أعلنت منذ يومين نتائج مؤشر القوة الناعمة العالمي 2024، ضمن قمة القوة الناعمة العالمية 2024 (مؤتمر سنوي) التي نظمتها واستضافتها «براند فاينانس» في مركز الملكة إليزابيث الثانية في العاصمة البريطانية لندن، وقد شارك فيها 193 دولة، وجاءت النتائج لتحل دولة الإمارات في المرتبة العاشرة عالمياً والأولى عربياً ضمن مؤشر القوة الناعمة 2024.

وقد وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، عبر حساب سموه في منصة «X»، نتائج استطلاع آراء 170 ألف متخصص بأنها تقدير عالمي لدولة الإمارات العربية المتحدة.

«التقدير العالمي» هو الإنجاز الأعظم بالنسبة لي، لذا هنا أطرح عدة تساؤلات لماذا وصلت دولة الإمارات إلى هذا المستوى من التقدير العالمي؟، وكيف استطاعت أن تحقق هذه النتائج والوصول إلى المراكز المتقدمة في المؤشرات؟، كيف حققت المركز الأول عالمياً في قوة الاقتصاد واستقراره، والثالث عالمياً في مؤشري الكرم والعطاء وفرص النمو المستقبلي، والثامن عالمياً في مؤشرات التكنولوجيا والابتكار والمؤشر العام للتأثير الدولي ومؤشر التأثير في الدوائر الدبلوماسية، وحققت المركز التاسع عالمياً في مؤشر الأمن والأمان، وحققت المركز العاشر في مؤشرات التقدير العالمي للقيادات ومؤشر متابعة الجمهور العالمي لشؤونها ومؤشر الصورة الإيجابية كمركز للتجارة والأعمال.

كل ذلك تحقق لعدة أسباب، أهمها القيادة الإماراتية الواعية، حيث تتميز برؤيتها الواضحة وقدرتها على قراءة الواقع والتخطيط للمستقبل بناء على المعطيات والمستجدات وقراءة واستشراف المستقبل، كما أن للسمات الشخصية التي تميز القيادة الإماراتية أثراً، ومن أهمها البعد والحس الإنساني حيث تضع القيادة الإماراتية الإنسان أولاً أينما كان ومن دون تمييز، ويتضح هذا في الدعم اللامحدود الذي تقدمه دولة الإمارات للإنسان من خلال التبرعات والمساعدات الإنسانية سواء في مناطق الصراع والحروب أو في مناطق الكوارث الطبيعية أو الدعم المقدم للدول الفقيرة.

كما أن دولة الإمارات تعمل لتحقيق أهدافها ورؤيتها عن طريق عمل ممنهج يتبنى استراتيجيات وخطط وبرامج واضحة ومحددة، حيث قامت القيادة الإماراتية بتشكيل مجلس القوة الناعمة للدولة بهدف تعزيز سمعتها إقليمياً وعالمياً، وترسيخ احترامها ومحبتها بين شعوب العالم، ويختص المجلس برسم السياسة العامة واستراتيجية القوة الناعمة للدولة.

وعليه أطلقت دولة الإمارات استراتيجية القوة الناعمة، بهدف إعداد منظومة حكومية شاملة تجمع ضمنها برامج وسياسات وخطط عمل مستدامة، تغطي وتشمل كافة مقوّمات الدولة الاقتصادية والثقافية والفنية والسياحية والإنسانية والمجتمعية، وتهدف إلى إبراز الصورة الحضارية لدولة الإمارات وإرثها وهويتها وثقافتها المميزة.

وإذا رجعنا إلى مُصطلح القوة الناعمة الذي ظهر لأول مرة في العام 1990 عن طريق عالم السياسة وعميد كلية كينيدي الحكومية بجامعة هارفرد الأمريكية جوزيف ناي، حيث عرف القوة الناعمة بأنها «قوة الجذب والاستقطاب وقوة الإعجاب بدولة وأسلوب الحياة الذي تعيشه هذه الدولة ومكوناتها الاقتصادية والسياسية وغيرها، وحتى بقادتها السياسيين».

كما أنه حدد موارد القوة الناعمة بثلاثة مقومات أساسية الأول: الثقافة العامة بحيث تحتوي ثقافة مجتمع ما على قيم عالمية، ومصالح يشارك فيها الآخرون.

الثاني: القيم السياسية وهي القيم التي تدافع عنها حكومة ما فتنتصر لها بسلوكها في الداخل وفي المؤسسات الدولية، وفي السياسة الخارجية تؤثر تأثيراً قوياً على الآخرين وهنا تتضح المصداقية بما يكسب الدولة ثقة الآخرين من دول وشعوب.

الثالث: السياسة الخارجية المنتهجة ودرجة مشروعيتها وقبولها من جانب دول العالم وشعوبها، بما يعزز مكانة الدولة وقبولها وبالتالي يزيد من قوة تأثيرها.

مما ذكره جوزيف ناي في موارد القوة الناعمة ومقوماتها، نجد أنها تنطبق على دولة الإمارات من حيث قدرتها على جعل النموذج الإماراتي نموذجاً مثالياً يقتدى به وقد نال إعجاب معظم شعوب العالم، كما أن الثقافة العامة والقيم التي تتبناها دولة الإمارات وتعمل على نشرها وتعزيزها كقيم التسامح والاحترام والتعايش وقبول الآخر والإخوة الإنسانية، جعلت منها المكان المفضل للكثيرين للعيش فيه، ومن خلال النموذج الإماراتي أصبحت دولة الإمارات ملتقى يومياً للبشر باختلاف ثقافاتهم وعاداتهم ومعتقداتهم أي أنه في دولة الإمارات يومياً هناك ملتقى لثقافات البشر.

المصدر: البيان