محمد الجوكر
محمد الجوكر
مستشار إعلامي بجريدة البيان، إعلامي منذ عام 1978، حاصل على جائزة الصحافة العربية وجائزة الدولة التقديرية، خرّيج جامعة الإمارات الدفعة الخامسة، وله 8 كتب وأعمال تلفزيونية في التوثيق الرياضي

كنت مع «الصعايدة»!!

آراء

صعود مصر إلى كأس العالم في روسيا 2018، مازال حديث الشارع المصري عامة والإماراتي خاصة، ولأول مرة في مسيرتي المهنية، أحل ضيفاً على قناة إقليمية مصرية، هي قناة الصعيد، في برنامج «الطير المسافر»، للحديث عن صعود الأشقاء، بعد غياب 28 سنة، وفيها انطلقت، لأتحدث «هاتفياً»، عن العلاقات الرياضية بين البلدين، أي قبل نشأة الدولة، وعبرت عن سعادتنا، بصعود الشقيقة الكبرى (أم الدنيا) إلى المونديال، وعلى مدى دقائق عدة، تناولت قصة التأهل، الذي أسعدنا جميعاً في يوم لا ينسى، بواسطة عريس الليلة «محمد صلاح»، الذي نال حب الجماهير من المحيط إلى الخليج، لموهبته الكبيرة، وقد وصلتني رسالة طريفة من صديق «صعيدي» عبر الواتس اب، يتخيل فيها جدول مباريات مصر في روسيا، ويضع سيناريو الفوز، والوصول إلى النهائي، بل وحصول «الفراعنة» على كأس العالم!! وكانت رسالة على هيئة دعابة خفيفة الظل، كما هو معروف عن الشعب المصري، وكيف يُخرج الضحكة من أي موقف، مثل الذي كتب على «ميكروباص» نقل الركاب من القاهرة إلى موسكو، وغيرها من الطرائف، التي تعج بها مواقع التواصل الاجتماعي.

من منا ينسى دور المصريين عامة و«الصعايدة» على وجه الخصوص في منطقتنا، لأن لهم مكانة خاصة في قلوبنا، ربما لقرب اللهجة الصعيدية من لهجتنا الخليجية، أو لأمانتهم وصدقهم، وربما كان لأن الكثير منهم تعود أصوله إلى الجزيرة العربية، فما زال في صعيد مصر قرى بأكملها تسبق أسماءها كلمة عرب، محافظون على لهجة أهل الجزيرة العربية وملابسهم وعاداتهم وتقاليدهم حتى الآن، كما أن أهل الصعيد ليسوا كما تصورهم الأفلام والمسرحيات، بل هم أهل كرم ورجولة وشهامة وعادات وتقاليد، وحتى «النكات» التي تطلق عليهم، إنما تدل على قوة تحملهم، وكثير من المصريين إذا وقع أحدهم في مشكلة، تراه يقول بصوت عالٍ «إحنا صعايدة ودمنا حامي، وما نسيبش حقنا»، والأحجار لا تلقى إلا على الشجرة المثمرة، وما أكثر ما أثمره الصعيد في كل المجالات، وعلى سبيل المثال، لا الحصر الزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر، وعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، والجراح العالمي الشهير الدكتور مجدي يعقوب، والمنفلوطي والعقاد وغيرهم.

وعلى صعيد كرة القدم، كم من النجوم جاؤوا إلى منطقة الخليج، وأحرزوا معنا البطولات، سواء أكانوا لاعبين أم مدربين أم إداريين أم حكاماً وإعلاميين، على مدى التاريخ، وكم كنت سعيداً، وأنا أتحاور مع مذيع «صعيدي» متمكن، حاورني بحرفية، وكانت إجاباتي بلا تحضير، فهي نابعة من القلب، وما يخرج من القلب يصل إلى القلب، والمجتمع المصري بمختلف شرائحه «الصعايدة والفلاحين والسواحلية والبدو»، لهم مكانة خاصة، ولولا أن هذه الزاوية محدودة في عدد كلماتها، لكنت سردت ملايين الكلمات لأكتب عن مصر ورياضتها وإنجازاتها وتحيا مصر، و«الصعايدة وصلوا».. والله من وراء القصد.

المصدر: البيان