سوسن الشاعر
سوسن الشاعر
كاتبة و إعلامية

«الربيع العربي ــ 2»… باسم الفلسطيني

الإثنين ٠٨ أبريل ٢٠٢٤

يتم اليوم استهداف أمن الأردن باسم نصرة الفلسطيني، وهذا يحصل على الرغم مما قدمه الأردن للفلسطيني عموماً من إقامة وعمل وهوية، إذ تقاسم الأردني فيه لقمة العيش مع أخيه الفلسطيني، ورغم ما قدمه الأردن ومليكه لغزة في محنتها خصوصاً. كما أن ليس الأردن وحده هو المستهدف اليوم، بل لبنان أيضاً الذي أصبح أمنه في دائرة الخطر ووضعه على شفا الحرب، واليمن والعراق وسوريا كلها يجري استهداف الأنظمة فيها باسم الفلسطيني، والسبب الأساسي في هذا الاستهداف هو إيران، والمنفذون هم الشعوب العربية، وكل ما يجري من فوضى وتصادم في المنطقة يجري بعيداً عن إيران!! هذا هو «الخراب العربي» أو ما سمي «الربيع العربي-2»، فالجزء الأول كان شعاره مباشراً «إسقاط الأنظمة» (باقون حتى يسقط النظام)، بينما تعلم القائمون عليه من التجارب السابقة أن هذا الشعار المباشر لن ينجح ولن يجد صدى لدى الجماهير في موسمه الثاني، لأن من سقطت أنظمته لعن الساعة التي سقطت فيها، ورأت الشعوب أنها هي الخاسر الأكبر في تلك اللعبة ودفعت الثمن غالياً، لذا فإن القائمين على المشروع ذاته بجزئه الثاني رأوا أن تغيير الشعار ضروري هذه المرة، وليكن «نصرة غزة» واستهداف الأنظمة «المتقاعسة» عن نصرة الفلسطيني، إنما الهدف كان وما زال في الموسمين واحداً، وهو إثارة الفوضى وحث الجماهير على التصادم مع القوى الأمنية في البلاد لإسقاط…

قصص إيرانية «شيزوفرينية»

الأحد ١٩ سبتمبر ٢٠٢١

ليس هناك نظام يعاني من «الشيزوفرينيا» يصرح بالشيء ويعمل نقيضه من دون أن يرف له جفن كالنظام الإيراني، وعنده - ما شاء الله - قدرة وتمكن في التزام الجدية ورسمها على وجوه مسؤوليه حين يطلقون تصريحاتهم المتناقضة مع أفعالهم، فتكاد تصدق ما يقولون، أعتقد أن هناك دورات تدريبية لوزرائهم ،لأنهم يحتاجون إلى مهارات خاصة كي يتمكنوا من رسم هذه الجدية على وجوههم، أو مهارات خاصة لاختيار وانتقاء الكلمات في التصريحات التي يعرفون أنها لا تمت للواقعية بصلة. - القصة الأولى فنكتة الموسم كانت في تصريح وزير خارجية إيران عبد اللهيان (طُرد من البحرين حين كان سفيراً فيها) وهو ينصح «طالبان»؛ فهذا التصريح جمع أطنان التناقضات الموجودة في العالم؛ إذ يقول اللهيان لـ«طالبان»، إن حكومتكم «غير منصفة»؛ لأنها لا تشمل المكونات الأخرى من المجتمع الأفغاني، وطبعاً هو يقصد أنها لم تضم ولا وزيراً من «الهزارة» فكلهم «بشتون»! إيران تنصح الآخرين بالتعددية؟ إيران التي لم تسمح ببناء مسجد للسنة في طهران تطالب بالتعددية، إيران التي ينص دستورها على احتكار السلطة لأبناء مذهب واحد تنصح الآخرين بالتعددية، هل صادفتم شيزوفرينيا أكثر من هذه؟ من رد عليه؟ رد عليه عضو برلماني إيراني سابق يدعى علي مطهري، فكتب تغريدة قال فيها «قصة نصح مسؤولينا لحركة (طالبان) بتشكيل حكومة شاملة تعد مزحة»، تقول «طالبان» رداً على…

