فاطمة المزروعي
فاطمة المزروعي
كاتبة إماراتية ، لها عدة إصدارات في القصة والرواية والشعر والمسرح وقصص الطفل ،رواية كمائن العتمة ، دار الفارابي 2012 ، زاوية حادة 2009

السعادة الوظيفية

آراء

العمل هو السعادة، هو المكان الذي تحقق فيه نفسك وذاتك، لكنه يتحول للروتين ولأمر اعتيادي، إذا قررنا تغيير ماهيته وشكله ووظيفته، إذا اعتبرناه مكاناً لتمضية الوقت، من دون مبادرات، من دون إنتاجية، ومن دون إنجاز.

يقول الأديب الفرنسي الشهير، الذي ترجمت رواياته إلى معظم اللغات العالمية، فيكتور هوجو: «لا ندرك حقيقتنا إلا بما نستطيعه من الأعمال»، وبالفعل فإننا لن نتمكن من معرفة جوهرنا وعمقنا وطموحاتنا إلا بما نحققه من فعل إيجابي في حياتنا، وهذا الفعل مكانه الطبيعي هو في مقر عملنا، الذي نمضي فيه يومياً نحو تسع ساعات.

يقول ستيف جوبز، رائد أبل الشهير: «عملك سيشغل وقتاً كبيراً من حياتك، وأفضل طريقة كي ترضي نفسك أن تقوم بما تعتقد أنه عمل عظيم»، لكم الخيار والقرار.

إن العمل يعطي الإنسان شعوراً بالإنجاز والأهمية والوجود في المجتمع، ومتى ما فقد هذا الجانب من العمل بات روتينياً، والهدف هو الجانب المادي وحسب، وهنا يحدث عدم التطوير بل مقاومة التغييرات الإيجابية ورفضها. أعتقد أن العامل الذي يصل إلى مرحلة الكسل والخمول، لم يصلها إلا مروراً بمطبات عدة، قادته إلى هذه الحالة، منها عدم التشجيع، عدم الإعلاء من مكانته، وعدم تحفيزه، ومنحه الصلاحيات ليبدع ويبتكر، ومع تراكم المحبطات والرفض، وحصره في مهمة محددة، بات يؤديها باعتياد ثم بإهمال.

في منظومة أي عمل إن توفرت الحوافز والأمان والتشجيع وأيضاً الترفيه، ستكون بيئة منتجة مبتكرة نشطة، وهذه الحقيقة ليست تنظيراً، ولا هي علم تجريبي، بل هي واقع تم إثباته مراراً وتكراراً من خلال بيئات عمل، اختارت هذا النهج في التعامل مع فرقها الوظيفية، فسنت القوانين التي تشجع الموظفين على التحرك والتميز، ومنحهم الحوافز والثقة. في هذا العصر باتت مثل هذه القيم الوظيفية مهمة في بيئة العمل، عمليات إسعاد الموظفين ليست إدارات تعد مسابقات وخصومات ونحوها من برامج الترفيه، بل هي حالة شاملة في بيئة العمل، تتناول مفاصل العمل وطريقته وآليته، بمعنى كل إدارة تتنفس، وفق آلية تبعث على السعادة بعيداً عن التوترات والضغوط، وفق الثقة بهذا الموظف وقدراته؛ لأن الموظف الذي يعمل من أجل الراتب لا ينتج، سيحضر ويغادر في الأوقات المحددة، لكن ما يقدمه سيكون جامداً لا يتنفس، لن تجد مبادرات ولا أفكاراً ولا حماسة. أتمنى أن نتجاوز المسميات والشعارات في إسعاد الموظفين، لتصبح واقعاً عملياً في بيئات الوظيفة.

المصدر: البيان