عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الثلاثاء ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٢
«القوة الفائقة للخطأ» يبدو المصطلح غريباً أو صادماً بعض الشيء، نعم، لكنه صحيح تماماً، ومهما أظهر البعض اندهاشه من أن يصبح للخطأ هذه القوة إلا أن الواقع يقول العكس تماماً، فللخطأ أحياناً كثيرة قوة لا نتخيل حدودها وتمددها وسيطرتها على الأفراد والجماعات، حتى أننا نقف حائرين في القوة الخفية التي تمنح هذا الخطأ هذه القوة على البقاء والاستمرار رغم إجماع الكل على خطورتها. إن الوضع الذي نراه أمامنا أو الموقف الذي يحصل أو الحالة التي نعاينها وتكون خاطئة بشكل واضح لا جدال فيه، يمر أحياناً مرور الكرام ويغض الطرف عنه بشكل مثير للريبة: كحارس متحف سرق قطعة أثرية منه وبقي مكانه، وكرجل مؤتمن على جمع التبرعات في مؤسسة خيرية يستولي على الأموال دون مساءلة، وكمسؤول في دار للوثائق يهرّب مخطوطات للخارج وقد شوهدت وهي تباع بالفعل وتختفي بشكل نهائي بينما يحتفظ هو بعمله، وككاتب يثبت تورطه في شراء مقالات وقصص وينشرها باسمه بينما يستضاف في المؤتمرات والندوات بكل بساطة.. إن…
الثلاثاء ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٢
كل عام وأنتم بخير، ولا يسعنا إلا أن «نتعشم» خيراً في عامنا الجديد، على أمل أن تنتهي الحروب والصراعات، سواء على مستوى الدول أو الأشخاص. دائماً ما نجد أنفسنا نجتر شريط ذكريات وأحداث العام، لنقف على ما أنجزناه، وما لم نستطع إكماله، وكذلك ما لم نبدأ حتى في تنفيذه، وفي كل الأحوال، فالحمد والشكر لله على كل شيء. سواء كان العام المنقضي عاماً مثمراً أو لا، وأياً كان وضعنا النفسي والمالي والاجتماعي، فهناك أشياء كثيرة يمكن أن نقوم بها، وهي كفيلة ليس بإسعادنا فحسب، ولكن بإسعاد آخرين. يمكننا دائماً وأبداً أن نستعين بالمولى، عزّ وجلّ، على قضاء حوائجنا، ويمكننا أن «نتعشم» خيراً في كل الأحوال. من الجميل أن نتصدق ولو بكلمة أو ابتسامة، كما يمكن أن نعفو ونسامح، يمكننا أن نساعد محتاجاً أو نحل مشكلة لشخص ما. وكلما أعطينا منّ الله علينا «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» (الزلزلة 7-8). لقد التقيت أشخاصاً…
الثلاثاء ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٢
السلام هو النقيض المباشر للحروب، والاضطرابات، والخلافات السياسية، والتي تودي فوراً إلى معارك تطحن رغيف العمر، وتبذر قمحة الحياة، وتطيح بآمال الشعوب في حياة مستقرة وآمنة، ومستقبل يزدهر بالتطور، والنجاح، وبناء المشروعات التي تخدم الجميع. دعوة الإمارات لمنع نشوب الصراعات، نابعة من ضمير يعي معنى ما تشعله الحروب من نيران تحرق أكباد المفجوعين، وكراهية تبيد الحلم البشري نحو إشراقات تضيء دروب الأجيال نحو أيام لا تغشيها غاشية، ولا تعقبها فاشية. اليوم الإمارات تقود النبلاء من بني البشر لإطفاء الحرائق التي تكوي أعشاب الحياة، وتدمر الابتسامة في عيون الأبرياء، وتغرق العفوية في بحار من الحقد، وتجعل من الحياة آنية رثة لا تقبض إلا على فساد الأفكار، وسواد الرؤى، وحصاد لا يقدم سوى أبخس الأثمار. ما تقوم به الإمارات، وبالذات وزارة الخارجية والتعاون الدولي، مدعومة من القيادة الرشيدة، لهو المثال والنموذج للعمل السياسي الفطين بأهمية أن نسير معاً نحو المستقبل، وبقلوب نقية من شوائب مخلفات البدائية الأولى، وأن تتكاتف الجهود الإنسانية، من…
الإثنين ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٢
