تجربة ألمانية في مدارسنا الوطنية

آراء

قبل أيام وقعت مدارس الإمارات الوطنية مع شركة ألمانية عقداً لإدارة وتشغيل مراكز التميز في مجال التدريب التقني والمهني، وستبدأ المرحلة التجريبية الأولى قريباً في مدرستين من مدارسها، والسؤال ما الهدف من إنشاء مراكز التدريب وإدراجها ضمن المنهج التعليمي للجيل القادم من الشباب الإماراتي؟ ولماذا تم اختيار النموذج الألماني تحديداً؟

الهدف المنشود هو تعزيز فرص التعليم للطلبة المواطنين وتهيئة الأجيال الصاعدة بشكل أفضل لسوق العمل، ما يعني التخطيط لخلق وظائف مستقبلية لشبابنا وفرص عمل جديدة في قطاعات اقتصادية لم تكن متاحة لهم في الماضي.

تعتبر مراكز التدريب التقني والمهني بمثابة حلقة وصل بين المسار الأكاديمي والتقني، والمراكز سوف تضع منهجاً تفصيلياً يرتكز على مقاييس وتقييمات دورية لصقل مهارات الطلبة الحرفية، وإكسابهم تجارب عملية تساعدهم على اختيار التخصص الجامعي الذي يناسبهم مستقبلاً، وتكسبهم الثقة لمزاولة مهن جديدة لبناء خبرة تجعلهم قادرين على البدء في مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة.

ما هي هذه المجالات والمهن الجديدة؟ وكيف سنبني ثقافة تشجع وتقدر العمل باليد وترى أن الإتقان والجودة في ما تصنع أيدينا هو ميزة تستحق العناء وبذل الإمكانيات للوصول إليها؟

تصميم هذه المراكز وتحديد المساقات الدراسية الحرفية للطلبة سيتم وفق معايير الجودة والرقابة الدولية المعتمدة في الدول الأوروبية، وسيبدأ التدريب في المجالات التالية.. التكنولوجيا الصناعية، والمعمارية، والإنشاءات الهندسية، والروبوتات، والمجالات الصناعية الأخرى، والخدمية وفنون الطبخ، وتصميم الأزياء والمجوهرات وريادة الأعمال الصغيرة والمتوسطة.

اختيار النموذج الألماني له مبرراته، فمراكز التدريب التقني والمهني الألمانية التي بدأت في سنة 1969 تعد أحد أهم عناصر ثقافة الإتقان في العمل والجودة في الإنتاج، ويحاول الاتحاد الأوروبي حالياً نشر هذه التجربة في إيطاليا، وسلوفاكيا واليونان والبرتغال.

تشير الإحصاءات المتعلقة بالتدريب المهني في ألمانيا (رابع أكبر اقتصاد في العالم) إلى الآتي:

* مدة البرامج تعتمد على المهنة أو الحرفة وتراوح بين 2 و4 سنوات.

* هناك أكثر من 330 مهنة وحرفة في ألمانيا تشترط التخرج في التدريب المهني.

* ثلث خريجي الثانوية في ألمانيا يلتحقون بهذه المدارس.

* مناهج هذه المدارس تُحدّث سنوياً بسبب الحاجة الفعلية لسوق العمل وآخر تطورات الصناعة في كل مهنة وحرفة.

* %70 من خريجي التدريب المهني ينضمون إلى سوق العمل.

* هناك 509 آلاف فرصة عمل سنوياً جديدة في ألمانيا لخريجي التدريب المهني.

* أكثر من 51% من العمالة الماهرة في ألمانيا، من خريجي هذه البرامج.

* البرنامج مبني على الشراكة مع الشركات الألمانية، وهناك 430 ألف شركة ألمانية تشترك فيه.

* تعد ألمانيا من أكثر دول العالم بنسبة العمالة الماهرة، ومن أقل الدول في نسبة البطالة بين الشباب.

أخبرني أحد المديرين في التدريب المهني في ألمانيا قبل سنوات «ليس من الضروري أن تكون جامعياً لتكون ناجحاً، ما دام لديك مستقبل مهني ينمو ويتطور»، وأكد أن الشراكة بين مراكز التدريب والشركات والجهات التي ستوفر الوظائف مستقبلاً، سواء كان قطاعاً حكومياً أو خاصاً هي سر نجاح هذه البرامج.

التجربة الألمانية في مجال التدريب التقني والمهني ربما تكون الأنجح والأكثر شهرة، ويكفي أنه عندما تقول اليوم «صنع في ألمانيا» فأنت ترمز بذلك إلى الإتقان والجودة، ولهذا فمحاولة الاستفادة من الخبرة الألمانية بما يناسب اقتصادنا وتحدياتنا المستقبلية هو أمر منطقي.

نأمل أن تخلق مراكز التدريب المقرر إنشاؤها فرص عمل ووظائف ليست متاحة الآن، لكنها قد تصبح كذلك مستقبلاً وتتيح الفرصة لجيل جديد سيدخل سوق العمل بعد سنوات قليلة، يكون عندها شباب الوطن قد اكتسبوا الدراسة التقنية والمهنية اللازمة التي تجعلهم قادرين على المنافسة والنجاح في قطاعات اقتصادية جديدة.

المصدر: الخليج