الثلاثاء ١٤ أغسطس ٢٠١٨
يمكنك خداع الناس لبعض الوقت، لكنك لا تستطيع خداعهم طوال الوقت، تذكرتُ هذه المقولة عندما قرأتُ عن عشرات الشهادات الجامعية والماجستير والدكتوراه التي اتضح أنها شهادات مضروبة ومزورة، فهناك من حصل عليها لزوم البرستيج والمكانة الاجتماعية و(شوفوني أنا دكتور)، مع أنه على الأغلب لا يعرف كوعه من بوعه في التخصص المكتوب على الشهادة، وغيرهم حصلوا عليها للعمل في أفضل الوظائف وبرواتب عالية. صحيفة نيويورك تايمز كشفت قبل ثلاث سنوات عن شركة متخصصة في بيع الشهادات المزورة بقيادة شخص باكستاني الجنسية يدعى شعيب أحمد شيخ، وبناءً على تلك المعلومات تم القبض عليه، ثم تمت إدانته الشهر الماضي في باكستان بتهم تتعلق بالشهادات المزورة والنصب والاحتيال، ونال حكماً بالسجن لمدة سبع سنوات. كنت أعتقد أن المشكلة بسيطة جداً وتعتبر حالات فردية، إلا أن أحد الأساتذة المتخصصين دأب منذ فترة على محاربة حملة هذه الشهادات المضروبة بالبحث عن مصدر تلك الشهادات، وهل تلك الجامعات موجودة فعلاً، وهل هناك من استفاد من تلك الشهادات…
الثلاثاء ١٤ أغسطس ٢٠١٨
لم تقف دولة ضد الولايات المتحدة إلا وخسرت، وإن طال الزمن. هذه حقيقة في معظم الحالات، وأقوى أسلحة الأميركيين ليست عسكرية بل اقتصادية. وتركيا ليست أقوى من ألمانيا ولا الصين، البلدين اللذين فضلا عدم مواجهة إدارة ترمب، واختارا التفاوض وتقديم تنازلات، والابتعاد عن التصعيد والحرب الكلامية. ما هي المشكلة؟ واشنطن تتوقع جملة مطالب من تركيا، أهمها وقف المتاجرة مع إيران، وأقلها شأناً إطلاق سراح قِس أميركي تتهمه تركيا بالتجسس. في حصار إيران، هناك ثلاث دول رئيسية مجتمعة أو منفردة يمكن أن تلعب دور الموازن للنظام في طهران، باكستان وتركيا والسعودية. الثلاث ترتبط بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة، إلا أن تركيا هي الممر الرئيسي للتجارة الإيرانية. وتركيا دولة مهمة في المنظومة الغربية، الدولة الإسلامية الوحيدة في حلف الناتو ومهمة في أي مواجهة مقبلة مع روسيا مع تصاعد الخلاف الروسي الأميركي وربما عودة الحرب الباردة. ترمب يريد من تركيا إما أن تلعب دورها الطبيعي كحليف أو لا. لن تقبل واشنطن من تركيا…
الإثنين ١٣ أغسطس ٢٠١٨
ما يميّز الإمارات عن غيرها من دول الإقليم أنها تعرف ماذا تريد، فالهدف مُحدد وواضح، وهو تحقيق الرقم واحد، وأن تكون الإمارات أفضل دولة في العالم، وهو تحدٍّ تعشقه الإمارات؛ لأنها تعرف أنها تمتلك القدرة على تحقيقه، وبدأت فعلاً هذا المسار منذ سنوات، وتتقدم بثبات نحو المراكز الأولى. لكن ما الذي يجعل الإمارات بهذه الثقة والقدرة على تحقيق ما تعجز عنه دول أخرى، ولها تاريخ طويل، وقدرات بشرية أكبر، وثروات أضخم. السر يكمن في أمرين مترابطين، وهما: رؤية القيادة التي تحدد الهدف والمسار، وشعب مؤمن بتلك الرؤية إلى درجة التطابق فاندفع إلى التطبيق، متسلحاً بكل أدوات العصر، متمسّكاً في الوقت نفسه بتراثه وقيمه الإنسانية التي نشأ عليها، فأبهر العالم الذي رفع له القبعة احتراماً وتقديراً. في مسارات هذه الرؤية، جاءت المبادرة العالمية لشباب الإمارات التي أطلقها، أمس، الشيخ محمد بن زايد، من واقع ثقته بالقدرات الهائلة التي يمتلكها شباب الوطن، واستثمارها في تعزيز القوة الناعمة للإمارات على الساحة الدولية، والتعريف…
الإثنين ١٣ أغسطس ٢٠١٨
