخي، أن تنظر إلى الفرق الموسيقي بين كلمة «الورقا» أو «البرشا»، وبين كلمة على غرار «هور العنز»! حين أسمع «برشا»، أتخيل فتاة جميلة تتقن استخدام «الميك أب». أما بعض التسميات فلا يمكنك منع صورة «زكية زكريا» من القفز إلى مخيلتك حين تقولها! حدثت الهجرة الجماعية، وذهبنا إلى «البرشا»، حيث الجميع لا يعرف الجميع، «وين البيت»؟ هذا البيت! تخرج في كل يوم وأنت تحمل طبقاً من «الهريس»، في محاولة لكسر الحاجز فقط، لتعرف مَن هم جيرانك الجدد، تبدأ بضرب الجرس، تراقبك الكاميرا الإلكترونية، تخيس وتحس بالحكة تحت إبطيك،…

«ليش يالـ CIA؟!»

الخميس ٢١ أغسطس ٢٠١٤

«ودني البيت بسرعة.. بسرعة!».. لا أكره أن أسمع صديقي يقول أي عبارة سوى هذه العبارة الكريهة، بعد صداقة 30 عاماً، لم أعد أسأله لماذا، لأنني أعرف أنه حين يقول هذه العبارة، فهو يعني أنه يريد أن يجيب نداء الطبيعة، وهذا حقه، كما هو حق أي حيوان ناطق أو غير ناطق على هذا الكوكب. صحيح أن «المود» لدي سيضرب، لأن كل شيء سيتغير، فالـ«يو تيرن» من النقطة ألف إلى النقطة باء، يعني ثلاث ساعات أخرى في الطريق، ويعني أن عرض الفيلم سيبدأ، وعلينا الحجز مرة أخرى، والبحث عن موقف سيارات آخر، وتغيير مكان «الشيشة»، التي كنا ننوي الذهاب إليها، وبتأثير «البوبريص»، وهي النظرية الموازية لتأثير الفراشة، سينتهي اليوم وهو يجيب نداء الطبيعة في منزله، وأنا أتركه للعودة إلى منزلي، وإكمال مهمتي القومية، في محاولة تجاوز المرحلة «سبعين» في الـ«كاندي كرش». لكن السؤال هو لماذا يصرّ «ربيعنا» على العودة إلى المنزل؟! ألا توجد محطات بترول، مساجد، براحات، المول؟! الجواب هو أن صديقي يصرّ على أن هناك كاميرات مراقبة في كل مكان في هذه الأيام، هي موجودة فوق «الفور سيلينغ» في المجمعات التجارية، حتى داخل المرافق الصحية، وموجودة في كل عمود إنارة، وموجودة في الأقمار الاصطناعية، لذا فهو لا يثق بأنه يوجد مكان لا يُراقب فيه سوى منزله. تعبت كثيراً من محاولات إقناع…