منفذ عرعر منفذ للعروبة

الأحد ١٣ ديسمبر ٢٠٢٠

قدر الدول الكبرى أن تحظى بمكانتها الاستراتيجية بقدر مساهمتها في تحقيق الأمن والرخاء لها ولمحيطها كذلك، وعدم الانغلاق والاهتمام بالذات فحسب، وهذا ما تقوم به المملكة العربية السعودية من جهد على المستوى الأمني والاقتصادي في محيط العالم العربي، مما يمنحها تلك المكانة بلا جدال. فالسعودية لم تكتفِ بالمكانة التي وفرتها لها المقومات الطبيعية في أرضها، من موقع جغرافي وإمكانات مادية وحجم ديموغرافي ومركز ديني، كي تحظى بهذه المكانة، إنما تسعى من خلال ما تملك من تلك المقومات إلى تعزيز «الأمن العربي» وتقويته لا بالقوة العسكرية على ما جرت العادة؛ بل بالقوى الناعمة؛ حيث تكسب بها ما لا تكسبه بالعنف والفوضى والدمار. فلو عاد الأمر لدراسات الجدوى الاقتصادية الصرفة وحدها، وتقييم المخاطر الاستثمارية، لما جازفت المملكة العربية السعودية باستثمار ريال واحد في العراق، فكم الـ«لا» يفوق بكثير كم الـ«نعم». حين تعقد المقارنة بين الاثنين، بين «نعم» للاستثمار في بلد يبدو حافلاً بالمخاطر الأمنية، والنفوذ الإيراني فيه كبير جداً كالعراق، و«لا» التي تحث على عدم المخاطرة، فالخسارة واردة وبشدة. إنما التفكير الاستراتيجي السعودي ذو النظرة البعيدة لمقتضيات الأمن القومي العربي بشكل عام وأمنها القومي بشكل خاص، هو الذي نحَّى جانباً الدراسة الاقتصادية الصرفة، ووضع نصب عينيه دراسة أخرى تسعى لتحقيق معادلة الاستثمار السياسي إلى جانب الاستثمار الاقتصادي، وجعل الاستثمار التجاري إحدى أدوات…

صراع الهويات… فرنسا مثالاً

الأحد ٠١ نوفمبر ٢٠٢٠

في الوقت الذي تحاول فيه فرنسا فرض إلزامية التعليم منذ سن الثالثة، يوجد حوالي 50 ألف طفل فرنسي يمتنع أولياء أمورهم المسلمون عن إرسال أبنائهم للمدارس، بحجة أن تلك المدارس مختلطة، وذلك على الرغم من قرار فرنسا تخصيص 10 ملايين يورو لتمويل مجهودات مؤسسة «إسلام فرنسا»، للتعريف بالثقافة الإسلامية، عبر إنشاء المركز العلمي للدراسات الإسلامية، في محاولة لمحاربة فرنسا التدخلات الأجنبية التي تأتي عن طريق تمويل جمعيات الجالية المسلمة، نظراً لتعدد التمويلات الخارجية من دول المغرب العربي وتركيا ودول الخليج للعديد من الجمعيات الدينية. أيضاً حثت باريس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية على الإسراع في مشروع تكوين الأئمة وتأهيلهم في فرنسا بشكل يتوافق مع ثوابت الجمهورية والعلمانية، لتقوية هيمنة هذا المجلس على ملفات الجالية المسلمة، وكذلك بهدف التضييق على مبادرات بعض الدول التي ترسل أئمة مساجد إلى فرنسا، بلغ عددهم 300 إمام مكلفين إمامة الصلاة وتعليم القرآن واللغة العربية والمبادئ الإسلامية، وجمع الزكاة. الجدير بالذكر أنه يوجد في فرنسا حوالي 2260 مسجداً، معظمها ليست من المساجد بالمعنى المعماري للمصطلح، إذ يوجد 60 مسجداً فقط تعلوه مئذنة. في الواقع، تحتوي غالبية هذه المساجد على مراكز ثقافية بسيطة وقاعات للصلاة للرجال، وأخرى مخصصة للنساء، وتحصل تلك المراكز على تمويل من الدولة، باعتبارها مؤسسات مدنية ذات طابع اجتماعي. القصة إذن لا تبدأ من رسم…

