الأربعاء ٢٠ يناير ٢٠٢١
ثمة تعبير ذائع حول العالم هو «الحلم الأميركي»، والمقصود به، بلاد الفرص الكبرى التي لا تتيحها أي ديار أخرى في العالم. لاحظ المشهد هذا النهار: السيدة الأولى التي تغادر البيت الأبيض عارضة أزياء سابقة من سلوفينيا، والسيدة التي تدخله، نائبة للرئيس، خليط من دماء هندية وكاريبية، وعضو في مجلس الشيوخ. للمرة الأولى يبدو «الحلم الأميركي» خائفاً. وللمرة الأولى تبعثر وهدد وأهين. لكنه يبقى بلا شبيه. ما مِن دولة بيضاء تنتخب رئيساً أسود لولايتين. ما من شعب ينتخب ممثلاً سابقاً رئيساً لولايتين وبأكثرية ساحقة. ظل عمر الشريف «فتى الشاشة الأول» في مصر، إلى أن تعرفت عليه كاميرا هوليوود فأصبح فتى الشاشة الأول في العالم. هاجر جبران خليل جبران مع أمه وإخوته، فتى معدماً. وسكنوا جميعاً مع الآيرلنديين الأكثر فقراً منهم. وفي بلاد الحلم سوف يصبح أحد أشهر كتّاب أميركا. وحفيد المهاجرين الآيرلنديين في بوسطن، جون كيندي، سوف يصبح رئيساً للدولة. وأيضاً سوف يُغتال. الحلم الأميركي تقطعه كوابيس كثيرة استغلت مجموعة إيطالية…
الأربعاء ٢٠ يناير ٢٠٢١
لكل مدينة أبوابها، ليس فقط من طرقات وجسور، وإنما كذلك الأبواب الفكرية والأدبية، وتلك السياحية والحضارية. لأبوظبي المئات من تلك الأبواب التي لا يتسع المجال لها في هذه العجالة. فلا يمكنك القدوم إلى العاصمة من دون الولوج إلى الكورنيش المفعم بالحيوية، يأخذك باتجاه قصر الإمارات البهي والأبراج الأيقونية المحيطة به، وصولاً إلى قصر الوطن الذي تقف أمام مبانيه مبهوراً بما يحمله في تصميماته الخلابة من روايات تُكتب بأحرف من نور، والآسر فيه ذلك السكون الذي يفتح لك آفاقاً من الأفكار المرتبطة بمنجزات وطن، وحاضر منير ومستقبل مشرق. أما أبواب الفكر والرؤى، فالوقوف عندها تحدٍ أكبر، لما في أبوظبي والإمارات من قامات وقامات سطّرت وتسطّر في كل يوم قصّة نجاح تدخل في أبواب الأساطير. وعندما تلتقي قامة بحجم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، فمن المؤكد أن اللقاء لن يكون عادياً، ليس بسبب الملفات التي يديرها سموه بنجاح على الصعيد الاتحادي أو المحلي…
الإثنين ١٨ يناير ٢٠٢١
هذا أسبوع المشاهد بامتياز. ولا تكون المشاهد طاغية ولامعة إلا إذا كانت أميركية. هذا على الأقل ما يحدث حتى الآن. لم ندخل بعد زمن المشاهد الصينية على رغم التكهنات باقترابه. الأكيد أنَّه سيكون مختلفاً في حال حدوثه. أميركا شرفة مفتوحة وبلا أسرار. الصين قلعة صارمة والغموض فيها من حراس الهيبة. في الأولى يجرؤ صحافي على نشر الغسيل غير الناصع لمراكز القرار من دون أن تصدمَه سيارة مسرعة أو تدفعه تقلبات عاطفية إلى القفز من الطبقة العاشرة. وعلى رغم وقوع الكرملين منذ بداية القرن الحالي في قبضة رجل بارع في تركيب المشاهد وصناعة الصورة ورعايتها وتحريك البيادق والأرقام، فإنَّ العالم لا يزال أسيرَ المشاهد الأميركية. سيكون بعد غدٍ يوم المشاهد بامتياز. الرجل الذي ملأ الدنيا وشغل الناس الذين انقسموا بشدة حوله سيغادر البيت الأبيض. هذه أميركا وهكذا يقول الدستور. في العشرين من الجاري ينتهي التفويض الذي كان الشعب منحه لدونالد ترمب ليقود البلاد التي يمكن القول، مع شيء من التحفظ، إنَّها…
الإثنين ١٨ يناير ٢٠٢١
