آراء

عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

المدينة بعيداً عن الاعتياد!

الخميس ٠٢ مارس ٢٠٢٣

حين تسافر إلى مدينة كبرشلونة لأول مرة، ستكون محظوظاً حين تحظى بغرفة واسعة، تتوافر فيها شرفة تطل على الشارع، وها أنذا أقف في هذه الشرفة، بعد نهار طويل وشاق من السفر، نعم السفر مشقة، لكن بعض المتع العميقة لا تكون بين يديك، ما لم تعبر طريق المشقة ذاك، تلك هي معادلة الحياة الثابتة. برشلونة تضع بصمتها على كل شيء، ابتداء من واجهات الفنادق، وحتى الشرفات الصغيرة، سألت موظف الاستقبال عن بعض التفاصيل: اسم الفندق، رائحته التي لا تقاوم، ركن القهوة والشاي والمخبوزات، قال لي مبتسماً بتحفظ: كل شيء هنا يعود للتقاليد الكاتالونية، ابتداء باسم الفندق: كاتالونيا، وانتهاء بكل ما نستخدمه، منتج ومصنّع محلياً من الخامات والموارد الطبيعة لكاتالونيا. وقفت طويلاً أتأمل الشارع الطويل الغارق في الأضواء، والمزدحم بالسيارات، قلت لنفسي: إنه ككل شوارع المدن في العالم، لا يختلف عنها في شيء، والحقيقة أن كل شيء وكل شخص لا تعرفه، يعتبر عادياً جداً وشبيهاً بأي شيء مر بك في حياتك، ووحدها…

المناهج ليست عصية

الخميس ٠٢ مارس ٢٠٢٣

في المدرسة تصقل اللغة العربية، بأصولها وجذورها، وبقواعدها واشتراطاتها، وبنحوها وصرفها. هناك يتعلم الطفل لغة القراءة والكتابة، ومنها يلج إلى عالم الثقافة والفكر، هناك شيء مختلف، فالبيت وضع الأساس، والمدرسة تفتح الآفاق، وتنقل الأبناء من العامية إلى الفصحى بسلاسة، حيث إن الركيزة الأساسية متوافرة، وعندما كان تعليمنا واضح المعالم، وكانت اللغة العربية في مقدمة المتطلبات، عندما كان كل ذلك موجوداً، امتلأت ساحتنا الأدبية والفكرية والعلمية برواد قادوا البدايات وتميزوا. خرجت المدارس، ومن بعدها الجامعات، من لا يحتاجون إلى كلمات أجنبية حتى يوصلوا أفكارهم، لأنهم متمكنون من لغتهم، ويعرفون أنها ثرية بالمعاني والمرادفات، بخلاف ما يحدث الآن من استعارة للوصف والتعبير من لغات أخرى، وهذا ناتج عن العبث الذي مرت به مناهج لغتنا في المدارس، والذي بدأ بفئة تلتها فئات حاولت فرض رؤيتها وقناعاتها، رغم أن بعضها كانت نواياها حسنة، ولكنهم خرجوا عن المسار الصحيح، ثم تدخلت «الاستشارات» الأجنبية فزادت الطين بلة! وقد وصلنا إلى مرحلة جدل دائم حول تدريس لغتنا…

هل أنت متقدم أم متذبذب

الخميس ٠٢ مارس ٢٠٢٣

هناك نوعان من الأنماط السلوكية لدى الناس: التقدم أو التذبذب. التقدم هو نمط يصبح فيه النجاح الذي حققه الإنسان منصة للنجاحات التالية في المستقبل، حيث يبني الإنسان على نجاحه السابق، ويُكوّن الزخم اللازم بمرور الوقت، وهنا تقود تلك النجاحات إلى نجاحات أخرى، وبالتالي يدفع ذلك الإنسان إلى الأمام، فيصبح النمط السائد لديه هو التقدم. أما في النمط المتذبذب فيتم تحييد النجاح الذي حققه الإنسان، بمعنى أنه ينجح في مهمة أو خطوة ما، ثم ينشغل بشيء آخر يلهيه عن الاستمرار في المسار الذي بدأه، وبالتالي ينطفئ أو يتلاشى الزخم الذي حققه، فكل خطوة إلى الأمام تليها خطوة إلى الوراء، وبالتالي لا يمكن للنجاح أن يستمر على المدى الطويل. تلك خلاصة قراءات قمت بها الأسبوع الماضي لكاتب ومخرج اسمه روبرت فريتز، وهو من رواد التعلم المؤسسي، كذلك من خبرات فريق خبير التعلم المؤسسي «بيتر سينج». يذكرني النمط الأول بشخصيات كثيرة، مثل ستيف جوبز، فكل نجاح حققه كان يتبعه نجاح آخر، ومنتجات أخرى…