مخالب تفترس أبناءنا

الأحد ٢٣ أغسطس ٢٠٢٠

في السبعينات، حين تعرضت الكويت الحبيبة لغزو غاشم لم نسمع صوتاً خليجياً نشازاً يؤيد هذا الغزو، الكل «أنظمة وشعوباً» خليجية وقفوا وقفة رجل واحد مع الكويتيين، لم يكن هناك صوت خليجي ضد تحرير الكويت بالاستعانة بالقوات الدولية، لم تخرج مظاهرات أو وقفات اعتراض أمام السفارات على قرار الاستعانة بالقوات الأجنبية كذلك، بل شاركت قوات خليجية التآلف الدولي لتحرير الكويت وهي أول من دخل مع القوات الكويتية يوم التحرير. خلال الثلاثين عاماً التي تلت ذلك اليوم جرت مياه تحت الجسور، الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدأت تتفرغ لاستئناف تصدير الثورة بعد انتهاء حربها مع العراق، وكانت هناك التنظيمات التي خرجت من عباءة الإخوان كـ«القاعدة» و«التكفير والهجرة» وغيرها، وحصل الانقلاب في قطر وبدأ عهد الحمدين في مهمتهما التي كلفا بها، نجحت تلك القوى مجتمعة في تفتيت هذا الصف الخليجي الموحد الذي أسهمت وحدته في سرعة القرار في تحرير الكويت، بدأ هذا الصف يتخلخل باختراقات الجماعات الدينية، وجاء المال القطري ليزيد من الطين بلة داعماً وممولاً كل من له خلاف مع أي من الأنظمة الخليجية، حتى وصلنا إلى اليوم الذي نحن فيه الآن، وضع لم نستعد له نفسياً أبداً، ونجد صعوبة في تقبله والاقتناع به نحن من نشأنا على أن خليجنا واحد وشعبنا واحد... كانت لنا هوية عربية بصبغتها ونسختها الجزيرية الخليجية، إلى التسعينات، جذورها…

المزاوجة بين كرة القدم وصناعة المتفجرات

الأحد ١٧ فبراير ٢٠١٩

أين سيكون الحريق الرابع؟ حمل زجاجات المولوتوف وتلثم مخفياً ملامح وجهه، وتوجه ومعه اثنا عشر شاباً إلى مركز شرطة الخميس القريب من منزله «فتية آمنوا بربهم» كما وصفتهم مواقع الميليشيات الإرهابية المدعومة من إيران، إنهم يقومون بعمل «بطولي إيماني»؛ قتْل رجال الشرطة هدفهم لأنهم يعتبرونهم حماة لحكم «باغٍ»، حسب فتوى السيد آية الله خامنئي. قُتل إلى الآن أكثر من ثلاثين رجل أمن بحرينياً حرقاً وتفجيراً، موتهم يذكرنا بمعاذ الكساسبة الذي حرقته «داعش» حياً، وحرق مركز للشرطة ورجال الأمن بداخله سيكون عملاً بطولياً تتحاكى به الميليشيات وسيرضي آية الله. بتاريخ الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 والمركز حافل بمجموعات من الضباط والأفراد بلغ عددهم الثلاثين، ومعهم بعض المراجعين يقومون بعملهم اليومي، فوجئ الجميع بصوت كسر للزجاج أعقبه وابل من القنابل الحارقة واشتعلت النيران.. لحظات رعب وإرباك؛ فالعدد كبير ووابل الزجاجات لا يتوقف. اتُخذ القرار سريعاً بإخلاء المركز، فالأولوية لحماية الأرواح البشرية. نشبت النيران في المركز وفي عدد من السيارات المتوقفة. بعد التحري ألقي القبض على عدد من المتهمين، وبعد التحقيق اكتشفوا أن أحد المقبوض عليهم من ذوي السوابق، وفي حال ثبوت التهمة سيكون هذا هو الحريق الثالث ومحاولة القتل الثالثة ويدعى حكيم العريبي!! ليست هذه هي المرة الأولى التي ينخرط فيها هذا الشاب في تلك الأعمال الإرهابية، بل سبقه حريقان؛ الأول…