الأسد ليس هو الكائن الأقوى في الغابات، فهناك ما هو أضخم وأقوى منه، لكنه هو الوحيد الملقب بـ«ملك الغابة»، وحاز هذا اللقب بسبب صفاته الملكية، لا بسبب قوته، فهو يمتلك من الهيبة ما لا يمتلكه أي كائن آخر، ولديه من الثقة بالنفس الشيء الكثير، فهو لا يتخفى ولا يتلون، ولا يختبئ خلف شجرة أو صخرة كي يباغت خصمه، بل يهاجم بكل صراحة، ووجهاً لوجه، وفي الساحات المفتوحة، ويقاتل بقوة وشدة كي يحصل على مراده. هذه هي الإمارات، وهذه هي صفات أسدها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، لا يجيدون التلون، ولا يجيدون المراوغة، بل يجيدون التعامل بفن الأخلاق، والصراحة والمكاشفة، عندما يتحالفون مع أحد يضحون بالغالي والنفيس لأجله، وعندما يتعدى عليهم أحد يصارحونه العداء، ويواجهونه مواجهة الرجال، في العلن لا في الخفاء! هناك من يتصيّد، وهناك من يحاول الزج باسم الإمارات في أزمات مختلفة، وهناك من يستميت في محاولة الربط بين اسمها وأي أزمة، فيختلق الأخبار،…
الإثنين ١٨ يناير ٢٠٢١
زيادة حدة المخاطر التي يشهدها العالم، خصوصاً في ظل ما كشفت عنه الأزمة الصحية جراء «كورونا»، وتبعاتها الاقتصادية، إضافة إلى تأثيراتها على الأوضاع الداخلية للعديد من الدول، تحتم على الدول مجتمعة تغيير نهجها في التعامل مع مختلف التحديات، وفي مقدمتها النزاعات التي أظهرت المخاطر المستجدة عبثيتها، بل وما تتسبب به من آثار مدمرة لقدرة الدول على مواجهة هذه المخاطر. وفي وقت يفرض الظرف على العالم التوحد من أجل مستقبله، نجد دولاً متجاورة يعلو فيها صوت التوتر، مثل السودان وإثيوبيا، اللتين تصاعد بينهما الخلاف فجأة تبعاً للمسائل الحدودية، وهي شأن ليس بالجديد إذ لم يتم ترسيم هذه الحدود بين البلدين قبل ذلك. مسارعة الإمارات إلى دعوة البلدين لتفادي التصعيد وتغليب الحكمة في التعامل مع الأمر وفي هذا الوقت بالذات، هو تصويب لبوصلة، تدرك الإمارات أن اتجاهها الصحيح يجب أن يكون نحو توحيد الجهود والتعاون لمواجهة التحديات القائمة، بعيداً عن إشعال فتيل أزمات ومخاطر جديدة حتماً ستكون عواقبها وخيمة على جميع الأطراف.…
الإثنين ١٨ يناير ٢٠٢١
دلالات عدة تعكسها مشاهد تسارُع عمليات التطعيم ضدّ «كوفيد - 19» في بلادنا، وتسجيلنا أعلى معدلات توزيع جرعات اللقاح، بعد أن زاد عددها على 1.7 مليون جرعة حتى يوم أمس. ولعل أبرز هذه الدلالات أنها كشفت عن مكامن قوّتنا في إدارة الأزمات، والإمكانات الاستثنائية التي تملكها منظومتنا الصحية، والوعي اللافت الذي يتمتع به المواطنون والمقيمون، الأمر الذي جعل الإمارات إحدى الدول الأكثر أماناً من الجائحة، بحسب التصنيفات العالمية. تشير هذه المشاهد بجلاء إلى قدرتنا في إدارة الأزمات، عبر دقة التخطيط والاستجابة الفاعلة، الأمر الذي بدا منذ اللحظات الأولى لتسجيل إصابات في الإمارات، خاصة مع تقدّمنا على دول مثل اليابان وألمانيا وكندا وهونغ كونغ في «كفاءة الحجر الصحي»، و«الكفاءة الحكومية»، إضافة لـ«كفاءة المراقبة والكشف»، والمتابعة النشطة التي حققت أعلى معدلات الفحص، قياساً بعدد السكان، وحصولنا على المركز الثاني عالمياً في «مؤشر التأهب للطوارئ» بعد الصين. واليوم، ومع تلك المشاهد تبدو، بوضوح شديد، مرتكزات القوة التي يستند إليها قطاعنا الصحي في مواجهة…
الإثنين ١٨ يناير ٢٠٢١
