كريستين لاغارد: فرض الضرائب سيعزز من منظومة تنويع مصادر الدخل

مقابلات

ترجمة: هتلان ميديا
استضاف فعاليات الدورة الخامسة من القمة العالمية للحكومات، التي أقيمت مؤخراً في إمارة دبي، كريستين لاغارد مدير عام صندوق النقد الدولي، وتناولت فيها التحديات والفرص الاقتصادية التي تواجه العالم في ظل التغيرات المتسارعة، مؤكدة أن انخفاض أسعار النفط يفرض الحاجة إلى إيجاد منظومة ضريبية مناسبة ومنصفة.

على هامش القمة العالمية للحكومات، حاورت الإعلامية زينة صوفان، لبرنامج “خارطة المال” في تلفزيون دبي، كريستين لاغارد وكان كالتالي:

زينة صوفان

زينة صوفان

1. التقيتِ هنا في دبي عدداً من وزراء المالية العرب. ما الذي يمثل مصدر القلق الرئيس في الوقت الراهن بالنسبة للاقتصادات المصدرة للنفط؟
كان من دواعي سروري أن التقيت العديد من وزراء المالية العرب، وبعضهم من الدول المصدرة للنفط. أعتقد أن مصدر قلقهم في الوقت الحالي هو ضمان تنويع مصادر النمو الاقتصادي وتنويع الموارد، لأن هذه الدول كانت تتمتع بموارد وفيره من عائدات النفط أو الغاز أو كليهما، والآن يتعين عليها تنويع مصادر الدخل لضمان استدامة مواردها المالية، والاستمرار في تقديم الخدمات للمواطنين.
2. ماذا كانت نصيحتك لهم من أجل تحسين مرونة السوق، والاستعداد لفترة من “شد الحزام” في الاقتصاد العالمي، ربما نتيجة لقوة الدولار، وارتفاع أسعار الفائدة؟
أعتقد أن رسالتي لهم تمحورت حول ضرورة أن يكون هناك درجة من المرونة داخل أنظمتهم المالية وداخل اقتصاداتهم حتى يتمكنوا من مقاومة الصدمات المحتملة، وبالطبع تنويع مصادر الدخل، والاهتمام بالمركز المالي، وضمان عدم الهدر، كما أشرت إلى أن السبيل لمعالجة الوضع هو الكفاءة في الإنفاق والاستثمار.
3. هل لديك رسالة واضحة فيما يتعلق بالضرائب؟
فرض الضرائب هو أحد طرفي المعادلة، والطرف الآخر هو الإنفاق العام، وأعتقد أنه للحفاظ على النظام المالي العام، عليك أن تنظر إلى كلا الجانبين. فمن جهة الضرائب، كانت توصيتنا هي تنويع مصادر الدخل، مع ضمان التواصل الجيد بحيث يفهم المواطنون الهدف من فرض الضرائب، خاصة إن كنت تعيش في بلد لم يعتد على فرض أية ضرائب، ثم إدخال الضرائب تدريجياً على قاعدة كبيرة وبمعدلات منخفضة، مع تنفيذ ذلك بشكل ثابت ومتماسك قدر الإمكان حتى لا يكون هناك أي تسريب في النظام أو اختلاف بين بلد وآخر أو إمارة وأخرى.
4. برأيك، ما نوعية الإنفاق الذي يمكن أن يدفع النمو الاقتصادي في دولة الإمارات مع انخفاض أسعار النفط خلال هذه المرحلة؟
الإمارات وعلى وجه الخصوص دبي حيث نتواجد حالياً، وأعتقد أبوظبي أيضاً، كان لديها دائماً في الآونة الأخيرة سياسة لتنويع مصادر الدخل، وهي واحدة من الدول القليلة المنتجة للنفط التي ترغب في الاحتفال بآخر برميل نفط يتم استخراجه من أراضيها. لذلك، فمن الواضح أن سياسة تنويع مصادر الدخل تركز على الموارد الأخرى بما في ذلك العنصر البشري، وتشمل كذلك مركزاً مهماً وبنية تحتية رائعة. تلك الأصول مجتمعة، مع وجود فلسفة عامة للابتكار، واعتماد التقنيات الإحلالية، والتخلص من الحدود، ستشكل مصدر الموارد لهذا البلد، ونأمل ذلك للمنطقة بشكل عام.