في الهجمة على السعودية…

الأحد ٢٠ يناير ٢٠١٩

كانت من أكثر الأدوات التي عززت ثقة المواطن الأميركي بالسلطة في الولايات المتحدة الأميركية «الدراما»، وهي فن من الفنون الثقافية. وقد صور مثقفوها أجهزة الدولة الفيدرالية كالبيت الأبيض والقوات الخاصة والجيش ووكالة الاستخبارات والأمن... وغيرها من الأجهزة، كمؤسسات بطولية قوية، بل خارقة أحياناً. وساهمت تلك الأدوات الثقافية في نشر القيم والمبادئ الأميركية من وجهة نظر سلطوية، خاصة محاربتها للفكر الشيوعي المناهض. ولم يكن ذلك يجري عشوائياً أو اعتباطياً من قبل المؤلفين، بل بتعاون تام مع تلك الأجهزة التي تبنت استراتيجية وطنية شاملة، تسخّر لها منظومة أدوات تعزز الهوية الوطنية، وتعزز الثقة بالسلطة الاتحادية وبقدرتها على حماية الشعب والحفاظ على أمنه، ولطالما زودت تلك الأجهزة كُتّاب الدراما في هوليوود وفي استديوهات التصوير التلفزيونية بقصص ومحتوى وملفات يستمدون منها سيناريوهاتهم وقصصهم، ومن ثم تعمل بقية الأدوات الدرامية على عوامل الإثارة والإبهار كي تكتمل الصورة. ولم يقتصر الأمر على أفلام هوليوود، بل شمل أيضاً الآداب والفنون والصحافة والإعلام، خاصة في ترويجهم محاسن النظام الرأسمالي ومحاربتهم للشيوعية في أوروبا، أي أن الأثر الثقافي امتدّ خارج حدود الدولة من كُتاب ومؤلفين تعاونوا مع السلطة الأميركية للدفاع عن المصالح الأميركية والأمن الأميركي، ولم يجدوا في ذلك تهمة بالارتزاق. في مقالة نشرت في موقع «ساسة بوست»، بعنوان اختراق «سي آي إيه» عالم الفنون والآداب، كتب إسلام محمد:…

ضرورة التعاون مع «القوى الناعمة» الأميركية

الأحد ١٣ يناير ٢٠١٩

يتيح الفضاء الأميركي الإعلامي المجال لأي راغب في دخوله مع قليل من الضوابط، ومن ثم يترك الأمر لحجم ميزانيته ولاتساع دائرة علاقاته العامة لخلق أداة تأثير على صناع القرار السياسي أو للتأثير في الرأي العام وتوجيهه. ويدور الحديث الآن عن جهتين نجحتا في استغلال هذه البيئة المنفتحة بشكل أثر في دائرة صنع القرار وعلى الرأي العام الأميركي وهما روسيا وقطر!! مما دفع الكونغرس إلى وضع المزيد من الضوابط. وبموجب القانون الجديد الذي تقدم به كل من النائب إليز ستيفانيك، عضو الحزب الجمهوري عن نيويورك، وزميله سيث مولتون، عضو الحزب الديمقراطي عن ماساتشوستس في مارس (آذار) 2018. سيتعين على أي وسيلة إعلامية مملوكة أو يتم إدارتها أو تمويلها بشكل رئيسي بواسطة جهات أجنبية أو تمثل بشكل أساسي مصالح حكومة أجنبية، أن تقوم بالحصول على اعتماد وتسجيل من لجنة الاتصالات الفيدرالية FCC. وتتضمن شروط التسجيل الجديد والتراخيص تحت مظلة FCC الكثير من البنود المشتركة مع قانون الترخيص بالعمل للعملاء والوكلاء الأجانب، المعروف اختصاراً بـ FARA، فيما يتعلق بتحديد المؤسسات الإعلامية التي تنطبق عليها شروط التقدم لتسجيل أنشطتها والترخيص لها بالعمل في الولايات المتحدة. («العربية» 3 يناير/ كانون الثاني) 2019. انتهى. دعك من روسيا إنما السؤال الذي يطرح نفسه كيف لم توظف هذه الأداة بما يخدم المصالح الخليجية الأميركية وبالأخص مع اليمين الأميركي…

