الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٨
برزت الدبلوماسية السعودية في أذكى وأرقى صورها وأكثرها هدوءاً واتزاناً وحسماً وقوة في الأسبوع الماضي، إثر مقابلة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مركز الشؤون الخارجية في الولايات المتحدة، وانتشرت مقاطع اللقاء على أهم المواقع الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي. تلك صورة ظاهرة للعيان والعلن للدبلوماسية السعودية يمثلها عادل الجبير، إنما لتلك الدبلوماسية كواليسها التي تعمل بصمت وتنسج بهدوء طريقاً تعبده وتمهد للمصالح السعودية. وفي هذا السياق يمكن أن نقول إن ما هو مبهر في السر أكثر مما هو مبهر في العلن وظاهر للعيان، ففي تلك الكواليس تعمل الدبلوماسية السعودية على إحياء دورها الدبلوماسي في الملف السوري بهدوء يشابه ملامح الهدوء المرسوم على وجه وزيرها، لكنه عمل في منتهى الذكاء تماماً كردود وزيرها. هذا الملف الذي ترك لسنوات حتى تغولت فيه كل القوى الأجنبية بما فيها إيران وإسرائيل وميليشيات ودول أخرى بسبب تراجع الدور الأميركي في عهد أوباما وأيضاً حتى بعد مجيء ترمب الذي كان قد أعلن عن نيته سحب القوات الأميركية من هناك، عادت له السعودية الآن لتنخرط في المفاوضات بعد أن أعاد البيت الأبيض النظر في سياسته الانسحابية. إذ تعود السعودية لتحريك دبلوماسيتها كأحد الأطراف المعنية لا كشاهد عيان هذه المرة يجمع أطراف النزاع السوري على طاولة المفاوضات، إنما كطرف دولي مؤثر ومتأثر في ذلك الصراع، وذلك في بيان…
الإثنين ١٧ سبتمبر ٢٠١٨
الأخطاء التي يقر بها السياسيون الأميركيون السابقون في منطقة الشرق الأوسط، بعد مغادرتهم مناصبهم، لا يتحملها الأميركيون، وحتماً لا يتحملها الساسة الأميركيون، إنما تتحملها الشعوب وقيادات المنطقة معهم، بل إن قيادات المنطقة هم من يعالجون تبعات تلك الأخطاء، ويدفعون الثمن مع شعوبهم في ترميم ما تم هدمه بواسطتها. أزيدكم من الشعر بيتاً، تلك «الإقرارات بالأخطاء المتأخرة» هي مصدر رزق للساسة السابقين، فهي ملح مقابلاتهم التلفزيونية التي يجرونها بمقابل مادي جزيل، وهي لب كتبهم التي يطبعونها، وندواتهم التي يعقدونها، إذ لا بد أن يأتي الضيف في برامجهم الحوارية أو الكاتب بخبر جديد يتصدر النشرات، وإلا لا فائدة من استضافته، وليس أفضل من خبر الإقرار بالأخطاء السابقة. وكان جون كيري، وزير الخارجية الأميركي الأسبق، قد أكد لقناة «سي إن إن» في دافوس، الأسبوع الماضي، رداً على سؤال عما إذا كانت إيران قد استخدمت جزءاً من 150 مليار دولار التي حصلت عليها بعد رفع العقوبات لدعم الجماعات الإرهابية، إنه «بعد التسوية بلغت المطالبات المتعلقة بالديون نحو 55 مليار دولار، حصلت عليها إيران التي قد تكون أرسلت جزءاً منها للجماعات المصنفة إرهابية». السؤال هو هل سيكون إقرار كيري هو الأخير في سلسلة الإقرارات بالأخطاء الأميركية بعد الخروج من المنصب؟ ألم تسبقه هيلاري كلينتون؟ وكسينجر ومادلين أولبرايت وغيرهم وغيرهم؟ ألم يصر جون كيري حين كانت…
الأحد ٢٠ مايو ٢٠١٨
