الأربعاء ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٠
عاد الرئيس سعد الحريري إلى تشكيل حكومة لبنانية بعد عام من حكومة حسان دياب، التي اتخذت أسوأ القرارات في حق لبنان، ودمّرت إلى الأبد الثقة بسمعته الاقتصادية، عندما تمنعت عن تسديد مستحقات السندات الدولية ورمت البلد في فئة الدول غير الموثوقة وغير المحترمة وغير الخليقة بالعلاقات الدولية السوية. وقد اتخذت حكومة دياب ذلك القرار من باب أن اللبنانيين أولى بصرف تلك الأموال على طعامهم ووقودهم. وهذا مسلك سيئ. فالمدين عليه أن يسدد أولاً ما عليه. والأمانة قبل الرغيف. ومع أن حكومة حسان دياب وجبران باسيل لم تسدد، فقد بقيت النتيجة واحدة: سقطت العملة وجاع اللبنانيون وتبخَّر الوقود، والودائع والنظام المصرفي والاقتصادي، وبقي للبنان خطاب تاريخي ألقاه دياب بكل عين مفتوحة قائلاً للبنانيين إن حكومته حققت 93 في المائة من وعودها خلال مائة يوم. باق سبعة. قد يكون من الأفضل بعد عودة الحريري القول إن الماضي قد مضى وعفا الله، ولنراهن على الآتي، ولكن في هذا العام من عمر لبنان لم…
الإثنين ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٠
ألقى الله علينا جائحة بالتزامن مع تحول تكتوني في طريقتنا في التعليم والعمل والتوظيف، لنستعد جميعاً: فعندما نخرج من أزمة كورونا هذه، سنشهد واحدة من أعمق فترات التدمير الإبداعي على الإطلاق وفقاً لنظرية «شومبيتر» (عالم أميركي في الاقتصاد اشتهر بالترويج لنظرية الفوضى الخلاقة)، التي يسرعها هذا الوباء ويخفيها في نفس الوقت. لن تكون هناك وظيفة ولا مدرسة من رياض الأطفال إلى الصف الثاني عشر ولا جامعة ولا مصنع ولا مكتب بمنأى عن ذلك، وستؤثر على العمال ذوي الياقات البيضاء والزرقاء على حد السواء، وهذا هو السبب في أن هذه الانتخابات تهم كثيراً، كيف نزود المزيد من الأميركيين برعاية صحية، ومعاشات تقاعدية قابلة للنقل، وفرص للتعلم مدى الحياة لتحقيق أقصى استفادة من هذه اللحظة وتخفيف الأسوأ، هو ما يجب أن تكون عليه السياسة بعد 3 نوفمبر، أو أننا نتجه حقاً إلى عدم الاستقرار. السبب في أن حقبة ما بعد الجائحة ستكون «مدمرة جداً ومبدعة»، هو أنه لم يكن هناك مثل هذا…
الإثنين ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٠
تكفي نظرة إلى إيراج مسجدي، بلباسه العسكري، لنعرف أنه ليس بالدبلوماسي المألوف في العالم. هو سفير إيران في بغداد، لكن على أرض الواقع يعتبر نفسه الحاكم العسكري المكلف في العراق. و«الحرس الثوري» أصبح مكلفاً بإدارة كل «مناطق الفوضى»، مستخدماً سفاراته، حيث تم تعيين زميله حسن إيرلو أيضاً سفيراً «مطلق الصلاحية» في صنعاء، لدى حكومة الحوثي الانقلابية ليتولى إدارة «اليمن المحتل». على كثرة الأخطار التي مروا بها، العراقيون يواجهون أخطرها. فإيران تسارع الخطى للسيطرة على العراق مستغلة انشغال عدوتها الرئيسية، الولايات المتحدة، بالانتخابات، تريد أن تستبق وصول جو بايدن رئيساً لتفرض عليه واقعاً جديداً، يقول العراق خارج المفاوضات المقبلة، إنه ولاية تابعة لإيران. وفِي حال عاد ترمب رئيساً فإنها ستحاول أن تفاوضه بما كسبته في بغداد. الحقيقة لا يجهل العراقيون النشاط الإيراني المتسارع. ويعرفون أنه خلف الفوضى، ووراء خسائرهم الاقتصادية، وعجز حكومتهم عن العمل، وأن إيران تدير الميليشيات المسلحة التي عطلت تطوير التعليم والتوظيف والحياة الاقتصادية والاجتماعية. كلها حقائق ليست غائبة…
الإثنين ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٠
