منى بوسمره
منى بوسمره
رئيسة تحرير صحيفة الإمارات اليوم

«ياك العون».. البلسم الذي يداوي جراح العشرات

آراء

وجد «أبوعبيد» وهو رجل في العقد الخامس من العمر، نفسه محاطاً بالديون التي تراكمت عليه وهو يحاول مساعدة أحد أقاربه، فتورط بمديونية تتجاوز بكثير، قدرته على السداد، فاضطر إلى البقاء هارباً من القانون يتنقل من مكان لآخر، وليس لديه مصدر دخل، حتى إنه أقام في سكن مشترك مع عمال، وطرد منه لاحقاً لعدم قدرته على دفع الإيجار، وبقي على هذا الحال 10 سنوات كاملة من المعاناة القاسية، إلى أن شملته مبادرة «ياك العون» في موسمها الثالث، فكانت كالبلسم الشافي لجرح أثر عميقاً في نفسه وفي أسرته عقداً كاملاً.

و«أبوعبيد» هو واحد من بين 51 مواطناً ملاحقاً قضائياً تم الإفراج عنهم بعد سداد مديونياتهم وتفريج كربهم، بعدما نجحت المبادرة التي أطلقتها «الإمارات اليوم»، ومحاكم دبي، ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، في سداد مديونياتهم، بمبلغ خمسة ملايين و708 آلاف و634 درهماً. وهاهي المبادرة ذاتها تنطلق في موسمها الرابع منذ يومين، مستهدفة هذه المرة إطلاق سراح 140 مواطناً من إمارة دبي متعثرين مالياً، تزامناً مع شهر رمضان المبارك، ويبلغ مجموع مديونياتهم 21 مليوناً و176 ألفاً و995 درهماً. وللعلم فإن اختيار المستفيدين، يكون بعد دراسة ملفاتهم بعناية فائقة واعتمادها من قبل لجنة «محاكم الخير» في محاكم دبي، ومن المهم التأكيد على أنه ليس كل المتعثرين مالياً من المُهملين أو غير المبالين أو ممن ارتكبوا جرائم مالية بحق آخرين، فثمة أشخاص ربما قادتهم ظروف قهرية إلى السجن.

إننا في «الإمارات اليوم» نشعر بفخر كبير ونحن نسير على نهج قادتنا في ترسيخ معاني الخير والتعاضد والتكاتف المجتمعي، ومد يد العون لمن يحتاجها، انسجاماً مع تعاليم ديننا الحنيف وتقاليد دولتنا التي تتصدر دول العالم في تقديم العون والمساعدة لكل من يحتاجهما. لذلك فما إن ننهي مبادرة حتى نطلق أخرى، تعزيزاً لهذا النهج واستدامة لفعل الخير. وسيظل «الخط الساخن» النافذة الإنسانية التي نطل من خلالها على مشكلات القراء وهمومهم وقضاياهم، وأحد أهم أبواب الخير والعطاء في دولتنا، فـ«الإمارات اليوم» تتبنى ثقافة تقوم على عدم الاكتفاء بدور المرسل فقط للمحتوى، وهي الصحيفة ذات النمط الشعبي، التي اقتربت من نبض قرائها منذ بداياتها، وظلت تحمل شعار التفاعل والتواصل معهم، ليس فقط لنقل ملاحظاتهم وقضاياهم وشكاواهم، بل والإسهام في حلها أيضاً بجهد إنساني منظم، لا يخلُّ بعملها القائم على المهنية والدقة والموضوعية.

ونفخر أيضاً بشراكتنا التي أثبتت نجاحها وقدرتها على الإنجاز، مع محاكم دبي، ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، وهي شراكة تكاملية تضمن أن كل درهم من أموال المتبرعين يذهب لمن يستحقه، مع مراعاة ظروف السجين الأسرية، لاسيما أن هذه الجهات لديها الخبرة والقدرة على فرز مستحقي الدعم وفق شروط المبادرة، وترتيبهم حسب درجة الاحتياج.

لقد تمكنا من خلال مبادرات الصحيفة في الخمس سنوات الماضية من سداد مديونية 243 مواطناً من المتعثرين مالياً والملاحقين قضائياً في إمارة دبي، بمبلغ 44 مليوناً و60 ألفاً و229 درهماً، ونحن إذ نطلق هذه النسخة الجديدة من المبادرة، فإنه ليحدونا أمل كبير في تجاوب أهل الخير من مؤسسات وشركات وأفراد بسرعة مع «ياك العون» وجمع المبلغ المطلوب قبل نهاية شهر الخير، لنحقق جملة من الأهداف دفعة واحدة، تفريج كرب المشمولين بالمبادرة، وجعل عيد الفطر المقبل لهم ولأسرهم عيدين، ولترسيخ مفاهيم العطاء في عمق الثقافة المجتمعية.. فيا باغي الخير أقبل.

المصدر: الامارات اليوم