الأربعاء ٠٨ ديسمبر ٢٠٢١
استهلّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، جولة خليجية بزيارة سلطنة عمان تليها زيارات لباقي دول المجلس، وكانت لافتةً الحفاوةُ التي استُقبل بها ولي العهد السعودي في مسقط، حيث كسر السلطان هيثم بن طارق البروتوكول باستقباله الأمير محمد في المطار. والسؤال هنا هو: هل نحن أمام جولة «أخوية» عادية أم مجرد زيارة بروتوكولية؟ التوقيت والأحداث يقولان لنا إن زيارة ولي العهد لدول الخليج ليست بالعادية، ولا لحلحلة صعوبات في المنطقة، وإنما جولة تعميق المصالح الخليجية. معروف أن المجلس، ومنذ تأسيسه، مرّ بأزمات عاصفة، أكبرها احتلال العراق للكويت، وحتى الخلاف الخليجي - الخليجي الذي كاد يعصف بالمجلس، وانتهى باتفاق العلا المعروف. اليوم تأتي الزيارة والمنطقة على صفيح ساخن مرشح لمواجهة أزمة غير كل الأزمات، وذلك على خلفية الملف النووي الإيراني المفتوح على كل الاحتمالات، وأفضلها سيئ. إلا أن طبيعة الزيارة تُعرف من طبيعة الزائر نفسه، الأمير محمد بن سلمان، فهو رجل أفعال لا أقوال، وقائد واضح، يصل لكل عاصمة خليجية وأمامه…
الثلاثاء ٠٧ ديسمبر ٢٠٢١
مشكلات وسائل التواصل الاجتماعي وظواهرها لا تنتهي، وبما أننا من ملاحقي «الترند»، فتوقع أن ترى العجب العجاب في هذه الوسائل، ومن العجب ما بات منتشراً في الآونة الأخيرة، من قيام بعض الشباب بتصوير أنفسهم بوضعيات ومواقف مُذِلّة، كالشاب الذي ظهر وهو يأكل تفاحة، لتأتي فتاة وكأنها زوجته، وتضربه «كف» على وجهه، وتأخذ التفاحة منه وتأكلها، أو ذلك الشاب الذي يجثو على ركبتيه، والفتاة تقوده خلفها، وتأمره بالقيام ببعض التصرفات، وتُظهر أنه خادمها المطيع، والمصيبة أن كل هذه الفيديوهات ما هي إلا ملاحقة لـ«ترند» صنعته أغنية «مسيطرة»، التي اعتبرها بعض النساء دستوراً لشكل علاقتها بـ«أشباه الرجال». في الحقيقة مثل هذا «الترند»، وغيره الكثير، يعبّر، وبشكل كبير، عن حالة صعبة، قادت الكثيرين ليقوموا بأسخف التصرفات، لمجرد ملاحقة «الترند»، حتى وصل بهم الأمر لأن يظهروا بهذه الشخصيات الهزيلة، للحصول على مشاهدات وإعجابات على صورهم وفيديوهاتهم، وأنا لست متعجباً من هذا الأمر بقدر استهجاني لمثل هذه الأغاني، التي سرعان ما تنتشر عبر الأوساط الرقمية،…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الثلاثاء ٠٧ ديسمبر ٢٠٢١
من لم يقرأ للكاتب النمساوي ستيفان زيفايغ، فقد فاته، حسب رأيي، الكثير من الشغف والتاريخ وأدب الكتابة رفيع المستوى، كما فاته الوقوف أمام المعنى الهائل والمخيف لقلق الإنسان حيال أسئلة الوجود الكبرى، وعبثية الحياة، وسط الحروب والدمار، تلك الهواجس التي وقف أمامها «زيفايغ»، فلم يحتمل وطأة الحياة في ظلها، لأنه كان يؤمن بأن الإخلاص للحياة، يعني أن نحياها بأمان وسلام، دون خوف ورعب وتهديد! الإخلاص للحياة، ذكرني هذا المعنى بأصدقاء سألوني يوماً، عن المدن التي زرتها، أو تلك التي أحلم بالذهاب إليها؟ قلت لهم ربما لم أسافر كما ينبغي لمسافر أن يكون مخلصاً لترحاله وشغفه، طالما خالط سفري ميل نحو التباهي أو العبث، إن السفر علم عظيم، لا مجرد تمضية وقت فقط، علم توجهه البصيرة، ويقود خطاه التأمل في مسارات التاريخ والجغرافيا والإنسان. إن البصيرة نعمة كبرى، إنها إعمال للعقل بعمق في كل ما حدث، وما يحدث حولك، فقد يقودك التفكر لما يمكن أن يكون عليه الغد، كما قاد الخوف…