بدر العلماء : الإمارات تقود حراكاً بإطلاق مجلس وزاري للثورة الصناعية 4

5. بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإن البعض يعتقد أن الرؤية الاقتصادية 2030 مفرطة في الطموح، ويقول البعض الآخر إنها ستنهار خلال التنفيذ. ما هي وجهة نظر صندوق النقد الدولي؟
وجهة نظرنا أن الطموح لا يضر. ولكن من الضروري التركيز على الأولويات، والسبل الأكثر كفاءة للتنفيذ، من أجل الاستفادة من جميع أوجه الإصلاح الذي يتم تنفيذه. لذلك، فإن تحديد الأولويات، والتنفيذ، والإصرار على الطموح، ومحاولة للوصول إلى الأهداف مقاربات جيدة للإصلاحات التي تتم دراستها.
6. إذا نظرنا إلى دولة مثل مصر التي تمر بمرحلة من التحول الاقتصادي المؤلم، تطالعنا عناوين حول التضخم الذي وصل 29.6٪ في يناير. هل تعتقدين أن الأمر سيزداد سوءاً قبل أن يتحسن الوضع لاحقاً؟
هكذا تسير الأمور عادة. الوضع صعب، فهي مرحلة انتقالية تمر بها البلد، حيث يتم تعويم عملتها، واتخاذ إجراءات جادة من أجل استعادة الوضع الاقتصادي السليم والنظام العام في البلاد. لذلك نأمل أن ترجع الأمور إلى طبيعتها مرة أخرى عند اكتمال تلك المرحلة الانتقالية، حيث يمكن أن تقل نسبة التضخم وتواصل مصر مسيرتها، ونأمل أن تزدهر مع الإصلاحات الهيكلية التي يتعين اتخاذها من أجل إطلاق العنان للإمكانات الهائلة التي تتمتع بها مصر والشعب المصري.
7. هل ترين أن ذلك قد يحدث خلال 2017؟
من الصعب التنبؤ بأي درجة من اليقين، ولكن يبدو لنا أن التطورات الأخيرة التي شهدناها من حيث ارتفاع قيمة العملة ربما تكون مؤشراً على أن المرحلة الانتقالية تقترب من نهايتها.
8. إذا انتقلنا إلى الصعيد العالمي، وبينما السياسات الاقتصادية والمالية التي وعد بها الرئيس ترامب قد تؤدي إلى مزيد من النمو في الولايات المتحدة، هل لديك شعور بأن هناك قدر من المبالغة عندما يتعلق الأمر باحتمال نشوب حرب تجارية عالمية بسبب نواياه فيما يتعلق بالحمائية والتي يمكن أن تتحول إلى أفعال؟
في صندوق النقد الدولي، نحن عادة ننظر إلى الإجراءات والقرارات التي يتم اتخاذها، ولا نعتمد على المبادئ العامة أو الأحاديث أو النوايا. ونحن نضع أمور مثل الشروط السلبية للتجارة ضمن فئة المخاطر، لذا، لا يتم أخذها في الاعتبار ضمن توقعاتنا. وبالطبع رأينا كيف أن الحمائية تضر بالاقتصادات. ونأمل كثيراً أن ينصب التركيز أكثر على جعل النمو شاملاً، مع ضمان الحفاظ على مزايا التجارة، ومزايا الابتكار، وفي الوقت نفسه، مساعدة هؤلاء الذين قد يتأثرون نتيجة الابتكار، أو نتيجة التجارة. هذا هو الجزء الأخير الذي لم نركز عليه ونحتاج إلى تحقيق تقدم فيه وتقديم مقترحات حتى لا يشعر الناس بأنهم مهملون ومستبعدون.
9. ما الذي يقلقك أكثر في عام 2017: خروج “صعب” لبريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي، أم مشهد سياسي متغير تماماً في أوروبا نتيجة انتخابات حاسمة هذا العام؟
انها حالة عدم اليقين الكلي التي تثير القلق في الوقت الراهن على الساحة الأوروبية. الأمر المؤكد حالياً هو انسحاب بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي والجدول الزمني على أساس الأصوات المتعددة في البرلمان البريطاني. لذا، من شبه المؤكد أننا نتجه نحو خروج “صعب” لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ونحن في الواقع لا نعرف ما هو الخروج “السهل”. ولكنها حالة عدم اليقين الشاملة حول الانتخابات المتعاقبة في فترة زمنية قصيرة جداً والتي ستؤثر على دول مثل هولندا وفرنسا وألمانيا، هي التي تجعل الأسواق تتشكك في الاستقرار الشامل.
10. أخيراً، ما مدى تأكدك اليوم مقارنة بما كانت عليه قبل عامين أن الاتحاد الأوروبي سيبقى وأن اليورو سيظل على قيد الحياة؟
لقد مر الاتحاد الأوروبي بالعديد من الأزمات على مدار السنوات، وبقي ونجح في تحقيق جو من السلام، خلافاً لبيئة الحرب التي كانت الدول الأوروبية معتادة عليها. وها هو يمر بمرحلة أخرى من عدم اليقين، ولكنني متأكدة من أن الإرادة السياسية ستساعد أوروبا في أن تجتاز هذه المحنة، وستعود قوية مرة أخرى.