لم تزل السماء رمادية

الخميس ٠٢ مارس ٢٠٢٣

برغم خفقات الطير، ورغم تمنيات الأشجار بأن تتعاطف الغيمة مع شغف الكائنات، فما زالت السماء رمادية، ما زالت الغيمة ترتدي شال الخجل، وتخبئ في معطفها سر العناد. هكذا تبدو في الربيع، مثل زهرة برية، لا تملك غير الرقص في الفراغات، والسير على أكتاف تعب الصحراء، ولا مجال للهطول، لأن الأرصاد أخطأت في الحساب، وصارت سبورة التنجيم مثل تكهنات عرافين غير محترفي التنبؤات. العشب في شوارع المدينة يصطف مثل تلاميذ تأخروا عن الدرس، فعاقبتهم الإدارة المدرسية بالوقوف على الأيدي لمدة غير معلومة. رأيت بأم عيني طفلاً يتهجى وجه الغيمة، ويركل مرة باتجاه الأعلى لعله يصطاد قطرة مطر أو أن الغيمة تتراجع عن قرار المنع، فتسدي للهواء كي ينقل رسالتها إلى الأرض، محمولة في ظرف قديم تركه أحد المارة في الطريق الخلفي لشارع عام لعله يلتقطه بعد حين من الزمن. لم تزل الغيمة تفكر كيف تتخلى عن عادتها القديمة، وتثني على صبر العشب والشجر، وتتعاطف مع الطبيعة، فتسقط نثات كأنها ريق الطير…

هي هويتنا

الثلاثاء ٢٨ فبراير ٢٠٢٣

يقال إن اللغة الحية لا تموت، فما بالكم بلغة القرآن، خاتم الرسالات السماوية إلى البشر؟! هي محفوظة بين دفتي كتابنا المنزل من رب العالمين، هي لغة تسري كما يسري الدم في العروق، لغة ينطق بها كل من آمن بالإسلام ديناً ومحمد رسولاً، عليه أفضل الصلاة والسلام، من ينطقون بها، ومن لا ينطقون، حفرت في قلوبهم، ويرددونها في صلواتهم، وأول ما يتذكرون في فرحهم وحزنهم، «بسم الله» تسبق كل فعل من أفعالهم، و«السلام عليكم» إشارة الأمان منهم إلى كل من يصادفهم. هي العربية، لغتنا، ولغة مليار ونصف المليار من البشر، تسمعها إذا ذهبت إلى مدينة أو قرية، في سفح جبل أو على شاطئ، وسط أرياف أوروبا وأستراليا وفي غابات الأمازون، وفي شوارع باريس ولندن ونيويورك، وتراها بكلماتها العذبة تردد في أقصى الشرق، في جاكرتا وكوالالمبور وبانكوك ومانيلا، وفي وسط آسيا، وفي كل تلك المنطقة حتى موسكو وبكين، وتسمع كلماتها وعباراتها في سواحل إفريقيا الشرقية والغربية، وفي أعماقها، في أوغندا والكونغو والسنغال…

إماراتي

الثلاثاء ٢٨ فبراير ٢٠٢٣

مبادرة إماراتي التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، النائب الأول لرئيس مجلس دبي، رئيس اللجنة العليا للتنمية وشؤون المواطنين، هي معطف الدفء والأمان والطمأنينة، وسعادة الإنسان هي نخلة العطاء وغافة الأحلام الزاهية، وهي المعطى الحضاري الذي تسعى دبي بذله من أجل إنسان يمشي على سجادة الحرير، ويمضي في دروب أشجارها، عناقيدها من أهداب الشمس، وأوراقها من صفحات القمر، وجذرها من وعي قيادة آمنت بأن الحياة جسر للوصول، وليس مكاناً للتوقف. في هذه المبادرة، يبدو المستقبل خيطاً من ضوء كواكب لا تطفئ وميضها، وسحابات لا تكف عن النث، ونجمات لا يجف ريقها وهي تسترسل في العزف على قيثارة الفرح. في هذه المبادرة، إنما دبي تسير بخطوات أرضها من مخمل الطموحات المجللة بإرادة قيادة لها في الاستثنائية السبق، ولها في الفرادة قصيدة شاعر، يغزل أبيات الطموح من خيط المستحيل، ويسرج خيل الجمال ليصبح الزمن ميدان فوز، ومضمار نجاحات لا تخفف وطئها،…