يقف الأردن الشقيق في عين العاصفة تماماً، ولا يزال يواجه ارتدادات الاضطراب الأمني على حدوده الشمالية التي فتحها لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين، فيما لم تستقر الأوضاع الأمنية شرقاً في العراق، ولا غرباً، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي إحباط كل بارقة أمل بالسلام الذي يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية، بصفتها مصلحة أردنية، وعربية أيضاً. نجح الأردن، ولا يزال، في النجاة من زلازل الجوار، بفضل الخبرة الطويلة التي اكتسبها في مجابهة الأزمات، وتماسك منظومات الحكم والأمن والمجتمع، ووعيها بالمخاطر، فضلاً عن الإسناد العربي الذي شكّل عمقاً معنوياً ومادياً للأردن، اعترافاً بدوره الأساسي في القضية الفلسطينية، وتقديراً لجهوده اللافتة في مكافحة الإرهاب. وسط ذلك، يستهدف التطرف بعمائه وخيبته رجال أمن أردنيين، ويبحث عن ساحات جديدة؛ لتفريغ سمومه وأحقاده، ولا يخفى على أحد أنّ ثمة أطرافاً إقليمية ترعى الإرهاب، وتستفيد من ظلامه، وتريد فرض عتمتها على الأردن الشقيق. لذلك سارعت الإمارات والسعودية والكويت والبحرين إلى إدراك الخطر، وأعلنت وقوفها إلى جانب الأشقاء، وإدانتها للتفجيرين…
الإثنين ١٣ أغسطس ٢٠١٨
هناك نظريات كثيرة تحاول تفسير تخلفنا عن الأمم بعضها ثقافي في المقام الأول. وربما كان أهمها نظرية المرحوم هشام شرابي عن المجتمع الأبويpatriarchal society وفِي هذا الكتاب عزا شرابي أسباب التخلف في العالم العربي إلى سيادة القيم الأبوية، التي انعكست على النظام الاجتماعي والسياسي لتصل بِنَا إلى حالة الـpatrimonial society أو مجتمع الكفيل، والمجتمع الذي تكون فيه الدولة أو النظام، الحكم كله كما الأب في المنزل حاكماً ومعطلاً للمبادرات الفردية خالقاً حالة من الانسداد الاجتماعي والسياسي. وكان هشام شرابي يرى أن ذكوريّة المجتمع العربي هي بنية كامنة ولا بد من تفكيكها لفتح مسار آخر تتحرر فيه المرأة وننتقل إلى المجتمع الحديث. كنت مع هشام شرابي قبل وفاته بعام تقريباً في مطعم في جورج تاون وكنا زملاء في الجامعة ذاتها لمدة ستة أعوام، حينها ولما جلسنا في المطعم نظر حوله ووجد سيدة وبناتها يتناولن طعام الغداء ولا رجل معهن، كما أن أحداً من الرجال في المطعم لم يزعجهن بنظرة أو تعليق…
الإثنين ١٣ أغسطس ٢٠١٨
يقدم الرئيس التركي أنموذجا مثاليا للرئيس الشعبوي، والفرق بين الرئيس الشعبي والرئيس الشعبوي كبير، فالرئيس الشعبي هو الرئيس المنتمي لشعبه الشاعر بهمومه العامل على تحقيق تطلعاته، بينما الرئيس الشعبوي هو الرئيس المستثمر لتعاطف شعبه معه وثقتهم به لتكريس قوته ودعم صلاحياته وضرب خصومه، وهو ما نجح فيه الرئيس التركي حين استصرخ الشعب عشية الانقلاب، سواء كان انقلابا حقيقيا أو مجرد مسرحية مفتعلة، فخرج الشعب لكي يواجه الدبابات والرصاص بصدور عارية مكنت الرئيس من قمع ذلك الانقلاب، كما استثمر ذلك التعاطف فيما أدخله على الدستور من تعديلات مكنته من الحصول على صلاحيات مطلقة في تدعيم مكانته وردع خصومه، ومكنته هذه الشعبوية من الفوز بفترة رئاسية جديدة. غير أن هذه الشعبوية التي تمكن الرئيس التركي من استثمارها في مجال السياسة الداخلية والخارجية انقلبت على الوضع في تركيا حين لجأ إليها الرئيس التركي في مواجهة الأزمة الاقتصادية وانهيار الليرة التركية وذلك حين استصرخ هذه المرة شعبه مطالبا إياهم ببيع ما يملكونه من مجوهرات…
