زهير قصيباتي
زهير قصيباتي
كاتب وصحفي لبناني

لا جزرة في سورية ولا توبة في اليمن

الأربعاء ٠٣ أغسطس ٢٠١٦

يباغتنا وزير الخارجية الأميركي جون كيري برياح أمل سيرى ماذا سيفعل خلال ساعات، لتُمطِر برداً وسلاماً على السوريين المنكوبين بنظامهم وإصراره على «الانتصار»، وبإيران التي تراهن على «الخوارق» دفاعاً عن «مصالحها» في سورية، ولا ترى حلاً إلا بسحق المعارضين للرئيس بشار الأسد. اعترف كيري بعد صحوة مباغتة بأن خريطة الطريق إلى تسوية جنيف، لم يتحقق منها ما يمكن أن يفتح الباب للعملية الانتقالية، فيبرّئ بالتالي إدارة الرئيس باراك أوباما من وصمة التواطؤ، على رغم كل ما شهدته سورية من مجازر وجرائم حرب. وربما لم يكن مجرد أمنيات، التكهُّن بصفقة ما بين أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تقود سورية إلى مرحلة جديدة انطلاقاً من تبريد جبهات القتال، قبل انتخاب الأميركيين رئيساً للولايات المتحدة. لكن إصرار الروس والنظام السوري على خنق المعارضة في حلب، ولو كلّف تدمير ما بقي من المدينة، وقتل آلاف من المحاصرين فيها، يستبعد مراعاة الكرملين الحسابات الانتخابية للديموقراطيين في أميركا. وما دام هناك إعجاب متبادل بين بوتين والمرشّح الجمهوري الجهوري دونالد ترمب، يمكن النظام السوري أن يحلم بـ «خوارق» إيران لضم رجل الأعمال الصاعد إلى سلّم مقاومة «التكفيريين»، ولو كانت بين مشاريعه إثارة فتنة في أميركا ضد كل مسلميها. رغم كل ذلك، وبعد كوارث الدجل الأميركي في مزاعم دعم واشنطن المعارضة «المعتدلة» في سورية، فلنثق باتكال «المفوض السامي»…

أردوغان الثاني و«الصفقة» السورية

الأربعاء ١٣ يوليو ٢٠١٦

يخشى معارضون سوريون أن تكون تركيا «السلطان» رجب طيب أردوغان انتقلت من حقبة سياسة «صفر مشاكل»، إلى مرحلة «صفر ثوابت». ومبرر القلق لديهم أن مَنْ كان يُعتبر عرّاباً للإسلام السياسي في دول ما سُمِّي «الربيع العربي» وفتحَ أبواب تركيا لكل معارض و «إخواني»، وتعهَّدَ معركة حتى تنحية الرئيس بشار الأسد، وانحاز إلى معاناة الشعب السوري... كان حذّر مرات من «الخط الأحمر» الذي يحول دون فتح النظام أبواب حلب، وبات معتصماً بالصمت، رغم شراسة القتال حول المدينة واستهداف الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة ومحاولة محاصرتها لتركيعها. والقلق مبرَّر لدى كثيرين من السوريين النازحين والمشرّدين في أصقاع الأرض، لأن التحوُّل في موقف أردوغان من الحرب في بلادهم، سيعني بالحد الأدنى- أي التفرُّج على «خنق» الفصائل المعارضة في حلب- إطالة أمد المعاناة والمآسي، وربما حسم المعركة هناك لمصلحة النظام. وواضح أن شكوكاً وارتياباً يثيرها اقتراح الرئيس التركي منح الجنسية للاجئين السوريين في بلاده، لن تبدّدها بسهولة مقولة دمجهم في سوق العمل التركية، فيما شريحة واسعة من مواطني «السلطان» ما زالت تحلم بالانتقال إلى دول في الاتحاد الأوروبي، بحثاً عن فرص. يتضخّم الارتياب لأن الصمت التركي على محاولة «خنق» حلب المعارِضة، وسعي قوات النظام السوري إلى السيطرة على الشريان الوحيد لها، يأتي بعد تحوُّلات في السياسة الإقليمية لأنقرة، كان أبرز محطاتها التطبيع مع موسكو، الحامي…