كان حلما

الإثنين ٢٧ فبراير ٢٠٢٣

ربط مناطق ومدن الدولة من الأحلام المبكرة للمؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لتعزيز أركان الدولة الاتحادية الوليدة، وتحقيق تواصل وترابط أبناء الوطن الواحد بعد عقود من العزلة والتباعد، فكان الاستثمار الكبير والضخم لإقامة بنية تحتية متطورة وطرق عالمية المواصفات وضعت الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر أفضل شبكات الطرق. كان الآباء والأجداد إلى ما قبل 60 عاماً خلت يستذكرون بمرارة أهوال الرحلة من منطقة لمنطقة حيث المسافة بين العين وأبوظبي مثلاً تستغرق ما لا يقل عن تسعة أيام بالإبل، وكان القوم يتجمعون ضمن قافلة ليأمنوا على أنفسهم مخاطر الطريق في ذلك الزمن العصيب، وحتى عندما دخلت عربات «البدفورد» كانت بحار الرمال في تلك الفيافي والسيوح من مشاق الارتحال. وقس على ذلك التنقل بين بقية المناطق. أول طريق مسفلتة بين دبي وأبوظبي كانت من مسار واحد للاتجاهين أقيمت قبل قيام الدولة على نفقة دولة الكويت الشقيقة التي شاركنا شعبها الشقيق مؤخراً احتفالاته بيومه الوطني الـ62…

عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

مهن المستقبل

الأحد ٢٦ فبراير ٢٠٢٣

يبدو التساؤل عن المهن والوظائف في المستقبل فكرة جديرة بالبحث، فالكل يريد أن يعرف نوعية الوظائف التي سيقبل عليها الشباب، وستحتاج إليها الحكومات، وتلك التي ستتلاشى ولن يعود لها أية أهمية، لكن هل ستتلاشى وظائف لطالما عمل بها الناس فعلاً؟ نعم سيحدث ذلك حين لن يكون الإنسان في حاجة إليها، فكل وظيفة ظهرت كانت إما وظيفة مهمة في حد ذاتها نتيجة ما تقدمه من خدمة، فظهورها جاء تلبية لحاجة الناس والمجتمع والحياة. وإما أن تكون وظائف طفيلية استهلاكية ليس لها مردود حقيقي على حياة الناس، ولا أثر لها في مسيرة البشرية والحضارة، لكنها ظهرت تلبية لاهتمامات جديدة ظهرت في الحياة وبين الناس، أو استجابة لظواهر طارئة لا أكثر. من هنا تساءلت جريدة الديلي ميل البريطانية في عددها بتاريخ 26 يناير الماضي عن مهن المستقبل.. فما يريد العالم أن يفعله من أجل لقمة العيش؟ فعلى خريطة العالم وزعت الدول، ورصدت حسب إحصاءات مختلفة تمت متابعتها على مدى 12 شهراً، لتظهر في…

آيدكس ونافدكس 2023

الأحد ٢٦ فبراير ٢٠٢٣

آيدكس الدولي، ونافدكس البحري، جناحا النسر يحلقان باسم الإمارات، ويرفعان حلم اللحظة إلى حيث تكمن حقيقة النبلاء في صناعة المستقبل، وفي صياغة واقع إنساني محصن بمنجزات ذات ماركة وطنية لا تشبه إلا نفسها، ولا ينافسها إلا هي. هذا هو الطموح الإماراتي، وهذه هي رغبة القيادة، في وضع الإمارات في المكانة التي لا تضارعها فيها دولة ولا قوة، قوة الإرادة هي القوة العظمى التي تتكئ عليها الإمارات، وهي الطائرة النفاثة التي تقلها من الأرض إلى السماء، بغية الوصول، والوصول هنا ليس له نقطة توقف، ولا محطة سوى محطة اللانهائي. في المعرضين تختال الجملة التعريفية بهذا المهرجان العالمي، والذي يحتفي بالمكان والإنسان على حد سواء، احتفاء يملأ القلب حبوراً، ويكسو النفس سروراً، فالإمارات اليوم تبدو في العالم باقة ورد حولها تدور الفراشات بحثاً عن عطر زكي، ونبشاً عن جمال يطرب الروح، وينعش القلب. من يتابع ما يحدث في آيدكس ونافدكس، يرى ما يراه الحالم في زهو الحياة عندما تعزز بإرادة المخلصين، وعزيمة…

