الأربعاء ١٨ أغسطس ٢٠٢١
بالطاقة النظيفة، تبدو دبي كحسناء تمد ذراعين تحت أشعة الشمس، وتحدق في شجيرات الحياة، متعانقة مع تلك الأغصان، متضامنة مع تغاريد الطير، منسجمة مع طموحات المتفائلين جداً، متناغمة مع الإرادات الإيجابية، ماضية في تسلق عنان السماء، مستمرة في تخصيب الغيمة، مندمجة مع بوح الصباحات، وهي تحمل شذا الجلابيب البيضاء وقمصان الأناقة المخملية، وألواناً من وجوه مشرقة، متألقة، متأنقة، تتسرب في الوجود كأنها الفراشات تبحث عن عبق الرائحة، وعن رشفة مستريحة. دبي قررت أن تكون نقية من دخان وعوادم، سخية في ترتيب مشاعر أجوائها، رخية في تلطيف فضائها، فالشاهقات بقوام المذهلات، تحتاط، وتطوق نفسها بسليل الهواء الندي، والممتدات على صفحات التراب، سخيات في رخائها، متجليات في بهجتها، تطل على العالم بسجاتها الحرير، وتفترش ابتسامة أشف من عيون الماء، أرق من أنامل رضية باسمة، نجلاء. يقول أحد عشاق تلك الفتية: عندما تزور دبي تشعر أنك بين غيمة وغيمة، شهاب طالع من بين أضلع أحلام بهية، تسير، وتسير، وفي قلبك نخوة الزمن، وصبوة…
الأربعاء ١٨ أغسطس ٢٠٢١
منظر سيئ للغاية، بطله شاب في مقتبل العمر، يقف أمام المحاسب في سوبرماركت كبير، خلفه طفلان، الكبير منهما لا يتعدى الخامسة، والصغير في الثالثة تقريباً، وكل منهما يدفع أمامه عربة مملوءة عن بكرة أبيها بالحلويات والشوكولاتة بمختلف أنواعها، إضافة إلى أنواع لا حصر لها من السكاكر وأكياس البطاطا (الشيبس)، وكل منهما يضع ما اشتراه أمام المحاسب، وهما في قمة الفرح والسعادة! الأب أيضاً كان مسروراً، بل كان في قمة الفرح، وهو يرى طفليه يكادان يطيران من الفرح والسعادة، والغريب أنه لم يشعر، ولو للحظات، بأن ما يفعله خطأ كبير، وأنه بهذا الفعل يضرّ طفليه ولا ينفعهما، وهذه السعادة المؤقتة التي يراها على وجهيهما الصغيرين، قد تجلب لهما الأذى بقية سنوات عمرهما! هو ليس الوحيد الذي يفعل ذلك بالتأكيد، غيره مئات، إن لم نقل آلافاً من الآباء والأمهات، يعتقدون أنهم يسعدون أطفالهم، ولا يحرمونهم شيئاً، لأنهم يشترون لهم كل ما يطلبون من حلويات وشوكولاتة وسكاكر، في حين أنهم في الحقيقة يدمّرون…
الأربعاء ١٨ أغسطس ٢٠٢١
نواجه هذه الأيام مخاطر صعود قوى التطرف باسم الدين، ونذكر أنفسنا بأهمية قوى الاعتدال، ودورها في مواجهة مثل هذه القوى، فقبل 25 سنة وصلت «طالبان» إلى السلطة في كابول، وفتحت الباب لاستضافة جماعات متطرفة، كانت على رأسها جماعة «القاعدة». استفادت «القاعدة» من حماية «طالبان» لها، وسواء أكانت «طالبان» تعلم بما تخطط له «القاعدة» أم لا، فإن العالم انتهى إلى أحداث سبتمبر/أيلول. دفعت «طالبان» ثمناً غالياً، وخسرت السلطة، لكن العالم دفع ثمناً أكبر، وعمت وانتشرت ظاهرة الإرهاب الذي لا يهدد أرواح الناس فقط؛ بل يستهدف أنماط الحياة والثقافات والتعايش الذي بناه الإنسان على مدى قرون من الزمن. ربع قرن كانت فيه الإمارات صرحاً للأمن الداخلي والإقليمي، أسهمت في كل ما يعزز الاستقرار، وينأى بالشعوب عن تداعيات الإرهاب، الذي واجهته بكل أشكاله، بوعي استثنائي لم يفرق بين الإرهابي المستعد لقتل الناس وقتل نفسه، والإرهابي الذي يبث الفكر الذي يؤسس لبيئة الإرهاب، وواجهته بالنموذج والتنمية ورفاه الشعب وأخلاقيات لم تلوثها السياسة. اليوم تصل…
الإثنين ١٦ أغسطس ٢٠٢١
