عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

هيا بنا نتعلم الإنجليزية!

آراء

عن نفسي فإنني أجد الأمر غريباً (الغرابة لا تخص حدوث الأمر وإنما قبوله واعتباره عادياً) كما أنه مثير للتساؤل، ومحمل بالاتهامات أيضاً دون الدخول في متاهة لمن توجه الاتهامات وما مدى موضوعيتها أو حتى أهميتها!

أما الأمر الغريب فهو قبول الوالدين والأسر والمجتمع بشكل عام لحالة الانفصام بين معظم الأطفال والمراهقين الصغار، وبين كل ما له علاقة بثقافتهم ولغتهم العربية وعادات وتقاليد أهلهم ولهجتهم الدارجة، فلا يبدو غريباً للوالدين أن لا يجيد ابنهما الحديث بلغة عربية صحيحة أو حتى بلهجته المحلية الدارجة، وينفر من كل ما له علاقة بتفاصيل ثقافته وهويته.

لماذا يبدو هذا الأمر غريباً؟ لأن الإنسان كائن ذو امتداد يتجاوز زمن اليوم إلى الماضي البعيد، الذي يتواصل مع اليوم والمستقبل بتماسك وثيق، إن من أهم ما يصحبنا طيلة الحياة ومهما تطور بنا الزمن هو سؤال الهوية: من نحن؟ لذلك يسألك الآخر دائماً: من أنت؟ بمجرد أن يتعرف على اسمك، ومن أي البلاد بمجرد أن يتحدث إليك؟ وأين تقع بلادك؟ وماذا لديكم.. الخ!

إنها الأسئلة التي تقدم أجوبتها للآخر حقيقة هويتك، بصمتك الثقافية، الحمض النووي للجماعة التي تنتمي إليها، وهو بهذه الأسئلة يريد أن يتعرف عليك، وعلى موقعك من ثقافتك ومن الثقافة الإنسانية ليحدد الطريقة التي سيتعامل بها معك! وعليه فكيف يقدم إنسان لا ينتمي لثقافته ولا يعرف شيئاً عنها نفسه للآخر؟

هل التقيتم بريطانياً يتحدث بلغة غير لغته؟ لا يعرف تاريخ دولته؟ لم يسمع بشكسبير مثلاً أو لم يقرأ له (شكسبير الذي ولد في القرن 16 الميلادي) هل يعرف أبناؤنا شعراء المعلقات؟ هل قرؤوا أحمد شوقي، السياب، حافظ إبراهيم ونزار قباني وشعراء الإمارات؟! لماذا؟ لأنه لم يطلب منهم أو يحرضهم أو يلزمهم أحد بذلك! فماذا سيفيده معرفته باللغة العربية؟ لا شيء، هيا بنا نتعلم الإنجليزية!

المصدر: البيان