الإثنين ١٣ أغسطس ٢٠١٨
تعنت الحكومة القطرية بمنع مواطنيها من أداء فريضة الحج، وتهديدهم بسحب جنسياتهم، وسجنهم؛ ينكسر أمام إرادة الشعب القطري الشقيق الذي يعي أن السياسة شيء، والدين شيء آخر، فلا يخلط الأوراق، ولا يسيّس الحج، ولا يكون أداة للضغط، أو المساومة، رغم أن إعلام قطر وعلى رأسه قناة الجزيرة لا يزال يناور في هامش بليد ومكشوف من إثارة الرأي العام في موسم الحج. الحجاج القطريون وصلوا إلى المشاعر المقدسة، وسيصلون تباعاً خلال الأيام المقبلة، رغم أن بلادهم حجبت الرابط الإلكتروني لتنظيم وصولهم، ولكن القرار السعودي الحكيم باستقبالهم في مطار الملك عبدالعزيز وإنهاء كافة إجراءاتهم قطع الطريق على كل تلك المزايدات. القطريون الذين لا يتجاوز عددهم بضع مئات في موسم كل حج يجدون كل الرعاية والاهتمام مثل بقية الحجاج الذين يتوافدون من 180 جنسية لأداء الفريضة المقدسة، بل أكثر من ذلك تم تسهيل وصولهم مباشرة إلى المطار، ونقلهم إلى المشاعر المقدسة، وهم اليوم في بيت الله الحرام يمارسون شعائرهم الدينية، ويقفون مع إخوانهم…
الأحد ١٢ أغسطس ٢٠١٨
لا تزال الإمارات تحتلّ المرتبة الأولى كأفضل بلد مفضّل للإقامة والعيش في العالم، بالنسبة للشباب العربي، وذلك لسبع سنوات متتاليات، متقدمة على الولايات المتحدة وكندا، وفقاً لنتائج الاستطلاع الأخير لمؤسسة «بيرسون مارستيلر» للدراسات في 16 بلداً عربياً. لا يريد الشباب العربي الاغتراب عن ثقافته الاجتماعية، ويريد بلاداً للأحلام والفرص، فيفضل الاستقرار في الإمارات، البلد الذي انفتح على العالم والحداثة، بتقاليده العربية، وصنع نموذجاً ملهماً يتطلع إليه الشباب. تحتفل الإمارات مع المجتمع الدولي باليوم العالمي للشباب، وهي تواصل جهداً وطنياً متراكماً ومستمراً في رعاية الشباب، والبحث عن أفضل البرامج والأنظمة لتعليمهم وتنميتهم معرفياً وثقافياً، ولَم يطل الانتظار حتى قطفت الإمارات ثمار ذلك كله في أجيال متعلمة ومبتكرة، مع إصرار قيادة الدولة على الاستثمار دون سقوف في الشباب الإماراتي. «عيال زايد» الآن ينتشرون على منصات التتويج في البطولات والمحافل الدولية الكبرى. مبدعون ومبدعات في العلوم والرياضيات، مبتكرون ومخترعون، ولهم حضور من ذهب في الألعاب الرياضية في قارة آسيا. إنه الذكاء الذي اتسمت…
الأحد ١٢ أغسطس ٢٠١٨
العلم يتطور بشكل مذهل، ولم يكن يخطر على بال أحد في تاريخ البشرية منذ عهد آدم إلى ما قبل قرن من الزمان، أنه من الممكن زرع أعضاء إنسان في جوف إنسان آخر، من الكِلية إلى القلب إلى الكبد إلى الرئة إلى البنكرياس إلى قرنية العين، وإلى... وهلمّ جراً، وما دام أن هناك عقولاً تفكر وتبحث وتطور وتجرب، فلا بد لعجلة العلم أن تفاجئنا بما هو أعظم لإسعاد الإنسان أولاً وأخيراً. وإليكم ما حدث في بريطانيا، حيث صوّت مجلس العموم في حدث تاريخي لصالح تقنية الإخصاب الصناعي الثلاثي العلاجية، التي يقول الأطباء إنها ستحول دون توارث الأمراض المستعصية، وسيتضمن النسل جينات من الأم والأب ومن أنثى أخرى متبرعة؛ مما جعلهم يصفونها بأنها خطوة نحو «إنجاب أطفال أسوياء حسب الطلب». وجاء التصويت لصالح تلك التقنية، ليجعل بريطانيا أول دولة في العالم تسمح بها بالتدخل في عملية الإخصاب لإزالة «الميتوكوندريا» التالفة من الحمض النووي، التي تتسبب في حالات مرضية وراثية، منها مشكلات القلب…