ثمة مشروعات أصيلة، نابعة من إيمان عميق بالأفكار التي تقوم عليها، مقصود بها وجه الله والخير لعباده، وثمة على العكس مشروعات ديكور وتقليد، تحرّكها المنافع دون إيمان حقيقي بها، لا يراد بها وجهه سبحانه، ولا غاية منها إلا تحقيق مصالح خاصة. والمشروع الأصيل الحقيقي تعرفه من جذوره الممتدة في الأرض، ونمو فكرته تدريجياً وبمسار طبيعي لا مفاجآت فيه، واتساقه مع الظروف من حوله، وولادته في بيئة منسجمة معه، وكأنما المشروع جزء من صورة اكتملت به. ومشروع «البيت الإبراهيمي» هو بحق من المشاريع الإماراتية ذات الأصالة، حيث يشاد الآن في جزيرة السعديات بأبوظبي مجمع ضخم متوقع افتتاحه عام 2022، يضم ثلاثة مبانٍ منفصلة لمسجد وكنيسة وكنيس، وحديقة رئيسة للمجمع، ومبنىاً رابعاً مخصصاً كمتحف ثقافي يجتمع فيه الأشخاص بمختلف انتماءاتهم. ولم يأتِ هذا البيت الأول من نوعه في العالم من فراغ، ولا يقام في فراغ، بل وُلد على أرض كانت وما تزال عاصمة عالمية للتسامح الديني، بل لا تدري أي بقعة من…
السبت ١٦ يناير ٢٠٢١
على مدى عقود طويلة كانت الحياة في الولايات المتحدة تدور في فلك مريح محكوم بنواميسَ واضحة، وسائل الإعلام الكبرى ومصادر المعلومات الكبرى، وكالات الأنباء ومحطات الإذاعة والتلفزيون والصحف والإنتاج السينمائي والجامعات وحتى الكنائس والمعابد. الفلك الأميركي واسع وإلى حد ما حرٌ، وفيه هوامشُ كبيرة للأفراد والجماعات، وحرية الاختيار متاحة ضمن إطارها. وكانت هناك أحزاب شيوعية واشتراكية صغيرة جداً، ورغم حظرها إبان الصراع مع موسكو استمرت تعمل، وللشيوعيين مقرٌ بالقرب من «الوول ستريت»، القلبِ الرأسمالي النابض. وفيها أيضاً حزب نازي رغم أن ألمانيا النازية قتلت 400 ألف جندي أميركي في الحرب العالمية الثانية، ومسموح لهم بالدعوة وتسويق الكراهية ضد اليهود والسود. الحرية متاحة في الولايات المتحدة للجميع، لكنها دائماً تحت سقف محدود، حيث إن الدولة تبقى المهيمن ومركز الحركة، حيث لا يسمح لوسائل الإعلام مثلاً بأن تكون تحت هيمنة فرد أو شركة واحدة، ويمنع امتلاك محطة تلفزيون أو إذاعة من دون رخصة بدعوى أن «الشعب هو من يملك الموجات» أو الهواء.…
السبت ١٦ يناير ٢٠٢١
لا نتحدث عن الموجة الجديدة من جائحة كورونا التي تضرب العالم مع ظهور سلالات جديدة من فيروس كوفيد- 19 مع تحوراته، وإنما عن موجة جديدة أشد خطراً على المجتمعات وتهدد الوجود الحضاري للإنسان أينما كان، إنها موجة توظيف الدين ونصوصه لنشر التطرف والإرهاب، وهدم استقرار الأوطان بزرع الفتن وبث الفرقة، وتبني المذهبية والطائفية. إنها بدايات موجة جديدة يلمسها ويرصدها كل حريص على عقيدته ووطنه وأمته، وذلك النفر المتاجر بديننا الإسلامي الحنيف- والدين براء منه ومن سمومه الخبيثة- يوظف نصوصاً دينية لمصلحة مراميه الخبيثة، ومتكئاً على تفسيراته الخاطئة ليسمم عقول الأغرار، ويكفّر مجتمعات وبلداناً بأكملها. نحيي دعوة المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة المجامع الفقهية والمراجع الدينية والهيئات التشريعية للمسارعة «إلى تجريم خطاب الكراهية وازدراء الأديان والمعتقدات والتحريض عليها، من خلال خطاب تكفير الآخر، ونزع الشرعية عن أتباعه». دعوة تجددت مع رصد الموجة الجديدة التي - كما قال المجلس- «توظف النصوص الدينية لحشد الشباب للاندفاع نحو العنف، والإرهاب»، وهي «شبيهة بتلك التي سبقت…
السبت ١٦ يناير ٢٠٢١