مشروع دولة الإمارات الشجاع في استئناف الحضارة

الأحد ٢٦ فبراير ٢٠٢٣

 شهد العالم في فبراير 2019 الحدث التاريخي الأكبر المتمثل في توقيع وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية وإعلان مشروع بيت العائلة الإبراهيمية، وقبيل هذا الحدث بيوم أهدى قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية «ميدالية تذكارية» لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تحمل على الوجه الأول منها صورة لقاء بين القديس فرنسيس والسلطان الكامل الأيوبي قبل 800 عام، وتحكي الميدالية قصة زيارة القديس فرانسيس إلى مصر وجلوسه في حضرة السلطان، ليبدأ الاثنان شق طريق الحوار، ويصبحا بعدها مثالاً لشجاعة الكبار، ويرسما الطريق للمستقبل. وبعد قرون مضت على هذا اللقاء وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها عالمنا، كان لا بد من مبادرة شجاعة تستأنف ما بدأه السلطان والقديس، فكانت أبوظبي التي ارتقت بمفهوم الأخوة، وحررت الأديان من تهمة الكراهية والعداء والتباغض، من خلال وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، ثم شاء الله تعالى بعدها أن يختبر العالم بجائحة «كوفيد- 19»، فكانت دولة الإمارات مجدداً هي الأفعال قبل الأقوال، وهي المترجمة الحقيقة لما في…

إلى ابنتي التي لم أنجبها!

الأربعاء ٢٢ فبراير ٢٠٢٣

خاص لـ هات بوست: أكتب لك هذه السطور وأنا على متن الطائرة، على إرتفاع لا يقل عن 30 ألف قدم عن الأرض، الأرض التي طويتها ذهابًا وأيابا في مطاردة النجاح وال career وبعدتني عنك حتى صار من المستحيل أن تكوني لي . في هذا الوقت من العمر، وأمك في قمة مجدها الصغير، المجد النظيف الذي بنيته بالكد، والالتزام والانضباط الذي وضعته لي رتبة ذاتية ومسيرة حياتية، تذكرتك.. وتذكرت أن كان لي يوما حلما أن تكوني نسخة من قلبي لا من عقلي.. فعقلي كان دوما يحب الجبال العالية، ويحترف قطع الدروب الوعرة، عقل محموم بالجنون .. وددت يا بنيتي، أن أخبرك أن لا تمنحي زمام طُهر قلبك لأي إنسان على وجه البسيطة، وأن تحبي بذات الوقت بكافة نقاء روحك، لكن موضوع الزمام والخيط المربوط بالكف إنسيه تماما . سينظر لك الناس بعمق عقلهم، فهناك من عقله لا يتجاوز 4 ملمتر في العمق ويصطدم بلون بشرتك ومساحيق تجميلك ويتوقف طويلا عند علامات…

د. يوسف الشريف
د. يوسف الشريف
كاتب ومستشار قانوني إماراتي

شكراً رجال القمة

الأربعاء ٢٢ فبراير ٢٠٢٣

مع اختتام فعاليات القمة العالمية للحكومات التي احتضنتها إمارة دبي بنجاح، كان لابد لنا من أن نرفع الأقلام ونسطُر أجمل عبارات الشكر لفريق العمل الذي راعى جميع التفاصيل لإنجاح هذا الحدث الهام، والذي أصبح منارةً وملتقى للقادة لاستشراف المستقبل وتبادل الأفكار. ولأن الصورة التي شاهدناها في كل مكان داخل القمة كانت جميلة وأنيقة، وجب علينا أن نفتح الستار لنكشف أنه كان وراء هذا النجاح عشرات من الرجال والنساء ممن بقوا في الظل ليتابعوا أداء مهامهم وأعمالهم باحترافية عالية كي يخرجوا لنا الحدث بهذه الصورة العالمية. من حقنا أن نفتخر بأن لدينا الكوادر الفنية والتنظيمية القادرة على تنظيم مثل هذه الأحداث العالمية، وليس هذا فقط بل نفتخر بأن فرقنا التنظيمية كانت وستظل على أعلى مستوى من الجاهزية سواء في ترتيبات ما قبل وأثناء وحتى ما بعد القمة، من اختيار المواضيع المناسبة للأحداث العالمية وربطها بمسيرة دولتنا وتطلعاتها ودورها الريادي في تحفيز المجتمعات والسلام في ما بينها، وصولاً للاهتمام بأدق التفاصيل من…