الأحد ١٢ أغسطس ٢٠١٨
كل أمة في هذا الكون تملك إيماناتها وقيمها التي تخصها وتفخر بها، لكن فرض هذه القيم على الآخرين يحولها من قيم نبيلة إلى قيم استعمارية وذريعة للتدخل في شؤون الآخرين. بدأ الاستعمار الأوروبي في أكثر مناطق العالم بنشر القيم المسيحية والتأكيد عليها، تبين في النهاية أن نشر الديانة المسيحية كان البوابة التي انتقل فيها الاستعمار من التبشير بالهداية إلى الاستغلال. في عصرنا هذا لم تعد أساليب التبشير مقبولة، لا أحد يستطيع أن يفرض على الآخرين ما يراه من صح أو خطأ، الإعلان عن قيمك والتعريف بها شيء وفرضها بالأمر التنفيذي شيء آخر، انتهى عصر كانت فيها أمم تنظر لأمم أخرى بفوقية ثقافية، انتقل الإنسان من إملاء ما يراه صحيحاً بفوقية واستعلاء ثقافي إلى البحث الجاد في القيم الإنسانية المشتركة واحترام الاستقلال الثقافي قبل أي شيء آخر. تسهم كل الشعوب وكل الأمم بقيمها النبيلة في تعزيز حرية الإنسان وكرامته، ولا يتم ذلك إلا بما اتفق عليه الجميع، بحث الإنسان في تجاربه…
هاني الظاهريكاتب ومستشار إعلامي.. مؤسس مجموعة تسويق الشرق الأوسط للاستثمار.. رئيس مركز الإعلام والتطوير للدراسات
الأحد ١٢ أغسطس ٢٠١٨
طوال ساعات جلسة تداول العملات أمس الأول «الجمعة» وضع الأتراك أيديهم على قلوبهم وهم يشاهدون الانهيار الدراماتيكي لقيمة عملتهم التي فقدت نحو 19% من قيمتها أمام الدولار، وهو انهيار حقيقي يأتي بعد سلسلة انخفاضات بدأت عام 2013م، لكن وبالرغم من ذلك لم يكن أحد ليصدق أن تتبخر هذه النسبة من قيمة الليرة في جلسة واحدة فقط. تزامن الانهيار مع خطاب للرئيس التركي اتهم فيه قوى لم يسمها بالعمل على ضرب تركيا اقتصادياً، وهذا بالطبع كلام ساذج لا يمكن أن ينطلي على أي اقتصادي صغير، لكنه يدغدغ مشاعر «الأردوغانيين» بشكل مؤقت إذا وضعناه في سياق الدعاية السياسية التي ظهرت للعلن بعد وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة في تركيا، فهي سياسة قائمة على استجرار التاريخ وادعاء المظلومية والتعرض للضغوطات كنتيجة لاستراتيجية الحزب التي يصفها بالإسلامية (حسب زعمه). المشكلة التي لا يدركها الرئيس التركي وأتباعه أو لا يريدون الاعتراف بها هي أن التمترس خلف الشعارات الإسلاموية والماضوية لا يمكن أن يرفع سعر عملة…
الأحد ١٢ أغسطس ٢٠١٨
على فراش المرض حيث أصيب بسرطان البنكرياس لم يشأ عبقري (أبل) ستيف جوبز أن يغادر دنيانا ببساطة كما لم يشأ أن يعيشها ببساطة. وما زالت كلماته الأخيرة، تحت وطأة المرض واحتمالات الموت، تتردد بين الناس باعتبار ألا أحد منهم بلغ مجده وقليلون أولئك الذين بلغوا حكمته. إليكم، بتصرف، كلماته أو وصيته الأخيرة: «لقد وصلتُ إلى القمة في عالم الأعمال، فقد كانت وجهة نظر جميع الناس أن حياتي بمثابة نموذج للنجاح. ومع ذلك، وبصرف النظر عن هذا النجاح، فإني لم أحظَ إلا بالقليل من السعادة. في هذه اللحظة، وأنا مستلقٍ على سرير المرض، مستدعيًا شريط حياتي كلها، أدركتُ أنَّ شبكة معارفي، وثروتي التي طالما افتخرتُ بها، تراجعَت الآن، وأصبحَت بلا قيمة في وجه الموت الوشيك.! أنت تستطيع أن توظف شخصًا ما لقيادة السيارة نيابة عنك، وكسب المال لك، ولكن لا يمكن أن يكون هناك شخص يتحمل بالنيابة عنك آلام المرض. كل الأشياء المادية المفقودة أو الناقصة في حياتك يمكن العثور عليها،…