تواصل الإمارات دورها في قيادة تحولات بنّاءة في المنطقة والعالم، انطلاقاً من مسؤوليتها كدولة فاعلة وقادرة وواعية. المبادرة، هذه المرة، خرجت من بوابة الإعلام، حيث «الكونغرس العالمي»، الذي أعلن أمس عن استضافة العاصمة أبوظبي له، ليشير بجلاء إلى أحد جوانب الريادة التي ترسخت عبر عقود، ويعكس بوضوح رغبة إماراتية أكيدة في تعزيز التفاعل مع العالم، عبر بلورة رؤية استشرافية لمستقبل صناعة الإعلام التي باتت محفزاً رئيسياً للتنمية المستدامة في المجتمعات. لدى الإعلان عن استضافة «الكونغرس»، كان سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان أكثر قدرة على التعبير عن رؤية وانفتاح الإمارات وأصالتها وإيمانها بذاتها، حينما أشار إلى كونها حاضنة عالمية ومنصة فاعلة لقطاعات الإعلام المتنوعة، تتسم بتكامل البنية التحتية الرقمية والتسهيلات التشريعية والقانونية الداعمة، والبيئة المعيشية الاستثنائية لجميع الجنسيات والشركات الدولية المؤثرة في قطاعات الإعلام والصناعات الثقافية والمحتوى الإخباري عبر مختلف الوسائل التقليدية والحديثة. فلم يكن الإعلام بمنأى عن المكتسبات النوعية التي حققتها بلادنا في الأعوام الخمسين الماضية، حيث تعاملت…
الإثنين ١٦ أغسطس ٢٠٢١
ألم تكن أقوى قوة استخبارية في العالم، وتعرف ماذا سيحصل في أفغانستان بمجرد الإعلان عن نية أميركا في الخروج منها؟ ألم تكن تتخيل المشهد الذي سيبدأ في رسم نفسه فوق تلك الخريطة الوعرة في طبيعتها الصخرية، وطبيعتها البشرية، وطبيعتها السياسية؟ وجدت أميركا نفسها بين خيارين: البقاء في أفغانستان، ضد رغبة أكثرية الأميركيين وأكثرية الأفغانيين وأكثرية العقلاء في العالم. أو أن تخرج وتتحمل تبعات الانسحاب التي هي عادة، أصعب بكثير من تبعات الاحتلال. في الدخول أو الخروج، الأثمان الأخلاقية والإنسانية والعسكرية والمعنوية، التي تدفعها أميركا، باهظة جداً. لا هي نزهة في الإياب. أما الثمن الأغلى فيدفعه في الحالتين، «المتعاونون» أو «الخونة» الذين تعاملوا مع المحتل. وهؤلاء هم طبقة من المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة، خاسرون إن قبلوا هذا الفريق أو ذلك. منبوذون هنا الآن أو لاحقاً هناك، وهاربون من المنتصرين، في هذا الاتجاه أو المعاكس. في لؤم ودم بارد، يكرر التاريخ نفسه. الأميركيون يواصلون المفاوضات مع «طالبان» في قطر،…
الإثنين ١٦ أغسطس ٢٠٢١
يؤمن بضرورة أن يكون الكتاب في كل يد، والمكتبة في كل بيت، والمعرفة تعم ربوع الوطن لتضيف المزيد والمزيد إلى إنجازاته اليومية.. معرفة تمتد لتنتشل الأمة من عثراتها كي تستعيد مكانتها اللائقة بها. يؤمن أيضاً بأهمية أن يتزود كل البشر بالثقافة، التي تمنحهم الأمل وتعلمهم التسامح، وتجنبهم التطرف والتشدد، وترتفع بوعيهم لتنقذهم من الحروب والصراعات.. ثقافة تزرع في نفوسهم السعادة، وترتقي بهم ليبصروا العالم بعين تتذوق كل هذا الجمال الذي يحيط بهم من مختلف الجهات. لم يتوقف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة يوماً عن العمل على هذا الهدف وتحويله خطوات عملية على أرض الواقع، والقصة طويلة من الصعب أن نحيط بفصولها كافة في هذه السطور. البداية كانت في العام 1982، مع انطلاق الدورة الأولى من معرض الشارقة للكتاب. في تلك اللحظة كان بإمكاننا أن نقرأ ملامح رؤية استراتيجية تتعلق بضرورة الارتقاء بقيمة ومكانة الكتاب، ولكن المشكلة الكبرى التي يعرفها كل مهموم بحال…
الإثنين ١٦ أغسطس ٢٠٢١