يعرض تلفزيون أبوظبي هذه السنة في رمضان برنامج «مع محمد شحرور» إنسان يطرح فكراً دينياً فلسفياً مختلفاً مغايراً عن السائد، تختلف معه، توافقه ذلك جانب من القضية، إنما ترفض أن تسمعه فتلك هي القضية! فالجدل في الأوساط الإعلامية والتواصلية لا يدور حول أفكار الرجل موافقتها أو رفضها بقدر ما هو محاولة منع الرجل من التحدث، من التعبير، من حجب أفكاره، فهناك (ثقافة) سائدة عند شرائح كبيرة في مجتمعنا ترتكز على رفض السمع و رفض الرؤية ورفض التفكير، (ثقافة) تنتشر بين شبابنا الذي من المفروض إنه حامل لشعلة التغيير والتطوير فكيف بشيباننا؟ هل هو الخوف من الصدمة في النفس الذي يمنعها من رؤية المغاير؟ احتمال. بداية أحيي تلفزيون أبوظبي على تبنيه سياسية إعلامية تقوم على طرق الأبواب المغلقة فكرياً، فتلك شجاعة منه في امتلاك رؤية سياسية تتحمل مسؤولية بناء عقلي سليم للأجيال القادمة بعيداً عن الانغلاق، في مواجهة فكر سائد يبنى على الحفظ والتكرار لم تخشَهُ. ففي العام الماضي خصص تلفزيون أبوظبي كذلك برنامج لمحاورة الإمام الدكتور أحمد الطيب، والاثنان رغم تباين طرحهما في الكثير من الزوايا إلا أن الاثنين أضاءا العديد من الزوايا التي كان الضوء محرماً عليها لعقود طويلة بل ربما لأكثر من قرن، وفتحا مغاليق كانت تأبى أن تفتح قبلهما، والاثنان -و هذا بيت قصيدنا - لقيا اعتراضاً…
الأحد ٢٩ أكتوبر ٢٠١٧
لقد حان للمشككين الآن أن يغادروا مقاعد الدهشة ومقاعد التساؤلات التي ما زالوا يراوحون فيها، وأن يتوقفوا عن دعك أعينهم، وأن ينخرطوا في عملية «التغيير» في المملكة العربية السعودية، بدلاً من تبادل علامات التعجب!! بل على الجميع، بمن فيهم مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية، أن يعوا أن نهضة السعودية اليوم أكبر وأشمل من المملكة بحد ذاتها، وأكبر أثراً مما توقعوه. نحن أمام ثورة اقتصادية اجتماعية تقودها القيادة في دولة القيادة، ومفتوحة للجميع كي يشاركوا فيها، لأن إمكاناتها التي استنهضتها ممكن أن تستوعب الجميع، بدليل أن السعودية منفتحة على القارتين الأفريقية والآسيوية، وأن «الشاطر» من شرق آسيا ومن أوروبا ومن أميركا يندفع الآن للمشاركة معها، وعدم تفويت الفرصة. بإمكان المرء أن يستوعب أسباب التشكيك، إنما على المشككين أن يقروا بأن ما يحدث في المملكة العربية السعودية هذه المرة ثورة بيضاء غير مسبوقة؛ ثورة وانتفاضة استيقظ فيها مارد جبار تحسس ودرس واستوعب إمكاناته وموارده وقدراته النائمة فأيقظها. استيقظ فتدارك المسافة التي تبعده عن العصر، وتبعده عن موقعه الريادي المتناسب مع إمكاناته. مارد انطلق لا بسرعة الغزال، إنما بسرعة الصاروخ، وأن التغيير يجري وبسرعة فائقة أمر واقع، ونعايشه لحظة بلحظة، لا حبراً على ورق. لا ننكر أنه حين أعلن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد عن رؤيته 2030 تداعت للبعض صور…
الثلاثاء ٢٢ نوفمبر ٢٠١٦
النموذج الحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان ونموذج الحشد الشعبي في العراق هو «النموذج» الذي تدعمه إيران للسلطة عند العرب، وهو نموذج متسلط يعود بالدولة إلى عصر جاهلي فكرياً مصاحب بتخلف تنموي حاد، عاجز عن إدارة حتى موضوع المخلفات في الدولة فما بالك بإدارة وحوكمة دولة. وكانت إيران لا تريد للنماذج الشيعية العربية التنويرية المتقدمة المدنية أن تبرز وتظهر للعلن، بل تعمل على اختيار الأسوأ واختيار الأكثر فساداً واختيار المتطلعين للسلطة منهم، تختار نماذج تولد الكراهية والرفض في محيطها الوطني بل حتى في محيطها الشيعي، وهكذا تعزل الطائفة الشيعية عن محيطها بأن تولي عليهم نماذج غير مشرفة، فالنماذج الشيعية المتنورة المتحضرة أمام العالم هي النماذج الإيرانية فحسب، ذلك الانطباع هو الذي تريد أن تصدره للعالم الخارجي. فترى الإيراني في السلطة إنساناً متعلماً، مسالماً، مثقفاً، مطلعاً، محاوراً، مفاوضاً، ذكياً، متواضعاً، باختصار نموذج يصلح لتسويق إيران دولياً. أما النماذج العربية التي توليها على الجماعات الشيعية وتدعمها بالسلاح كي تتسلط على الدولة وتعطلها، فهي تسوق على أنها نماذج إرهابية متخلفة شكلاً ومحتوى، فاسدة، لا تعرف كيف تدير مخبزاً فما بالك بإدارة دولة، كي يقارن العالم بين الإيرانيين والعرب، فالإيراني الشيعي رجل دولة متمكن متحدث لبق، أما العربي؟ فانظروا إلى النماذج الثلاث، حسن نصر الله متهم بتجارة المخدرات وبالإرهاب والمالكي رجل إيران في…
الأحد ١٣ نوفمبر ٢٠١٦
لا يعلم سوى الله حجم المؤامرة التي حيكت من أجل إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، إذ تتكشف لنا يوميًا خيوط جديدة تجعل فرائصك ترتعد لشدة دناءتها وخستها، وتفتح لك بصيرتك على أن المنجي منها كان الله وحده أولاً وانتباه قيادات دول الخليج ثانيًا وتكاتف شعوبنا والتفافها ووعيها وإدراكها لخطورة الوضع. ما ستقرأونه هو آخر فضيحة كشفها موقع «ويكيليكس» لرسالة تخص البحرين بينت بما لا يدع للشك مكانًا لا في قلوبنا أو في عقولنا عن مواقف الإدارة الأميركية السابقة على البحرين عام 2011 وعدم حيادها إزاء أحداث الاضطرابات التي سادت البحرين وإصرارها على تحميل النظام مسؤولية تلك الاضطرابات كواحدة من سلسلة الضغوط التي مورست على أنظمة الدول العربية بهدف إسقاطها كما حدث في تونس ومصر وبقية الدول. كما تبين الرسالة كيف قابلت تلك الإدارة اليد البحرينية الممدودة للتعاون ولإثبات حسن النية بمواقف مسبقة ومبيتة دون اعتبار لتبعات مثل هذا التدخل على مصائر شعوبنا، وبلغت الاستهانة مداها بقبول مبدأ مرفوض دوليًا وإنسانيًا وأخلاقيًا وذلك بالتحكم بأمور شعوب أجنبية تعيش في أمن وسلام عن بعد ومن مكاتب الخارجية الأميركية!! الرسالة الإلكترونية رقم D U.S. Department of State Case No. F - 2014 - 20439 Doc No. C05783940 Date: 10-30-2015 مسربة من بريد السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية حين ذاك، كانت قد أرسلت…
الخميس ١٢ فبراير ٢٠١٥
قناة العرب لم تكن مشروعاً إعلامياً أو مشروعاً استثمارياً حتى نتباكى على خسائر الإعلام والاستثمار فيها حين تقرر وقف بثها، قناة العرب كانت أداة لمشروع سياسي صرف يخدم طموح صاحبهـا ومشروعــه السياســي بالدرجــة الأولــى، ووجدت مملكة البحرين نفسها «فجأة» بأنها ستكون مقراً لهذا المشروع الخاص جداً والطموح جداً تتحمل مع صاحبه تبعاته الخطيرة دون أن تستشار ودون أن يكون لها صالح فيه، فقررت أن تقطع العرق من بدايته وتغلق هذا الباب الذي سيأتي منه الريح عاصفاً لا يبقي ولا يذر، هكذا علينا أن ننظر إلى قرار وقف القناة ونكف عن هذا الجدل العبثي الذي نضحك فيه على بعضنا البعض ونستغفل فيه العقول، علينا إيقاف لعبة التذاكي السمجة والمكشوفة التي تضع قرار الوقف في ساحة الاستثمار أو ساحة الإعلام، لنسم الأشياء بأسمائها، القناة كانت مشروعاً سياسياً صرفاً ولا علاقة له لا بالإعلام ولا بالاستثمار. بداية لا ننكر على صاحب القناة الذي نكن له كل التقدير والاحترام حقه المشروع في أن يكون له طموح سياسي، أبداً.. بل نراه أهلاً لذلك الطموح، وهو حر في ماله وفي كيفية توظيفه له، إنما المشكلة أن البحرين ليست حرة، المشكلة أن السلطات في مملكة البحرين حين أجازت للقناة أن تعمل لم تضع في اعتبارها سقفاً لتلك الطموحات أبداً -وهذا تحليلي الخاص- لم تعتقد أن طموحات صاحب…