… وفشل المخطط

الأحد ١٨ نوفمبر ٢٠١٨

كان المخطط استهداف المملكة العربية السعودية، واستهداف قيادتها واستقرارها وأمنها. كانت أكبر وأضخم عملية ابتزاز شهدها التاريخ المعاصر؛ بدأت بسرعة عِلم وسائل الإعلام، وحجم تضخيم الحدث، وردود الفعل عليه، وتشغيل ماكينة إعلامية دولية بشكل لا يتسق أبداً مع تجاهل جميع هذه الأطراف، التي تدعي أنها تسعى للعدالة، جرائم فاقت عدداً وبشاعة وظلماً جريمة قتل خاشقجي بآلاف المرات (وفقاً لمعهد «واتسن» للعلاقات الدولية في جامعة براون رود آيلاند الأميركية، قتل أكثر من 500 ألف شخص في العراق وأفغانستان وباكستان منذ أن شنّت الولايات المتحدة الحرب على الإرهاب حماية لأمنها)، أي أنها في سبيل حماية بلادها من مجموعة من الإرهابيين قتلت نصف مليون إنسان، وهذا ليس مبرراً لتمرير جريمة قتل خاشقجي، إنما هو امتحان للادعاءات التي حصرت أهدافها بتحقيق العدالة! وقياساً بحجم هذا المخطط الذي أراد إيقاع السعودية لأكبر عملية ابتزاز، وبعد وقوع الفأس في الرأس، ووقوع الجريمة، وبوجود أدلّة ثبوتية على وقوعها في القنصلية، وضلوع حكومات غربية وأحزاب في الجريمة بعدم منعها، وتلك جريمة بحد ذاتها، يستحقُّ فعلاً الفريق السعودي الذي أدار ملف القضية دولياً أن نرفع له القبعة؛ فأي مراقب لم يكن يتوقع أن تفشل هذه الحملة، وأن ما أعدّت له عدة أطراف يمكن له أن ينهزم. هناك أكثر من محور عني به الفريق الذي أمسك بالملف؛ المحور الأول هو…

الدبلوماسية السعودية… هدوء وحنكة

الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٨

برزت الدبلوماسية السعودية في أذكى وأرقى صورها وأكثرها هدوءاً واتزاناً وحسماً وقوة في الأسبوع الماضي، إثر مقابلة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مركز الشؤون الخارجية في الولايات المتحدة، وانتشرت مقاطع اللقاء على أهم المواقع الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي. تلك صورة ظاهرة للعيان والعلن للدبلوماسية السعودية يمثلها عادل الجبير، إنما لتلك الدبلوماسية كواليسها التي تعمل بصمت وتنسج بهدوء طريقاً تعبده وتمهد للمصالح السعودية. وفي هذا السياق يمكن أن نقول إن ما هو مبهر في السر أكثر مما هو مبهر في العلن وظاهر للعيان، ففي تلك الكواليس تعمل الدبلوماسية السعودية على إحياء دورها الدبلوماسي في الملف السوري بهدوء يشابه ملامح الهدوء المرسوم على وجه وزيرها، لكنه عمل في منتهى الذكاء تماماً كردود وزيرها. هذا الملف الذي ترك لسنوات حتى تغولت فيه كل القوى الأجنبية بما فيها إيران وإسرائيل وميليشيات ودول أخرى بسبب تراجع الدور الأميركي في عهد أوباما وأيضاً حتى بعد مجيء ترمب الذي كان قد أعلن عن نيته سحب القوات الأميركية من هناك، عادت له السعودية الآن لتنخرط في المفاوضات بعد أن أعاد البيت الأبيض النظر في سياسته الانسحابية. إذ تعود السعودية لتحريك دبلوماسيتها كأحد الأطراف المعنية لا كشاهد عيان هذه المرة يجمع أطراف النزاع السوري على طاولة المفاوضات، إنما كطرف دولي مؤثر ومتأثر في ذلك الصراع، وذلك في بيان…

الإدارة الأمريكية السابقة وتبعات أخطائها!