تحدّث الفلاسفة اليونانيون عن المدينة الفاضلة، ثم جاء كتاب السير توماس مور عام 1516 ليصف تلك الجزيرة السعيدة، التي سماها «يوتوبيا» Utopia، وفيها كل أسباب الراحة والسعادة لمواطنيها، وفي عالمنا العربي جاءت الشاعرة العراقية نازك الملائكة على ذكر المدينة الفاضلة كثيراً، مرت تلك الخواطر في ذهني أثناء حضوري ندوة لرئيس الجمعية الملكية للفنون في أسكتلندا «جيمي كووك»، الذي تحدث عن نظام «الدخل الأساسي الشامل» أو Universal Basic Income، ويتلخص المفهوم في أن تمنح الدولة مواطنيها دخلاً أساسياً ثابتاً وموحداً، يكفي الاحتياجات الأساسية للمواطنين، سواء كانوا يعملون أم لا. الفكرة ليست بالجديدة، فهي موجودة منذ أن عرف الإنسان نظام الدول والحكم، وفي الحضارات القديمة، لكن الجديد في الموضوع أن بعض الدول بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات فعلية نحو إحياء هذا المفهوم، مثل البرازيل والأرجنتين، وهناك مبادرات في فنلندا وسويسرا، وفي أسكتلندا أيضاً. هل سيقضي الدخل الأساسي الشامل على مشكلة الفقر؟ من الممكن، ولكن الأهم أن هذا الدخل، وإن لم يكن كبيراً،…
علي عبيدكاتب وإعلامي من دولة الإمارات العربية المتحدة
الإثنين ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٠
لا أحب مقالات الرثاء، فهي تعني أن كاتبها فقد عزيزاً، لكن فقد إنسان بقامة الراحل إبراهيم العابد، عليه رحمة الله، وبمكانته في قلبي وقلوب كل الذين عرفوه مثلي عن قرب، لا يمكن أن يمر دون طرق هذا الباب، وإن كنت لن أفي العابد حقه. كان الزمان نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، عام 1980 على وجه التحديد، وكنت وقتها حديث التخرج في الجامعة، أتطلع لاستثمار ما درسته وما مارسته من عمل في مجال الإعلام، عندما كنت طالباً على مقاعد الدراسة الثانوية، وتسخيره لخدمة وطني الذي كان يستعد لدخول العشرية الثانية بعد تأسيس الدولة. تقدمت بأوراقي إلى دائرة الخدمة المدنية، التي كانت مسؤولة عن توظيف المواطنين وقتها، فجرى تعييني في وزارة الإعلام والثقافة. كانت رغبتي هي العمل في وكالة أنباء الإمارات، التي كانت قد تأسست حديثاً، لكن إدارة شؤون الموظفين في الوزارة ألحقتني بالتلفزيون، الذي كان هو والإذاعة تخصصي الأكاديمي، ومجال خبرتي القصيرة آنذاك. التحقت بالعمل في تلفزيون الإمارات العربية من أبوظبي، رئيساً…
الإثنين ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٠
لا يمكن الحديث عن نهضة حضارية، تشرق في مكان ما، إلا وتوجد شجرة سامقة باسقة، تظلل حاجة الناس، ورغبة الناس في أن يكونوا متحررين من سطوة الفاقة. إعلان هيئة أبوظبي للسلامة الغذائية عن موعد مع غد يرفل بأوراق الأمل ويزخر باكتفاء غذائي ذاتي، أنما هو التزامن مع الرغبة الملحة لحكومة الإمارات في جعل الوطن يطفو على موجة، ترتل مشاعره بالفرح، وتذهب به إلى مسارات بعيدة في النهوض الزراعي الذي يمنح الإنسان آية من آيات النمو الذاتي من دون الالتفات إلى موكب يأتي من بعيد كي يزف بشارة الكلأ. هذا الإعلان هو الطريق الذي تنتهجه بلادنا من أجل إبقاء الإمارات دائماً في منأى عن الحاجة، وفي مأمن من تطورات الزمن، واختلاف الظروف. فالدول يقاس تقدمها، بما توفره ذاتياً من غذاء وكساء، مما يجعلها تحكم نفسها بإرادتها، والإمارات بما تمتلكه من إمكانيات مادية وبشرية، وتقنية تستطيع أن تخصب الأرض، كما خصبت العقول، وأن تستحدث أرقى الابتكارات الزراعية العلمية وأن تتحول إلى دولة…
الأحد ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٠