مجدّداً، يتجلّى الثّقل الدولي للإمارات باختيارها لاستضافة المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، في اعتراف عالمي جديد بقدرتها الهائلة كقوة إيجابية تعمل لصالح البشرية. 164 دولة تلتقي مطلع العام 2024 في بلادنا، إيماناً بأنها النموذج التنموي الأقدر على إثراء مستقبل العالم، ومن ثم المشاركة الحثيثة في تطوير نظامه التجاري، وإلهامه بحلول تتجاوز احتياجاته لتخدم مستقبله، في وقت مليء بتحديات صعبة بدأت مع الجائحة واستمرت مع أزمات جيوسياسية متعددة. مسوّغات متعددة وقفت وراء استضافة الإمارات لهذا المؤتمر وتولّيها زمام المبادرة في المناقشات التي ستجري لضمان حرية تجارة السلع والخدمات وفق قواعد واضحة قابلة للتنفيذ. لعلّ أبرز هذه المسوغات هو تاريخنا الطويل في تحفيز التجارة الدولية، والتزامنا المتجدد بحشد الجهود لمواجهة التحديات الاقتصادية وصياغة حلول اقتصادية مستدامة تصنع مستقبلاً واعداً للأجيال، بعدما حققنا إنجازات لافتة وعبرنا محطات بارزة، ليس أقلها نضوج نموذجنا الاقتصادي والقفزات النوعية التي حققها من حيث النمو والتنويع. أمر آخر تشير إليه استضافة المؤتمر - الذي يعتبر أحد…
الأحد ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٢
أفهمُ النِسْويَّة في تجريدها الدلالي في كونها التفكير في النِساء؛ وهذا أوضح ما يمُكن تحديده من هذا المفهوم، وما عدا دلالة مستوى التجريد التي حددتها يكون تأويلاً؛ إذ إن كل ما يتجاوز التجريد يكون في غير الجوهر. والتفكيرُ في النِساء ضرورة لأنه فعلٌ يقُصى منذ تاريخ بعيد، ولدواعٍ كثيرة عرفت الجماعات البشريَّة المهُيمِنةَ تبريرات تنحيتها وإقصائها لها. لكنها عرفت أيضًا أنماطاً عدَّة لقَِلْقَلَة هذا الإقصاء السائد، وكانت هذه الأنماط في جوهرها فعل تفكير في النِساء أيْ نِسْويَّة. وهذا يعني أن النِسْويَّة تسعى إلى إعادة النظر في ماهيَّة النساء، أيْ من هي المرأة؟ لأَّنَّ النوع الاجتماعي/ الجندر الآخر المهَُيمِن -الرجل-، هو من حدَّد التصوُّر الوضعيّ للمرأة الأسبق، وبرغم أن النوعين الاجتماعيين يندرجان تحت نوع وجوديّ واحد هو الإنسان؛ ما يجعل من الممكن أن يضع كلّ نوعٍ اجتماعي تصوّراته عن النوع الآخر انطلاقًا من كونه ينتمي معه في النوع الوجوديّ نفسه؛ فإنه لا يمُكن أن يكون لبعض التصوُّرات اعتبارها حينما تلُغي الماهيّة…
السبت ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٢
عند السابعة مساء أمس الأول وجدت نفسي عالقاً في ازدحام مروري استغرق نحو نصف ساعة للافتكاك منه والخروج من المنطقة الواقعة بين تقاطع شارعي حمدان و«البحرية» على شارع الشيخ زايد (السلام سابقاً) وتحديداً في القطاع الذي يطل عليه المبنى الرئيس لبلدية مدينة أبوظبي، ازدحام وتكدس لا مبرر له، ولم تخطرنا به مبكراً اللوحات الإلكترونية، ربما كان اعتيادياً لمستخدمي ذلك الشارع وغير عادي لي، حيث تمر فترات طويلة عليّ من دون استخدامه. حالة غريبة لا تتناسب ومخرجات مشروع انتظرناه لعشر سنوات ليكون الطريق الأسرع في العاصمة والمفتوح أمام القادمين والمغادرين من دون إشارات ضوئية مرورية عند كل مربع. غادرت ذلك المربع المكتظ ولم يغادرني التساؤل حول سر الاكتظاظ وسببه حيث لم يكن هناك عائق من العوائق المعتادة في مثل هذه الحالات كحادث مروري أو أعمال طرق، فحالة الاكتظاظ والانفضاض الفجائي عند مناطق معينة بحاجة لحلول عاجلة لا للاكتفاء بالتغني بما تحقق في بعض المؤشرات، والتي نؤكد على أهميتها لما لها من…