لماذا نكره إيران؟

الأربعاء ٢٢ يونيو ٢٠١٦

هو سؤال «مجحف»، والدليل وقائع عديدة في بقاع كانت دولاً عربية ذات سيادة وحدود، قبل أن «ترتمي» في أحضان «الحرس الثوري» وقائد «فيلق القدس» قاسم سليماني الذي كالشبح في ترحاله «الأسطوري»، من الفلوجة إلى حلب، إلى... حيث تطلبه الجماهير المتعطشة لديموقراطيات، لم يخدش حياءها سوى مجانين ووحوش. السؤال «مجحف»، والدليل أن الشعب السوري لم يضحِّ إلا بحوالى ثلاثمئة ألف شهيد، دفاعاً عن فردوس «البعث» الذي لم يهتدِ إلى نعيم الاستقرار إلا على أيدي «الحرس الثوري» المقاوم... وهو ما زال يقاوم أكثر من «شيطان» يسيء النية بالنظام السوري الذي يُجحَف حقه حين يتهمه بعضهم ببيع شعبه لإنقاذ القصر، ثم بنحره لأن فرز «التكفيريين» مهمة مستحيلة. ولماذا نرضى بالشعوبية ونكره إيران، ونتمرّد على «المرشد»؟... أليست الفلوجة و «الحشد الشعبي» أمثولة عن «تطهير» الشعب العراقي، كضرورة لتطهير أرضه؟ ولماذا نشكك في نيات قاسم سليماني الحاضر دائماً، متطوعاً حيث يطلبه عرب كلما أحسوا بحيف، مجرِّداً جيوش الخبراء الإيرانيين، لا لطمع بشيء، بثروة أو أرض أو هيمنة، فطهران مجرد جمعية خيرية تعنى بالأيتام، ولكن بعد يُتْمهم حتماً... ومَنْ يدري لعلنا نرى قائد «فيلق القدس» في باب المندب قريباً، بعدما استمرأ الحوثيون المشاورات مع وفد الحكومة اليمنية. ولماذا نُجحِف إيران ومرشدها حقهما، أليس لبنان مثالاً ساطعاً على نجاح تجربة «الأخوّة» بلا معاهدات، وازدهار الاستقرار، ونعيم السياحة…

غرائز الدويلات

الأربعاء ٢٥ مايو ٢٠١٦

بعد مئة سنة سيقرأون في كتب التاريخ: في مئوية «المؤامرة» السرية التي أنجبت اتفاق سايكس- بيكو، وقسّمت تركة الإمبراطورية العثمانية، أطاحت مناطق في العالم العربي الديكتاتورية والدولة العميقة نجت، ومعها استطاع قطبان إدارة لعبة الأمم، وأما أبطال معارضات فأصبحوا أباطرة للنهب. الديكتاتور أفرغ الكثير من خزائن الدولة، الأباطرة كانوا أدهى، فلنضالاتهم ثمن. وهكذا كان لا بد من تجفيف منابع الثروة الوطنية. بعد مئة سنة، سيقرأون في كتبنا أننا برعنا في قلب الحقائق أكاذيب وأوهاماً، وودّعنا العقل تحت سحر الغرائز... ادّعينا الطهارة، ورجمنا كل من يخالفنا الرأي بألف حجر وخنجر. اتهمنا الغرب والشرق بسرقة ثروات العرب والمسلمين، وبعد كل ديكتاتور أُزيح من القصر، تحركت جحافل زبانيته، وبعضها «شعبي»، لمصادرة الدولة وأرضها وما عليها، استباقاً لـ «مؤامرات» الأغراب! بعد مئة سنة، سيقرأون في كتبنا، أن شعوبنا التي تعايشت مع الديكتاتوريات وأشباه الديموقراطيات لعقود من الزمن، متخليةً عن حريتها وقرارها، طمعاً بالرغيف والجامعة، اقتيدت عنوة إلى محارق الميليشيات والطوائف والمذاهب التي استخدمت سلاحاً في ذروة حروب التضليل. وأن شعوبنا التي خرّجت أجيالاً في المعاهد والجامعات، ارتضت صاغرة رفع رايات مذابح، ثأراً لتاريخ بلا قاع، ورفع أعلام الخرافات، وترديد أناشيد الجهل، وقرع طبول داحس والغبراء، لا لصد صواريخ عابرة للقارات من الشرق البعيد أو من ضفاف الطامعين بجرّنا إلى فلكهم، بل دفاعاً عن سلطة…

أوروبا تحت الحصار

الأربعاء ٢٣ مارس ٢٠١٦

إذا كان الثلاثاء البلجيكي الأسود، ثمناً لرأس صلاح عبدالسلام، العقل المدبّر لاعتداءات باريس، الذي أُوقف في بروكسيل الجمعة الماضي، فهل يمكن أوروبا أن تنتصر على الإرهاب بالقبضة الأمنية؟ وإذا كانت كل المعلومات المتداولة عن «خلايا نائمة» لتنظيم «داعش» في القارة، كفيلة بإحياء تماسك الاتحاد الأوروبي الذي اهتزّ تحت وطأة أزمة اللاجئين، فهل يمكن دوله تفادي 11 أيلول (سبتمبر) آخر؟ ذعر الأوروبيين أمام شبح إرهاب «داعش» الذي قد يضرب في أي مكان، طَرَحَ مجدداً تساؤلات عن الهدف النهائي للتنظيم وهو يستهدف للمرة الأولى مطاراً أوروبياً، ويجدّد علامات استفهام حول عجز الأجهزة الأمنية عن كشف جوازات السفر المزوّرة التي يستخدمها عناصر «داعش»، بمن فيهم الانتحاريون. بديهي أن تداعيات مالية- اقتصادية ستترتب على الضربات الإرهابية، وأن أوروبا التي بالكاد تجاوزت أزمة مصير اتحادها المتأرجح فوق طوفان اللاجئين والمهاجرين، دخلت مجدداً نفق الحرب على «داعش»، والحرب معه في عقر دارها. وواضح أن استهداف بروكسيل يتجاوز رسالة التهديد بعواقب تسليم عبدالسلام إلى فرنسا التي هزّتها المجزرة الأولى في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015. فالعاصمة البلجيكية مقر لمؤسسات الاتحاد التي تدرس سياسات جديدة لـ «الاعتماد على النفس» في مواجهة رياح الإرهاب، بعيداً من «المرشد» الأميركي الذي يمنّ على الأوروبيين بالنصائح. دماء في شوارع أوروبا، شلالات دم في سورية حيث معقل «داعش» الذي بات على مسافة قصيرة…