الإثنين ١٧ سبتمبر ٢٠١٨

الأخطاء التي يقر بها السياسيون الأميركيون السابقون في منطقة الشرق الأوسط، بعد مغادرتهم مناصبهم، لا يتحملها الأميركيون، وحتماً لا يتحملها الساسة الأميركيون، إنما تتحملها الشعوب وقيادات المنطقة معهم، بل إن قيادات المنطقة هم من يعالجون تبعات تلك الأخطاء، ويدفعون الثمن مع شعوبهم في ترميم ما تم هدمه بواسطتها. أزيدكم من الشعر بيتاً، تلك «الإقرارات بالأخطاء المتأخرة» هي مصدر رزق للساسة السابقين، فهي ملح مقابلاتهم التلفزيونية التي يجرونها بمقابل مادي جزيل، وهي لب كتبهم التي يطبعونها، وندواتهم التي يعقدونها، إذ لا بد أن يأتي الضيف في برامجهم الحوارية أو الكاتب بخبر جديد يتصدر النشرات، وإلا لا فائدة من استضافته، وليس أفضل من خبر الإقرار بالأخطاء السابقة. وكان جون كيري، وزير الخارجية الأميركي الأسبق، قد أكد لقناة «سي إن إن» في دافوس، الأسبوع الماضي، رداً على سؤال عما إذا كانت إيران قد استخدمت جزءاً من 150 مليار دولار التي حصلت عليها بعد رفع العقوبات لدعم الجماعات الإرهابية، إنه «بعد التسوية بلغت المطالبات المتعلقة بالديون نحو 55 مليار دولار، حصلت عليها إيران التي قد تكون أرسلت جزءاً منها للجماعات المصنفة إرهابية». السؤال هو هل سيكون إقرار كيري هو الأخير في سلسلة الإقرارات بالأخطاء الأميركية بعد الخروج من المنصب؟ ألم تسبقه هيلاري كلينتون؟ وكسينجر ومادلين أولبرايت وغيرهم وغيرهم؟ ألم يصر جون كيري حين كانت…

جرأة طرق الأبواب المغلقة

الأحد ٢٠ مايو ٢٠١٨

يعرض تلفزيون أبوظبي هذه السنة في رمضان برنامج «مع محمد شحرور» إنسان يطرح فكراً دينياً فلسفياً مختلفاً مغايراً عن السائد، تختلف معه، توافقه ذلك جانب من القضية، إنما ترفض أن تسمعه فتلك هي القضية! فالجدل في الأوساط الإعلامية والتواصلية لا يدور حول أفكار الرجل موافقتها أو رفضها بقدر ما هو محاولة منع الرجل من التحدث، من التعبير، من حجب أفكاره، فهناك (ثقافة) سائدة عند شرائح كبيرة في مجتمعنا ترتكز على رفض السمع و رفض الرؤية ورفض التفكير، (ثقافة) تنتشر بين شبابنا الذي من المفروض إنه حامل لشعلة التغيير والتطوير فكيف بشيباننا؟ هل هو الخوف من الصدمة في النفس الذي يمنعها من رؤية المغاير؟ احتمال. بداية أحيي تلفزيون أبوظبي على تبنيه سياسية إعلامية تقوم على طرق الأبواب المغلقة فكرياً، فتلك شجاعة منه في امتلاك رؤية سياسية تتحمل مسؤولية بناء عقلي سليم للأجيال القادمة بعيداً عن الانغلاق، في مواجهة فكر سائد يبنى على الحفظ والتكرار لم تخشَهُ. ففي العام الماضي خصص تلفزيون أبوظبي كذلك برنامج لمحاورة الإمام الدكتور أحمد الطيب، والاثنان رغم تباين طرحهما في الكثير من الزوايا إلا أن الاثنين أضاءا العديد من الزوايا التي كان الضوء محرماً عليها لعقود طويلة بل ربما لأكثر من قرن، وفتحا مغاليق كانت تأبى أن تفتح قبلهما، والاثنان -و هذا بيت قصيدنا - لقيا اعتراضاً…