الثلاثاء ٠٧ ديسمبر ٢٠٢١
قبل 335 يوماً، دعا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الدول العربية الخليجية الخمس الأخرى إلى اجتماع في مدينة العلا، وطرح عليها مشروعه للمصالحة الجماعية. ثم تم توقيع «اتفاق العلا»، بحضور ممثلين من حكومتي مصر والولايات المتحدة، والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. حينها، قال أكثر المتفائلين، لنراقب، أمامنا ستة أشهر حتى نمتحن الاتفاق إن كان ذلك ممكناً، فالخلافات متعددة ومتشابكة فردية وجماعية، ولا يمكن أن تتم المصالحات دون تنازلات صعبة. وبعد نحو عام على ذلك الاتفاق في العلا، يمكننا الآن أن نقول إنه صمد، والمصالحات سارت ببطء وإلى الأمام، ومعظم القضايا الخلافية تم التوافق حولها، أو التعامل معها، من السياسية إلى القانونية. ولا بد من القول، أيضاً، إن جميع الحكومات قدمت تنازلات. رافقت المصالحات توافقات مفاجئة ومثيرة، أبرزها بين مصر وتركيا، التي تمت بعد اجتماعات تفصيلية عديدة. الأمير محمد بن سلمان بدأ، أمس، من مسقط، زيارته للعواصم الخليجية الخمس. ستعزز رحلته ما بدأه في العلا، في الخامس من يناير…
الأحد ٠٥ ديسمبر ٢٠٢١
الوسواس هو أن تشك في كل شيء. هذا تعريفي المبسط. أمّا علمياً فهو فكرة أو سلسلة أفكار تلازم الشخص وتجعله يشعر بقلق بعض الوقت أو كله. هل توضأت قبل الصلاة؟ هل صليت ثلاث ركعات أم أربعاً؟ نتخبط جميعنا في انعدام اليقين بشكل لا يمكننا تخيله يومياً، وانعدام اليقين هو الشعور الذي يقودنا إلى دوامة الوسواس، وهو مختلف عن الوضع الذي لا يمكننا فيه اتخاذ قرار بسبب عدم توافر الحقائق بشكل كافٍ. مثلاً، تعاملت مع شركة في مشروع فخيبت آمالك، قررت التعامل مع شركة أخرى فوجدت أداءها أفضل، في المشروع التالي لو أتتك مجموعة عروض فأنت حتماً ستتجاهل الشركة التي خيبت آمالك بسبب توافر الحقائق أو المعلومات ولن تدخل دوامة الوسواس. الوسواس هو السيناريو التالي: أنت في السيارة تهم بالخروج من البيت، تسأل نفسك هل أطفأت الموقد؟ لا تتذكر. تنزل من السيارة وتذهب إلى المطبخ لتتأكد، تجده مطفأ. تعود للسيارة ثم تسأل نفسك هل أطفأت أنوار البيت وأقفلت الباب؟ غير متأكد،…
الأحد ٠٥ ديسمبر ٢٠٢١
تنطلق الإمارات في رحلة الخمسين عاماً الجديدة بثقة وإرادة صلبة وعزيمة متجددة تؤكدها مثابرة قياداتها وجهود أبنائها، والعمل الدؤوب الذي لا يتوقف في سبيل رفعة الوطن والمحافظة على تقدمه وتعزيز مكانته، وهذه الملحمة التي تضع الإمارات في المستقبل من الآن تمضي، بفكر واحد، ورؤى وأهداف موحدة، واستراتيجيات مدروسة وواضحة وضعتها القيادة الرشيدة لتكون مرجعاً للجميع في مضاعفة وتسريع الجهود لغدٍ أفضل. ربما تكون الأهداف الكبرى التي تحدث تحولات نوعية حقيقية في مسارات التنمية هي أبرز ما يميز الاستراتيجيات الطموحة للمرحلة المقبلة، لكن الأهم من ذلك أن القيادة عهدت بهذه الاستراتيجيات إلى أيادٍ أمينة من قيادات المستقبل القادرة برؤاها وأفكارها المتفردة وخبراتها الواسعة وكفاءتها، مع حماسها وروحها الوثابة نحو التغيير، ونظرتها الإيجابية والمتفائلة، على ضمان أعلى درجات الإنجاز من خلال إشرافها المباشر ومتابعتها الشخصية لكل الخطط والمشاريع، وهذا ما يجسده لقاء المستقبل بين حمدان بن محمد وخالد بن محمد بن زايد، أمس، والذي يبث الثقة والبشائر بما ينتظر مسيرة التنمية في…