تكاتف الإمارات، بقيادتها ومؤسساتها ومجتمعها، لصياغة استراتيجية شاملة ومدروسة للخمسين عاماً المقبلة، هو عمل استثنائي وغير مسبوق عالمياً، إذ يعد هذا الفريق هو أكبر فريق وطني يجتمع لغاية هي أيضاً الأكبر من نوعها لرسم ملامح المستقبل برؤية استباقية على كافة المستويات الاتحادية والمحلية وفي جميع المجالات الحيوية. الإنجازات الكبيرة التي حققتها الدولة خلال الخمسين عاماً الماضية، والتي وضعتها في صدارة مؤشرات التنافسية العالمية في مجالات كثيرة، باتت اليوم محفزاً ودافعاً لطموحات قوية نحو منعطفات ونقلات نوعية في مسيرة الإمارات، سواء في المحركات الاقتصادية والمجتمعية والتنموية المتسارعة لتكون الأفضل عالمياً في كل شيء، وهي طموحات تغذيها القيادة باستمرار بالمبادرة والمثابرة، والعمل الملهم والمحفز، وإشراك الجميع في صناعة الإنجاز والتخطيط له. وما حققته الدولة من معجزات حقيقية إلى الآن، في فترة زمنية قياسية في عمر الدول والشعوب، ومعانقتها الفضاء، وما أثبته أبناؤها من قدرات فائقة في العلوم المتقدمة وريادة مجالات المستقبل، ليس إلا إلهاماً يعزز من تطلعات الجميع نحو ريادة المستقبل، بل…
الأحد ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٠
إن التقدير الدقيق لحاجة المجتمع للتغيير، لا ينفصل إطلاقاً عن طريقة إحداث هذا التغيير، وهي أمور لا يدركها أي كان. ولذا فإن النخب الذكية تدرك تماماً دورها في تهيئة الجو العام لقبول المتغيرات الجديدة، كدعم وصول المعلومات المفيدة لإحداث التغيير، وإشغال الناس بها. ومن أهم أدوات ذلك، تمكينهم من المنصات المُترجمة. وهنا أطرح مشروعين مهمين قدما خلال العقد الماضي في المنطقة العربية، أولهما «مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية» وكذلك مجلة «الفيلسوف الجديد» وهي مشروع وليد يمضي على نفس الطريق. إنهما إحدى تلك الأدوات التي تعد وسيلة مثلى لإحداث التغيير في المجتمعات العربية، سواء من ناحية تقديم المعارف الثورية في عوالم شتى، سواء ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية، بعرضها لأحوال وأفكار المجتمعات الأخرى الأكثر تقدماً أو الأقل، ومعرفة واقعنا الحقيقي قياساً بالآخرين، أو من ناحية تقديمها عبر لغة سهلة تشبههم، ليست حكراً على نخب دون غيرها. سأبدأ من «النهاية». أساس الرفض المتطرف إزاء أي تغيير خارجي يطرأ على حياة الإنسان أو الجماعة…
الأحد ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٠
هل يمكن الثقة بعمالقة «سوشيال ميديا» للتدقيق في الأخبار؟ ما حدث منذ أسبوعين يندى له الجبين، فقد نشرت صحيفة «نيويورك بوست» الشعبية خبراً يكشف عن إيميلات تعود إلى ابن مرشح الرئاسة الأميركي ونائب الرئيس السابق جو بايدن، وبمجرد نشر الصحيفة الخبر على حساباتها في «فيس بوك» و«تويتر»، قررت المنصتان حجب الخبر أو تقليل انتشاره، وتسميته خبراً غير موثوق، وبحاجة إلى تدقيق. السؤال: مَنْ مِن المفترض أن يؤدي دور المدقق؟ أهي «نيويورك بوست»، التي تأسست عام 1801؟ أم «تويتر» الذي خرج إلى العالم في 2007؟ وهو و«فيس بوك» أكبر مروجين لهراء المؤامرات والأخبار الكاذبة. كانت محاولة غير مسبوقة - من عملاقي التقنية اللذين يتنافسان بوضوح، ولديهما معاً قاعدة مستخدمين تصل إلى أكثر من ثلاثة مليارات شخص - لإيقاف الناس من نشر أخبار كهذه، لها تأثيرات خطيرة جداً في الإعلام العالمي والديمقراطية الأميركية. يؤثر عمالقة «سوشيال ميديا»، اليوم، في طريقة تداول معظم الناس للأخبار والمعلومات. فمعظم الحكومات ليست لديها قوانين تنظم عمل…