لقد شاهدنا تدشين سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس إدارة نيوم مشروع المستقبل مدينة "ذا لاين" في نيوم الذي يهدف إلى تنوع الاقتصاد المستقبلي من خلال تطوير القطاعات الخدمات العامة كقطاع الطاقة والمياه، وقطاع الغذاء وقطاع التصنيع وقطاع العلوم التقنية الرقمية وقطاع التنقل وقطاع الإعلام والإنتاج الإعلامي، وغيرها مما يجعلنا نفرح ونسعد بهذا الإنجاز والتقدم في المجال الاقتصادي. ولقد لفت انتباهنا كلمة ولي العهد محمد بن سلمان حينما قال: الإنسان هو محورها الرئيس في إعادة تعريف مفهوم التنمية الحضرية من خلال تطوير هذه المجتمعات وإيجاد التوازن للعيش مع الطبيعة معززة بالذكاء الاصطناعي، نعم الإنسان هو محور كل شيء خاصة عندما يجتمع الوعي والطموح والتخطيط والتنفيذ يكون دوره بارزا وواضحا في تقدم المجتمع. ما يميز المجتمعات وتقدمها هو التنوع والتطور في كل مجالاتها في المجال الفكري والاقتصادي والاجتماعي والمجتمعي والصحي والثقافي كل جانب مهم للجانب الآخر فهي تعتبر البنى التحتية كقواعد ثابتة إن صحت نما وتطور المجتمع وأفراده،…
الأربعاء ١٣ يناير ٢٠٢١
مع الجهود غير المسبوقة، التي تفردت بها الإمارات عالمياً، في إدارتها الشاملة لمواجهة ومحاصرة جائحة «كورونا» وجميع تبعاتها، تدخل الدولة مرحلة حاسمة ومبشرة للوصول إلى التعافي الكامل والسريع، من خلال البادرة السباقة والعظيمة، التي حظيت كالعادة باهتمام ومتابعة القيادة المباشر، في توفير اللقاحات للجميع وبالمجان. التحصين الصحي الكامل لكل فرد في المجتمع، وتسريع التعافي الاقتصادي، وعودة دورة الحياة إلى طبيعتها بالكامل، كانت منذ بداية الجائحة أولويات قصوى بالنسبة للقيادة، رسمت لتحقيقها استراتيجية مبكرة وواضحة ومرنة في مواكبة أي مستجدات، وهذا ما جعل الإمارات الأسرع والأنجح في التعامل مع كل مرحلة من مراحل المواجهة، ويضعها اليوم في المرتبة الثانية عالمياً في سباق التطعيم، الأمر الذي يجدد التأكيد عليه محمد بن راشد ومحمد بن زايد، برسائل فخر سامية بالجميع، يبثان فيها مزيداً من الثقة، ويحفزان مزيداً من المسؤولية الجماعية، للمسارعة إلى تلقي اللقاح، والوصول إلى المعدلات المستهدفة في وقت قياسي، لما لذلك من أثر كبير على حماية الصحة، وحماية الاقتصاد، وحماية المكتسبات.…
الأربعاء ١٣ يناير ٢٠٢١
في الأخوة الإنسانية لحظة فيها تتجلى الروح، وتصبح المرآة صافية كعين الطير، هي لحظة تصير فيها (الأنا) جدولاً يصب في عروق الأشجار من دون تمييز، ويصبح العالم غيمة ممطرة. في الأخوة الإنسانية يطيب للحب بأن يكون سحابة تظلل القلوب ويحق له بأن يخيط قماشة الحرير بإبرة الوعي ليذهب في العالم إلى واحات معشوشبة بالانسجام، ونسيان ما قد يحيق بالمشاعر أو يعكر صفوها، أو يختزل مساحتها الخضراء. في الأخوة الإنسانية تجتمع الأديان كما تأتلف الأشجار لتشكل حقلاً حافلاً بالغناء، رافلاً بأجنحة الطير الشفافة، لهذا المعنى فهمت الإمارات الهدف من الذهاب إلى العالم بقلوب كأنها الأنهار، ومشاعر كأنها أجنحة الفراشات، ووعي كأنه السماء الصافية، فهذا هو ديدن الإمارات، وهذا هو ناموسها، وهذا هو قاموسها، وهذا هو فانوسها الذي من خلاله تتهجى أبجدية الأحلام الزاهية، وتتلو للعالم كتاب الأخوة الإنسانية، وترفع النشيد عالياً لأجل صدى يصل إلى الأسماع، لأن الكراهية في القرن الواحد والعشرين بلغت منتهاها، الأمر الذي يتطلب الهبة الإنسانية من دون…