عبدالله القمزي
عبدالله القمزي
كاتب إماراتي

«أبوإيفانكا»

آراء

من عجائب هذا الزمن أنك لو كتبت (أبوإيفانكا) في «غوغل» ستظهر لك فوراً صورة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب! ولن تحصل على النتيجة نفسها لو كتبت (أبوماليا) وأنت تبحث عن أوباما، ولا (أبولورا) أو (أبوجينا) لو كنت تبحث عن جورج بوش الابن، وانسَ الأمر لو كنت تبحث عن بيل كلينتون.

لماذا أصبح دونالد ترامب (أبوإيفانكا)؟ بسبب سياسات الرئيس الذي قبله، ترامب عاد للحلفاء العرب التقليديين، أي أنه انقلب على سياسة سابقه رأساً على عقب.

تعتز العرب بالكنية، وقيل إن العرب في فجر الإسلام كانوا يسارعون في اتخاذ كنى حتى يتجنبوا التسميات القبيحة من أعدائهم، فالكنية شرف واعتزاز، وإذا أراد العربي الاعتزاز بصديق بادر بمناداته بكنيته، وعند التعرف إلى شخص جديد فإن غالباً أول سؤال بعد معرفة الاسم هو: أبو من؟

خرجت كنية (أبوإيفانكا) إلينا في مايو 2017 بعد زيارة الرئيس ترامب إلى المملكة العربية السعودية، ولقائه حكام الخليج، وتعهده بإصلاح العلاقات التي توترت إبان عهد الإدارة السابقة، جاءت التسمية نتيجة اعتزاز عرب الخليج بموقف ترامب وشخصيته وسلوكه تجاه دول المنطقة.

العلاقات الخليجية – الأميركية تاريخية واستراتيجية وحيوية، توترت في عصور وانفرجت في عصور أخرى، تتوتر عند اختلاف وجهات النظر وتنفرج عند اتفاقها، حالها حال أي علاقة استراتيجية أخرى.

لم تصل العلاقات الخليجية – الأميركية إلى حالة الدفء الذي عاشته في حقبة (أبوإيفانكا) إلا مرة واحدة أثناء حكم الرئيس جورج بوش الأب، وموقفه المشرف من غزو الكويت الغاشم، وعندها شاهدنا في نشرات الأخبار صوراً لكويتيين يقبلون علم بلادهم وعلم الولايات المتحدة، كما أطلق بعضهم اسم جورج بوش على أبنائهم تيمناً بالرئيس الراحل، وهذه كلها ردود أفعال إنسانية جداً تعكس مدى الامتنان الذي يشعر به المظلوم عند رفع الظلم عنه.

ردود الأفعال تلك تكررت مرة أخرى عندما زار (أبوإيفانكا) الخليج، ولو قارنا بين الحالتين نجد تشابهاً كبيراً في ردة الفعل، ولكن الأولى كانت أقوى و معبرة أكثر، بسبب جسامة الموقف والحرب المصاحبة له.

(أبوإيفانكا) جاء لإصلاح علاقة لم تستحق التوتر الذي حصل، فقد تبنى مواقف مشرفة من وجهة نظرنا، نحن عرب الخليج وحلفاءهم في المنطقة، وانقلب على وجهة النظر التي تبنتها الإدارة السابقة، وهي وجهة نظر لم تكن مسبوقة في تاريخ العلاقات.

وعندها شعر عرب الخليج بالامتنان مجدداً وأطلقوا لقب (أبوإيفانكا) على الحليف الجديد، اعتزازاً وتيمناً بمواقفه، خسر (أبوإيفانكا) الانتخابات لكنه سيبقى صديقاً للخليج، وهذه ديمقراطية حرة نحترم ويحترم العالم نتائجها، كما احترمنا خسارة بوش الأب الانتخابات لمصلحة كلينتون.

المصدر: الإمارات اليوم