بوح عابر

السبت ٠٢ أكتوبر ٢٠٢١

أنا متعبة فعلا يا صديقي. متعبة جدا يا صديقتي. متعبة ومنهكة ولم يعد في قلبي متسع لخصامات تافهة وعتاب ولوم… مع نهاية رمضان سنة 2020، أصيب أبي بنزلة برد حادة لم يشف منها رغم مرور الوقت وتعدد العلاجات. كنا في عز الإقفال التام والخوف من تداعيات كورونا. وكنت خائفة على والدَيَّ من الإصابة بالفيروس، بالنظر لسنهما ولكونهما مصابان بداء السكري. مع منتصف يوليوز، عرفت من الطبيب أن الأمر يتجاوز أزمة البرد؛ وأنه أفظع من كل التوقعات. بعدها بأقل من شهر، توفي أبي… مر الآن أكثر من عام على وفاة والدي… لكني لم أتعافَ تماما. أتذكر أحيانا بعض التفاصيل بابتسامة وبشوق، وأتذكر تفاصيل أخرى بحزن وألم. لا نتحدث في الأمر كثيرا مع إخوتي، لكني أعرف أننا جميعا نعيش نفس المزيج من أحاسيس الحزن والابتسامة والشوق والندم… لا أكتب اليوم لأنعي والدي. قال لي يوما: “أنا فخور بك!” أدركت حينها كم كلفته هذه الجملة من مجهود لغوي وعاطفي، هو الرجل البسيط غير المتعلم والذي لا يعبر عن مشاعره بالكلمات. والدي، كالعديد من آباء وأمهات جيله، كان يعبر عن الحب بطريقته، لكن قطعا ليس بكلمات. كبرنا كجيل دون أن نسمع كثيرا عبارات الحب من أهالينا… لكنهم قالوها بطريقتهم: بثمن رحلة مدرسية وفروه على حساب شيء آخر رغبوا فيه، بقطعة لحم مختارة لابنهم أو…