الأحد ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٠
انتخابات العالم هي انتخابات الولايات المتحدة، حيث الإمبراطورية الأعظم في التاريخ البشري كله، وفي جميع المجالات، وهي تمرّ بلحظة استثنائية من تاريخها، إذ يسيطر عليها انقسام حادّ وغير مسبوقٍ بين حزبيها الرئيسيين؛ حزب الجمهوريين الحاكم وحزب الديمقراطيين المعارض. الأول بقيادة الرئيس دونالد ترمب، والثاني بقيادة المرشح جو بايدن. أقل من عشرة أيام تفصل أميركا والعالم عن معرفة الرئيس الجديد لأربع سنواتٍ مقبلةٍ، وأحد الفوارق المهمة بين الرجلين هو أن الرئيس ترمب يقود حزبه ويقود أميركا بحسب الخطط التي رسمها والقرارات التي اتخذها والنجاحات التي حققها، بينما بايدن يقوده الحزب الديمقراطي، وهو أسير لرؤية باراك أوباما والانحراف الذي خلقه في السياسة الأميركية على مدى السنوات الثماني من حكمه. في حال انتصار الرئيس ترمب بولاية ثانية فسوف يكمل رؤيته ونجاحاته التي تحققت في السنوات الأربع الماضية وبالذات في القضايا الكبرى التي تهم منطقة الشرق الأوسط، حيث نجح الرئيس في وضع النظام الإيراني المارق تحت عقوبات قاسية وغير مسبوقة خففت من مدى الشرور…
السبت ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٠
هل لو قرأ لاعب الكرة المتحرش، أو المخرج، أو الكاتب، أو رجل الدين، أو السياسى، أو رجل الشارع الأدب بأنواعه: الشعر والرواية والقصة والمسرحية والمقال- هل سيمارس التحرش، وهل يمكن أن يكرره البعض منهم على هذا النحو الفج لو اعتادت ذائقتهم الجمال النابع من الأفكار والخيال وأساليب اللغة، لو تغلغلت فى نسقهم الثقافى العام القيم التى ترد فى هذه الأنواع الأدبية، هل كان سيمارس بعضهم ساديته بانتهاك الأضعف وعدم احترام حريته، أو استغلال سلطته بالتعدى على إرادة الآخرين؟ هل قارئ الأدب تصل به مناطقه المعتمة وتجبره حد هروب ذويه ولجوئه السياسى لأحد البلدان الغربية مختارا حريته وعدم التعدى على كرامته بالضرب أو بتحديد الإقامة؟ أحسب أننى لا أملك إجابة جازمة، ربما نعم، وربما لا، فالبشر عوالم مغلقة على عجائبها. الأمر الذى أعتقده ويصل لدرجة التأكد أن قارئ الأدب أكثر احتراما وتقديرا لحرية الآخرين وإرادتهم، أكثر تهذيبا وتطويرا لرغباته وغرائزه، أكثر احتراما للاختلاف، يدرك أن التنوع ميزة تثرى الحياة البشرية، قارئ…
السبت ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٠
في محاضرة بجامعة في واشنطن، قدم الأستاذ تفسيرات متعددة لموجة التطرف والإرهاب الصاعدة في العالم. ردد حزمة منها، مثل: ردة فعل على الحداثة ونمط الحياة الغربية التي تهجم على الثقافات المحافظة. تفسير آخر يتحدث عن حالة التهميش التي تعيشها جيوب في الأطراف يعيش فيها ملايين الشباب، فيلجأون إلى ثقافات متطرفة للخروج من الإحباط النفسي. وأخيراً التفسير الكلاسيكي الذي يرى أن صعود موجة التطرف كان تحدياً للإمبريالية الغربية والأميركية تحديداً. كل هذه التفسيرات المرتعشة هي أكثر ما يتمناه المتطرفون؛ لأنها تساعدهم وتقدم لهم خدمة مجانية في عمليات التجييش وإثارة المشاعر والتهيئة النفسية لملايين الشباب المسلمين، من خلال التأكيد على أنهم معزولون ومغتربون في عالم لا ينتمي لهم، ويتعرضون لحرب صليبية شعواء تستهدف دينهم وثقافتهم. تبريرات جاهزة قام حتى زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن بالاقتباس منها، من أجل إضفاء شرعية علمية أكاديمية على أفعال تنظيمه الإجرامية. وتتجاهل هذه التبريرات الخطيرة التفسير الوحيد والحقيقي، وهو أن الإشكالية تكمن في ثقافة التطرف والكراهية التي…