ضحية الضبابية

آراء

«سلاح في يد مرتجفة لا يخيف عدواً».

هذه حالة أزمة أوكرانيا، فالذين استند عليهم الرئيس الأوكراني مترددون، يخشون التقدم خطوة واحدة إلى الأمام، يلوحون بأسلحتهم التي يمكن استخدامها إذا حدث غزو أو احتلال، ويتراجعون في لحظة، يغيرون اللهجة، يخففون من درجة ارتفاعها ووضوحها، ويستبعدون التدخل المباشر، لحماية دولة كانت مستقرة لثلاثين سنة، ولكنهم استخدموها، أرادوها طعماً لاصطياد الدب الروسي، فاصطادهم بوتين.

ضبابية الموقف الأمريكي والأوروبي، كانت واضحة من البداية، وأقصى ما توصلوا إليه لو حدث تدخل روسي مباشر في أوكرانيا، العقوبات الاقتصادية، فالرئيس الأمريكي يؤكد، ويؤيده وزير خارجيته ووزير دفاعه «لا تدخل عسكري»، وهذا يعني أن تترك تلك الدولة لمصيرها، وهو مصير محتوم، إذا ما نظرنا إلى حجمها وقوتها، مقابل حجم وقوة خصمها، هي ليست أكثر من لقمة سائغة.

و«الناتو»، ذلك الحلف الذي كان «أسداً» على نظام القذافي، أصبح «فأراً» في مواجهة روسيا، يتهرب من وعوده، ويتناسى تحريضاته، وما زال يتساءل عن الذي يحدث في أوكرانيا، هل هو تدخل مباشر أو غير مباشر؟ وهل هو غزو أو تأييد ومساندة سياسية للقوى الانفصالية في الإقليم الشرقي؟

فالرئيس الروسي تركهم واقفين عن الأبواب، يحرسونها، ويراقبون تحركات الجيوش المحتشدة بالقرب منها، وأنجز المهمة عن بعد، في خطوات «دراماتيكية» أدارت الرؤوس، وجعلت الأيدي ترتجف قبل القلوب، قال لهم «قدمت لكم النصائح مجاناً، ولم تستفيدوا منها»، وذلك كان خطأ الجميع، منذ أن تركوا القضية ومسبباتها، وتمسكوا بما علق بأطرافها.

بوتين، الوحيد الذي كان جاداً في خلافه مع الغرب حول الاقتراب عسكرياً من حدوده، ولم يكن متردداً طوال أيام الأزمة، ولم ترجف يداه، وهو يعد الأسلحة التي يملكها، وهي لم تكن أسلحة عسكرية فقط، ولم يستمعوا إلى نداءاته، فاستخدم أقل الأسلحة دماراً، الانتماء العرقي، دون أن يحرك قطعة عسكرية على الأرض!

المصدر: البيان