الخميس ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٢
في كثير من الأحيان أتساءل: إلى متى ستبقى لعبة شد الحبل بين الرجال والنساء؟ هل ستستمر إلى الأبد؟! أم سيأتي اليوم الذي نتصالح فيه مع أنفسنا ومع الغير، سواءً كنا رجالاً أم نساءً، ونعرف ماهية الفروقات التي بيننا، وفي الوقت نفسه نتعرف إلى طبيعة الطرف الآخر، وطريقة التعامل مع بعضنا بعضاً، وفقاً لطباعنا وتكويننا النفسي والجنسي المختلف؟! وأنا هنا أتحدث عن علاقة الرجل بالمرأة كشركاء حياة، يعيشون تحت سقفٍ واحدٍ، ومن المفترض أن تجمعهما علاقة قائمة على الحب والمودة والرحمة، ولكن للأسف هناك حالة دائمة من التحدي وشد الحبل تطغى على الطرفين، ومحاولة إثبات الذات ومن له السيطرة، أو بعبارة أخرى من يستطيع كسر رأس الآخر أولاً، ويفرض السيطرة على تلك العلاقة، ما يدفعني للتساؤل أيضاً: هل طبيعتنا البشرية جُبلت على هذه العلاقة؟ أم أن هناك خللاً قد حدث على مر الزمان، وأثّر في تصرفاتنا وتفكيرنا وجعل علاقتنا بهذا الشكل؟! في الآونة الأخيرة، بدأنا نلاحظ وجود تحدياتٍ كبيرة بين الرجال…
الأربعاء ٢١ ديسمبر ٢٠٢٢
يأبى عام 2022 أن يغادرنا دون أن يترك لنا إبهاراً جديداً وفتحاً في عالم التكنولوجيا، فمنذ ثلاثة أسابيع فقط تم إطلاق تقنية جديدة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهي تطور غير مسبوق في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتي تم تسميتها Chat GPT أو «دردشة المحولات الخلاقة مسبقة التدريب»Chat Generative Pre-trained Transformer طبعاً الترجمة العربية ربما تكون غير ذات معنى، وهي ترجمة اجتهادية قمت بها، ولكن هذا التطبيق والمتاح مجاناً حتى الآن وبالتأكيد سيكون برسوم لاحقاً، هو بمثابة مساعد مطيع يمكن استخدامه في كتابة مقالات بحقائق علمية موثقة ودون أي نسبة اقتباس، أي أنه مقال حقيقي أصيل وعلمي وبلغة عالية البلاغة، وفي خلال ثوانٍ معدودة، لقد قمت بتسجيل حساب اليوم وطلبت أن يكتب لي مقالاً حول التعلم المؤسسي، وفي أقل من 20 ثانية كان المقال يطبع أمام عيني، ثم طلبت مقالاً آخر عن إدارة الجودة الشاملة وفي 15 ثانية تم كتابة المقال. ليس هذا فقط، ولكن يمكن أن تدخل وصفاً معيناً ليقوم النظام…
الأربعاء ٢١ ديسمبر ٢٠٢٢
عندما قرر الستيني «فيلشي» العودة إلى مسقط رأسه في نابولي بعد غياب طال أربعة عقود لرؤية أمه الهرمة، بدا الأمر في غاية الشاعرية خصوصاً عندما بدأ في إضافة ذلك الدفء لها وحولها قبل أن تغادر الحياة. غير أن هذا الدفء انقلب إلى عاصفة قارسة قلبت مزاجي بعد أن قلبت كيان «فيلشي» بطل الفيلم الإيطالي Nostalgia «نوستالجيا» الذي تعود قصته لرواية تحمل الاسم نفسه للكاتب الإيطالي «إيرمانو ريا» صاحب رواية «الإقالة من الحياة» والتي لي عودة إليها قريباً. يتعثر بطل الفيلم في ذكرياته التي غلبته رغم تحذيرات كل من حوله بالرحيل بعيداً، ليلقى مصيراً لم أتوقعه إطلاقاً كمشاهدة سلبتني تماماً فكرة الحنين. ولكني كغيري سقطت في ذلك الشرك، وتذكرت قول ماركيز: «لقد محا الحنين، كالعادة، الذكريات السيئة، وضخّم الطيبة». هذا تماماً ما يفعله الحنين، أكثر المشاعر التي تنسحب على الإنسان بعذوبة، فيعيد ترتيب الذاكرة بالصور القديمة الممتلئة بألوان السعادة عن أماكن بعيدة أو قلوب راحلة، أو أحوال زائلة، فيطفو الحزن على…
الإثنين ١٩ ديسمبر ٢٠٢٢
