سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

الزيادات السنوية لرسوم المدارس أمر غير مقبول!

آراء

هناك مدارس خاصة في دبي رسومها عالية جداً، بل مبالغ فيها، حيث يعادل سعر رسوم دراسة الطفل أو الطفلة في مرحلة الروضة، أو الابتدائية، أسعار رسوم جامعات عريقة في دولة مثل بريطانيا على سبيل المثال، وهذا واقع، وليس تخيّلاً أو مبالغة. تحديداً أعرف ولي أمر لديه بنت تدرس هنا في الصف الثالث الابتدائي، يدفع لها رسوماً سنوية تعادل تماماً ما يدفعه لرسوم ابنه الذي يدرس في جامعة بريطانية، مع العلم أن الجامعة مصنّفة ضمن أفضل عشر جامعات في بريطانيا!

هو ليس الوحيد، حالة أخرى لأحد الأخوة، تدرس ابنته في مرحلة الروضة برسوم تبلغ 31 ألفاً، وابنه في الصف الخامس برسوم 41 ألفاً، وهو يدرس الدكتوراه خارج الدولة برسوم تبلغ 36 ألف درهم!

ولاشك في أن هناك نماذج أخرى، وبرسوم أعلى من ذلك بكثير، هذا واقع نعرفه جميعاً، ولكن السؤال المهم هنا: لماذا نرى ازدحاماً شديداً أمام المدارس المعروفة بأنها غالية جداً؟ ولماذا يتهافت أولياء الأمور على تسجيل أبنائهم في مدارس ذات رسوم مرتفعة؟! بالتأكيد لم يرغمهم أحد على ذلك، وبالتأكيد لو امتنعوا عن التسجيل في تلك المدارس الغالية، فإنها حتماً ستضطر إلى تخفيض رسومها، إنه قانون العرض والطلب، وتلك المدارس لو لم تشهد طلباً مرتفعاً، فإنها لن تجرؤ على رفع أسعارها لهذه الدرجة! البعض يرى أن الحكومة يجب أن تتدخل، ولكن، وحتى نكون منطقيين، ولسنا عاطفيين، فإنه من الصعب جداً أن تتدخل الجهات الحكومية لتحديد أسعار معينة، تلزم بها المدارس الخاصة كافة، لا تستطيع ذلك، فمبادئ السوق الحرة تتعارض مع مثل هذا التدخل، ولأن التعليم أصبح تجارة واستثماراً، والشركات المستثمرة في المدارس تدفع تكاليف باهظة حتى تبدأ تشغيل تلك المدارس، فإنه لا يمكن إجبارها على تقديم الخدمة بمبالغ زهيدة، لن تستطيع فعل ذلك بالتأكيد، وإلا لن يستثمر أحد في التعليم، نعم إنه واقع، شئنا أم أبينا!

لذلك فالأمر كله في يد أولياء الأمور، هم من يقررون أين يذهبون بأبنائهم، والمدارس الموجودة متفاوتة، والخيارات متعددة، وليست جميعها بالمستوى العالي نفسه من الرسوم، هناك مدارس جيدة وبرسوم مقبولة، وهناك الغالية جداً، فلماذا الاتجاه نحو الغالية؟!

لا تستطيع الحكومة منع مدرسة ما من وضع أسعارها، حتى وإن كانت الأسعار مبالغاً فيها، تماماً مثلما أنها لا تمنع أي وكالة سيارات من وضع أسعار فئات وأنواع سياراتها، لكن المشتري هو من يقرر ما يريد، هناك سيارة بمليوني درهم، وسيارة بمئتي ألف درهم، وكل حسب إمكاناته!

المشكلة الرئيسة، وهذه هي التي تحتاج إلى تدخل حكومي، تكمن في زيادة الرسوم في المدارس بشكل سنوي دائم، وبنسب مختلفة، وهذا أمر غير مقبول، فعندما يختار ولي الأمر مدرسة لابنه، فهو موافق على السعر الذي تم تحديده، مهما كان، لذلك فليس من المقبول أن يتغير هذا السعر وبشكل متزايد، وبنسب مرتفعة، ودون أسباب حقيقية في كل عام دراسي، هذا ما يجب ألا يكون مقبولاً، وهذا ما يفترض أن تتدخل فيه الجهات الحكومية حتى لا تصبح الأمور عشوائية، وتسير باتجاه فوضى المبالغات في الزيادات السنوية!

المصدر: الامارات اليوم