الأحد ٠٥ ديسمبر ٢٠٢١
ونحن في ذروة فرحتنا واحتفالاتنا بعيد الاتحاد الخمسين، حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على توجيه أعظم الرسائل التي لا تقل أهمية عن رسالة الخمسين، ومبادئ وثيقة الخمسين التي احتفينا بها وهي تحدد مسارات المرحلة المقبلة من عمر«الاتحاد»، في رحلة الانطلاق باتجاه مئوية الإمارات. الرسالة العظيمة كانت بين ثنايا لقطات مصورة حرص على وضعها مع «رسالة الخمسين» عبر حساباته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي، وهي لسموه بين أبنائه وأحفاده في تلك الأجواء الطيبة من الفرح والسعادة والبهجة، وتحمل في طياتها رسالة للجميع بأنه مهما كانت مسؤوليات الإنسان وانشغالاته، فعليه تخصيص وقت لأطفاله وأسرته، لحظات تمر بسرعة ولكنها ذات أثر عظيم على كل فرد في الأسرة تعزز قوة ترابطها وتنثر الحب بين أفرادها. أبوخالد رغم مسؤولياته وجسامة مهامه القيادية والواجبات الرسمية، حرص على مشاركتنا تلك اللحظات الخاصة واللقطات العفوية، لما تحمله من رسائل ودلالات عظيمة. لقد كانت الأسرة الإماراتية محل…
الأحد ٠٥ ديسمبر ٢٠٢١
كانت تسمى الولايات المتصالحة. والساحل المتصالح. وقد أطلق البريطانيون عليها هذا الاسم بعد مجموعة من اتفاقات خلال القرن التاسع عشر، أوقفت الهجمات التي كان يقوم بها أهل المنطقة على السفن والبوارج المبحرة إلى الهند. كانت كل أهمية هذه الولايات بالنسبة إلى بريطانيا أنها واقعة على الطريق إلى الهند. لكن فجأة ظهر النفط في أبوظبي وتغير مقياس الأهميات. وبعد النفط جاء الاستقلال عن بريطانيا العام 1971. وقال الشيخ زايد بن سلطان لحكام الإمارات بعد احتلال إيران لجزيرتي الطنب الكبرى والصغرى، وجزيرة أبو موسى، أمامنا أمران: إما أن نظل مجموعة مبعثرة ومهددة، وإما أن نتحد في دولة حصينة. هكذا تحولت الولايات المتصالحة إلى دولة رئيسية على خريطة المنطقة والعالم: أبوظبي، دبي، الشارقة، أم القيوين، الفجيرة، رأس الخيمة، وعجمان. في الذكرى الخمسين لقيام هذه الدولة، أرجو أن تسجل هذه الملاحظة: الهند التي كان أهل المنطقة يتعاملون بعملتها تتكل الآن في الكثير من دخلها على هذه الدولة التي كانت «واقعة على طريقها». وألوف…
الأحد ٠٥ ديسمبر ٢٠٢١
حينما أكتب هنا عن أبي، فإني أكتب عن جيل عملاق في كفاحه ومبادئه ووفائه وأسفاره ورؤيته لنفسه ومجتمعه. وحينما أنعى أبي، ذلك الرجل العملاق في سيرته ووفائه لأصدقائه وأقاربه، وأُثني على بعض خصاله الكريمة، فلن أكرر هنا ذلك النهج الطيب في مقصده وأقول: ليس لأنه أبي، بل أكتب هنا عن أبي لأنه أبي. فما أعرفه أن تجربة الأب، في غالب الأحوال، تبقى من أقوى – إن لم تكن الأقوى- ما يؤثر على حياة الإنسان ومسيرته ورؤيته وما يصل إليه. وأبي كان وما زال من مصادر الإلهام الرئيسة في حياتي، إذ تكفيني ثقته ودعمه لكل قرار مهم اتخذته في حياتي، وهو من جيل لم تتح له تجربة الدراسة كما أتيحت لي ولإخوتي، لكنه كان يدرك أن التعليم وخوض تجارب الحياة من أهم ما يصقل مسيرة المرء وينجيه، بعد توفيق الله، من مزالق الحياة ومقالبها. وإذ أكتب هنا عن حدث حزين، كفقد الأب، فلابد من عودة سريعة لمرحلة الطفولة التي تحمل الراسخ…
السبت ٠٤ ديسمبر ٢٠٢١
