رحيل رجل شجاع

الأحد ٠٩ أغسطس ٢٠٢٠

محاطون بضجيج الأحداث التي لا تتوقف، ومعظم أسوئها من نصيب منطقتنا العربية. ولا نكاد نصحو حتى نتألم من فراق أحبة وأصدقاء رسموا وشماً في صدورنا وتركوا لنتأمله بقية حياتنا. السعودية اليوم، ممثلة بوزارة الدفاع، تنعى رجلاً من رجالاتها الأبطال، رجلاً عشق السماء والتحليق فيها، عاش ومات محلقاً في سماوات النجاح والإنجازات الوطنية. مساعد وزير الدفاع الأستاذ محمد عبد الله العايش، رحل صباح أمس تاركاً خلفه إرثاً ثميناً لا يُقدر بثمن، وهو الصيت الحسن والذكر الطيب، وتاريخ مشرّف من إنجازات ومهام عسكرية ودبلوماسية وسياسية. منذ كان ضابطاً برتبة ملازم في القوات الجوية السعودية، كان العايش متميزاً بذكائه الحاد، وبصيرته البعيدة. اجتهد وكافح بكل ما أوتي حتى آخر سنتين من عمره، فكان من الطبيعي أن يترك بصمة لا تُنسى في مواقع قيادية مهمة، بدأت من تحليقه بأول طائرة F15 تدخل الخدمة في السعودية، مستعرضاً الطائرة أمام الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله. وكان من رجالات الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي أحبه كثيراً ومنحه ثقة غالية، فنصّبه قائداً للقوات الجوية الملكية السعودية، وتخرج على يده مئات الطيارين. ثم حاز ثقة الملك سلمان حينما كان وزيراً للدفاع، وحتى وفاته البارحة؛ كان منذ عام 2014 مساعداً لوزير الدفاع، ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان. أن تنال ثقة القيادة، عقوداً من الزمن، في…

الطبيعة والطفرات والإنسان

الأربعاء ١٥ أبريل ٢٠٢٠

الإنجليزي تشارلز داروين؛ عالم الأحياء والجيولوجيا والأدب والقانون واللاهوت، برع وذاع صيته من خلال مدوناته؛ التي أصبحت مقالاتٍ، ثم كتباً جدلية حول تطور الأنواع، وحديث المجتمع والعلماء في كل العالم، خصوصاً فيما يتعلق بأبحاثه حول أنواع وأجناس الطيور والكائنات البحرية والنباتات. وُلد داروين في بداية القرن التاسع عشر. في ذلك الوقت؛ لم يكن الإنسان قد اكتشف الجينات أو المادة الوراثية المعروفة باسم «DNA» أو «RNA»، وكانت كل البراهين والدلائل التي قدّمها في كتبه المثيرة؛ أهمها كتاب «أصل الأنواع»، ترتكز على شيء واحد؛ هو التأمل. التأمل هو زاد المعرفة. لذلك ظلت نظرياته موضع جدل بين مؤيد ومعارض حتى منتصف القرن العشرين حينما اكتشف الإنسان تركيب ال«ـDNA» وفهم بعد سنين طويلة من وفاة داروين أن نظريته صحيحة. تشارلز داروين كان يحمل محبرة وريشة وورقة ويسافر إلى أستراليا وأميركا الجنوبية، يجوب العالم لسنوات يدوّن ملاحظاته حول أشكال الطيور وحجمها، وطول سيقان السناجب، وتباين الكائنات البحرية، وتبدُّل مظهر النباتات... كل ذلك قياساً على التغير في المناخ والتضاريس. بوضوح؛ فسّر داروين التباين والتغير الذي يطرأ على الكائنات الحية، بمقارنتها بأحافير قديمة تختلف في شكلها، بأن التغير جاء ليضيف صفات جديدة تسمح للكائن الحي بالبقاء في الطبيعة التي تصطفيه لأنه متكيِّف معها. سجّل داروين ملاحظاته، وبدأ في نشرها بين أصدقائه العلماء، ثم بدأت في الانتشار بين…