مرحلة تشريعية جديدة

آراء

الأسبوع الماضي كان تشريعياً بامتياز؛ فخلاله أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، سلسلة قوانين ترسّخ مكانة الدولة وتنافسيتها، بما يتواكب ونهضتها، وتوجهاتها نحو التنمية المستدامة.

نتحدث هنا عن قوانين أساسية ترسّخ بيئة المال والأعمال والاقتصاد. عن قانون جديد للمركزي، وآخر للاستثمار الأجنبي المباشر، وثالث لمكافحة غسل الأموال.

قوانيننا لتنظيم اقتصادنا لم تكن ضعيفة، لكنها قديمة تم إصدارها في حِقب سابقة بعد تأسيس دولة الاتحاد، واستطاعت مواكبة نهضة البلاد فترة زمنية، أي أنها «كفّت ووفّت». لكن التقدم الكبير الذي أظهره اقتصادنا، والتغيّرات المتسارعة، جعلتها قاصرة عن تلبية هذا التطور، وبالتالي أصبح الاقتصاد متقدماً على البنية التشريعية.

يؤخذ على الجهات المعنية بهذه القوانين «تأخرها» في إعدادها، لكنها تقول إن التأخير سببه محاولة مواكبة الجديد في عالم الأعمال، فقانون المركزي أخذ أكثر من عقدين من الزمن، والأمر ينطبق على قانون الاستثمار الأجنبي.

اقتصاد الإمارات هو ثاني أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، وهو الأكثر ديناميكية في محيطه، ويحتاج دائماً إلى تحديث بنيته التشريعية، لتلبية حاجة ملحّة تتطلبها مراحل التطور السريعة التي يمر بها، فمشهد الأعمال في الإمارات هو دولي بامتياز، وبالتالي فإن تشريعاته يجب أن تكون كذلك، وإلا تشتتت الجهود بين الأماني، والواقع، والأهداف.

الآن، بوجود حزمة القوانين الجديدة فإن الإمارات باتت اليوم مستعدة، بشكل عملي، للمضي قدماً بثبات نحو تحقيق استراتيجيتها، لتكون بقعة عالمية مميزة في المال، والأعمال، والخدمات.

تكمن أهمية قانون المصرف المركزي والأنشطة المالية في حرص الحكومة الشديد على السرية المصرفية، فالأخيرة هي ما يميز دولة عن أخرى، فيما أعطي «المركزي» سلطات رقابية أوسع، واستقلالية أكبر، وإشراف أشمل، مع تطبيق قواعد عالمية للحوكمة، والشفافية، بينما قانون الاستثمار الأجنبي المباشر الذي طال انتظاره ينسجم مع السياسات التنموية للإمارات، ومشروعها لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة، بحيث يضع الأطر والقواعد المناسبة لاستقطاب استثمارات أجنبية أكثر فاعلية، وذات قيمة مضافة، بما يساعد على نقل التقنية.

أما قانون مكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، فهو على درجة كبيرة من الأهمية، ليس لأنه فقط يؤكد التزام الدولة الثابت بالمعاهدات الدولية لمواجهة الأموال المشبوهة، بل لأنه يحمي النظام المالي المحلي عبر تطبيق أفضل المعايير العالمية.

مع تطبيق هذه القوانين الجديدة فإن مرحلة تشريعية جديدة تقترب الآن من الاستكمال بعد أن تم سريان قانون الإفلاس للشركات، ومؤخراً قانون الدين العام، وهي أطر يؤمل أن تكون دافعاً للاقتصاد الوطني، وقطاعاته المتنوعة.

المصدر: الخليج