في دولة بحجم مصر تعلَن استقالة وزير في نبأ صغير على الصفحة الأولى، أو الثانية. في فرنسا تعلَن في زاوية الاجتماعيات، إلا إذا كان وزير الخارجية أو الدفاع. في لبنان وُضع البلد في حالة تأهب قبل يومين، لأن وزير الإعلام جورج قرداحي سوف يعلن استقالته في الساعة الواحدة بعد الظهر، بالتوقيت العالمي. شاهدت في لندن مسرحية للكوميدي بيتر كوك عن رجل يزعم أن غداً في الواحدة يبدأ يوم القيامة، ويجلس مع رفاقه في انتظار الساعة. ولما حلّت الواحدة ولم تهتز الأرض، ولم تخطئ حافلات لندن في مواعيدها، سُئل صاحبنا: ماذا يحدث؟ فقال: انتظروا توقيت غرينتش! ليس من حدثٍ محليٍّ في لبنان. الحكومة تستقيل بسبب الصراع الأميركي - الإيراني، وتتألف بسبب التوافق الإيراني - الفرنسي. وجورج قرداحي يستقيل بالتماس من فرنسا. ورئيس الجمهورية يلين برجاء من روسيا. والحكومة لا تجتمع إلا بانفراج في المحادثات النووية في فيينا. والتواضع يرفع مشنقته لأنه لم يعد قادراً على التحمل. هذا التواضع ليس جديداً. مرض…
الثلاثاء ٣٠ نوفمبر ٢٠٢١
قبل خمسين عاماً بدأت رحلة الإمارات، تلك الرحلة الجميلة؛ هناك عندما اجتمع القادة المؤسسون واتفقوا على بناء قواعد الاتحاد وتثبيت دعائمه، لم تخطّ الأقلام تلك القواعد فحسب، بل مزجت شعوب الإمارات ليصبحوا شعباً واحداً، فتعاهد الجميع على أن هذا الوطن أغلى من كل شيء، وقرروا بأن الأرواح والدماء رخيصة أمام حضرة الوطن، في ذلك الوقت والزمان والمكان كُتب التاريخ قبل أن يبدأ. مشاورات تأسيس الاتحاد درسٌ كبيرٌ في صناعة الأوطان، فأي رؤية كانت لدى الآباء المؤسسين ليجتمعوا تحت راية واحدة واسم واحد وعلم واحد، كان إيمانهم بقدرة أبناء شعبهم على بلوغ القمم، كانت لحظات عميقة من التفاوض وكتابة التفاصيل وتوضيح جميع المسائل ليخرجوا دولةً وكياناً جديداً أساسه الاتحاد، وأي شيء يبدأ بالاتحاد مآله النجاح، فكيف إن كان وطنٌ أحبه قادته وشعبه واجتمعوا ليكتبوا له تاريخاً فريداً يليق به. الاحتفال هذا العام ليس مجرد احتفال بقدر ما هو إطلاق خطة لخمسين عاماً قادمة، فنحن دولةٌ أصبحت رمزاً وعنواناً عالمياً للمستقبل، وهذا…
الثلاثاء ٣٠ نوفمبر ٢٠٢١
انفردت منصة «بلومبرغ» للأعمال، الأكثر مقروئية على مستوى التقارير الاقتصادية والمالية، بشهادة تاريخية أشبه باعتراف بنجاحات السعودية ورؤيتها وإدارتها للأزمات، من «كورونا» إلى أسعار النفط وتقلباته. التقرير حمل عنواناً مستفيضاً عن السيولة النقدية، وكيف أن هذه القوة السعودية الضاربة الصاعدة جزء من مخرجات «رؤية 2030»، وعرابها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي وصفه التقرير بأنه ضخ القرن الحادي والعشرين في أوردة المجتمع السعودي، وانعكاسات ذلك على قدرة السعودية التفاوضية العالية في أسواق النفط والمال، إضافة إلى دبلوماسيتها التي ترتكز على السيادة. في المقابل، تحدث التقرير، ولو مواربة، عن تخبط وتناقضات مقاربة «السعودية المتجددة»، لا سيما بعد ارتفاع أسعار النفط. فرغم المناشدات المعلنة، فإن التقرير كشف عن حملات كثيفة لدبلوماسيين ومبعوثين أميركيين بالدرجة الأولى لمحاولة إقناع السعودية بضخ مزيد من النفط الخام بأسرع وقت، أو ما وصفه بمحاولات الضغط الدبلوماسي، إلا أن موقف القيادة السعودية الذي عبر عنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وشرحه بشكل أكثر تفصيلاً وزير…