يقترح عليّ البعض مشاهدة أفلام كوميدية لكن لدي مشكلة معها وهي أني لا أضحك بسهولة. الكوميديا أنواع، هناك التهريجي البريء الذي يجذب الأطفال حتى سن العاشرة، وهناك التهريجي الذي به تلميحات جنسية واضحة لجذب المراهقين حتى سن العشرين، وهناك تهريج الكبار الذي يوظف الإباحية في مواقف لا تخطر على البال لإضحاك الجمهور. هناك الكوميديا السوداء وهي التي تتخذ من موضوعات جادة مادة للسخرية مثل فيلم كوميدي يسخر من هتلر أو قصة كوميدية حدثت في مسرح جريمة، والكوميديا الجادة/الساخرة، وهي التي تضع شخصيات في منتهى الجدية في موقف في منتهى الهزل، مثل شارلي شابلن أو المسلسل الشهير «مستر بين» أو شخصية «د. روماك» في فيلم «الطائرة!» أو الشرطي فرانك دريبن في The Naked Gun، وهذه الأمثلة الثلاثة الأخيرة هي الكوميديا المفضلة لدي. بكل بساطة، نحن نضحك لأننا نرى الواقع مقلوباً في الكوميديا، وعقولنا تفهم الواقع ولا تفهم صورته بالمقلوب، فيتولد الضحك عندما يرى العقل الصورة مغايرة أو مقلوبة ويفسرها على أنها…
الإثنين ١٦ أغسطس ٢٠٢١
عادت حركة «طالبان» لحكم أفغانستان، والمسألة مسألة وقتٍ ليتم الإعلان عن ذلك رسمياً، والصور المقاطع المصورة والخطابات الصادرة من طالبان جميعها تشهد بأن شيئاً لم يتغير في أيديولوجية هذه الحركة أو أساليبها، فنفس العنف والتطرف والاستهانة بالبشر وحياتهم ما تزال عناوين بارزة لا تخطئها العين. بعد عشرين عاماً من تحالفٍ دوليٍ قادته الولايات المتحدة الأميركية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ها هي تنسحب بشكل مثيرٍ للجدل، في سرعته وتعجّله، وهو انسحاب يبدو وكأنه فرار خائفٍ من معركة كانت توصف بأنها الحاسمة ثم تلاشت شيئاً فشيئاً، حتى حدث الانسحاب الذي هو أقرب للهزيمة. الانسحاب المتعجل ترك خلفه أسلحةً متقدمةً وآلياتٍ حديثةً، بعضها لم يتم فتحه ولا استخدامه بعد، ومقاطع استيلاء عناصر «طالبان» عليها تملأ الفضاء، وكأن التاريخ يعيد نفسه، ويذّكر بما جرى في مدينة الموصل العراقية، حين استولى عليها «تنظيم داعش»، وأخذ كل السلاح والعتاد الأميركي المتقدم، ثم عاث في العراق وسوريا فساداً وتحركت خلاياه في كل العالم. الحديث عما…
الأحد ١٥ أغسطس ٢٠٢١
قيل إن للموسيقى أثراً يتجاوز الحِكم والفلسفات، ولعل الرياضة لا تختلف عن الموسيقى في هذا المجال، لما لها من قوة تأثير إيجابية هائلة تتجاوز اللغات والثقافات. سواء كانت الرياضات فردية أم جماعية، أولمبية أم غير أولمبية، وسواء أكان ممارسها هاوياً أم محترفاً، فجميع الرياضات والرياضيين يتكلمون لغة واحدة، تتكون حروفها من مبادئ وقيم سامية، كالنزاهة والعدالة، والتعاون والانضباط، والإصرار وروح التحدي. ولا يقتصر أثر الرياضة على تعزيز اللياقة البدنية لممارسها فحسب، بل إنها تقوي المناعة، وتنشط الصحة العقلية، وتقوي ثقة الإنسان بنفسه وتقديره لذاته، ويعتبرها البعض «إكسير السعادة» وأفضل علاج للاكتئاب والقلق. كما أن الرياضة من أفضل وسائل الترفيه والتربية، ورافد مهم للنمو الاقتصادي من خلال ما يعرف بالسياحة الرياضية، إذ تتنافس الدول على استضافة بطولات دولية تحقق للدولة المستضيفة الكثير من العوائد على المدى القصير والبعيد. ويمتد أثر الرياضة الإيجابي أيضاً إلى متابعيها، لما تضفيه من أجواء حماسية وممتعة أثناء متابعة المنافسات. وتعرف الرياضة كأداة لنشر قيم السلام والتقارب…
الأحد ١٥ أغسطس ٢٠٢١