إن جهود القيادة في تعزيز الحوكمة والمساءلة والشفافية، أسهمت في تصدر الدولة، لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث احتلت المركز الـ24 عالمياً على مؤشر مدركات الفساد لعام 2021، والصادر عن منظمة الشفافية الدولية. إن تحقيق الدولة، ريادة إقليمية ليست سوى خطوة في اتجاه الريادة العالمية، لتكون بين الدول الأكثر شفافية ونزاهة في العالم، بعد حصولها على 69 نقطة على المؤشر العام لمكافحة الفساد. وأظهر مؤشر مدركات الفساد الأخير أن مستويات الفساد لاتزال تراوح مكانها في جميع أنحاء العالم؛ حيث لم تحرز أغلبية الدول أي تقدم يذكر في السنوات الـ10 الماضية، وتأتي أفضل الممارسات العالمية للدنمارك في المركز الأول، ثم فنلندا، نيوزيلندا، والنرويج رابعة، وسنغافورة بالمركز الخامس. وجاءت توجيهات القيادة الحكيمة في تعزيز الشفافية والمساءلة والثقة، وتطبيق أفضل ممارسات الحوكمة المؤسسية في العمل الحكومي، لتنعكس على جهود جهاز المحاسبة في إمارة أبوظبي كأفضل الممارسات المحلية، حيث أعلن منذ أشهر عن قرب إتمام المرحلة الرابعة من عملية الإفصاح عن الذمة المالية، لجميع…
الإثنين ١٩ ديسمبر ٢٠٢٢
أما وقد وضعت معارك مباريات كأس العالم لكرة القدم أوزارها أمس، نقدم التهاني الخالصة للأشقاء في قطر على التنظيم المبهر والمتميز والإمكانيات الضخمة التي جعلت من البطولة ذكرى جميلة نقشت في الذاكرة الإنسانية. وبعيداً عن مواجهات الفوز والخسارة والتحليلات الكروية التي أسهبت فيها استوديوهات القنوات والبرامج الرياضية عبر الفضائيات العربية والعالمية، نتوقف أمام الانتصار الكبير للقيم والأخلاق الذي شهده المونديال الكروي، فقبل وخلال فعاليات العرس الكروي العالمي شنت دوائر و«لوبيات» دولية معروفة ضغوطات هائلة وممارسات ودعايات صرفت عليها ملايين الدولارات للترويج لقضايا تخالف الفطرة السوية بعيدة كل البعد عن قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا ولا تمت لعقيدتنا بصلة. كان «المونديال» انتصاراً للروابط الأسرية التي أرادوا تدميرها وتشويه صورتها، فقدم لهم «أسود الأطلس» صورة زاهية لمعنى الفخر والاعتزاز والاحترام والتكريم للوالدين، وبالأخص الأم في مشاهد تأسر الألباب وتنير العقول، ولم يجرؤ مروجو الفساد وحاملو معاول هدم القيم بعدها رفع أصواتهم وشعاراتهم الملونة التي توارت خجلاً أمام صلابة الوفاء. اقتربوا من صورة العربي المضياف…
السبت ١٧ ديسمبر ٢٠٢٢
الصديق العزيز المبدع دائماً، ناصر الظاهري بعين الفنان، بفكر يمضي بالصورة مثل خيال الطير، في حلم التحليق، مثل نخلة العين تسمق في الأفئدة، وتجدل خصلات الألق الوجودي لتبدو في الحياة رحى الباسقات، الوارفات، ظلا، الرافلات جمالاً. في حكاية حب المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، لمدينة العين شاهدنا الحكاية وسمعناها بتفاصيلها، وفواصلها ومفاصلها، على لسان من عاصروا الباني المؤسس، وهي حكاية جسدت الحلم، والرواية التي رسمت في الأذهان كيف نما زغب القطا على هامة سحرية، وكيف تطور الزغب ليصير مع الطموحات مدينة عامرة بأجنحة التحليق عالياً، وكيف استطاع المغفور له بإذن الله أن ينطق الحجر، وأن يحرك في الشجر أشجان القصيدة، وأن يجعل من الإنسان زهرة برية تفوح جوانحها بعطر الرفاهية، ونبوغ العطاء، ومهارة الانتماء، ورونق التناغم مع رفيف السعفات في عالي القمم. في هذه الملحمة التاريخية التي سطرها ناصر الظاهري إخراجاً بديعاً، ووثق أعطافها لتكون في التاريخ أيقونة، وفي ضمير الأجيال قيثارة، تحرك اللواعج كلما مر في الوجدان…