المتفقون على السوريين

الأربعاء ٠٩ مارس ٢٠١٦

موسكو تبتلع «جنيف 1»... المعارضة السورية لا تستطيع أن تهضم ما وراء أفعال الكرملين، خصوصاً تحجيمه الفصائل المعارِضة المقاتِلة، غير المصنّفة إرهابية، و «تسريب» مشروع الفيديرالية الذي يشجّع أكراد البلد ويحرّضهم على رفض العيش تحت سقف الدولة الموحّدة، ولو بُنِيت ديموقراطية. واشنطن ابتلعت «الطُّعم» الروسي، أو أنها واثقة بـ «صواب» خيارها تفويض الكرملين ملف الحرب التي أدت إلى مقتل أكثر من ثلاثمئة ألف سوري، ومحت مدناً وبلدات عن الخريطة، وهزّت حدود أوروبا... وانتزعت من العرب ما بقي لديهم من ثقة بوعود الرئيس باراك أوباما الذي أجاد قرع الطبول ثم ترك شعباً في محرقة الجلاّد وحلفائه. بات واضحاً من فصول الحرب- المحرقة، أن تقاطع مصالح- على الأقل- يجمع أربعة أطراف: أميركا التي تخشى على جنودها وتفضّل التفرُّج ولو أمام إبادات، وروسيا الثائرة لـ «كرامتها» في مواجهة «غطرسة» الغرب و «غدره»، وإسرائيل النائمة على حرير تدمير دولة أخرى عربية، بما يمكّنها من ضمان أمنها لخمسين سنة مقبلة... وأخيراً إيران الحليف الثاني للنظام السوري والذي لم يستطع إنقاذه رغم إرساله فِرَق «الخبراء» لإدارة المعركة. موسكو تنسّق مع إيران وإسرائيل وأميركا، وطهران وموسكو تديران نظام الرئيس بشار الأسد، وإن كانت الريبة الإيرانية واضحة حيال مدى إصرار الكرملين على التشبُّث بـ «شرعية» الأسد. صحيح أن الروس ما زالوا يقصفون مواقع ومناطق تحت سيطرة المعارضة المعتدلة،…

الخليج ولبنان والأفعى

الأربعاء ٠٢ مارس ٢٠١٦

ضربة كيماوية طائشة قد تصيب لبنان في أي وقت... أليس هذا ما يبشّرنا به الروس الذين باتوا مقتنعين بأن «داعش» وجماعات إرهابية استخدمت سلاحاً كيماوياً في سورية والعراق؟ يعدوننا أيضاً بفيديرالية لسورية يضمنونها ويحرسونها، ولمَ لا؟ أليست الدولة العراقية الاتحادية نموذجاً جديراً باقتدائه، واللحاق به، إلى الجحيم؟ بين الرعب من الكيماوي و «زيكا» النفايات الذي وحّد المناطق اللبنانية بلا عصبيات، ورغماً عن خرائط النفوذ ومصالح الكبار، بات السؤال: متى يشدّ اللبنانيون رحالهم إلى بقعة ما في العالم، عقاباً لساستهم؟ ولكن، هل يُجمعون على معاقبتهم، وهم لا يهدرون فرصة للبحث في ما يطمئنهم إلى مصيرهم ومستقبل أجيال، ونقلهم إلى نعيم رفاهية، لا يشبهه إلاّ تقدُّم بلدان اسكندينافيا؟! أمن لبنان اليوم يشبّهه «مصدر» بالأفعى الواقفة على ذيلها... متى تَعِبَت انهار الهيكل على رؤوس الجميع. لكنهم موعودون بالحلول، بدءاً من تحصين البيئة إلى بلديات تحمي الوطن ودستوره، رغم غياب رأسٍ للجمهورية. سيل التحذيرات من الانفجار، ينهمر يومياً، فيطمئن اللبنانيون إلى ثبات جمهورية الاضطراب على حالها. ما المشكلة في التعايش مع أوبئة النفايات، وأي مسألة تستحق القلق ولو بقي قصر الرئاسة باحثاً عن مطلوب لفرصة «ذهبية»؟... فقر وبطالة وشاشات تحتفل بالأصوات الصاعدة، لكنها لا تهمل الأصوات النشاز في السياسة التي لا تملّ مهنة تحقير الآخر اللبناني وتكفيره لتهجيره. هذه حالنا ومَنْ لا يعجبه فليحزم…