نجران فوق الصفر!

آراء

الأخبار القادمة من نجران تتناقل ابتهاج أهلها بإطلاق سراح هادي آل مطيف بعد سجنه الطويل. هذا الحدث، على أهميته إنسانياً، فيه أبعاد أخرى، لعل المرحلة تفرض أن نقرأها بوعي وعقلانية. ما من مصلحتنا -كمجتمع- أن نعمق «الاحتقان» -أياً كان شكله- لأسباب كان من البساطة تلافيها أو تجاوزها. هادي دفع ثمن موقف غاضب، أو كلمة قالها في لحظة انفعال، وهو اليوم مع أسرته وقبيلته الكريمة، يحتفل بنهاية أزمته. لكن قصة سجنه درس علينا أن نقرأه جيداً. فلو أننا أدخلنا السجن كل «مراهق» تلفظ بكلمات جاهلة في لحظة انفعال أو تهور لأوجدنا في كل مدينة وعند كل قبيلة أزمة. ولو أننا أخذنا بكل فتوى أو نصيحة لربما خسرنا الآلاف من شبابنا؛ بسبب «رأي» لا يرى في الدين العظيم غير ما يراه من يعتقدون أنهم ملائكة وغيرهم شياطين. الحق أن صاحب القرار الأعلى في البلاد أكثر حكمة وأعمق رؤية، وإلا لو تركت المسألة لآخرين لكان أكثرنا في قائمة هادي آل مطيف، وربما أسوأ.

هنا دعوة مخلصة أن تكون الحكمة والمصلحة الوطنية هما مرتكز نظرتنا وتعاملنا مع شبابنا، خاصة حينما يعبرون عن اختلافهم أو انفعالاتهم بلغة قاصرة أو متطرفة.

ومن يعتقد أن كلمة جاهلة ضد الدين تشكل تهديداً للدين ذاته، فإنما يقزم ديننا العظيم كما لو أنه -حاشاه- مجرد فكرة عابرة قد تتهاوى أمام كلمات عابثة.

بقي أن نثني على أمير نجران، وهو الشاب المتوشح بحكمة الكبار، على وعيه وذكائه في كسب قلوب وعقول أبناء نجران العزيزة، بعراقة تاريخها وكرم أهلها وذكاء شبابها. بجهده ووعيه يستطيع أن يجعل من نجران دوماً «نجران فوق الصفر» لا تحت الصفر!