الإمبراطوريات تجرح، وتموت، والإمبراطوريات تسقط وتتساقط، والإمبراطورية الأميركية الأقوى في التاريخ ليست استثناء، وقد جرحت من قبل وإن اختلفت ردودها على تلك الجراح، وكل ما تصنعه أميركا اليوم هو «الانسحاب» من العالم و«الانعزال» في الداخل. جرحت أميركا في «بيرل هاربر» فكان الرد هو دخولها الحاسم في الحرب العالمية الثانية، وجرحت أميركا في «فيتنام» وكان الرد هو الانسحاب، وجرحت أميركا في 11 سبتمبر (أيلول) وكان الرد هو الحرب على الإرهاب، وتوقياً لمزيد من الجراح اعتقدت أميركا أن انسحابها من العالم سيحميها ومنطق التاريخ يقول عكس ذلك. وجراحٌ أخرى، فعندما فجر عناصر «حزب الله» اللبناني مشاة البحرية الأميركية وسفارتها في بيروت 1983 قرر الرئيس ريغان سحب القوات، وعندما أسقط إرهابيو القاعدة في الصومال هيلوكوبتر «بلاك هوك» أميركية قرر الرئيس كلينتون سحب القوات، والأمثلة كثيرةٌ. الانسحاب الأميركي من أفغانستان وتسليمها لحركة طالبان سيتم تفسيره بالهزيمة، فـ«طالبان» و«القاعدة» و«داعش» تعلمت جيداً أن أميركا يمكن إنهاكها بالإصرار والعزيمة والثبات على الإرهاب، وهذا الشعور الطاغي على…
الأحد ١٥ أغسطس ٢٠٢١
تغريدة جميلة ومعبّرة، تلك التي كتبها رجل الأعمال الإماراتي الشهير خلف الحبتور، حيث قال فيها «تعلمت ألّا أوظّف معاونين أضعف مني، وأن أعمل دوماً مع من هم أكثر علماً وخبرة مني في اختصاصاتهم، وأستفيد من علمهم لتحقيق النجاح، والوصول إلى الأهداف التي نسعى إليها»، واختتم التغريدة قائلاً «إن كنت تخوض معركة، فليكن معاونوك أقوى منك، لتحقق النصر». مثل هذا الفكر، يجب أن يسود في أذهان جميع المسؤولين التنفيذيين في مختلف الأماكن، فالموظف الجيد الذكي المتمكن، هو عون لرئيسه ومسؤوليه، وليس خطراً عليهم، كما يعتقد كثيرون، فأن تكون قائداً على مجموعة «أُسود»، بالتأكيد أفضل وأقوى بمئات المرات، من أن تكون أسداً، وتقود مجموعة من الضعفاء، ومحدودي الفكر! البعض يعتقد أن خلف الحبتور مؤمن بذلك كونه رجل أعمال، ومالك مجموعة شركات مختلفة، لذلك فإن نجاح موظفيه يعني بالضرورة زيادة دخل وأرباح، تعود عليه شخصياً بالفائدة، معتبرين أن مثل هذه القناعة قد تصلح في القطاع الخاص، لكنها حتماً لا تصلح في الفكر الحكومي،…
الأحد ١٥ أغسطس ٢٠٢١
لا يخفى على متابع أن «تنظيم الإخوان» يقف حالياً أمام مأزق كبير، بل ومعضلة وجودية، فالانتكاسات تتوالى، والخسائر أكثر من أن تحصى، وآخرها في تونس. داخلياً، يعاني «التنظيم» من انقسامات وانهيارات حادة، وانسحابات متزايدة، وتفكك تنظيمي وفكري، بالتوازي مع غضب يشتعل داخل قواعده. أما على مستوى الرأي العام العربي فحدّث ولا حرج، فالمسكّنات ما عادت تجدي نفعاً، و«الشعارات الرنانة» لم تعد تنطلي على الشارع، فيما العبء يشتدّ على الرعاة الإقليميين الذين باتوا يراودهم التفكير في التخلص من «الجماعة»، خاصة بعدما أصبحت خارج الخدمة والتجربة في دول عربية كبرى، فضلاً عن سمعتها السيئة في المجتمع الدولي. ونرى أن سقوط «الجماعة» في عالمنا العربي كان أمراً حتمياً، خاصة بعد أن انكشفت بوضوح بشاعة «ربيع الفوضى» بكلّ أوهامه وترّهاته، فيما وقفت الشعوب على عنف «التنظيم» الحقيقي، وأدركت أنه تنظيم إقصائي، يحتكر تمثيل الإسلام، وينكر الدولة الوطنية، بل ويبيح الخروج عليها، ويتبنّى شعارات دعوية، يتخفى خلفها شعار رئيسي هو: «الغاية تبرر الوسيلة». كان السقوط…