سوسن الشاعر
سوسن الشاعر
كاتبة و إعلامية

بخصوص قناة «العرب»

آراء

قناة العرب لم تكن مشروعاً إعلامياً أو مشروعاً استثمارياً حتى نتباكى على خسائر الإعلام والاستثمار فيها حين تقرر وقف بثها، قناة العرب كانت أداة لمشروع سياسي صرف يخدم طموح صاحبهـا ومشروعــه السياســي بالدرجــة الأولــى، ووجدت مملكة البحرين نفسها «فجأة» بأنها ستكون مقراً لهذا المشروع الخاص جداً والطموح جداً تتحمل مع صاحبه تبعاته الخطيرة دون أن تستشار ودون أن يكون لها صالح فيه، فقررت أن تقطع العرق من بدايته وتغلق هذا الباب الذي سيأتي منه الريح عاصفاً لا يبقي ولا يذر، هكذا علينا أن ننظر إلى قرار وقف القناة ونكف عن هذا الجدل العبثي الذي نضحك فيه على بعضنا البعض ونستغفل فيه العقول، علينا إيقاف لعبة التذاكي السمجة والمكشوفة التي تضع قرار الوقف في ساحة الاستثمار أو ساحة الإعلام، لنسم الأشياء بأسمائها، القناة كانت مشروعاً سياسياً صرفاً ولا علاقة له لا بالإعلام ولا بالاستثمار.

بداية لا ننكر على صاحب القناة الذي نكن له كل التقدير والاحترام حقه المشروع في أن يكون له طموح سياسي، أبداً.. بل نراه أهلاً لذلك الطموح، وهو حر في ماله وفي كيفية توظيفه له، إنما المشكلة أن البحرين ليست حرة، المشكلة أن السلطات في مملكة البحرين حين أجازت للقناة أن تعمل لم تضع في اعتبارها سقفاً لتلك الطموحات أبداً -وهذا تحليلي الخاص- لم تعتقد أن طموحات صاحب القناة ستتضارب مع المصلحة الأمنية العليا للبحرين وللمنطقة ككل، لم تظن أنها بإجازتها للقناة أجازت لمشروع «حمد بن جاسم» آخر ينطلق هذه المرة من البحرين.

حمد بن جاسم وظف أموال قطر في مشروع سياسي قطري منصته قناة فضائية، نجحت في إزعاج الأنظمة العربية وأجبرتهم جميعاً للخضوع لسطوتــه وابتزازه، البحريــن فوجئــت بالتصريحات التي كشفت عن وجه المشروع وطموحه في ساعات البث الأولى، وأول تصريح لرئيسها التنفيذي معلناً خطها العام، الرئيس التنفيذي رمى «الجوكر» الذي بيده من أول اللعبة، أعلن أن القناة ستفتح أبوابها لجميع التنظيمات الإرهابية داعش والإخوان والتنظيمات الشيعيـة التــي تعمــل علــى تقويــض الأنظمة وإسقاط الدول، وحين استضافت القناة في الساعة الأولى للبث «فطحل» التنظيم الشيعي ومنظره، أرادت أن «تذبح القطة» للنظام البحريني أولاً أي للنظام الذي يستضيفها حتى تعرف بقية الأنظمة أن الجميع بلا استثناء سيكون تحت الرادار، كانت رسالة واضحة لجميع الأنظمـة العربيــة أنهـا لن تكون خارج نطاق التصويب.

قرار إيقاف القناة لا يتعلق باستضافة الفطحل، ربما كان نذير شؤم عليها تماماً كما يمر غراب من أمامك أو بومة، إنما القرار كان قراراً سيادياً قراراً سياسياً يعرف تبعاته على السمعة الاستثمارية تماماً ويعرف حجم الضرر الذي سيقع على البحرين بسببه، إنما قررت البحرين أن تتحملها مكرهة، لأنها تعرف أنه ضرر يتجاوز بكثير «الإزعاج» السياسي لها من استضافة أحد أعضاء تنظيم فاشل محلياً وفاقد لأصدائه الدولية، قرار الوقف يتجاوز سلامة البحرين قرار الوقف جاء من أجل أمن وسلامة المنطقة ككل دفعت البحرين ثمنه من سمعتها.

صاحـــب المشـــروع السياســي حــر في طموحــه حــر في رؤيتـــه السياسيــة حر في أين ومتـى وكيــف يوظـف أموالــه خدمة لهذا المشروع، حر في تقديره للمخاطر التي تتعرض لها المنطقة وحر في تقديره الخاص ورؤيته الخاصة في الدور المنوط بالإعلام الخاص أو الإعــلام الرسمـــي ومسؤوليتــــه فــي زيــادة المخاطـر التــي تتعرض لهــــا المنطقــة أو تقليصها، وبإمكانه أن ينقل قناته حيثما يشاء وحيثما يجد دولة قادرة على أن تتحمل معه عبء هذا المشروع وتتبادل المنفعة معه، إنما البحرين ليست حرة، مملكة البحرين عليها التزامات أخلاقية وأمنية خليجية عربية إقليمية، مملكة البحرين لا تتحمل أن تكون بؤرة لخلافات خليجية تضاعف من حجم المخاطر المحيطة بها، وليست راغبة بهذا الدور ولم تستشر فيه، ربما كان عليها أن تتوثق من هذا الموقف قبل إعطاء الموافقة المبدئية، قد تكون هذه غلطتها، إنما أياً كان ثمن تصحيح هـــذه الغلطة إلا أنه لن يكون أبداً كثمن الاستمرار فيهــا.

المصدر: الوطن البحرينية
http://www.alwatannews.net/ArticleViewer.aspx?ID=FzJHvjJucmTRi0QHUbVnyQ933339933339