زاهي حواس
زاهي حواس
وزير الدولة لشئون الاثار المصرية السابق

احتفالات الجزيرة العربية في عصور ما قبل التاريخ

آراء

أظهرت الرسومات الصخرية التي عثر عليها بالجزيرة العربية مدى التقدم الذي عاش فيه الإنسان في المراحل التاريخية المختلفة، وخصوصاً عصور ما قبل التاريخ، ومنها العصر الحجري الحديث والعصر النحاسي. وقد استطاع الباحث السعودي الدكتور نايف بن علي القنور أن يقدم لنا بحثاً نشر في كتاب غاية في الأهمية أوضح فيه من خلال دراسة تلك الرسومات أن الرجل والمرأة في ذلك العصر كانا يلبسان ملابس تستر العورة وأخرى خاصة بالاحتفالات والتي تصنع من الجلد والصوف والكتان الذي كان يتم استبداله من المناطق الحضرية المجاورة أو كان يتم استيراده جاهزاً على هيئة لباس.

وكان المصريون القدماء قد استعملوا الكتان في ملابسهم وكذلك في لف المومياوات، وهو ما يطرح تساؤلاً حول ما إذا كانت هناك اتصالات بين الفراعنة وبين الإنسان الذي عاش في الجزيرة العربية في ذلك الوقت. ويعتقد الباحث أن فكرة الاحتفالات التي تظهر في العصر المبكر بالجزيرة العربية جاءت من خلال استقرار الإنسان ومعرفة الزراعة واستئناس الحيوان وصناعة الأدوات المختلفة. لذلك ظهر أسلوب جديد لطرق المعيشة ونظم الحياة. فقد أوضحت دراسات الرسوم الصخرية أن الإنسان أقام الاحتفالات، بعضها بشكل يومي والبعض الآخر بشكل موسمي، ومثال ذلك الرقصات بأنواعها سواء الدينية أم الدنيوية. وقد اتضح من الرسوم وجود مناظر لاحتفالية يقوم بها أفراد تجمع بأوضاع مختلفة تعبر عن ثقافة ذلك التجمع.

وقد استطاع الدكتور القنور من خلال دراسة الرسوم الصخرية ومناظر الاحتفالات أن يقسمها إلى ثلاثة مشاهد، منها احتفالات فردية وهذا النوع من الاحتفالات الفردية نادر، أهمها شكل يمثل حالة رقص فردي يؤديه الراقص عن طريق تمايل الجذع والتصفيق باليدين. والثاني هو الاحتفالات الثنائية وظهر ذلك في منطقة حائل، حيث نرى شكلين آدميين يمثلان امرأتين في حالة رقص حيث تظهران بشعر طويل وخصر ممتلئ وإن ظهرتا بشكل تجريدي، ويؤرخ هذا الرسم إلى عصر فجر التاريخ. وهناك منظر لرقصة تمت عن طريق تشابك الأيدي.

أما النوع الثالث فهو الاحتفالات الجماعية التي تعكس نشاط المجتمع ومدى أهمية المناسبة وتلاحم أفراد ذلك المجتمع سوياً. فهناك منظر عثر عليه في منطقة الجوف يؤرخ بالعصر النحاسي يصور مجموعة من الراقصات يظهرن بأحجام مختلفة وبأسلوب تجريدي، وتقف المجموعة بجانب بعضها البعض بأيدٍ مرفوعة للأعلى وعند مستوى الكتفين، ويحيط بهن عدد من الحيوانات مثل الثيران ذات القرون الطويلة. ويعتقد الباحث أن هذا الاحتفال يمثل مناسبة عامة يشارك فيها أفراد المجتمع جميعاً. وهناك منظر آخر يمثل رقصة جماعية تضم ثلاث مجموعات كل منها في حالة رقص مستقلة عن الأخرى. كما أن هناك رقصات خاصة بالرجال وهي رقصات التفاخر وإبراز جانب القوة، ورقصات تؤدى على ظهور الخيل أيضاً.

المصدر: الشرق الأوسط