ناصر الظاهري
ناصر الظاهري
كاتب إماراتي

خميسيات

آراء

مرات يأتيك شخص ويخسرك كل الذي دفعته على بهجة مسائك، وكأنه متسلط عليك أو مأمور أن يجلدك ويجلد وقتك، سارقاً من خصوصيتك وسكينة هدأتك، لا يريحك، ولا يربّحك فكرة، ولا يخليك تكسب حسنة، أقلها أنك ستسبه على تعكير تلك اللحظة، وسحبك من كل طاقتك الإيجابية، ووضعك في زاوية ضيقة اختارها لك، ساعتها لا تشعر إلا أنك يمكن أن تكثر من السب، متعمداً عدم الاستغفار عن ذنب وددت أن تفعله!

– ما أصعب أن تلتقي بصديق في وظيفته، لا أنت تعرفه في تلك الوظيفة، ولا هو كان مرتاحاً في ربكته حين رآك مراجعاً، لم تفعل له شيئاً، ولا تريد منه أن يفعل لك شيئاً، فقط كنت تريده ألّا يعاملك غير مثل صديق!

– مرات يشعر الإنسان بإجحاف من الآخرين، غير مقدرين ما يعمل، ولا متذكرين له أي فضل، ولا شاكرين فيفرح من الغنيمة بالإياب، ولا متعذرين فيصفح راضياً بالصيت عن الغنى، هو يرقى مبتغياً كلمة «ونِعمّ»، وهم لا يرونه إلا في كلمة «لا» النافية والناهية، وإن التقت العين بالعين أشعروه باليتم، أو كأنه «عاق في البحر ملحة»!

– مرات أتساءل: كيف راحت المسبات القديمة مع ناسها الأولين، وغابت عن مفردات يومنا الجديد، مثل: «وعزراييل أو وعزراييل يأخذك، وضرس، ولقعة لقّعتك، ويعلك من هذا وأكثر، سيرة بن عرّوه، يعلك مثل عَقّة الحابول في الشتاء»!

– مرات أتساءل وأتعاطف مع وجع الآخرين مع البنوك والشركات المختلفة، إذا ما سمح لها بالسكوت عنها أن تستغل الناس، وتساوم على ضعفهم وحاجتهم، وتفتح بذلك باباً أن يفسد الناس، ويغشون بعضهم بعضاً، وأول من سيغشون المؤسسات التي يعملون فيها، فلا تجعلوا المصالح الخاصة تسيّر المصالح العامة!

– ما أكثر حقوق الناس البسطاء الضائعة هنا وهناك، وهم عالقون لا يعرفون من سلبهم تلك الحقوق، وممن يمكن أن يستردوها، حقوق قد تكون صغيرة، ولا تجعلنا نتوقف عندها أو نعيرها شيئاً من التشريع أو المحاسبة، لكنها في حقيقتها تشعر الطرف المتضرر بغصة حارقة في الحلق، وبذلك الوخز الموجع في قلب ذلك الإنسان البسيط!

– ما أصعب أن تكون حفلة مدرسية أو نشاط يظهر مواهب الأطفال الكامنة، مثل حفلة باليه لبنتك أو مباراة كرة قدم لولدك، ولا يجدانك في منصة الحضور، وهما المتوقعان ظهورك خلفهما، وتشجيعك لأدائهما، فتكون خيبة الأمل الصغيرة، حينها لا تقوى على برطمة الشفة السفلى للبنت التي يمكنها وحدها أن تثني عنقك أسفل، وقليلاً، ولا على تلك النظرة الفحولية المبكرة من ابنك الذي تعده للحياة كخليفة في البيت إن غاب ظلك!

المصدر: الاتحاد