أزمة عريس

أخبار

لم تتأخر المناهج الدينية في مدرستي بتعليمنا تعاليم الدين حينما كان الأمر متعلقا بالزواج. ولعل أهم حديث نبوي شريف ذكر في ذلك السياق كان قوله عليه الصلاة والسلام “من جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فأنكحوه”. حينها كنت، وزميلاتي، يافعات تغرينا فكرة الزواج ويخيل إلينا أنه بداية السعادة الأبدية، ورحنا نتخيل ذلك القفص الذهبي المورد بالود والرحمة. بقي الحال كذلك حتى صرنا في الثامنة عشر حينها بدأنا نشعر بعدم صلاحية الحديث النبوي لنا، والحقيقة هي أننا فقدنا صلاحية تنفيذه.

فقدنا الصلاحية لعدة أسباب أولها. لأن الواقع تغير، أو نحن من تغيرنا، ربما الاثنين معا، وربما سبب ثالث. من أهم التغيرات التي حدثت هو دخول المرأة الجامعة وبلوغها مرحلة متقدمة من العلم بأشياء كثر. بالتالي أضف إلى الدين والخلق، العلم. إنه أمر لا أستطيع تخيله أن أتزوج برجل لم يكمل تعليمه. قالت لي إحدى الصديقات ووافقتها الرأي. ليس عجيبا، لأن فارق التعليم سيخلق فجوة بين الرجل وزوجته، وربما سيحاربها زوجها لأنها أعلى منه، وقد يمنعها من إكمال ما تريد غيرة منها، أو حبا بممارسة سلطته التي ظن أنها حق مشروع لأنه “قوام”. أليس سببا كافيا؟

قد تختلف معي لكن لا ضير، فالحياة تجربة تعلم. هل انتهى الأمر إذاً؟ اتفقنا على أن العلم هو عنصر جديد ليضاف إلى الدين والخلق وإن كان أقل أهمية من الاثنين هل انتهى الأمر. مممم… لا لم ينته بعد، هناك مصطلح اسمه.. ممممم.. اسمه إمكانيته المادية! نعم لن نكثر الضحك أكثر على أنفسنا. والرجل، كل فتاة تحب الرجل أن يكون خلوقا ومتدينا، ولكنها تحبه أكثر لو امتلك المال أيضا.

الحياة تجربة غنية بالمغريات. كل شيء حولنا يثير شهوة الامتلاك، التعرف، التجربة. أريد أن أجرب شعور التحليق بطائرة، وأرغب بامتلاك موبايل كذلك الذي تحمله صديقتي، وأتمنى لو أنك تشتري لي قرطا ذهبيا، وبالمناسبة ما هدية عيد ميلادي هذه السنة؟ هذه الجمل تترامي على أسماع الرجال من زوجاتهم وبناتهم ليلا نهارا حتى القنوعات منهن، لأن القناعة لا تكبت الرغبات. ولأن الرجل هذا مسكين لا يملك الكثير، سيضطر إلى القروض البنكية، الديون، تحميل نفسه ما لا يطيق حتى يصل إلى لحظة ينفجر بها صارخا “أنا شو بلاني وتزوجت”. فعلا، لمَ الزواج إن كان سيأتي بكل هذا البلاء.

سأجيبك لماذا بتكملة الحديث الذي ذكرته في البداية حين قال عليه الصلاة والسلام “إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادا كبيرا”. وهذا ما وصلنا إليه اليوم. بالغنا في الطلبات، وزدنا على الحديث من متطلباتنا الشخصية كالمال، العلم، المكانة، السمعة، وأضف إلى القائمة الكثير حتى تصل إلى فتاة سألتها لم رفضتِ فلانا مع جمال ما يتحلى به، وهو غني أيضأ،
قالت: “مممم خشن شوي”.

أنا لن أقول إني أعذر الشباب الذي يتوجه للحرام، أو الزواج بأجنبية “مجانا”، مبررا فعله بغلاء المهور أو ما شابه، لكنني أتفهم تماما أن الله فطره على تلك الرغبة، وإن امتنعت الفتيات عن الزواج بالمعروف لتلك الأسباب، فنحن على بعد قدم من الفتن إن لم نكن وصلناها في بعض مناطق العالم.

حنين عساف

‫لمزيد من المعلومات عن الكاتب انقر هنا